يمين بريطانيا المتطرف ودولة الاحتلال: رابطة الهدايا المسمومة

حجم الخط
0

البريطاني تومي روبنسون، زعيم «رابطة الدفاع الإنكليزية» اليمينية المتطرفة، لا يفوّت فرصة سانحة من دون الإعراب عن تضامنه مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وحرب الإبادة التي تواصل شنها على قطاع غزة، كما لا يخفي أنه في مواقفه يمثل أنصار منظمته «البيض الأصلاء».
وآخر ما أعرب عنه في هذا الصدد كان التعليق على طعن المطران مار ماري عمانوئيل في كنيسة ويكلي غرب استراليا، حيث لم يتوقف عند استنكار الواقعة بل طالب بإغلاق المسجد الذي اعتاد المعتدي المراهق على الصلاة فيه، في سلوك علني جديد ضمن ما اعتاد عليه روبنسون من عداء للإسلام وتحريض على اللاجئين أينما كانوا.
كذلك سارع زعيم «رابطة الدفاع الإنكليزية» إلى التضامن مع دولة الاحتلال في أعقاب الهجمات الصاروخية الإيرانية، واستغلها أيضاً لإشاعة المزيد من الأكاذيب حول الإسلام والمسلمين، مستنداً على سلسلة تنميطات مستهلكة لم تغب عنها حكاية اضطهاد المرأة في إيران. وعلى المنوال ذاته سار تضامنه مع سكان فلوريدا في الولايات المتحدة، ضد «أنصار حماس» من قاطعي الطرق والجسور، الذين اعتبرهم مسلمين بالمطلق.
معروف أن أنساق العداء للسامية، وعلى نحو صريح يخص اليهود تحديداً، تشكل كتلة وازنة في الركائز الإيديولوجية لليمين البريطاني المتطرف خصوصاَ، على شاكلة تياراته في أوروبا والولايات المتحدة عموماً، وتتفاوت التنويعات بين نظريات الهيمنة اليهودية في ميادين المال والإعلام والسياسة، ونظريات مؤامرة «الاستبدال الكبير» التي تضع جميع «الأغراب» غير البيض في سلة واحدة. ومع ذلك فإن العلاقات بين غالبية منظمات اليمين المتطرف ودولة الاحتلال الصهيوني ليست وطيدة ومتعددة المستويات فحسب، بل تنطوي أيضاً على ما يمكن تصنيفه تحت بند الهدايا المسمومة بين الطرفين.
وحين نشر روبنسون صورة له وهو يمتطي دبابة إسرائيلية في هضبة الجولان المحتلة، ورفع شعار «إذا سقطت إسرائيل فسنسقط جميعاً في هذه المعركة من أجل الحرية والتحرر والديمقراطية» اعترض بعض أنصاره من ممثّلي الشرائح التي تربط بين العداء لليهود والصفاء العرقي أو الديني الغربي. وحين انضم إلى تظاهرة مناصرة لدولة الاحتلال، نظمتها في لندن «الرابطة الصهيونية في المملكة المتحدة وإيرلندا» في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تذكّر يهود كثر أن روبنسون نفسه سبق أن سافر إلى بولندا للمشاركة في تظاهرة طالبت بتخليص البلاد من اليهود.
هذا التعاقد بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وتنظيمات اليمين المتطرف والفاشي في سائر أوروبا والولايات المتحدة ليس جديداً، ولم يتأثر في أي يوم بأي تناقض فعلي أو افتراضي بين العقائد الفاشية والعقيدة الصهيونية، ومثال تعامل عدد من كبار الصهاينة مع الرايخ الثالث يظل النموذج الأكثر فضحاً لمبدأ الهدايا المتبادلة.
ولا عجب أن أنصار الاحتلال في بريطانيا يسيرون اليوم كتفاً إلى كتف مع روبنسون المثقل بإدانات قضائية لا تبدأ من تزوير وثائق الرهونات العقارية ولا تنتهي عند تلفيق التهم للفتى السوري جمال حجازي. فعلها قبلهم صهاينة وقعوا على «اتفاقية هافارا» لسنة 1933، وسيفعلها من بعدهم أبناء لهم وأحفاد.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية