واشنطن بوست: الحوار الغائب في نقد الغرب لمباريات كأس العالم.. النفاق والمعايير المزدوجة وغضب العرب

ابراهيم درويش
حجم الخط
1

لندن- “القدس العربي”: قال المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” إيشان ثارور إن الغائب في النقاش حول تنظيم قطر لمباريات كأس العالم يتعلق بطريقة فهم الغرب ومحاولته فرض رؤيته على بلد عربي مسلم، والذي لم يغضب قطر بل والعالم العربي الذي يشهد ولأول مرة في تاريخ مباريات كرة القدم تنظيمها في منطقتهم. وبدأ بالسؤال: ماذا يعني أن ترتدي شارة يد؟ ففي مباريات كأس العالم قد تؤدي إلى صدام الحضارات، يجيب.

وبعيدا عن الملاعب جرت منافسات أكثر ضراوة بين غرب أراد لعب دور الواعظ والمضيفين القطريين الغاضبين وإخوانهم العرب. فقد نظرت الحكومات الغربية وتحديدا مجموعة من الأمم الأوروبية المشاركة في المباريات والإعلام بنوع من الشك للمناسبة التي تنظمها دولة غنية بالنفط. وطرحوا اعتراضات حول غياب الحماية للعمال وركزوا على الانتهاكات التي حصلت في ظل المشروع العملاق للإمارة وأثناء بناء المشاريع.

ورغم جهود المؤسسة الدولية الراعية للمناسبة “فيفا” وتقييد التعبير عن الشعارات السياسية، قام البعض بأنواع من الاحتجاجات. ومن بينهم وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فازير، والتي ارتدت شارة أل جي بي تي “حب واحد”، وهي الإشارة التي قرر كابتن المنتخب الأمريكي وعدد من المنتخبات الأوروبية عدم ارتدائها خوفا من عقاب فيفا لهم وإصدار البطاقات الصفراء. وتسببت لفتة فازير بنوع من الدهشة والمقت في قطر والمنطقة حيث فسر عدد من المعلقين التصرف بأنه ليس إلا فعلا متغطرسا منفصما عن الحياة التي تعيشها هذه المجتمعات.

خروج المنتخب الألماني الباكر من المباريات قاد إلى موجة سخرية جنونية على وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزة

وعبر المنتخب الألماني عن احتجاجه قبل المباراة حيث وقف لاعبوه لصورة جماعية في الملعب بأيديهم على أفواههم، في رسالة حول تكميم الفيفا لهم. ولكن خروج المنتخب الباكر من المباريات قاد إلى موجة سخرية جنونية على وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزة.

وحصل النقاش الساخن على جبهات أخرى، فلا تزال منصات التواصل، رغم اقتراب المناسبة من نهايتها، حافلة بالتعليقات حول “العبودية الحديثة” التي تقف وراء الملاعب اللامعة والبنى التحتية الحديثة. ويقول ثارور إن الجماعات الحقوقية والمنظمات المدافعة عن العمال، قامت وعلى مدى السنوات بتوثيق الانتهاكات التي تتعرض لها العمالة الوافدة ليس في قطر ولكن بمنطقة الخليج عامة حيث يحاول ملايين من العمال الوافدين الحصول على لقمة العيش في ظروف بائسة أحيانا وعرضة لاستغلال أصحاب العمال ووكالات توفير فرص العمل. ولكن الاتهامات المناهضة لعقد مناسبة كأس العالم في قطر، بدت وكأنها تصور سلطات الإمارة بالفراعنة المغرورين الذين يرعون جمالا تقوم ببناء الأهرامات اللامعة.

وتم نشر أرقام بآلاف الوفيات أثناء عمليات البناء، وهي أرقام رفضها المسؤولون القطريون وقالوا إنها غير دقيقة بشكل صارخ ومضللة في الوقت نفسه، كما لم يتم التثبت منها عبر منظمة العمال الدولية التابعة للأمم المتحدة، وأكدوا أن البنى التحتية التي أقيمت أو جزءا منها لم يكن له علاقة بالتحضير لمباريات كأس العالم. وكما ورد في تقرير نشرته الصحيفة الشهر الماضي وأشار لوفاة عامل هندي توفي أثناء العمل في موقع للبناء. وأضاف التقرير أن “قطر قامت بخطوات يقول العمال ومنظمات حقوق الإنسان إنها مهمة في حماية حقوق العمال لو تم تطبيقها بالكامل”. وتضم الإصلاحات نظاما مركزيا إلكترونيا لمتابعة الراوتب بين الشركات الخاصة والعمال، وزيادات في الرواتب وخطوات أخرى بشأن انتقال العمال وحركتهم في البلد التي تعتمد على هوى أصحاب العمل. وجاء في مدونة “مونكي كيج” بصحيفة “واشنطن بوست” “هناك تغيرات ملموسة، بما فيها رفع القيود عن العمال للحصول على رخصة خروج وعدم انتظار موافقة أصحاب العمل للانتقال إلى وظيفة أخرى”.

وبحسب بيانات منظمة العمل الدولية، غير أكثر من 300 ألف عامل أجنبي وظائفهم في الفترة ما بين أيلول/سبتمبر 2020 وآذار/مارس 2022. إلى جانب زيادة الرواتب الأساسية لـ 13% من قوة العمل في قطر. وبعد البدء بتطبيق القانون غير التمييزي للحد الأدنى من الأجور عام 2021. وساعدت القوانين الجديدة في عام 2021 على تخفيض ساعات العمل، بطريقة يمكن لأصحاب العمل تحديد فترات الوجود في الهواء الطلق أثناء الصيف، كخطوة أخرى لتوفير السلامة والحفاظ على الصحة للعمال”.

وتقول الجماعات المدافعة عن العمال إن هناك الكثير الواجب عمله لحماية العمال من الاستغلال والتأكد من تطبيق السياسات الجديدة في بلد تعمل فيه قوة العمل في القطاع الخاص. وتقول زهرة بابر، المديرة المشاركة في مركز الدراسات الدولية والإقليمية بجامعة جورج تاون- قطر والباحثة المخضرمة في قضايا العمل بالخليج، إن النقاش المثير للاستقطاب الذي رافق كأس العالم، لم يفعل الكثير لفهم التعقيدات التي تواجه المهاجرين في المنطقة والحياة التي يعيشونها.

النقاش المثير للاستقطاب الذي رافق كأس العالم، لم يفعل الكثير لفهم التعقيدات التي تواجه المهاجرين في المنطقة والحياة التي يعيشونها

ويمكن فهم هذه التعقيدات في سلسلة من بودكاست نشرتها بابر وقدمت أصوات العمال الأجنبية في قطر. وقالت بابر “خطاب الأبطال والأشرار لم يساعد حقيقة”، مضيفة أن نبرة النقد الغربي قد تزيد من تشدد المواقف القطرية ضد العمال المهاجرين الذين يعيشون وسطهم.

وقال ثارور إن الحديث عن نفاق الغرب ومعاييره المزدوجة منتشر في الدوحة. ففي حوارات مع مسؤولين قطريين ومعلقين عرب، سمع إشارات عن الطريقة التي تغض فيها أوروبا نظرها عندما يغرق المهاجرون في البحر المتوسط، ولا تلتفت إلى انتهاكات الولايات المتحدة عندما تقوم بإحضار العمال اليدويين للعمل وبأجور قليلة في المزارع الأمريكية إلى لا مبالاة الغرب عندما يواجه بإرثه الإستعماري ودعمه للحكومات الديكتاتورية في الدول النامية. وكذا عدم احترامهم المسؤولين الأوروبيين الذين يشجبون علنا المجتمع القطري وأخلاقياته وبحثهم السري عن المصالح الاقتصادية الخاصة في الدوحة، بما فيها النفط والغاز الطبيعي.

المسؤولون الأوروبيون يشجبون علنا المجتمع القطري وأخلاقياته ويبحثون سرا عن المصالح الاقتصادية الخاصة في الدوحة، بما فيها النفط والغاز الطبيعي

وعندما اقترح الكاتب أن هذه المواقف هي ردة فعل لاتهامات الغرب لقطر والعرب، قال مسؤول إن الردود مهمة في سياق موقع قطر في العالم وكفاحها في التعامل مع وتيرة التغير.

وزاد عدد سكان الإمارة الصغيرة أربعة أضعاف، وهذا بسبب تدفق العمالة الوافدة.

وبحسب بابر، فنظام استخدام العمالة الوافدة قليلة المهارات موجود في كل أنحاء العالم وليس فقط في قطر. ورغم التركيز على حياة العمال أثناء مباريات كأس العالم، إلا أن حياة العمال في قطر ليست مختلفة عن حياتهم في مناطق أخرى أو استثنائية.

وبعيدا عن إصلاح قوانين العمل، ترى قطر في مباريات كأس العالم فرصة لجذب السياح، فدبي جاذبة للسياح من الغرب، وتأمل قطر أن تجذب السياح من الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، وتتوقع زيارة 1.5 مليون مشجع أثناء مباريات كأس العالم. وتخطط قطر بعد نهاية المونديال منح تأشيرات دخول حرة لـ95 دولة حول العالم، وهو نظام أكثر سخاء من نظام الدخول الأمريكي ونظام شنغن.

لطالما كانت قطر مركز سفر عالمي يربط الشرق بالغرب، وهو ما سهل المباريات للكثير من المشجعين الذين لم يحصلوا على فرصة من قبل لحضور كأس العالم

وقال علي أنصاري، الملحق الإعلامي في السفارة القطرية في واشنطن، “لطالما كانت قطر مركز سفر عالمي يربط الشرق بالغرب، وهو ما سهل المباريات للكثير من المشجعين الذين لم يحصلوا على فرصة من قبل لحضور كأس العالم”.

وكانت سهولة الدخول ورخص الطيران إلى دول الخليج من آسيا وأفريقيا حاضرا في النقاشات مع المشجعين من غانا قبل ذهابهم لمتابعة مباراة منتخبهم يوم الجمعة ضد الأوروغواي. وقال جو مينسا، من مدينة كوماسي “من السهل الحضور إلى هنا، قطر مكان مناسب لكأس العالم”. وقال جون أبايا، من أكرا إنه جاء إلى قطر يحمل معه “مفاهيم محددة” حول العرب والعنصرية وسوء معاملة الأجانب و”لكن معاملتي كانت رائعة”. وقال إنه يحب متابعة كأس العالم عام 2026، لكن الحصول على تأشيرة قد يكون مشكلة “ولا أعرف إن كانوا يريدونني القدوم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول حدفاة حسن:

    أقصي الفريق الألماني لأنه لم يلعب بالرجولة. ولو لعب الفريق النسوي مكانه كنا رأيناهن سيدات قويات يتقاتلن داخل الملعب.

إشترك في قائمتنا البريدية