هل يؤثر إيقاف تركيا تجارتها مع إسرائيل على اقتصادها؟

حجم الخط
0

 أنقرة/إسطنبول – وكالات: قال مصدر في وزارة التجارة التركية أمس الخميس إن تخفيف حظر التصدير إلى إسرائيل «غير وارد»، لكن أنقرة ستسمح للشركات بتلبية الطلبيات المُتعاقَد عليها بالفعل مع إسرائيل عبر بلد ثالث لمدة ثلاثة شهور.
وفي وثيقة اطَّلَعت عليها رويترز حددت وزارة التجارة مهلة ثلاثة أشهر للشركات المُصدِّرة إلى إسرائيل لتنفيذ التزاماتها التعاقدية السابقة.
جاء هذا الإعلان بعد أن قال وزير الخارجية الإسرائيلي أمس إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تراجع عن موقفه السابق ورفع الكثير من القيود التي فرضها الأسبوع الماضي على التجارة مع إسرائيل.
وفيما يلي تحليل كتبه ألتاي أطلي، الأستاذ في جامعة كوتش التركية، حول كيفية تأثير وقف تركيا للمبادلات التجارية مع إسرائيل على اقتصاد الأخيرة.
يقول أطلي في تحليله إنه سبق لوزارة التجارة التركية بتقييد تصدير 54 منتجاً إلى إسرائيل اعتباراً من 9 أبريل/نيسان الماضي، قبل أن تعلن في 2 مايو/أيار الجاري عن «إيقاف تعاملات التصدير والاستيراد مع إسرائيل والتي تشمل جميع المنتجات».
وأضاف أن إسرائيل احتلت في 2023 المرتبة الثالثة عشرة بين الدول التي صدَّرت إليها تركيا منتجاتها، وذلك بقيمة بلغت 5.42 مليار دولار.
واستوردت تركيا في العام نفسه منتجات إسرائيلية بقيمة 1.64 مليار دولار، ما يعني أن توقف التجارة بين البلدين سيؤدي إلى فقدان إسرائيل فرص استيراد منتجات عالية الجودة ومنخفضة التكلفة نسبياً.
كذلك، فإن توقف التجارة بين الجانبين، يعني أن تركيا ستفقد سوقاً مهمة لتصريف منتجاتها.
ويركز الكاتب على تفاصيل البعد الاقتصادي للقرار التركي.

أنقرة تنفي تخفيف حظر التصدير إلى تل أبيب

وفي التفصيل الأول يقول إن صادرات تركيا إلى إسرائيل بدأت بالانخفاض قبل أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول. ويشير إلى أنه في السنوات العشرين الماضية، زادت صادرات تركيا إلى إسرائيل بانتظام كل عام باستثناء عامي 2009 و2015، حيث وصلت إلى أكثر من 7 مليارات دولار في 2022، لكنها انخفضت بنسبة 23 في المئة في 2023.
ويتبين من البيانات الشهرية أن صادرات تركيا إلى إسرائيل بدأت في الانخفاض شهرياً منذ نوفمبر/تشرين ثاني 2021.
التفصيل الثاني هو النظر إلى ديناميكيات علاقة التبعية الاقتصادية بين تركيا وإسرائيل.
فعلى الرغم من أن إسرائيل تمثل سوقاً مهماً لتركيا وأن تركيا مُصدِّر للواردات عالية الجودة وبأسعار معقولة لإسرائيل، إلا أن هذه العلاقة لها هيكل غير متكافئ.
ويتبيّن من المعطيات والأرقام التجارية، أن إسرائيل تعتمد على تركيا أكثر بكثير من اعتماد تركيا على إسرائيل، وفق مقال أطلي.
إذ أن منتجات الحديد والصلب تحتل المرتبة الأولى بين المنتجات التي تستوردها إسرائيل من تركيا، حيث بلغت قيمتها1.19 مليار دولار عام 2022.
وتشكل صادرات الحديد والصلب التركية إلى إسرائيل، نحو 39.6 في المئة من إجمالي مشترياتها السنوية من هذه السلعة، وفق بيانات هيئة الإحصاء التركية.
غير أن مشتريات إسرائيل من الحديد والصلب التركيي تشكل فقط 8.2 في المئة من مبيعات تركيا من هذه السلعة إلى الخارج.
وينطبق هذا الوضع أيضاً على تجارة الإسمنت بين البلدين، ففي حين أن إسرائيل تستورد من تركيا 54.8 في المئة من احتياجاتها من الإسمنت، فإن مشتريات إسرائيل من الأسمنت التركي يبلغ فقط 14.3 بالمائة من مبيعات تركيا للإسمنت إلى الخارج.
يذكر أن المعطيات الرسمية تشير إلى أن مواد البناء والإنشاءات، تهيمن على صادرات تركيا إلى إسرائيل.
وفي ضوء هذا الوضع يقول الأكاديمي التركي «يمكننا أن نتوقع أنه بسبب العقوبات التجارية التي فرضتها تركيا، سيعاني قطاع البناء في إسرائيل صعوبات كبيرة وسترتفع التكاليف وبالتالي أسعار العقارات».
من جهة ثانية تستورد إسرائيل سنوياً من تركيا 25 ألفاً و874 طناً من الطماطم، و8 آلاف و53 طن خام الألومنيوم، و32.5 ألف طن الجير، و734 طنا من القطن، و122 طنا من البورات، و114 طنا من الخيوط الاصطناعية، بحسب معطيات أوردها المقال.
وسيؤدي إيقاف تركيا صادراتها من هذه المواد إلى إسرائيل، إلى لجوء الأخيرة للبحث عن موردين آخرين.
وهذا الوضع سيسبب خسارة الوقت والمال في سلاسل التوريد لإسرائيل، وسيتسبب أيضاً في زيادة التكاليف بالنسبة للمستهلكين والمنتجين الإسرائيليين.
ولهذا السبب، فإن ضغوط التضخم في إسرائيل ستصبح أقوى. وقد تؤدي الزيادة في أسعار المنتجين إلى إضعاف الإنتاج والصادرات، سيما وأن التضخم الشهري، الذي انخفض بالفعل بشكل مستمر في إسرائيل منذ أغسطس/آب الماضي، عاد إلى الارتفاع مجدداً اعتباراً من مارس/آذار 2024.
كما يشير أطلي إلى أن قرار تعليق التجارة مع إسرائيل ستكون له العديد من التداعيات الاقتصادية المختلفة.
فعلى سبيل المثال «كيف سيؤثر عدم استخدام ميناء حيفا الذي يتمتع بموقع مهم في شرق البحر الأبيض المتوسط على الفرص اللوجستية وفرص النقل والممرات في المنطقة؟ ماذا سيحدث لاتفاقية التجارة الحرة الموقّعة بين تركيا وإسرائيل عام 1997؟».
مع ذلك يعترف أطلي بأن القرار الذي اتخذته تركيا سيؤثر اقتصادياً عليها وليس فقط على إسرائيل، لكن إسرائيل ستعاني أكثر من التوقف الكامل للتجارة بين الطرفين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية