هل من وجود أمريكي يستحق المخاطرة في شمال سوريا؟

حجم الخط
4

في زيارته النادرة لقوات بلاده شمال سوريا، وصف مارك ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي وجود قواته في سوريا منذ 8 سنوات بأنه «يستحق المخاطرة»، واعتبر أن «هزيمة تنظيم الدولة الدائمة والاستمرار في دعم أصدقائنا وحلفائنا في المنطقة هي مهام مهمة يمكن القيام بها»، ولم تمض أيام قليلة حتى طرح النائب الجمهوري في الكونغرس الأمريكي مات غايتس، مشروع قرار يدعو لسحب القوات الأمريكية من سوريا خلال 180 يوما، لكن مجلس النواب الأمريكي رفض القرار بأغلبية أعضاء المجلس.

الوجود الأمريكي شمال سوريا محاط بالشكوك، والانسحاب الأمريكي مسألة وقت، والمهمة الأمريكية هناك لن تحقق كسبا نهائيا بالقضاء على تنظيم الدولة

الجدل حول جدوى البقاء الأمريكي في شمال سوريا، لا يزال يشغل أوساط صناع القرار في واشنطن، وبعد قرار ترامب بسحب القوات، الذي أثار زوبعة واعتراضات في المؤسسة العسكرية، طرحت عدة شخصيات أمريكية آراء تتساءل عن جدوى بقاء القوات، وتدعو لرحيلها، وفي إحدى المقالات قال مارتن أنديك الدبلوماسي الأمريكي السابق، إن الشرق الأوسط كله لم يعد يستحق المخاطرة، والجدوى ببقاء الجيش الأمريكي محدودة، وظهر رسم للنسر الأمريكي وهو يحلق هاربا من نيران المنطقة المشتعلة، التي لا يبدو أنها ستنطفئ قريبا. على الرغم من أن عدد وتكلفة بقاء القوات الأمريكية شمال سوريا لا يزال محدودا، من حيث عدد القتلى والجرحى في صفوف الأمريكيين، حيث تتركز المهام القتالية الأساسية على عاتق القوى الكردية المسلحة، إلا أن الكاتب فيل ستيوارت من رويترز، يرى أن المخاطر التي تتعرض لها القوات الأمريكية آخذة بالتزايد، ويذكر عدة حوادث في الأشهر الأخيرة: «أصيب أربعة جنود أمريكيين خلال غارة طائرة هليكوبتر الشهر الماضي، عندما تسبب زعيم الدولة الإسلامية في انفجار. في الشهر الماضي، أسقط الجيش الأمريكي طائرة من دون طيار إيرانية الصنع في سوريا، كانت تحاول إجراء استطلاع على قاعدة دورية في شمال شرق سوريا. استهدفت ثلاث طائرات من دون طيار قاعدة أمريكية في يناير في منطقة التنف السورية. قال الجيش الأمريكي إن اثنتين من الطائرات من دون طيار أسقطتا بينما أصابت الطائرة من دون طيار المتبقية المجمع، ما أدى إلى إصابة اثنين من أفراد قوات الجيش السوري الحر». ويشير ستيوارت إلى مشكلة تركيا وعلاقتها المتوترة مع «قسد» الكردية، ومشكلة إيران وحليفها الأسد الذين يشتركون في معارضة الوجود الأمريكي شمال سوريا، فيقول «يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن هجمات الطائرات من دون طيار والصواريخ يتم توجيهها من قبل الميليشيات المدعومة من إيران، وهو تذكير بالجغرافيا السياسية المعقدة لسوريا، حيث يعتمد الرئيس السوري بشار الأسد على دعم إيران وروسيا، ويرى القوات الأمريكية محتلة، كما هددت تركيا حليفة أمريكا في حلف شمال الأطلسي بهجوم واسع النطاق في سوريا، من شأنه أن يهدد شركاء الجيش الأمريكي الأكراد السوريين، الذين تعتبرهم أنقرة إرهابيين».
اعتقد أن جدوى ومستقبل الوجود الأمريكي شمال سوريا محاط بالشكوك، وأن الانسحاب الأمريكي هو مسألة وقت، وأن المهمة الأمريكية شمال سوريا لن تحقق كسبا نهائيا بالقضاء على تنظيم الدولة، الذي لا تزال خلاياه تنشط وتنفذ هجمات، بل تجمع الإتاوات من السكان في ريف دير الزور في وضح النهار، ولعل التحدي الأكبر هو النزاع بين انقرة ودمشق من جهة، والأكراد حلفاء واشنطن من جهة أخرى، لأن المسار العسكري والسياسي شمال سوريا يشير لتلاقي أنقرة ودمشق ومن ورائهم طهران وموسكو ضد المشروع الكردي المدعوم من واشنطن، لذلك، على ما يبدو سيبقى هذا الوجود الأمريكي وإن استمر، مؤقتا و»قلقا» وغير ذي جدوى بحكم تكالب عدة قوى إقليمية ومحلية ودولية ضده.
كاتب فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    الوجود الأمريكي ضروري لمصالح أمريكا !
    فالوقوف أمام التمدد الروسي والإيراني مهم للصهاينة !!
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول ابو تارا:

    انسحاب القوات الامريكيه من سوريا يعنى انتصار لنظام بشار

  3. يقول سامح //الأردن:

    *انا كذلك أرجح انسحاب القوات الأمريكية من سوريا برضاها أو غصبا عنها..

  4. يقول البقالي:

    بشار الاسد هو الرابح من وجود الجيش الامريكي يدغدغ مشاعر المؤيدين رغم ان البلد محتلة من الايرانيين والروس بشار الاسد في سبيل البقاء في الكرسي وتوريث الحكم لابنه حافظ لا مانع من التعاون مع الشيطان سينسحب الامريكان لانهم وصلو لقناعة لافائدة من البقاء وستبقى تركيا التي لن تهدأ حتى يقضى على الحزب الكردي ولهدا سيتصالح الحاكم التركي مع بشار الاسد وستعود حليمة لعداتها القديمة كأن شيئا لم يكون

إشترك في قائمتنا البريدية