نيويورك تايمز: بن لادن فشل في أهدافه ونجح بجعلنا أسوأ منه

إبراهيم درويش
حجم الخط
4

لندن-“القدس العربي”: تحت عنوان الطرق التي انتصر فيها أسامة بن لادن، قالت المعلقة ميشيل غولدبيري إنها ستظل تتذكر 11 أيلول/سبتمبر عندما حدث في المساء، وكانت في ذلك الوقت تعيش ببلدة في شمال الهند وتابعت انهيار البرجين على شاشة التلفاز. ولأنها كانت تعيش خارج الولايات المتحدة فلن تعرف أبدا الرعب الذي عاشه سكان واشنطن ونيويورك في ذلك اليوم، والمخاوف من هجمات أخرى وأن فيلما عن كارثة اشتهر في التسعينات عاد للحياة.

لكنها كانت متأكدة وسط القيامة التي شهدتها أمريكا من ثقة معظم الناس بتحمل وبقاء الولايات المتحدة. صحيح أن القاعدة استطاعت تنفيذ “عمل مذهل” وجعلت أسامة بن لادن يمثل تهديدا كبيرا على أمريكا. واعتقد البعض أن حربا حضارية قد بدأت على قاعدة الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك، فقد كان الرعب والضيق في أمريكا مشوبا بنوع من الإثارة المظلمة، وشعر الكثير من الناس المؤثرين بالبهجة للتخلي عن ملل مرحلة ما بعد الحرب الباردة واعتقدوا أن البلد أصبح لديه هدف جديد وشعروا بالوضوح مع أنهم كانوا ساذجين وبشكل مدمر.

وعبر كريستوفر هيتشينس في عام 2003 عن روح الوقت قائلا إنه شعر للوهلة الأولى بأنه لم يفهم الوضع عند “رؤية سقوط البرجين في نيويورك، وحريق الحضارات في الطائرات والبنايات” و”أشعر بالحرج لأن أخبرك بأنه كان شعور بالبهجة: ها نحن هنا، وفكرت بحرب بين كل شيء أحببته وكل شيء كرهته. حسنا، سننتصر وسيهزمون”. وتجيب غولدبيرغ، لم ننتصر.

ضرر 9/11 على أمريكا كان عميقا أكثر مما توقع حتى المتشائمون. وأدت الهجمات والرد عليها إلى تراجع في مكانة الولايات المتحدة والتي فقدت مركزها وأصبحت قوة نصف مجنونة نراها اليوم.

فالتهديد الجهادي وإن مثل خطرا على أمريكا، لكنه لم يكن تهديدا وجوديا. فقد تفككت القاعدة بعد انتصارها العظيم، كما أن الضرر الذي أحدثه 9/11 على أمريكا كان عميقا أكثر مما توقع حتى المتشائمون. وأدت الهجمات والرد عليها إلى تراجع في مكانة الولايات المتحدة والتي فقدت مركزها وأصبحت قوة نصف مجنونة نراها اليوم. وشنت الولايات المتحدة حملة دولية لغرس الديمقراطية في العالم الإسلامي وانتهت بديمقراطية الولايات المتحدة وهي في حالة يرثى لها.
وتعلق الكاتبة أن بن لادن لم يبن مصيدة ليوقع أمريكا فيها، “بل وبنيناها بأنفسنا”.

ورغم ما تركته هجمات 9/11 من ضرر على أمريكا إلا أنها لم تحقق في البداية ما أراده بن لادن منها. وقامت نيلي لحود، الباحثة في برنامج الأمن الدولي بمعهد “نيو أمريكا” بتحليل آلاف الصفحات من المراسلات الداخلية لبن لادن تم الحصول عليها بعد مقتله في أبوت أباد، باكستان عام 2011، وكما قالت في مقال لها بمجلة “فورين أفيرز” فإن خطط زعيم القاعدة شابها عدد من الافتراضات الخاطئة وسوء التنظيم والوهم.
فلم يكن بن لادن يتوقع مثلا أن ترد الولايات المتحدة على الهجمات بشن حرب. كما وعول على نجاح حركات المعارضة للحرب لإخراج القوات الأجنبية من الدول الإسلامية. وكره بن لادن أمريكا لكنه لم يفهمها بشكل تام. وقالت لحود “تبين أن هجمات 9/11 لم تكن سوى رقصة حرب فارغة، وتمزقت الحركة مباشرة بعد سقوط نظام طالبان وتم قتل معظم قادتها أو سجنهم”، ومن نجا منهم اختبأوا وفقدوا القدرة على تنظيم هجمات كبيرة.
وكان بإمكان أمريكا أن تعلن انتصارها في نهاية 2001 ووفرت على نفسها الخسائر البشرية والمالية واحتفظت بعزتها الوطنية. وبدلا من ذلك استمرت أمريكا في أفغانستان واحتلت العراق، حيث زرعت فيه الفوضى وساعدت تنظيم “الدولة” على الظهور. وأدت بشاعة التنظيم وقتله العشوائي للمسلمين إلى شعور الجيل الجهادي الأول بالرعب وقرف من بعض قادة القاعدة المتشددين. كل هذا لا يعني أن بن لادن فشل تماما، فقد أعادت القاعدة تنظيم نفسها من جديد وهي أكبر مما كانت عليه قبل عقدين. فيما تعيش الولايات المتحدة عام 2021 أسوأ حالاتها. وقبل 20 عاما “كنا ساذجين ومتخبطين واليوم فنحن نشعر بالحرقة والشك ونفتقد المثل التي يمكن التعرف عليها”. وعندما قال جورج دبليو بوش إن “تعزيز الحرية هي دعوة وقتنا وهي دعوة لبلدنا” لكن عصر الشوفينية والاستهداف الإثني والرهاب المتصاعد والتعذيب والسجون السرية والجنود المحطمين والمدنيين الموتى وأحلام الامبراطورية المقتولة تركت الحرية في حالة تراجع على المستوى العالمي والداخلي. وأصبح حزب بوش أكثر تشددا ضد الديمقراطية. ومنذ هجمات 9/11 قتل من الأمريكيين على يد اليمين المتطرف أكثر من الجهاديين. ومن 569 شخصا وجهت لهم وزارة العدل اتهامات بالمشاركة في تمرد 6 كانون الثاني/يناير 48 لديهم صلات عسكرية.

ولا يمكننا رسم خط مستقيم بين انهيار البرجين ودخول أمريكا حالة مستعصية من الانهيار العصبي، لكن سبنسر إكرمان قدم تحليلا مقنعا في كتابه “عهد الإرهاب” ربط فيه بين هجمات 9/11 وصعود ترامب والذي دعا في حملته الانتخابية لمنع المسلمين من دخول أمريكا ودافع عن التعذيب.

في الذكرى العشرين لهجمات 11 أيلول/سبتمبر عادت طالبان إلى السلطة في أفغانستان حيث واجهت أمريكا هزيمتها.

وفي الذكرى العشرين لهجمات 11 أيلول/سبتمبر عادت طالبان إلى السلطة في أفغانستان حيث واجهت أمريكا هزيمتها. وفي الحقيقة فإن انهيار الحكومة التي دعمتها الولايات المتحدة سريعا ربما جنب سقوط أفغان قتلى. فلو كان انتصار طالبان محتوما، كما افترض المحللون في الاستخبارات، فقد كان من الأفضل حدوث الانتصار بدون حصار طويل على مدينة كابول. ولكن غياب الفترة بين الانسحاب الأمريكي وسيطرة طالبان، الذي كان مأساة للأفغان الذين عملوا مع الأمريكيين كشف أن أطول حرب أمريكية كانت أسوأ من كونها حربا لا طائل منها. ولم ننهزم أمام طالبان فقط بل وتركناهم في وضع أقوى مما وجدناهم عليه. والتبذير والضياع بهذا القدر مذهل. فقبل 20 عاما، أخطأ الساسة الأمريكيون والمثقفون الذين صدموا بالقتل الجماعي غير المسبوق وكانوا راغبين وبشكل علني بتسريع حركة التاريخ، فهم ما تمثله هجمات 9/11. و”قمنا بتضخيم مكانة عدونا لكي تتناسب مع حجم الانتقام. وأعلنا عن حروب متغطرسة لإعادة تشكيل العالم ولكننا تركنا الآخرين يعيدون تشكلينا بدلا من ذلك. وأنفقنا حوالي 8 تريليون دولار خلال هذا. وكنا قابلة لأسوأ الإرهابيين والذي كانوا أسوأ من الذين أردنا قتالهم”. و”كنا نعتقد أننا نعرف ما فقدناه في 11 أيلول/سبتمبر ولم يكن لدينا أي علم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول علي حيدري:

    الطغم التي تحكم أمريكا والدول الغربية وفي مقدمتها بريطانيا وفرنسا لا تحتاج لبلادن لكي يجعلها أسوأ منه ، فهو أسوأ الخلق على الإطلاق منذ أن بدأ التاريخ ، وإنما زاد من تعريتها وتأكيد إجرامها وإرهابها بأفضع الجرائم في أفغانستان والعراق بعد فضائع إبادة الهنود الحمر السكان الأصليين في أمريكا على يد الغزاة الأوروبيين لأمريكا وطبعا أغلبهم أنجلوسكسون ، ناهيك عن قرون الاحتلال البريطاني والفرنسي للدول الاسلامية ولاعربية وتأكد تعطشهم لدماء المسلمين والعرب ثم إنشاء كيان صهيوني بالإرهاب وليمارس الإرهاب !

  2. يقول ميساء:

    بن لادن تلميذ أمريكا الذي تمرد عليها

  3. يقول BajesObeid:

    من قام بهدم البرجين ليس اسامه ابن لادن ..ولكن كان هناك اتفاق بين الموسادالاسرائيلي والمخابرات الامريكيهciaعلى هدم البرجين من صورالبرجين وقت الضرب ٣ رجال من الموساد.

  4. يقول احمد جميل:

    من دلائل ان الحكام العرب مجرد خدم و عبيد لامريكا ان عندما قالت امريكا ان بن لادن بطل يحارب روسيا فقام الحكام العرب بتزويد بن لادن بالمال و الرجال و عندما قالت امريكا ان بن لادن ارهابي لانه لم يوافق على الاحتلال الامريكي قال الحكام العرب نفس الكلام مع ان فعل ابن لادن واحد و هو مقاومة الاحتلال و الذي اعترف بايدن انه خطأ و لا اظن ان احداث ١١ سبتمبر من تدبير ابن لادن لان هناك اسالة كثيرة لا اجابة عليها مثل اين بقية الطائرة التي ضربت البنتاجون و كيف لطيار مبتدأ قيادة طيارة متقدمة و اصابة برج

إشترك في قائمتنا البريدية