لغانتس: بقاؤك يحمي نتنياهو وتحذيرك لا يعني له شيئاً.. و”حزب الله” أعلنها حرب استنزاف

حجم الخط
0

عاموس هرئيل

إنقاذ جثث المخطوفين الإسرائيليين من القطاع يوفر درجة من اليقين لأربع عائلات لم تعرف مصير أعزائها منذ 7 أكتوبر. حسب الجيش الإسرائيلي، فإن الأربعة -شني لوك وعميت بوسكيله واسحق غلرنتر ورون بنيامين- قتلوا على يد مخربي حماس قرب “كيبوتس مفلسيم” في ذلك الصباح: لوك وبوسكيله وغلرنتر قتلا بعد وقت قصير من هربهم من حفلة “نوفا”، وخرج بنيامين للركوب على دراجته قرب “كيبوتس بئيري”.

حتى اكتشاف الجثث، تأكد موت لوك الذي عرض رجال حماس جثته في غزة يوم المذبحة (قدم البيان الرسمي لعائلتها بعد بضعة أسابيع، بعد العثور على جزء من جثتها في منطقة مفلسيم). حتى أول أمس، لم يكن معروفاً أي شيء عن وضع بنيامين وبوسكيله وغلرنتر. 128 عائلة أخرى ما زالت تتحسس الطريق في الظلام؛ 39 مخطوفاً أعلن الجيش الإسرائيلي موتهم، لكن هناك تخوفاً كبيراً من عدد قتلى أعلى بكثير.

البيان حول العثور على الجثث وتشخيصها أعاد لوعي الجمهور موضوع المخطوفين، الذي قصي بالكامل من عناوين الأخبار في الأسابيع الأخيرة. احتجاج عائلات المخطوفين فقد الزخم، بعد المفاوضات التي علقت لفترة طويلة. في البداية، وضع رئيس الحكومة العقبات أمام الطاقم الذي أرسله هو نفسه للقاهرة وباريس. بعد ذلك، طرحت حماس طلبات مبالغاً فيها. كان يبدو أن حماس غير مستعجلة للتقدم إزاء الأزمة بين إسرائيل والولايات المتحدة والخلافات الداخلية في القيادة الإسرائيلية على خلفية العملية في رفح، ورفض نتنياهو تحديد هدف سياسي واضح للحرب. نتنياهو صعب الوضع عندما نشر مكتبه مساء أول أمس، بياناً جاء فيه بأنه وعد بـ “إعادة جميع المخطوفين”.

يعمل الجيش الإسرائيلي الآن بقوات كبيرة في جباليا شمالي القطاع وعلى مداخل رفح في الجنوب. وقتل في معارك جباليا أول أمس جندي المظليين بن افيشاي (20 سنة) من نهاريا، ونشر صباحاً قتل جنديين من “جفعاتي” في رفح، العريف أول نحمان مئير فاكنن (20 سنة) من إيلات، والعريف أول نوعام بتان (20 سنة) من موشاف يد رمبام. العملية في رفح، التي أمر بها رئيس الحكومة رغم التحذيرات الأمريكية، قد تخلق ضغطاً عسكريا على حماس، على أمل إجبار قيادتها إظهار مرونة في المفاوضات. عملياً، لا دلائل على ذلك. إذا هاجم الجيش بعنف واستخدم ذخيرة كبيرة في رفح، فسيعرض حياة بعض المخطوفين للخطر، المحتجزين كما يبدو هناك، وهذه العملية ستغضب الأمريكيين. وإذا لم يفعل ذلك، فسيجد صعوبة في حماية جنوده الذين يعملون أمام عدو يختبئ في منطقة مأهولة باكتظاظ.

       الحسم بعيد

لم يحصل الجيش الإسرائيلي حتى الآن بعد على أي تعليمات لاحتلال رفح كلها فهذه العملية ستستغرق، حسب تقديرات هيئة الأركان، شهرين وأكثر (في خان يونس عملت القوات أربعة أشهر ونصف شهر، أكثر بكثير مما قدر له). استئناف العمليات العسكرية في القطاع يحتاج إلى مزيد من القوات، بما في ذلك عدد من ألوية الاحتياط، وهو يأتي على حساب إمكانية تخصيص قوات أكثر على الحدود مع لبنان.

أحد الأمور التي ثبتت في أشهر الحرب المتواصلة هو حاجة إسرائيل لاستثمار كل القوات، بما في ذلك تجنيد كامل للاحتياط، كي تحارب على جبهتين، حيث جبهات ثانوية.

حول المزاج السائد لدى حزب الله، يمكن معرفة ذلك من المقال الذي نشره أمس إبراهيم الأمين، محرر صحيفة “الأخبار” اللبنانية، الذي يعتبر صحافياً مقرباً من رئيس حزب الله، حسن نصر الله. حسب الأمين فإن نصر الله يخطط لـ “حرب استنزاف دموية من لبنان وغزة واليمن”. وحسب قوله، يستعد محور إيران ومؤيدوه لحرب طويلة ومتعبة تفرض في نهايتها على إسرائيل تنازلات مؤلمة في المفاوضات. وقال إن التعاون بين أجزاء محور إيران تعزز بشكل كبير من خلال غرفة العمليات المشتركة التي تنسق عمليات التنظيمات في كل الجبهات. يتفاخر حزب الله من خلال المقال بإدخال سلاح جديد إلى الجبهة، من بين ذلك أنواع مختلفة من الصواريخ والمسيرات التي يجد الجيش الإسرائيلي صعوبة في التعامل معها.

رغم أنها أقوال كتبت كجزء من عمليات الحرب النفسية التي تستخدم ضد الجمهور الإسرائيلي، فإنه يجب الاعتراف بأن إسرائيل تجد صعوبة في التعامل في هذه المرحلة وفي الوقت نفسه مع عدد كبير من الجبهات، التي تمول إيران وتوجه جزءاً كبيراً من عمليات من وراء الكواليس. هنا تحدث عملية إنضاج لعمليات طويلة المدى. إزاء تهديد أمني متزايد ومتطور، تجد إسرائيل صعوبة في إظهار تفوقها التكنولوجي والعسكري، وتقريباً غير قريبة من عملية الحسم في غزة أو في الساحات الأخرى، رغم الهراءات التي يصمم نتنياهو على تسويقها للجمهور.

هو وضع ستناقشه زيارة سوليفان لإسرائيل، مستشار الرئيس الأمريكي في شؤون الأمن القومي. ستوضع على الأجندة اعتراضات الأمريكيين بخصوص رفح (أعلن بايدن قبل أسبوعين عن تجميد إرسالية سلاح لسلاح الجو، لكنه دفع لاحقاً بإرساليات مساعدات أخرى)، إلى جانب التطورات الإقليمية الأخرى. بالنسبة للإدارة الأمريكية فإن نافذة الفرص آخذة في الانغلاق بخصوص الصفقة السعودية الكبيرة التي علق عليها الرئيس الآمال لتحقيق إنجاز في مجال سياسته الخارجية، حتى اندلاع الحرب في تشرين الأول الماضي.

الرزمة التي يعرضها بايدن على نتنياهو معروفة: اتفاق بين الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل، يشمل تطبيعاً بين إسرائيل والسعودية مقابل موافقة إسرائيل على تعزيز العلاقات بين أمريكا والسعودية، مع تزويد الرياض بسلاح أمريكي متطور وإعطاء ضوء أخضر لمشروع نووي مدني. يتناقشون في كل هذه الأمور منذ سنة، لكن الحرب وضعت عقبات جديدة. تطالب السعودية بخطوة إسرائيلية كبيرة في المسألة الفلسطينية لصد الانتقادات الداخلية حول التخلي عن الفلسطينيين في زمن المحنة. ويجد نتنياهو صعوبة في تقديم هذا، بالضبط كما يرفض مناقشة إعطاء دور للسلطة الفلسطينية في القطاع، ولنفس السبب، ستؤدي هذه العملية إلى انسحاب أحزاب اليمين المتطرف، “قوة يهودية” و”الصهيونية الدينية”، وتفكك الائتلاف.

يحاول الأمريكيون الربط بين الصفقة السعودية والعملية المتعلقة مباشرة بالحرب، وستؤدي إلى صفقة المخطوفين وإنهاء الحرب في القطاع ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله أيضاً. احتمالية ذلك ضعيفة حتى الآن. أولاً، هناك الكثير من الأجزاء المنفصلة في الصفقة، التي يجب ربطها معاً خلال القتال الذي يجري في عدة جبهات في الوقت نفسه. ثانياً، لإيران وحماس محفز كبير لرفض أي صفقة للمخطوفين ووقف إطلاق النار لإفشال العملية الإقليمية الأوسع التي تبادر إليها الولايات المتحدة. التقارب بين السعودية وإسرائيل يعتبر خطراً استراتيجياً من ناحية طهران. حتى إن جهات رفيعة في حماس ادعت بأن الرغبة في التشويش على التطبيع كانت أحد الاعتبارات التي أملت اختيار توقيت شن الهجوم الإرهابي.

هذه هي خلفية المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس رئيس المعسكر الرسمي الوزير بني غانتس، بتأخير أسابيع. وشريكه في القيادة، آيزنكوت، يطلب من غانتس منذ فترة تبكير انسحاب القائمة من الائتلاف على خلفية خيبة الأمل من إدارة نتنياهو للمعركة. تقف إسرائيل مرة أخرى في مفترق طرق لاتخاذ قرار استراتيجي، ويبدو أن نتنياهو مصمم على الخيار الذي سيؤدي إلى استمرار الحرب الدموية لفترة غير محدودة، مع تجاهل العروض الأمريكية. وقال غالانت أموراً مشابهة الأسبوع الماضي، وركز انتقاده على محاولة نتنياهو الدفع قدماً بإقامة حكم عسكري لإسرائيل في القطاع. ينضم غانتس الآن إلى الانتقاد العلني، بل وضع إنذاراً لنتنياهو. ولكن كعادته، هذه الأمور لا تقال بحزم، وموعد الهدف، بعد ثلاثة أسابيع، يبقي لنتنياهو وقتاً للمناورة والمراوغة كالعادة.

 هآرتس 19/5/2024

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية