نقد لإستراتيجية أوباما في بغداد.. والمعتدلون السوريون يطلبون السلاح

حجم الخط
0

لندن ـ ‘القدس العربي’ كتب ديفيد إغناطيوس في صحيفة ‘واشنطن بوست’ عن أصابع إيران في أزمة الفلوجة واللعبة التي تلعبها طهران في العراق.
وكشف عن الميليشيات العراقية التي تستخدمها إيران في العراق، وكيفية تحول الأخير إلى ساحة إنطلاق لها لمساعدة الرئيس السوري بشار الأسد. كما أشار إلى توسع شق الطائفية في العراق منذ خروج الأمريكيين.
وتساءل عن تغير الأوضاع في مدينة الفلوجة التي هزمت فيها القاعدة وقتل فيها مئات الجنود الأمريكيين. ويعترف الكاتب إن ما يحدث في المدينة يشبه ما يحدث في كل مكان في العراق لكن هناك نقطتين مهمتين، الأولى تتعلق بتسرع إدارة أوباما للخروج من العراق ولهذا سمحت لحكومة نوري المالكي الطائفية لإفشال كل ما عملته الولايات المتحدة وأنجزته ضد القاعدة.
أما النقطة الثانية فمتعلقة بإيران التي قامت بعملية سرية كبيرة وذكية بحيث جعلت من المالكي والعراق تابعين لها مما أدى لتهميش السنة ودفعهم نحو التطرف.
ويقول إن ما هو مأساوي أن انزلاق العراق نحو المحور الإيراني والحرب الأهلية لم يكن متوقعا بل وتوقعه الخبراء الأمريكيون في داخل الإدارة’ حسب مسؤول أمريكي سابق. ويقول إن النزاع في العراق والآثار الخطيرة التي سيتركها على الأمن القومي الأمريكية كان يمكن تجنبها.

عملية سرية

ويقول إن المفارقة الساخرة هي أن العراقيين صوتوا عام 2010 لإسقاط المالكي لصالح إياد علاوي، ورئيس الوزراء المؤقت. ولكن الأمر انتهي كما يقول وبدعم من الإيرانيين ومصادقة أمريكية لصالح المالكي.
وقد تبنت حكومة المالكي نوعا من السياسة الإنتقامية، فقد تخلت الحكومة عن وعدها بمواصلة دعم ودمج الصحوات التي عملت مع الجنرال ديفيد بترايوس لمواجهة القاعدة وإخراجها من الفلوجة. فيما بدأ السنة العودة للطائفية بعد ما رأوه من تحول المالكي إلى أداة في يد الإيرانيين.
ويقول إغناطيوس إن العملية السرية في العراق أدارها قاسم سليماني، قائد لواء القدس في الحرس الثوري الإيراني وتضم عددا من المسؤولين الشيعة حول المالكي، وانتفع سليماني من العلاقات الأمنية التي تعود إلى 40 عاما.
واعتمد على قادة عراقيين من الميليشيا مثل عبدالمهدي المهندس، الذي ساعد في الهجوم على السفارة الأمريكية في الكويت عام 1983 ويقود الآن كتائب حزب الله.
وهناك قيس الخزعلي المتهم بقتل مارينز أمريكيين في كربلاء عام 2007 ويقود عصائب الحق، أما المجموعة الشيعية الثالثة فهي ‘كتائب اليوم الموعود’، وبناء على أمر من القيادة السرية الإيرانية فقد تم إرسال مقاتلين من كافة الكتائب لقتال الكتائب السنية هناك.

ساحة انطلاق

ويقول الكاتب إن إيران كان بإمكانها استخدام العراق كنقطة انطلاق لدعم الرئيس السوري الأسد، وذلك بسبب تعاون وزير النقل العراقي هادي العامري، الذي قاد قوات بدر الموالية لإيران.
ويقول الكاتب إن الشق الطائفي قد اتسع منذ رحيل الأمريكيين، حيث اقترب شيعة العراق من إيران وسنة العراق للمحور الجهادي خاصة بعد اندلاع الحرب في سوريا، فقد تحرك المقاتلون السنة وبشكل متواصل بين الحدود غير المحروسة وأعلنوا الدولة الإسلامية في العراق والشام.
وقد جذب قطب الجهاد أكثر من 10 آلاف من الجهاديين الأجانب منهم حملة جوازات أوروبية.
وبعد استعراضه للتطورات الأخيرة يشير إلى الإنتخابات القادمة في العراق، وكما هي حال إيران المعروفة بتكتيكها البارع يقال إنها بدأت تتخلى عن المالكي وبدأت بالبحث عن وكيل جديد لها في بغداد.
في الوقت الذي بدأت فيه واشنطن بتزويده بالإستشارات والأسلحة، مشيرا إلى قدرة الإيرانيين وبراعتهم على المناورة في اللعبة العراقية وهو ما لم يكن بمقدور الولايات المتحدة مضاهاته.

إستراتيجية أوباما

وفرض صعود القاعدة وبالتحديد في غرب العراق تحديات كبيرة على إدارة أوباما التي طالما تحدثت بفخر عن نهاية الحرب في العراق وهزيمة القاعدة. وهذا يفسر قرار لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس يوم الأربعاء إشارات عن إمكانية تسريع نقل مروحيات أباتشي ـ إي أتش 64 للعراق الذي تكافح حكومته لاحتواء خطر القاعدة.
وكان رئيس لجنة الشؤون الخارجية بوب مينديز قد عرقل تسليمها للعراقيين بدون تأكيدات من عدم استخدامها ضد المدنيين أو لاستخدامها في نقل أسلحة للجيش السوري.
وكان مينديز قد تلقى رسالة من ثلاث صفحات من رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، واتصالا من الخارجية الأمريكية، ومع أن الرد لا يزال نفسه الذي تلقاه المالكي والخارجية الأمريكية من اللجنة سابقا لكن هناك اعتراف داخل أعضائها بدور هذه الطائرات لمكافحة القاعدة في الأنبار.
ونقلت صحيفة ‘نيويورك تايمز’ عن متحدث باسم السناتور مينديز قال فيها إن الإدارة تنظر في مصادر القلق التي تم طرحها في تموز / يوليو والتي تتطلب إجابة قبل الموافقة على الصفقة’ وحالة تمت الإجابة عليها ‘فرئيس اللجنة مينديز مستعد للتحرك قدما’ في إجراءات المصادقة عليها.
وكانت الإدارة قد اقترحت بيع ما بين 20-30 مروحية أباتشي وبسبب المدة التي تأخذها عملية بناء هذه المروحيات فقد اقترحت تأجير 10 منها، حيث يرى المسؤولون إن هذه الطائرات قد تكون مفيدة في ملاحقة القاعدة. ومع ذلك لا يزال هناك عدد من النواب قلقين من ‘وقوعها في الأيدي الخطأ’ بحسب السناتور ساكسيباي تشامبليس عن ولاية جورجيا. وقالت الصحيفة إن النواب الديمقراطيين الذين يدعمون تعزيز المالكي عسكريا يرون إنه يتحمل مسؤولية صياغة حل دائم لمشاكل السنة في محافظات الأنبار المضطربة.
ويقول جاك ريد من رود أيلاند، والنائب الديمقراطي البارز في لجنة الأسلحة ‘يمكنك الذهاب بعيدا في دعم أسلوب إخراج القاعدة لكن الحل السياسي طويل الأمد يجب أن يكون سياسيا’.

فصل قاتم

وفي تقرير آخر أشارت فيه الصحيفة إلى ما يحدث في الأنبار على أنه تتمة قاتمة للحرب في العراق والتي بدأت عام 2003.
وقال كاتب التقرير بيتر بيكر إن الأدارة التي ذكرت مستمعيها واحدا بعد الآخر أن الحرب في العراق قد انتهت، لكن ‘تمرد الجماعات الإسلامية في غرب العراق يذكرنا أن الحرب لم تنته’.
ويقول التقرير إن ما فعله أوباما هو إنهاء التواجد العسكري ولكن الحرب لم تتوقف، وفي الوقت الذي انحرف الإنتباه عن العراق استمرت الحرب وتصاعد العنف لأعلى حالاته منذ الإحتلال.
ويرى الكاتب أن تطور الأحداث في بلد ظل في مركز أجندة السياسة الخارجية الأمريكية يؤثر على مدخل رئيس مصمم على الإحتفاظ بالجيش الأمريكي بعيدا عن التدخلات الخارجية. ففي كل من سوريا وليبيا ومصر وأفغانستان اختار أوباما الإنخراط بطريقة إنتقائية وقبل في بعض الأحيان بنتائج سيئة ولكن ليست أسوأ من انغماس أمريكا بطريقة قوية في مشاكل الآخرين.
ويشير التقرير إلى النقد الذي تعرض له أوباما مع ارتفاع راية القاعدة فوق الأنبار من المحاربين الأمريكيين القدماء الذين قاتلوا في المحافظة ومن وزير دفاعه السابق روبرت غيتس الذي وصفه بالمتردد حيال الحرب في أفغانستان ورغبته بالخروج من العراق.
ونقلت الصحيفة عن بوب كروكر، السيناتور الجمهوري عن ولاية تينسي’الفراغ في القيادة الأمريكية ترك أثره هناك’، وكان كروكر قد زار بغداد في آب/ أغسطس ‘لقد شعرت الإدارة وكأن العراق قد شطب من القائمة ولا بد والحالة هذه الإهتمام بموضوع آخر، ولأنها شطبت عن القائمة لم تكن هناك حاجة للحفاظ على علاقات قد تساعد بطريقة ما’.
ويرى نقاد أوباما أنه ضيع النجاح الذي حققه جورج بوش عام 2007 عندما زاد من عدد القوات الأمريكية، وكان على أوباما الإصرار على الحفاظ بقوات أمريكية في العراق بعد عام 2011 وتقييد نوري المالكي الذي همشت سياساته السنة وأشعلت الإنتفاضة الأخيرة. ولكن قرار أوباما الخروج من العراق ومناطق أخرى كان استجابة للرأي العام الذي انسحب هو الآخر ولم يعد يهتم بالعراق، ولا يزال قرار الرئيس يحظى بشعبية في الإستطلاعات المسحية الأخيرة، وحتى نقاده الكبار لا يدعون لإرسال قوات برية للعراق.
ويقول مستشارو أوباما إنه وبعد سنوات من حروب مدن قام أوباما بإعادة صياغة السياسة الأمريكية ووضعها في إطار واقعي ويبدو الكثير من الأمريكيين راضين عن هذا الوضع الذي يحترب فيه العراقيون فيما بينهم.
وتقول جوليان سميث النائبة السابقة لمستشار شؤون الأمن القومي لنائب الرئيس جوزيف بايدن أنه لم يكن هناك أي شعور داخل البيت بأنه تم حل كل مشاكل العراق ‘وعلينا أن نكون واضحين حول محدودية التدخل الأمريكي’. وفي النهاية ‘لا تسيطر الولايات المتحدة على ما يحدث في العراق’.

سوريا والعراق

ويشير التقرير إلى أن النزاع في العراق مرتبط بالنزاع في سوريا. ويقول المسؤولون الأمريكيون إن لديهم معلومات عن اجتياز 50 انتحاريا للقاعدة الحدود مع سوريا للعراق مما عقد من طبيعة النزاع.
ويأتي الهجوم على الفلوجة بعد عام من مقتل 7.800 مدني وأكثر من 1000 عنصر في قوى الأمن العراقية. ويعترف النواب الأمريكيون بطبيعة الوضع المعقد في العراق وأن أمريكا كانت مسؤولة عنه لكنها لم تكن سببه كما يقول ماك ثورنبيري النائب عن تكساس. ولم تصدر تصريحات من أوباما حول الوضع في العراق لكنه ترك الأمر لنقطة اتصاله بالعراق جوزيف الذي هاتف المالكي مرتين وطالبه بالتحاور مع السنة.
وفي النهاية يقول التقرير إن الادارة تنفي أن تكون قد تجاهلت العراق حسبما قال جي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض.
ويقول مسؤولون إنهم تدخلوا بطريقة هادئة لمنع المالكي شن هجوم على الرمادي الذي كان سيقود لحمام دم، وحثوه على التعاون مع العشائر السنية ودعم من يقاتلون القاعدة، ومن خلال هذا استطاعت الحكومة العراقية وحلفاؤها السيطرة على الرمادي في غضون أسبوع، ويأملون بالتوصل لنتيجة مماثلة في الفلوجة، ولكنهم يعترفون بأن الوضع أكثر تعقيدا نظرا للتعاطف المتجذر مع الإسلاميين. ويقول أنتوني كوردسمان ‘ في مثل هذه الحالات علينا الإختيار بين أسوأ الشرين’.

المعتدلون يطالبون

وفي الوقت نفسه وعلى الصعيد السوري طالبت جماعات سورية معتدلة الغرب تقديم الدعم العسكري لهم لمواجهة القاعدة في شمال سوريا ونقلت صحيفة ‘إندبندنت’ عن مستشار للمعارضة قوله إن ما حدث في الأيام الماضية كان بمثابة ‘اجتياز لنهر الربيكون والحرب أصبحت مفتوحة’ على كل الجبهات.
وقال الشهبندر الذي وصفته بالمستشار البارز للمعارضة السورية إن الاحداث الأخيرة تثبت خطأ حسابات الرئيس السوري ‘إما النظام أو القاعدة’.
وأشارت الصحيفة إلى تصاعد وتيرة الحرب الأهلية داخل الحرب الأهلية بين جماعات المقاتلين المعتدلين والدولة الإسلامية في العراق والشام التي أجبرت على الخروج من مناطق عديدة في الشمال من حلب وإدلب ومعرة النعمان والرقة وغيرها.
وترى الصحيفة في الصراع الذي كان متوقعا إنعطافا سيحدد مصير سوريا ومستقبلها. وطالب الجيش السوري الحر الغرب بتقديم دعم عسكري له لإنهاء المهمة، ولكن الغرب كان مترددا في تقديم الدعم لخشيته من وصول الأسلحة للمقاتلين المتشددين.
وكان صعود الدولة الإسلامية قد أدى ببعض المحللين في الغرب للتكهن أن الحكومات الغربية ربما فضلت بقاء الأسد في السلطة على حكومة تحل محله في دمشق.
ولكن المعارضة السورية تقول إن مصدر القلق لها لم يعد مهما. ونقلت عن الشهبندر قوله ‘ أظهرت الأحداث في الأيام الأخيرة أن هناك إمكانية لحل حيوي لسوريا عندما يتعلق الأمر بقتال المتشددين’.
وأضاف أن ‘أساليب الأسد لتقديم الصراع باعتباره خيارا بين النظام والقاعدة فشلت’ لأن الإنتفاضة ضد القاعدة تنزع المصداقية عن هذا الزعم.
ومع ذلك تظل المعركة في شمال سوريا حيوية من ناحية تزامنها مع التحضيرات لمؤتمر جنيف المقرر عقده في 22 كانون الثاني/يناير الحالي في سويسرا.
ولم يقرر الإئتلاف الوطني السوري المشاركة بعد ولكن قادته سيجتمعون يوم الأحد المقبل مع مسؤولين من مجموعة أصدقاء سوريا التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
وقال الشهبندر إن ممثلين عن المجلس العسكري السوري سيستخدمون المناسبة للدفع من أجل الحصول على دعم عسكري في معركتهم ضد القاعدة ونظام الأسد’وهناك حاجة لمضاعفة الجهود بحيث يكون لدى المعتدلين الذين يقاتلون المتطرفين الوسائل للحفاظ على منجزاتهم، والسبب الذي سمح للقاعدة توسيع سلطتها لأن ميزان الحرب انحرف ضدنا’. وكانت الأوضاع تتوتر في الأشهر الأخيرة الماضية وبدأت بالتأزم بعد سيطرة القاعدة على بلدة أعزاز.
وقادت الهجمات على داعش، التحالف الذي شكل حديثا وهو كتائب الثورة السورية، وجيش المجاهدين والجبهة الإسلامية. وقدرة هذه الفئات الجديدة المحافظة على النظام الجديد سؤال مفتوح ولكن يظل التحرك مهما، وبحسب آرون لوند، مدير موقع وقفية كارنيجي ‘سوريا في أزمة’ ‘يبدو أن الهجمات قد ضربت الدولة الإسلامية بعمق’، مضيفا لقد ‘فقدوا مناطق، والكثيرين انشقوا عنهم، فيما قررت بعض الجماعات التي انضمت إليهم الوقوف على الحياد، وهناك الكثير من الحديث حول الكيفية التي أجبر فيها المقاتلون الأجانب على طلب الحماية من جبهة النصرة التي تلعب على ما يبدو دور الوسيط’.
كل هذا لا يعني نهاية الدولة الإسلامية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ‘فلا يزال لديهم بعض المناطق في شمال ـ غرب سوريا وأبعد منها. وقد تكون لديهم القدرة على التجمع بعد أن ذهب عنصر المفاجأة، وقد يكون بإمكانهم استعادة بعض المناطق التي خسروها، وفي النهاية إذا قرروا الدخول في حرب طويلة مع جماعات الجيش الحر فهذا يحتاج لوقت من أجل حرف الدفة لصالحهم’.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية