ميقاتي ينضم للحريري وسلام في العزوف عن خوض الانتخابات والسنيورة لن يخلي الساحة السنية لحزب الله

سعد الياس
حجم الخط
1

بيروت-“القدس العربي”:17 عاماً مرّت على ذكرى انتفاضة الاستقلال في 14 آذار/مارس التي أخرجت الجيش السوري من لبنان من دون أن تتمكّن من ترسيخ السيادة والقرار اللبناني الحر بفعل استبدال الوصاية السورية بهيمنة ايرانية متأتية من سلاح حزب الله.

واللافت أن هذه الذكرى تحلّ هذه السنة قبل شهرين على موعد الانتخابات النيابية، حيث انفرط عقد القوى السيادية مع إعلان الرئيس سعد الحريري عزوفه و”تيار المستقبل” عن خوض الانتخابات ورفضه أي تحالف مع القوات اللبنانية وغيرها من الأحزاب والقوى. وقد انضم إلى الحريري في خياره رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي خلافاً لرئيس “المستقبل” وجّه نداء إلى جميع اللبنانيين للتوجه إلى صناديق الاقتراع ولم يبرّر عزوفه بالتنازلات وبالهيمنة كما فعل الحريري. وهكذا يكون ميقاتي ثالث رئيس حكومة سنّي يعلن عزوفه، ما يطرح علامة استفهام كبيرة حول حجم المشاركة السنية في الاستحقاق المقبل على الرغم من جهود الرئيس فؤاد السنيورة لحث البعض على الترشح وعدم ترك الساحة السنية ومقاعدها النيابية ليملأها حزب الله. ومن المقرّر أن يتظهّر موقف السنيورة من الترشح شخصياً قبل منتصف ليل الثلاثاء موعد إقفال باب الترشيحات في وزارة الداخلية، وهو يسعى للتعاون مع الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية في عدد من الدوائر حيث ستضم لائحة القوات في دائرة زحلة مرشحاً سنياً هو بلال الشحيمي الذي كان أحد كوادر “المستقبل” وتمّ قبول استقالته من التيار. أما النائب السابق مصطفى علوش الذي استقال بدوره من “المستقبل” فهو ينسّق مع السنيورة وسيترشح في طرابلس.

ميقاتي: التغيير المنشود

بالموازاة، أكد الرئيس ميقاتي في رسالة إلى اللبنانيين “أن الانتخابات تشكّل محطة أساسية في مسار العمل البرلماني الذي يتميّز به لبنان. واحتراماً لرأي شريحة واسعة من اللبنانيين تطالب بالتغيير، والتزاماً بأحكام الدستور والقوانين، وتجاوباً مع رغبة أصدقاء لبنان وأشقائه، تعهدت حكومتنا بإجراء الانتخابات في موعدها في الخامس عشر من أيار المقبل وإتمامها بكُل نزاهة وشفافية وتوفير السُبل كافة لنجاحها”.

وقال “قبل ساعات من موعد إقفال باب الترشح فإنني أجدد دعوتي لجميع الراغبين بخوض هذا الاستحقاق إلى التقدّم بترشيحاتهم، ولتكن المنافسة الفعلية في هذا الإطار على ما يلبي طموحات اللبنانيين في التغيير الحقيقي، والبرامج الإنقاذية، وليس على نبش الأحقاد وتأجيج الخلافات والانقسامات والعودة إلى الاصطفافات السياسية التي لا طائل منها. ولقد أثبتت التجارب الماضية،أن لا أحد يمكنه إلغاء أحد، وأن هذا البلد لا يحكم إلا بالشراكة بين جميع أبنائه، مهما اختلفت آراؤهم وتباينت توجهاتهم. وفي هذا السياق أيضاً أتوجه بنداء إلى جميع اللبنانيين وأدعوهم إلى الإقبال على الاقتراع،لأن التغيير الحقيقي المنشود يبدأ في صناديق الاقتراع، وليس فقط في التعبير عن الرأي عبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وفي الساحات”، مضيفاً “كل ورقة انتخابية توضع في الصندوق قادرة على إحداث التغيير المنشود. وهذا النداء أتوجه به إلى جميع اللبنانيين، وبشكل خاص إلى أهلي في  طرابلس،وأدعوهم إلى المشاركة في الانتخابات، إذ لا يجوز التلكوء عن القيام بهذا الواجب الوطني، لأي سبب كان”.

 وتابع ميقاتي “لأنني أؤمن بحتمية التغيير وبضرورة إفساح المجال أمام الجيل الجديد، ليقول كلمته ويحدد خياراته، عبر الاستحقاق النيابي المقبل، وانطلاقاً من قناعتي بأن يكون المسؤول مجرداً بالكامل من أي مصلحة،لا سيما في هذا الاستحقاق الديمقراطي الذي نحن مقبلون عليه، ولأن تجربة الحكومة التي ترأستها عام 2005 قدمت نموذجاً في الفصل بين إدارة الانتخابات وعدم الترشح، واستطعنا من خلالها نقل البلد من ضفة إلى أخرى في أصعب مرحلة ، وكان هذا الخيار موضع تقدير محلي وخارجي، لهذه الأسباب أعلن عزوفي عن الترشح للانتخابات النيابية، متمنياً التوفيق للجميع، وسأدعم جهود من يختارهم الناس و أتعاون مع الجميع لما فيه المصلحة العامة”، مجدداً التأكيد “أننا مستمرون بالعمل حكومياً لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية، قدر ما تسمح الإمكانيات، ووضع بلدنا على سكة التعافي بمساعدة ودعم جميع أصدقاء لبنان وأشقائه، وبالتعاون مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة”.

الحريري: لن ننسى

وفي ذكرى انتفاضة الاستقلال، نشر الرئيس سعد الحريري عبر حسابه على “تويتر” صورة للحشود في ساحة الشهداء وارفقها بتعليق: “14 آذار 2005: شهادة رفيق الحريري ورفاقه تتقدم أكبر حشد شعبي في تاريخ لبنان. الشعب يفك قيود الوصاية وينتصر لوحدته الوطنية. لن ننسى”.

ولكن يؤخذ على الحريري أنه ترك الساحة خالية وتخلّى عن تحالفه مع القوى السيادية، في وقت اختار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع هذه الذكرى التي ينظر إليها على أنها “مسيرة ومسار” لإطلاق الحملة الانتخابية للقوات من معراب في حضور المرشحين في مختلف الدوائر تحت شعار “بدنا وفينا”. وقد استهل جعجع كلمته بالقول”حين يكون الوطن مهدّداً والهوية في مهبّ الريح والمؤسسات مخطوفة والدستور شبه معطّل وحين يكون الشعب بائساً والجوع يدق أبوابه وهاجر نصف شبابه والنصف الثاني على أبواب السفارات، وحين تتفجّر بيروت ويمنعون معرفة من فجّرها، وحين يُسرق جنى العمر ويمنعون الذي سُرق بمحاسبة السارق، وحين يصبح الحق سكوتاً والباطل فجوراً، وحين يصبح لبنان “منارة مطفيّة، وخبرية منسيّة وسقطات حتميّة” عندها تصبح الانتخابات النيابية معركة وجوديّة وليس مجرّد معركة سياسية، وبالتالي “ما خلقت هيك معارك إلا للقوات اللبنانية”.

ورأى “أن هناك اناساً يستطيعون بناء دولة “بس ما بدّن” إذ يمكنهم ذلك لأنهم يتمتعون بالحجم والإمكانيات والحضور والتنظيم، ولكن الدولة لا تناسبهم باعتبار أنها نقيض مشروعهم الأساسي وفلتان سلاحهم وفسادهم. في وقت هناك أناس يريدون بناء الدولة “بس ما فين” وهم يعرفون أن الدولة وحدها هي مشروع الخلاص، ولكن لا يمكنهم تحقيق ذلك لأنهم يفتقرون إلى التنظيم والحضور والإمكانيات بفكرهم المشتّت وقوّتهم المحدودة وليس لديهم لا التجربة ولا الخبرة ولا التاريخ. وبالتالي: “بين هودي وهوديك، بين اللي فيون وما بدّن، وبين اللي بدّن وما فيون، بيبقى اللي بدّن وفيون، نحنا، “القوات اللبنانية” اللي بدّنا وفينا”.

جعجع: 3 خيارات

وأكد أنه “أمام اللبناني ثلاثة خيارات في الانتخابات المقبلة: خيار من يريد الدولة ولكن لا يمكنه بناءها، خيار من لا يريد الدولة ويقدر على الاستمرار في تعطيل بنائها، وخيار من يريد الدولة ويستطيع بناءها”، داعياً “جميع اللبنانيين إلى التصويت للخيار الثالث، للخيار الصائب أي لـ”القوات اللبنانية”، مشيراً إلى أن “الخيار الأول شعاره كلّن يعني كلّن، فيما الخيار الثاني شعاره نحن نحكم لبنان بالسلاح والقوّة والقهر، أما الخيار الثالث فشعاره “تعوا كلنا نبني دولة من جديد”. فبين سلبية الشعار الأول والغائيته وظلمه وغوغائيته، وبين غطرسة الشعار الثاني وعنجهيته، أدعو كل اللبنانيين إلى اختيار الشعار الإيجابي الشرعي الوطني الواضح الجامع الوحيد: نحنا بدنا نحنا فينا “.

واستطرد: “مع الخيارات الثلاثة، هناك فئة رابعة، والحمدالله انها كُشفت وحاكمها الناس في الشارع كما سيحصل في الانتخابات أيضاً، هي فئة الخداع فئة “اللي ما بدّن وما فين”: ومن المؤكد عرفتم من هم. هم الذين رددوا على مدى 30 سنة أنهم “هنّي الإصلاح وهني التغيير”، وأنهم الخلاص والقوّة والحلم الموعود، وهم أنفسهم الذين وصلوا إلى الحكم، واكتشفنا بعدها “انو أكيد، وأكيد أكيد أكيد، كلو حكي، كان خداع، لا بدّن ولا فيون”، وجلّ ما يريدونه واستطاعوا عليه هو “تنضيف” الدولة إلى “آخر قرش وتعباية جيوبن”.

وأضاف “ليس صدفة إطلاق هذه الدعوة في ذكرى “14 آذار”، في هذا اليوم الذي أثبت أن ما من شيء مستحيل في هذه الدنيا، وأن الربيع في حياة الشعوب اقوى من الغيوم السوداء، في هذا اليوم الذي كان فجر الحرية، ولكن “بعدو ناطر يكفّي نهارو”، في هذا اليوم الذي كان بداية استرداد السيادة التي تنتظر استكمالها. فـ14 آذار تبقى قبلة مناسباتنا، قدس أقداسنا، وركيزة سياساتنا، وهذا اليوم ما زال حياً فينا، ولو حاولوا اغتياله في 14 شباط/فبراير، ودفنه في 7 أيار/مايو ليتأكدوا من موته عبر كل ممارسة من ممارساتهم البغيضة ولكن “14 آذار ما ماتت ولا بتموت”.

واعتبر أنه “كما بشّرنا “14 آذار الأول” بنهاية ليل الاحتلال السوري وانبلاج فجر الحرية والسيادة والاستقلال في 26 نيسان/أبريل، هكذا سيبشّرنا “14 آذار” هذه السنة أيضاً بجلاء الكوابيس الكثيرة عن صدور اللبنانيين في 15 أيار، وأولها الطبقة الحاكمة الفاسدة، التي شبعِت من خلال تجويع الناس، و”شيّبت اللبنانيي عالسم والقهر والزعل واليأس، وما شابت ولا تابت ولا رفلّا جفن”. اقترب الربيع وهبّت رياح التغيير من الجهات الأربع، وما زالت أوراقها برتقالية ذابلة وصفراء شاحبة “متعمشقة بالغصون غصب عن الطبيعة”، فساعة يفتحون موضوع الميغاسنتر قبل ايام من اقفال باب الترشيح، طبعاً ليس حباًّ بالميغاسنتر انما كرهاً بالانتخابات ورفضاً للتغيير الآتي، وغراماً بالبقاء على الكرسي، وساعة اخرى يفتحون ملف انتخاب المغتربين، ليس بهدف “اقترابهم” من كل دوائر الوطن، إنما ليغرّبوهم اكثر واكثر في بلاد الله الواسعة ليبقوا متحكمين، واما يفتحون دفاترهم القديمة لنبش أي بدعة أو حجة، لا لتأجيل الانتخابات لشهرين أو ثلاثة أشهر فقط، كما يدعون، إنما بهدف الغائها من أساسها، وبالتالي إيصال كل الوطن نحو المجهول السياسي والدستوري والاقتصادي والمالي والاجتماعي وحتى المجهول الكياني”.

وقال: “في الزمن الماضي، نيرون حرق روما “عن بكرة أبيها ت يولّع سيجارتو”، وفي لبنان بعضهم على استعداد لحرق الأخضر واليابس وإشعال البلد كي يصل. في 14 آذار 2022، المقاومة مستمرة وثورة الأرز مستمرة، وموعدنا مع التغيير مستمر، ولا تأجيل ولا تعطيل ولا فراغ ولا مجهول، وبيروت ستبقى حرة حرة حرة”.

المقاومة قوة احتلال

وتابع: “في الذكرى الـ17 لثورة 14 آذار، لا يمكننا إلا أن نوجه التحية إلى الشعب الأوكراني على كل التضحيات والبطولات التي يقدمها على أرضه والتي هي المثال الأكبر الحي عن كيفية تلاحم الجيش والشعب بالمقاومة بصورته الصحيحة والحقيقية، من حيث أن الدولة هي من ينظم ويدير المقاومة الشعبية التي بدأت مع الاحتلال لا قبله، وليس كما يحصل في لبنان، تتسلح المقاومة وتنافس الدولة وتعطلها وتضرب مسيرتها، “على ذوقها”. فالمقاومة في أوكرانيا تعمل تحت إمرة الجيش وإشرافه، ليس بهدف إظهار جيشها ضعيفاً وغير مجهز وبأن قرارها مستقل، علماً ان المقاومة فيها تضم المعارضين والموالين من كل التوجهات، بتضامن ومباركة ودعم من الشعب والدولة، وليس طرفاً واحداً وايديولوجيا واحدة وتوجهاً واحداً وحزباً واحداً فقط، بحيث يمنع على الآخرين مقاومته حتى لو كانوا صادقين بمقاومتهم أكثر ممن يصادرون مفهوم المقاومة في الوقت الحاضر. حبذا لو “حزب الله” يتّعظ من تجربة المقاومة الأوكرانية ويحذو حذوها ويتوقّف عن انتحال صفة المقاومة في لبنان، فيما هو أقرب لقوة احتلال إيراني او قوة انفصالية”.

وختم داعياً “إلى تحويل 15 أيار الى 17 تشرين/أكتوبر انتخابي، بمعنى الثورة على الفساد والهدر وسوء إدارة الدولة وتسييبها”، وقال “أنتم مدعوون في 15 أيار كي تأخذوا بثأركم في صناديق الاقتراع لدماء بشير وكمال ورينيه ورفيق، وباسل وسمير وجورج وجبران وبيار ووليد وانطوان ووسام ووسام ومحمد وهاشم ولقمان، ولأوجاع مروان ومي، وكل قافلة شهداء القضية الذين “استشهدوا ليبقى لبنان”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ميساء:

    ممتاز جدا والله بادرة جيدة من رئيس وزراء لبنان،. والله يحرر فلسطين ويكسر شوكة إسرائيل كسرا لا جبر بعده أبدا أبدا أبدا أبدا أبدا أبدا أبدا قولوا آمين يارب العالمين

إشترك في قائمتنا البريدية