ميقاتي إلى السعودية ويدعو إلى عدم الدمج بين الكابيتال كونترول وضمان الودائع

سعد الياس‭
حجم الخط
0

بيروت-“القدس العربي”: لأنه لم يشعر يوماً بأن أبواب السعودية مقفلة في وجهه، يتوجّه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي إلى المملكة في خلال شهر رمضان من دون أن تتضح طبيعة اللقاءات التي قد يعقدها مع المسؤولين السعوديين بعد الحلحلة التي شهدتها العلاقات الدبلوماسية بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي. وقبيل الزيارة المرتقبة التقى ميقاتي السفير السعودي وليد البخاري واستعرض معه العلاقات الثنائية بين البلدين.
وتوقّف الرئيس ميقاتي في خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء عند النقاش الدائر حول موضوع “الكابيتال كونترول” بعد الاعتراض النيابي على المشروع المقترح لفرض “ضوابط استثنائية وقيود” على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية والتحفّظ على ما تسرّب عن خطة التعافي على حساب المودعين. وبعد الرسالة التي بعث بها إلى المجلس النيابي حول تعهّده بحفظ حقوق 85 في المئة من المودعين، لفت ميقاتي إلى “أن الدمج بين”الكابيتال كونترول” وضمان الودائع أمر خاطئ. فالكابيتال كونترول لا يتحدث عن حجم الودائع ولا عن ضمانها، وكان يفترض أن يقر هذا القانون في اليوم التالي لبدء الأزمة المالية في لبنان، ولكن التأخير في البت به مستمر، وإذا كنا سنقدم خطة للتعافي الاقتصادي ونقول للناس إننا سنعيد إليها أموالها، فمن المفترض اتخاذ إجراء لفترة معينة لكي تبقى هذه الأموال في لبنان ومراقبة التحويلات إلى الخارج أمر أساسي في هذا الموضوع”.
معارضة شعبوية
ورأى رئيس الحكومة “أن المعارضة التي نسمعها في هذا الملف أهدافها شعبوية قبل الانتخابات، ولكنها ستتسبب بالمزيد من المشكلات”. وقال: “من الأمور التي يطلبها صندوق النقد الدولي هي إقرار الموازنة العامة وقد أرسلناها إلى مجلس النواب وإقرار قانون الكابيتال كونترول وموضوع السرية المصرفية، إضافة إلى موضوع اعادة هيكلة المصارف، والملف الأخير لا يزال لدينا وقت لإنجازه ومن ضمن بنوده الموضوع المالي الأساسي، لا يمكن وضع الأمور على سكة التعافي من دون إقرار هذه الملفات الأربعة في مجلس النواب بشفافية مطلقة”. وأضاف “في المرة الماضية عرضنا في مجلس الوزراء خطة التعافي الاقتصادي والمال، ولكنها لم تقر، لأننا في انتظار الاستماع إلى الملاحظات والأراء. قد تكون هناك ملاحظات واعتراضات وانتقادات ولكن الخطة لن تصبح نهائية إلا بعد إحالتها بموجب مشاريع قوانين على مجلس النواب. تحدثت مع دولة رئيس مجلس النواب وتمنيت أن يصار إلى عقد ورشة لمناقشة موضوع التعديلات على قوانين السرية المصرفية التي اقريناها في مجلس الوزراء، وهذا ما سيحصل”.
واعتبر ميقاتي “أن الضجة التي أثيرت بمعظمها لها أهداف انتخابية، ونحن متمسكون بعملية الإنقاذ ومنفتحون على كل الملاحظات بشأن خطة التعافي وقد ارسلتها بالأمس إلى مجلس النواب للاطلاع فقط، كونها لم تقر بعد في مجلس الوزراء بانتظار استكمال تلقي الملاحظات لوضع الصيغة النهائية لكي تكون الخطة موضع إجماع لبناني. لقد حققنا إنجازاً في موضوع الاتفاق الأولي مع صندوق النقد الدولي، وكل من لديه خيارات أخرى فليتقدم”.
شوائب في سيدني
أما في ملف الانتخابات، فعرض رئيس الحكومة للاجتماع الذي عقده مع وزيري الداخلية والخارجية بعد الملاحظات الواردة في ملف انتخاب المغتربين في الخارج، ونقل عن الوزير عبد الله بوحبيب أنه يقوم بتحقيقاته وتبيّن له حتى الآن، أن ما يجري يراعي القوانين والتعاميم. وقال “قد تكون هناك بعض الشوائب والعشوائية خاصة في مدينة سيدني الأسترالية، ولكن المسؤولية عنها لا تعود للدولة اللبنانية، وعلى الرغم من ذلك نحن ندرس إمكانية سبل معالجتها”، متمنياً على وزير الداخلية “المتابعة مع هيئة الإشراف على الانتخابات للتحقيق في حصول تجاوزات او رشاوى انتخابية وأي إنفاق إعلاني يتجاوز الحد المسموح به قانوناً”.
بالموازاة، سارع “تكتل الجمهورية القوية” إلى تقديم طلب بطرح الثقة بوزير الخارجية بعدما اتهمه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بالتلاعب بتصويت المغتربين اللبنانيين في دول الانتشار. وحمل هذا الطلب إلى الأمانة العامة للمجلس ومن خلالها إلى الرئيس نبيه بري النواب بيار بو عاصي، جورج عقيص، ادي ابي اللمع وعماد واكيم، وجاء في العريضة “بتاريخ 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2021 نُشر القانون النافذ حكماً رقم (8) الذي أدخل بعض التعديلات على القانون الانتخابي رقم 44/2017، ومنها إلغاء تصويت اللبنانيين غير المقيمين للدائرة 16، والإبقاء على اقتراع هؤلاء في الدوائر الانتخابية الـ 15 داخل لبنان.
ومنذ ذلك الحين، دأبت وزارة الخارجية والمغتربين، مباشرةً أو بواسطة بعثاتها الدبلوماسية، على تكرار المحاولات الرامية إلى تقييد حق المغتربين اللبنانيين بالاقتراع، بشكلٍ بات يهدّد سلامة العملية الانتخابية برمتها، ويمسّ بحق شريحة واسعة من اللبنانيين في اختيار ممثليهم بطريقة حرة وشفافة.
تشتيت أصوات
وبالفعل، بعد فشل الطعن بدستورية القانون النافذ حكماً أمام المجلس الدستوري، بدأت سلسلة من الإجراءات الجائرة والمستهجنة والخارجة عن القانون والبعيدة عن المنطق والتي تستهدف تحديداً حرمان المغتربين من حقهم بالاقتراع، أو تقييد حركتهم، أو تصعيب عملية اقتراعهم وجعلها شبه مستحيلة، ومن ذلك: تشتيت أصوات المنطقة الواحدة والقرية الواحدة والعائلة الواحدة على عدة أقلام اقتراع تبعد عن بعضها مسافات كبيرة، مما يصعّب عملية الاقتراع، عدم تسليم قوائم الناخبين لأصحاب العلاقة مما يمنعهم من معرفة عدد المندوبين المطلوبين لكل مركز من مراكز الاقتراع، وابتداع طرق جديدة لاعتماد مندوبي المرشحين في أقلام الاقتراع الاغترابية بشكل يجعل توكيلهم من قبل المرشحين عملاً شاقاً ان لم يكن مستحيلاً”.
وأضافت العريضة القواتية “بما أن كل هذه الارتكابات تفضي إلى الاستنتاج بأن وزارة الخارجية والمغتربين تقوم عمداً بتشويه عملية الانتخابات الخاصة بالمغتربين اللبنانيين بدل تسهيلها واتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لإتمامها بيسرٍ وسهولة. لذلك، يطلب نواب تكتل الجمهورية القوية الموقعين أدناه من دولتكم عقد جلسة عاجلة للهيئة العامة للمجلس النيابي لمساءلة وزير الخارجية والمغتربين وطرح الثقة به، بعد إبلاغ هذا الطلب من الوزير المعني سنداً للمادة (37) من الدستور”.
…إلا القوات
في المقابل، رأى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل “أن الكل يعرف ويعترف بالجهد الذي بذلته وزارة الخارجية لتسهيل اقتراع المنتشرين، من زيادة مراكز الاقتراع من 116 إلى 205، وأقلام الاقتراع من 232 إلى 598، بالتوازي مع وضع معيار واحد لكل دول العالم بجعل كل مركز اقتراع ميغاسنتر، يحتوي أقلام كل دوائر لبنان إلا القوات، تريد فرض شروطها عالوزارة، خاصة في سيدني أستراليا، وبشكل مختلف عن كل العالم”، واتهمها بأنها “تريد جعل كل مركز اقتراع مخصّص لدائرة انتخابية واحدة، وإلا التهديد”. وختم “هذا منطق الميليشيا بالفرض والكذب الذي لا ينتهي. القوات تطرح الثقة بالوزير، ونحن نطعن بأي تغيير للمعايير الواحدة لصالح الميليشيا”.
وردّت الدائرة الإعلامية في “القوات اللبنانية” على باسيل، فاعتبرت في بيان أنه “من المضحك المبكي أن يتَّهِم النائب جبران باسيل “القوات اللبنانية” باعتماد منطق الميليشيا، فيما المنطق الميليشياوي هو الذي أدّى بسبب ممارسته إلى تدمير الدولة ومؤسساتها، والقاصي يشهد كما الداني على الخراب الذي حلّ بالدولة بعد استلام فريق النائب باسيل لمفاصل أساسية في هذه الدولة”. وقالت “يعتقد النائب باسيل أن اتهام غيره بالميليشيا ما زال يستطيع تمريره على بعض اللبنانيين الذين لمسوا لمس اليد ماذا حل بالدولة، وأين صارت أوضاعهم بسبب تحالفه العضوي مع ميليشيا تخطف قرار الدولة وتعزل لبنان وتؤمن مصالح فريق باسيل السلطوية. ومن المؤسف أنّ الذي انهار لبنان كلياً في عهده ما زال يتفاصح بالكلام أمام اللبنانيين الذين يعانون الأمرَّين من جراء سياساته، خصوصًا أن كل وزارة دخل إليها أدى إلى تخريبها، بدءًا من وزارة الطاقة والعتمة الشاملة، وصولاً إلى وزارة الخارجية وتحويلها إلى مركز لمحور الممانعة على حساب المصلحة العليا للبنان واللبنانيين”.
وأضافت القوات “نذكِّر النائب باسيل بأن الميليشيا لم تنوجد سوى بفعل غياب الدولة وتفكّكها ودفاعًا عن وجود وأرض وهوية، وسعيًا إلى إعادة الاعتبار لهذه الدولة التي يُغَيِّبها تحالف مار مخايل. وأمّا في ما يتعلق بتدبير وزارة الخارجية فيندرج في إطار التشويه المتعمد لانتخاب المغتربين وتعقيد العملية الانتخابية في الدول التي لا تتناسب مع مصالح فريق 8 آذار ومنظومة السلاح والفساد. ونسأل النائب باسيل لماذا المعايير التي كانت معتمَدة عندما كان وزيرًا للخارجية لم تعد تصلح الآن، أم أنه أيقن أن الرأي العام الاغترابي ليس مع سياساته التي تغطي الميليشيا التي تخطف لبنان، وبالتالي يحاول عرقلة تصويت المغتربين من خلال المحاسيب الذين دسّهم في وزارة الخارجية؟ ونؤكّد بأن مَن يطالب بإصلاح الوضع في سيدني ليس القوات اللبنانية فقط، بل كل الجسم الاغترابي الذي يريد ممارسة دوره وحقه في الاقتراع لمحاسبة من بدّى الدويلة على الدولة، ويرفض تغييب صوته من خلال التلاعب بقوائم الناخبين ومراكز الاقتراع”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية