موقف عربي يدعو إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية ووقف حرب الإبادة… غوتيريش: الشرق الأوسط على حافة الهاوية… ويجب إنهاء الانتقام الدموي

عبد الحميد صيام
حجم الخط
0

نيويورك ـ «القدس العربي»: تحوّلت جلسة عقدها مجلس الأمن أمس على مستوى وزاري بخصوص الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية، إلى مناسبة ظهّرت فيها الدول الأعضاء مواقفها من حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، وهي قضية على جدول أعمال جلسة أخرى للمجلس وتواجه بضغوط أمريكية كبيرة لتأجيلها، حيث تعارض الولايات المتحدة ما تعتبره اعترافا أحاديا بالدولة الفلسطينية وتقول إن مثل هذه الخطوة يجب أن تأتي في إطار مفاوضات مع إسرائيل.
وفضلا عن ممثل فلسطين الذي ألقى كلمة أمام المجتمعين، ودعا إلى وقف حرب الإبادة على قطاع غزة، وإلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، دعمت الدول العربية وفي مقدمتها الجزائر والأردن هذا الطلب، فضلا عن موقف روسيا، في حين انبرت إسرائيل للتهجم على الأمم المتحدة بخطاب خرج عن اللياقات الدبلوماسية ألقاه مندوبها.
أما ممثلا الولايات المتحدة وبريطانيا فأعربا عن القلق إزاء التوترات في الضفة الغربية وحثّا إسرائيل على التخفيف من تلك التوترات، في حين دعا ممثل الصين إسرائيل إلى تطبيق قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في قطاع غزة والتخلي عن خططها بشأن عملياتها في رفح.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمته إن الشرق الأوسط أصبح على حافة الهاوية، داعيا إلى إنهاء «دائرة الانتقام الدموي فيه».
وطالب بإجراء تحقيق في مقتل 250 من عمال الإغاثة الإنسانية في غزة بينهم 180 من موظفي الأمم المتحدة.
وأوضح أن التوتر في المنطقة يزداد بشكل خطير في الأيام الأخيرة، محذرا من أن انتشار الصراع سيكون مدمرا للأطراف المتصارعة وللجميع.
وأضاف أن المخاطر تزداد على جبهات عديدة في المنطقة، وأن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية منع حدوث كوارث في الشرق الأوسط.
وأدان الهجمات الإيرانية على إسرائيل في 13 أبريل/ نيسان الجاري، واستهداف الأخيرة للقسم القنصلي التابع لسفارة طهران في دمشق مطلع الشهر نفسه.
وشدد على أهمية سلوك الطرق الدبلوماسية في الصراعات، وأنها يجب أن تبدأ بغزة أولا، داعيا إلى وقف فوري لإطلاق النار والإفراج عن جميع الأسرى.
وذكر أن العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة أدت إلى مقتل عشرات آلاف الفلسطينيين وتهجير مليوني شخص.
وأشار إلى مقتل أكثر من 13 ألفا و900 طفل في هجمات عشوائية على قطاع غزة.
ولفت إلى أن إسرائيل لم تسمح بـ 40 في المئة من طلبات المساعدة التي قدمتها الأمم المتحدة في الفترة من 6 إلى 12 أبريل/ نيسان الجاري.
وعن التوتر في الضفة الغربية، أوضح غوتيريش أن أكثر من 450 فلسطينيا قتلوا على يد القوات الإسرائيلية والمستوطنين منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، منهم 112 طفلا.
ودعا جميع الدول إلى استخدام نفوذها لبناء السلام الإقليمي، قائلا: «لدينا التزام مشترك بخفض التوتر في الشرق الأوسط».
وكان المجلس عقد جلسته أمس على مستوى وزاري تحت بند «الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية». وترأس الجلسة وزير خارجية مالطا، إيان بورغ، لكون بلاده ترأس المجلس خلال شهر نيسان/ أبريل الحالي.
وشارك في الجلسة وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، وعن دولة فلسطين المراقبة، زياد أبو عمرو، المبعوث الخاص للرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المنظمات الدولية في منظمة التحرير الفلسطينية.
كما شارك وزراء خارجية إيران والبرازيل وكولمبيا وبوليفيا وفنزويلا ونائب وزير الخارجية التركي.

كلمة فلسطين

ثم تناول الكلمة الدكتور زياد أبو عمرو، الممثل الخاص للرئيس الفلسطيني الذي استعرض ما قدمته القيادة الفلسطينية من اجل السلام، والتضحيات الكبيرة وصولا إلى قبول حل الدولتين.
وقال إن «القيادة الفلسطينية قدمت تنازلات منذ عام 1993 استجابة لدعم المجتمع الدولي لحل الدولتين، والذي تبين في التصويت على قبول فلسطين دولة مراقبة عام 2012، وهي تسعى الآن لتكون عضوا كامل العضوية تجسيدا لحل الدولتين وحق الشعب الفلسطيني في السيادة والحرية».
وقال إن منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة «من شأنه أن يرفع جزءا من الظلم التاريخي الذي تعرضت وتتعرض له أجيال متتابعة من الشعب الفلسطيني، وأن يفتح آفاقا واسعة أمام تحقيق سلام حقيقي قائم على العدل، سلام تنعم به دول وشعوب المنطقة كافة».
وتساءل كيف يضر الاعتراف بدولة فلسطين ومنحها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة أسوة ببقية دول العالم بفرص تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟ موجها السؤال تحديدا للولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى تعارض منح دولة فلسطين العضوية الكاملة بينما هي تعترف بإسرائيل.
وأكد أن الوقت قد حان لكي يتحمل مجلس الأمن المسؤولية التاريخية بإنصاف الشعب الفلسطيني بتبني وإصدار قرار بقبول فلسطين عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة.
وأضاف: «إن من يعطل مثل هذا القرار لا يساعد في تعزيز فرص تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وفي الشرق الأوسط بشكل عام».
وأوضح أن «انشغالنا اليوم بعضوية فلسطين الكاملة يجب ألا ينسينا قطاع غزة والحرب الشاملة التي تشن عليه منذ أكثر من ستة أشهر وخلّفت 35 ألف شهيد وأكثر من 80 ألف جريح غالبيتهم من النساء والأطفال، إضافة إلى تدمير مرافق حيوية كالمساجد والكنائس والجامعات والمدارس ومحطات التحلية، إضافة إلى تهجير غالبية السكان وتحويل قطاع غزة إلى منطقة غير صالحة للحياة». وقال «لكن أؤكد لكم أن غزة لن تموت لكن الذي سيموت هو الاحتلال» .
ثم تحدث عن الاعتداءات على الفلسطينيين في الضفة الغربية وخاصة عنف المستوطنين سائلا: «أما آن لهذه الاعتداءات أن تنتهي، ولهذا الاحتلال أن يرحل؟» .

إسرائيل

وتهجّم جلعاد إردان، السفير الإسرائيلي، على الأمم المتحدة، وقال في كلمته إن «مجلس الأمن الذي لم يعقد جلسة واحدة لإدانة حماس، ولم يعقد جلسة واحدة لبحث موضوع الرهائن، ولم يتخذ أي إجراءات حقيقية لإعادتهم، لكنه يجتمع لمكافأة مؤيدي ومرتكبي هذه الفظائع بإقامة دولتهم، ومكافأة السلطة الفلسطينية التي تدفع رواتب شهرية لمنفذي هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر».
وأضاف أن «الاعتراف القسري الأحادي بالدولة الفلسطينية سيجعل مفاوضات مستقبلية شبه مستحيلة. لقد رفض الفلسطينيون كل خطة سلام على الإطلاق».
وتابع: «إن الأمم المتحدة تسترشد بالسياسة، وليس بالأخلاق أو الحقيقة. كل ما يفعله هذا المجلس من خلال هذا النهج التدميري هو جعل الحل بعيد المنال. لم تعد الأمم المتحدة معنية بالتعددية. ومن المؤسف أنها ملتزمة الآن بالإرهاب المتعدد. في مجلس الأمن يؤتي الإرهاب ثماره. إنه لأمر مخز».

الجزائر

وقال أحمد عطاف، وزير الخارجية الجزائري، إن حرب الإبادة على غزة «كشفت حقيقة نوايا كيان الاحتلال الإسرائيلي وهو تدمير القضية الفلسطينية تماما. فقد رفع رئيس وزراء ذلك الكيان في أيلول/ سبتمبر الماضي أمام الجمعية العامة خريطة لإسرائيل غابت عنها فلسطين تماما».
وقال إن «الحديث اليوم عن العضوية الكاملة لدولة فلسطين يعني إعادة طرح القضية الفلسطينية على أصولها وأسسها الحقة، وتسليط الضوء على جوهرها الذي لا يقبل التشويه وقلبها الذي يأبى التشكيك أو التحريف».
وأضاف أن بلاده الجزائر حظيت بشرف إعلان الدولة الفلسطينية عام 1988 و»كانت أول دولة تعترف بفلسطين».
وقال: «إن جسامة الخطورة التي تعيشها القضية الفلسطينية اليوم تضع المجلس أمام مسؤولية تاريخية، مسؤولية حاسمة وفاصلة وفارقة ألا وهي مسؤولية التحرك العاجل لفرض حل الدولتين والحفاظ على مرتكزات قيام الدولة الفلسطينية «.
ونبه إلى أن» حل الدولتين يواجه اليوم خطرا مميتا»، مضيفا أن «إنقاذ حل الدولتين قبل فوات الأوان يكمن في منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين حفاظا على السلام والاستقرار والأمن في المنطقة».
وقال: «إن خطوة كهذه هي أقل وأبسط ما يمكن أن تجود به الإنسانية المجتمعة تحت قبة منظمتنا الأممية تجاه الآلاف والآلاف من الفلسطينيين الذين ارتقوا ولا يزالون يرتقون شهداء في غزة».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية