موريتانيا: الغزواني يترشح لولاية ثانية بين مرحب به ورافض والانتخابات يوم 29 الشهر المقبل

عبد الله مولود
حجم الخط
0

نواكشوط –«القدس العربي»: أعلن محمد ولد الشيخ الغزواني الذي يحكم موريتانيا منذ عام 2019،أمس الخميس، عن ترشحه لولاية رئاسية ثانية، ووجه رسالة للشعب موقعة بخطه ومؤلفة من تسع صفحات.
وتضمنت رسالة الغزواني التي أثارت تعليقات كثيرة على مواقع التواصل، تراوحت بين الترحيب والرفض، شرحاً لأسباب الترشح، والخطوط العريضة لبرنامجه للولاية المقبلة التي أكد أنها مأمورية الشباب، وعرضاً مجملاً لقائمة إنجازاته مع التعبير عن رغبة جامحة في التغيير نحو الأفضل، والإشارة إلى النواقص ومكامن الضعف التي طبعت المأمورية المنقضية.
وجاء نشر رسالة الترشح مصاحباً لصدور مرسوم رئاسي استدعي فيه الناخبون الموريتانيون لانتخاب رئيس الجمهورية، يوم السبت 29 حزيران/يونيو 2024 وفي حالة شوط ثان يوم السبت 13 تموز/يوليو 2024؛ وحدد المرسوم يوم الجمعة 14 حزيران/يونيو 2024 تاريخاً لافتتاح الحملة الانتخابية.
ووصف ولد الغزواني الانتخابات الرئاسية المقبلة بأنها تشكّل “استحقاقاً دستورياً بارزاً، ومحطةً مهمة على مسار توطيد نظامنا الديمقراطي، وفرصةً ثمينة لا لتقديم وتقييم حصيلة ما تمّ إنجازه في السنوات الخمس الماضية فحسب، وإنما لمراجعة الخطط وتحيين وإعداد البرامج كذلك، بغية الدفع ببلادنا نحو مزيد من التقدّم والنماء”.
وقال إنه قرر أن يتوجه إلى المواطنين برسالة مباشرة ليطلعهم على قراره التقدم لنيل ثقتهم لمأمورية جديدة، “تلبية لنداء الواجب، وحرصاً على مواصلة خدمتكم وخدمة بلدنا الغالي عبر تحصين ما تحقّق من مكاسب مهمة، وفتحِ ورشاتِ جديدة، وإطلاق إصلاحات ومشاريعَ بنيوية بحجم طموحاتنا جميعاً، تدعم ديناميكية الجهد الإنمائي الوطني ليكون أسرع وتيرةً، وأعمق أثراً، وأكثر شمولاً واستدامة”.
وأكد ولد الشيخ الغزواني أنه “عمل منذ اليوم الأول بكل قوة وصدق ودون كلل على التنفيذ الأمين لمقتضيات العقد الانتخابي الذي على أساسه تم انتخابه، مبتعداً في كل ما أنجز لصالح هذا الشعب عن الشّخصنة والارتجالية والشعبوية والاستغلال السياسي الرخيص”.
وقال “إن هدفه الأسمى هو تحقيق الوحدة الوطنية الموريتانية ودعم عوامل الانسجام الاجتماعي، وتقوية وشائج الأخوة والقربى بين مختلف مكونات الشعب”، مضيفاً “أن الوحدة الوطنية هي أساس استقرارنا، وخطنا الدفاعي الأول، وحصننا المنيع في وجه كل التحديات”.
وأردف ولد الغزواني “أنه يدرك بجلاء أن ما تشهده مناطق كثيرة في العالم من عدم استقرار سياسي واجتماعي، وأحياناً أمني، مردُّه في المقام الأول إلى تصدُّع عواملِ الانسجام بين مكوّنات الشعب الواحد، وسيادة منطق التخوين والإقصاء على منطق الحوار والتشاور”.
وأضاف: “وقفنا ضد كل ما يفرق، من المسلكيات التي تخل بانسجام التعايش المشترك، ومن رواسب الظلم في موروثنا التاريخي، ومن الصور النمطية الزائفة التي تجافي الفطرة السليمة وتناقض مقتضيات الشرع والقانون وتضرُّ بالوحدة الوطنية والوئام الاجتماعي”.
وتحدث ولد الغزواني عن التهدئة السياسية، مؤكداً أنه “حرص فور انتخابه على ألا تتحول الأزمة السياسية والمؤسسية التي كانت تعيشها بلادُنا إلى أزمةٍ متجذرة”، مشيراً إلى أنه “بادر إلى الاتصال بكل شركاء الساحة الوطنية، دون استثناء، ودعاهم إلى اعتماد أسلوبٍ جديد، قوامُه التهدئةُ السياسية، والحوارُ والتواصلُ في كل ما يخدم القضايا الكبرى للوطن”.
وتابع: “لقد غدا الاختلاف هادئاً، وأضحى التنوع ثراءً، والتباين متفهَّماً في نطاقه، وانحصر الخلافُ السياسي في إطاره الصحيح: اختلاف مشاريع، وتباين آراء، وليس حرباً مفتوحة أو مضمارَ إساءةٍ وتجاوزٍ لا سقف له ولا خطوطَ حمراء”.
وخصص ولد الغزواني جانباً من رسالة ترشحه للحديث عن الإصلاحات الاجتماعية، حيث أكد “أنه سيواصل العمل خلال مأموريته الثانية من أجل دمج الفئات الهشة اقتصادياً واجتماعياً وتحسين ظروفها المعيشية وتعزيز نفاذها إلى الخدمات الأساسية”.
وعن محاربة الفساد الذي اعتبره أعداؤه نقطة ضعف كبيرة في إدارة مأموريته الأولى، تعهد بأنه “سيضرب بيد من حديد وسيواجه بكل قوة وصرامة كافة مسلكيات وممارسات الفساد والرشوة والتعدي على المال العام، وأنه سيتخذ بداية المأمورية المقبلة، كل الإجراءات الضرورية لتعبئة الأجهزة الإدارية والرقابية والقضائية من أجل تحقيق هذا الهدف”. وأكد في جانب اعترافات بضعف الأداء الحكومي “أنه يعي جيداً ما تعانيه الإدارة الموريتانية في الوقت الراهن من نقص في التكوين وانتشار لبعض المسلكيات المنافية لأخلاقيات المهنة”، مشيراً إلى أنه “سيتم التركيز في المرحلة القادمة على تنفيذ برنامج شامل للتكوين ولعصرنة الإدارة عبر إدخال الرقمنة وتبسيط وتسهيل وتسريع الخدمات الإدارية”. وأكد الغزواني في رسالة ترشحه أن “ترقية الشباب ومحاربة البطالة” ستكونان الهدف المركزي لكل محاور برنامجه، وأن المأمورية القادمة ستكون “مأموريةً بالشباب ومن أجل الشباب”.
وبإعلان الرئيس الغزواني عن ترشحه، تندفع موريتانيا نحو أجواء الانتخابات الرئاسية شهرين قبل يوم الاقتراع، حيث ستبدأ السجالات السياسية على شبكة التواصل التي تدفقت فيها تعليقات المرحبين بترشح الغزواني والناقدين له الداعين لإسقاطه.
ومع أن أنصار الرئيس لا يتشككون في أنه سيفوز في الشوط الأول، فإن ثمة من يرى أنه سيهزم إذا أجريت انتخابات شفافة وحرة.
ويرى الإعلامي الموريتاني والمدون السياسي النشط سلطان البان “أن كل القراءات واستطلاعات الرأي تؤكد أن فوز الرئيس الغزواني بولاية ثانية مهمة ليست سهلة بدون اللجوء لتزوير الانتخابات، كما حدث في الانتخابات النيابية التي جرت في أيار/مايو من السنة الماضية، واتفقت المعارضة وأوساط في الموالاة على أنها كانت مزورة.
وحتى ظهر الخميس، أعلن 7 معارضين أنهم سيشاركون في الانتخابات، في حين لم تعلن أحزاب المعارضة الرئيسية مرشحيها بعد.
وتؤكد الترشحات المعلنة حتى الآن عدم اتفاق المعارضة على مرشح موحد، وينتظر الجميع قرار حزب التجمع الوطني للإصلاح المحسوب على الإخوان، والذي يعتبر حزباً مهماً في الانتخابات نظراً لشعبيته المؤدلجة ولقدرته على التعبئة السياسية ولتوفره على الوسائل.
وأكدت أحزاب معارضة في بيان أخير لها، تخوفها من عجز اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بتركيبتها الحالية عن تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة.
وفاز حزب الإنصاف الحاكم بأغلبية كبيرة في الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية التي جرت قبل نحو عام، وأثارت نتائجها احتجاجات عدد من الأحزاب السياسية في المعارضة والموالاة، التي طالبت بإلغائها وإعادة الاقتراع، لكن اللجنة الانتخابية والمجلس الدستوري لم يوليا أي اهتمام لذلك، حيث اعتمدا النتائج التي أعلن عنها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية