منظمات إنسانية في بيروت: ذوو الاحتياجات الخاصة هم الأكثر حاجة للحماية والانقاذ في قطاع غزة

عبد معروف
حجم الخط
0

أعلنت منظمات إنسانية وطبية في بيروت، أنها ترصد بقلق شديد العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة خاصة منذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وحرب الإبادة التي يشنها الجيش الإسرائيلي في القطاع دون رحمة بالمعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة.

وأشارت المنظمات في تقارير منفصلة أن ذوي الاحتياجات الخاصة يتعرضون على يد الجيش الإسرائيلي لأبشع أنواع التنكيل والحرمان والتجويع والقتل بصورة غير مسبوقة في التاريخ البشري، ما يعد خرقا فاضحا للقوانين والشرائع والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة.
ففي قطاع غزة، يعاني جميع السكان من عمليات القتل والحصار والتدمير والتهجير، إلا أن 58 ألف شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة وهم يشكلون 6.2 في المئة من السكان، يواجهون تحديات أكثر حدة ويعانون من نقص الضروريات مثل السلامة والغذاء والسكن والحصول على المواد الأساسية للحفاظ على صحتهم. لذلك فإن كرامتهم وحقوقهم الإنسانية مهددة بشكل مباشر.
وبالإضافة إلى ذلك، فحالة الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة والذين لا يستطيعون الحصول على الرعاية الطبية وحالة كبار السن مثيرة للقلق للغاية، في هذا السياق أصدرت «المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان» تقريراً حقوقياً يستعرض معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة في قطاع غزة، حيث يواجهون تحديات حادة في الحصول على الرعاية الطبية، ويواجهون صعوبات كبيرة في النزوح والوصول إلى المساعدات، ما يجعلهم أكثر عرضة للموت.
وشدد تقرير المنظمة التي تتخذ من بيروت مقرا لها، على ضرورة حماية المدنيين ذوي الاحتياجات الخاصة في قطاع غزة وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إليهم، ويبيّن مسؤولية الاحتلال الإسرائيلي تجاه هذه الفئة بناءً على توقيعه ومصادقته على الاتفاقية في العام 2012.
كما عرض التقرير مجموعة من التحديات التي تواجههم، لاسيما النزوح القسري الذي يفرض عليهم تحديات إضافية في سبيل البقاء على قيد الحياة، ويعرضهم للإصابة أو القتل، فضلاً عن عدم توفر أماكن إقامة مناسبة، حيث تفتقر مراكز الإيواء إلى التجهيزات الملائمة لهم.
وخلص التقرير إلى مجموعة من التوصيات من شأنها تحسين أوضاع هذه الفئة، أهمها دعوة لجنة حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة لإرسال بعثة تقصي حقائق إلى غزة، وأيضاً دعوة المجتمع الدولي للعمل على وقف دائم لإطلاق النار، وتحسين وصول الخدمات الأساسية إلى سكان قطاع غزة بشكل عام ولهذه الفئة بشكل خاص.
ورصد التقرير تفاقم معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة خلال الحرب الإسرائيلية الجارية على قطاع غزة منذ 8 من تشرين الأول/اكتوبر الماضي، وازدياد أعدادهم بشكل ملحوظ.
من جهتها، حذرت منظمة «دلتا» المعنية بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، من العمليات التي وصفتها بالاجرامية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي ضد ذوي الاحتياجات الخاصة في قطاع غزة، وأكدت المنظمة في تقرير لها، أن الجيش الإسرائيلي يقتل ويلاحق المعوقين الفلسطينيين في محاولة إرهابية لتعذيب وإبادة هذا الشعب.
وطالبت المنظمة بتدخل دولي عاجل لوقف الإرهاب الإسرائيلي ضد المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة الفلسطينيين خاصة الأطفال، وأشارت إلى أنها على تواصل دائم مع الجمعيات المعنية ومرضى من سكان القطاع الذين يتحدثون عما تعرضوا له من عمليات إجرامية إسرائيلية تشكل خرقا للقوانين الدولية.
وكانت «هيومن رايتس ووتش» ذكرت في تقرير لها، أن القصف، والحصار، والهجوم البري الكبير من جانب الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة يتسبب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين الفلسطينيين من ذوي الاحتياجات الخاصة. كما أنهم يواجهون صعوبات أكبر في الفرار من الهجمات والحصول على المساعدات الإنسانية التي هم في أمس الحاجة إليها.
وأضافت، أن المخاطر الجسيمة التي يواجهها جميع المدنيين في غزة جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية تتضاعف على الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. فالأمر الذي أصدرته حكومة تل أبيب لجميع المدنيين في شمال قطاع غزة بالإخلاء إلى الجنوب لم يأخذ بعين الاعتبار احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، إذ لا يستطيع الكثيرون منهم المغادرة. وقد عرّضهم أمر الإخلاء لمخاطر الحرب ولم يضمن توفير سكن مناسب وظروفا مقبولة لهم.

صعوبة العثور على مأوى

قالت أمينة تشيريموفيتش، باحثة أولى في حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في هيومن رايتس ووتش: «يزيد الهجوم البري الكبير الذي شنه الجيش الإسرائيلي في غزة بشكل لا يوصف الصعوبات الخطيرة التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة في الفرار، والعثور على مأوى، والحصول على المياه والغذاء والدواء والأجهزة المساعِدة التي يحتاجون إليها بشدة. على الولايات المتحدة وحلفاء إسرائيل الآخرين الضغط على إسرائيل لاتخاذ جميع الخطوات اللازمة لحماية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ورفع الحصار».
وأشارت هيومن رايتس إلى أنها أجرت اتصالات هاتفية بين 18 و29 تشرين الأول/اكتوبر، مع 13 شخصا من ذوي الاحتياجات الخاصة في غزة، ووصف الذين تمكنوا من الإخلاء الرعب الذي شعروا به لاضطرارهم إلى مغادرة منازلهم، والتي صممت لتتكيف مع احتياجاتهم، إضافة إلى الأجهزة المساعِدة، كالكراسي المتحركة، وأجهزة المشي، وأجهزة السمع. كما أثاروا مخاوف بشأن عدم حصولهم على الأدوية الأساسية وتأثير ذلك على صحتهم النفسية. وقد اضطروا هم ومئات الآلاف غيرهم إلى اللجوء إلى مراكز إيواء طارئة مكتظة؛ ومعظمها في المراكز الصحية والمدارس، حيث يوجد شح في المياه والغذاء ومرافق الصرف الصحي.
كما أن النقص العام في الأجهزة المساعِدة في غزة، كالكراسي المتحركة والأطراف الاصطناعية والعكازات وأجهزة السمع، نتيجة القيود المرتبطة بالحصار غير القانوني الذي تفرضه إسرائيل على غزة منذ 16 عاما، يؤثر أيضا على قدرة الناس على الفرار. فالأشخاص ذوو الإعاقات البصرية أو السمعية أو النمائية أو الذهنية قد لا يسمعون ما يحدث أو يعرفون عنه أو يفهمونه.
وقال العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة إن انقطاع الكهرباء والإنترنت صعّب عليهم الوصول إلى المعلومات المهمة التي كانت ستساعدهم في تحديد مكان، وزمان، وكيفية الفرار للحصول على قدر أكبر من الأمان.
والقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان يحمي حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في النزاعات المسلحة. وتنص «اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة» التي صادقت عليها إسرائيل في 2012 أن على الدول الأعضاء، وفقا لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، اتخاذ «كافة التدابير الممكنة لضمان حماية وسلامة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يوجدون في حالات تتسم بالخطورة، بما في ذلك حالات النزاع المسلح».
ويحث قرار «مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة» رقم 2475 جميع أطراف النزاع المسلح على اتخاذ تدابير لحماية المدنيين ذوي الاحتياجات الخاصة؛ والسماح بالمساعدات الإنسانية وتسهيل وصولها بشكل آمن وفي الوقت المناسب ودون عوائق إلى جميع الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة؛ ودعم تقديم مساعدة مستدامة وملائمة وشاملة في الوقت المناسب وميسّرة للمدنيين ذوي الاحتياجات الخاصة، من بين مسؤوليات أخرى.
وتؤثر حروب الإبادة والعمليات العسكرية الوحشية والنزوح القسري بشكل غير متناسب على الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، ولا شك بأن إجبارهم على مغادرة منازلهم أمر مروع بشكل خاص، ولا يستطيع الجميع الامتثال لأمر الإخلاء الإسرائيلي.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية