ملاحظات على الانتخابات الأمريكية

حجم الخط
1

تتوجه أنظار العالم إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي لم تعلن نتائجها الرسمية بعد، على الرغم من أن استطلاعات الرأي ترجّح في معظمها فوز بايدن، لكن لا شيء مضمون حتى كتابة هذه السطور.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتهج سياسة خارجية عنوانها «أمريكا أولا» والتشدد في سياسة بلاده الخارجية. كما اتخذ مواقف تتواءم بالكامل مع المصالح الإسرائيلية جملةَ وتفصيلاً، فاعترف في خطوة منفردة أواخر عام 2017 بالقدس الموحدة بشطريها الشرقي والغربي عاصمة لإسرائيل، وقام بنقل السفارة الأمريكية إليها، كما أنه أوقف المساعدات الأمريكية للفلسطينيين، وحاول الضغط على الدول الأخرى لوقفها عنهم، حيث أن السلطة الفلسطينية باتت تخشى من دعم أمريكي لإسرائيل لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، هذا إلى جانب ضمّ الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية، التي تحتل ما يزيد عن 60% من مساحتها، كما ضم أراض أخرى لتكون تحت السيادة الإسرائيلية المطلقة.
لنتذكّر أن دونالد ترامب هو الذي أطلق ما يسمى «بصفقة القرن» التي تتنكر تماما للحقوق الفلسطينية، لكل ذلك يرى البعض من شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية: أن نجاح جو بايدن قد يعرقل خطط ترامب، ويؤجل «صفقة القرن» في المنطقة، بينما يؤكد آخرون، أنه لن يحدث أي فارق ملموس في سياسة واشنطن تجاه إسرائيل، التي تعتبر من قبل معظم الرؤساء الأمريكيين، جمهوريين وديمقراطيين «الولاية 51» في الولايات المتحدة، وهكذا يجري التعامل معها من قبل معظم الإدارات الأمريكية المتعاقبة على البيت الأبيض. ترامب يكاد يستميت للفوز بولاية ثانية، فعلى غير العادة، وقبيل إعلان النتائج الرسمية عقد تجمعا لبعض أنصاره، وخاطبهم كرئيس ناجح، على الرغم من حصول بايدن على 238 صوتا من أصوات المجمع الانتخابي (وهو الهيئة الرسمية المكلّفة بتسمية الرئيس، بعد حصوله على 270 صوتا) بينما حصل ترامب على 213 صوتا فقط، وقد تتغيّر هذه النتيجة بالطبع بعد فرز كامل الأصوات.
على مدى أشهر يلوّح ترامب بخطر وصول يساري راديكالي، مضيفاً «أنه سيقوم بتحويل أكبر اقتصاد في العالم إلى فنزويلا على نطاق واسع» وقال في تصريح لمحطة «فوكس نيوز»: في حال فوزهم سيتغير بلدنا إلى غير رجعة. من جهتهم يكثف الديمقراطيون، وفي مقدمهم جو بايدن وباراك أوباما، تحذيراتهم من العواقب التي قد تكون مدمرة للمؤسسات الديمقراطية، في حال فوز ترامب بولاية ثانية. من الجدير ذكره، أن المترشحينْ للانتخابات ترامب وجو بايدن على طرفي نقيض. فمن جهة المترشح الجمهوري ملياردير من نيويورك، وقطب عقارات سابق، انتقل من تقديم برنامج لتلفزيون الواقع ليقتحم المعترك السياسي برسالة شعبوية، تقوم على أساس «أمريكا أولا». من جهة أخرى فإن المترشح الديمقراطي بايدن مخضرم في السياسة، وهو متحدر من الطبقة الوسطى. وقد أمضى 36 عاما عضوا في مجلس الشيوخ، وثماني سنوات نائبا لأوباما، وهو يعد ببلسمة جراح البلاد، إذا فاز في «المعركة من أجل روح الولايات المتحدة». وقد فرض بايدن نفسه في الانتخابات التمهيدية لحزبه، مع رسالة بسيطة تقوم على إلحاق الهزيمة بدونالد ترامب، الذي يعتبره «أسوأ رئيس» في تاريخ الولايات المتحدة. وطوال الحملة الانتخابية، جعل من «فشل ترامب في معالجة وباء كورونا، الذي سعى دائما إلى التخفيف من أهميته، وصولا إلى إصابته بالفيروس ودخوله المستشفى مطلع أكتوبر/تشرين الأول، وقد خرج بعدها ليقول «لقد شفيت وأصبحت لديّ مناعة».

على مدى أشهر يلوّح ترامب بخطر وصول يساري راديكالي، لأنه سيقوم بتحويل أكبر اقتصاد في العالم إلى فنزويلا على نطاق واسع

ترامب وعلى غير العادة أجرى لقاءً مع أنصاره خاطبهم فيها «كرئيس ناجح» قبيل إعلان النتيجة الرسمية، معلنا أيضا أن الديمقراطيين يقومون بعمليات تزوير، كما اكّد على اعتزامه اللجوء إلى المحكمة العليا. ترامب وعلى مدى أشهر يلوّح بخطر وصول بايدن إلى السلطة، ويتهمه بأنه اشتراكي الميول، عازم على تحويل أكبر اقتصاد في العالم إلى فنزويلا، وأنه سيغير أمريكا إلى غير رجعة. وما يزال ترامب يصر على أن بايدن «دخيل» على السياسة، رغم أنه أمضى أربع سنوات في البيت الأبيض، وقد أمضى 36 عاما عضوا في مجلس الشيوخ وثماني سنوات نائبا للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وهو يعد ببلسمة جراح البلاد.
لقد تميزت هذه الانتخابات بالإقبال الشديد من الناخبين، فقد توافد عشرات الملايين منهم إلى مراكز الاقتراع للاختيار بين ترامب وبايدن في انتخابات رئاسية تاريخية لم تشهدها الولايات المتحدة من قبل، وسط انقسام حاد بين الشعب الأمريكي. وأكد ترامب بأن لديه شعورا جيدا بشأن فرصته في الفوز، مضيفا خلال مقابلة له مع محطة (بي. بي.سي.)عبر الهاتف لدينا شعور جيد للغاية بالانتصار الأكيد، وبدا وكأنه يحاول تهدئة المخاوف من أنه قد يعلن فوزه قبل صدور النتائج الرسمية في الولايات المختلفة، فعندما سئل متى سيعلن فوزه؟ قال «عندما نكون قد حققنا النصر فقط». وكان المترشح الجمهوري البالغ 74 عاما قد احتل المنصات وكثف تنقلاته الانتخابية في الأيام الأخيرة، مراهنا على حماسة أنصاره الذين يشهدون تعبئة قصوى جراء حملة انتخابية اتسمت بحدة غير مسبوقة، لكي يسجلوا مفأجاة كما سبق وفعلوا عام 2016.
ويعول بايدن (77 عاما) الذي تمنحه نتائج استطلاعات الرأي الفوز منذ أشهر، على النفور الذي يثيره خصمه في صفوف جزء كبير من الناخبين، لكي يدخل البيت الأبيض رئيسا بعدما شغل منصب نائب الرئيس في عهد باراك أوباما. وقال قيل يومين في بيتسبرغ، حيث باشر حملته قبل 18 شهرا، لديّ شعور بأننا نتجه إلى فوز كبير.. هي بضع ساعات وصولاً إلى يومين لنرى من هو الفائز.
كاتب فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول رجا فرنجية:

    ألشكر للدكتور فاير رشيد على مقال أليوم. بغض ألنظر عن من سيفوز بهذه ألأنتخابات فأن من يتحًكم في السياسة ألخارجية ألأمريكية فيما يتعلق ألأمر بالدول ألعربية وألقضية ألفلسطينية هي ألأيباك ألمنظمة ألتي ترعى مصالح أسرائيل في ألولايات ألمتحدة.

إشترك في قائمتنا البريدية