معمر فلسطيني عاصر 5 حقب تاريخية وأمنيته عودة العثمانيين

حجم الخط
31

غزة ـ من مصطفى حبوش ـ قد لا نجد في كتب التاريخ الحديث ما تملكه ذاكرة المعمر الفلسطيني، رجب التوم، وما ترويه تجاعيد وجهه من حكايات عاشها خلال 125 عاماً، شهد فيها 5 حقب تاريخية، بداية من عهد الدولة العثمانية (التي خدم جنديا في جيشها)، ومروراً بالانتداب البريطاني، والحكم المصري والاحتلال الإسرائيلي، وحاليا حكم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لقطاع غزة.
ولا يجد المعمر “التوم” صعوبة في رواية قصة حياته لكل من يزوره بمنزله في بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع، فذاكرته “الحديدية” تسعفه دائماً في إيجاد إجابة دقيقة لكل سؤال يُطرح عليه.
وبات “التوم” مرجعاً لمعرفة أنساب العائلات، فكثيراً ما يقصده فلسطينيون لمعرفة أنسابهم وأصول عائلاتهم من أجل قضايا تتعلق بالمواريث.
مراسل وكالة الأناضول التقى بالمعمر الفلسطيني، الذي صادقت وزارة الداخلية في غزة، يوم 13 فبراير/شباط الجاري على تعديل تاريخ ميلاده من 1 يناير/ كانون الثاني  1902 إلى 1 يناير/ كانون الثاني 1889، بذلك أكبر معمر في فلسطين.
وقبل أن يروي التوم قصة حياته، رحب بفريق الأناضول على طريقته الخاصة، فأنشد “موالاً شعبياً” فور وصولنا.
وقال: “أهلا وسهلا يوم جيتون (جئتم إلينا) وشرفته المنازل حين جيتون، ويوم جيتون زرعت الدرب أهلا ومية (مائة) مرحبا”.
وفي عودة سريعة إلى الحقبة العثمانية، التي ولد خلالها المعمر “التوم”، أفاد بأنه تم استدعاؤه للخدمة العسكرية في الجيش العثماني، وخدم في لبنان عندما كان عمره 30 عاماً كأحد جنود دوريات الحراسة.
واستمر المعمر الفلسطيني ضمن صفوف الجيش العثماني خمسة أعوام، شارك خلالها في الحرب العالمية الأولى (1918:1914)، والتي انتهت بتفكك الامبراطورية العثمانية، وانسحاب جيشها من فلسطين عام 1918، ليعود “التوم” بعد ذلك إلى قطاع غزة ويتزوج بزوجته الأولى التي طلقها بعد خمسة أعوام؛ لأنها لم تنجب له.
ومع بداية حقبة الانتداب البريطاني لفلسطين، توجّه “التوم” للعمل في حقل البناء بمدينة حيفا على ساحل شمال فلسطين التاريخية.
وتخلل فترة عمله في حيفا، زواجه الثاني من زوجة أنجبت له 9 أبناء، هم 5 إناث و4 ذكور، يتبقى منهم على قيد الحياة ابنة وأشقاؤها الأربعة، أصغرهم في الـ60 من العمر.
بعد خمسة أعوام من العمل في حقل البناء، عاد “التوم” إلى مهنته الأساسية كمزارع، وانتقل للعمل في مدينة بئر السبع في منطقة النقب جنوب فلسطين التاريخية، حيث اشترى قطعة أرض وزرعها بالقمح والشعير والذرة، وكان ينقل محصوله في كل موسم ويبيعه في أسواق غزة.
واستمر “التوم” في عمله كمزارع حتى انتهاء فترة الانتداب البريطاني، وقيام دولة إسرائيل على أراض فلسطينية محتلة عام 1948، وهو ما يطلق عليه الفلسطينيون عام النكبة.
ولا ينسى “التوم” تفاصيل تهجير الفلسطينيين من قراهم ومدنهم على أيدي “العصابات الصهيونية المسلحة” عام 1948، حيث استضاف في منزله ثلاث عائلات مهجرة من قرى ومدن قريبة من غزة حتى تم بناء مخيمات للاجئين الفلسطينيين.
وقال: “لم يتوقع اللاجئون أن ينتهي بهم الحال كما هو عليه اليوم.. كانوا يعتقدون أنها أيام معدودة وسيعودون بعدها إلى ديارهم، فقد احتفظوا بمفاتيح منازلهم، وكانوا يتسللون إلى المناطق المحتلة خلال ساعات الليل ويحضرون الثمار من أراضيهم”.
وتابع بقوله: “خيبت الجيوش العربية آمال الفلسطينيين في حرب عام 1967، فقد حزم اللاجئون أمتعتهم استعداداً للعودة إلى قراهم ومدنهم المحتلة عام 1948، ولكن الجيوش العربية لم تصمد (أمام الجيش الإسرائيلي) إلا لساعات معدودة”.
وبعد عام 1948 استمر “التوم” في عمله كمزارع في مدينة بئر السبع، حتى اعتقلته إسرائيل بعد سيطرتها على النقب، عندما كان ينقل حبوب القمح والشعير والذرة إلى غزة.
وعقب خروجه من المعتقل، بعد شهور، اشترى 20 دونماً (الدونم يساوي ألف متر مربع) في شمال غزة وزرعها بالحمضيات والزيتون، ولا زال عدد من أحفاده يكملون مشواره في زراعة الأرض.
وخضع قطاع غزة في أعقاب نكبة فلسطين عام 1948 للحكم المصري، حتى بداية يونيو/حزيران 1967 حيث احتلته إسرائيل التي هزمت الجيوش العربية خلال ما يعرف ب”النكسة”.
وفي عام 1994، أعادت إسرائيل نشر قواتها في غزة، حيث انسحبت من داخل المدن، مبقية سيطرتها على حدوده ومعابره، في أعقاب توقيع اتفاقية أوسلو للسلام مع منظمة التحرير الفلسطينية، حيث تم تأسيس السلطة الفلسطينية، بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح).
وقُدر للمسن الفلسطيني، أن يعايش  حكم حركة “حماس” (الفائزة بغالبية مقاعد المجلس التشريعي) في قطاع غزة، منذ يونيو/ حزيران 2007، بعد معارك مسلحة مع حركة فتح.
ويقضي “التوم” يومه في الصلاة والاستماع إلى القرآن الكريم، ونشرات الأخبار، ويصيبه حزن شديد عندما يستمع إلى أخبار تتحدث عن قتلى في أي من الدول العربية، خاصة في لبنان، التي خدم فيها ضمن جنود الجيش العثماني، بسب قوله.
ولا يتناول المسن الفلسطيني من الأطعمة سوى “زيت الزيتون والخبز والحليب ولحم الأرانب والفواكه والخضار”، ويبتعد كلياً عن اللحوم الحمراء التي لا يثق بها.
ويفتخر “التوم”، الذي يتمتع بصحة جيدة، بأبنائه وأحفاده الذي وصل عددهم إلى قرابة الـ 370 حفيداً.
وأسعد أوقات حياته هي تلك التي يجتمع فيها مع أحفاده، ويحكي لهم حكاياته التي ربما يستمر في رواية الواحدة منها لأيام.
ويسعى أحفاده إلى إدخال جدهم ضمن موسعة “جينتس” للأرقام القياسية على اعتبار أنه أكبر معمر في العالم.
ولا يتمنى المعمر الفلسطيني” سوى أن تعود الحقبة العثمانية إلى فلسطين.
ويختم حديثه مع الأناضول بقوله إن “الأتراك كانوا مثل الذهب.. وأمنيتي الوحيدة قبل أن أموت هي رؤية جنود الدولة العثمانية يعودون إلى فلسطين ليحكموها ويعيدوا إليها الاستقرار والسلام”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول barhoom:

    الى السيد العيساوي المحترم …..العثمانيون لم يكونوا محتلين فلسطين فهي ارضهم كما هي ارضنا نحن المسلمين كما لك الحق في العيش في كابل ونيجيريا المسلمه لو يسود الاسلام …..سايكس بيكو زرعوا الفتنه والتقسيم ونحن بفعل انظمتنا عشنا الدور

    1. يقول طعس بن شظاظ الصميدي:

      يا برهوم:
      أحسنت , و جزاك الله خيرا كثيرا جدا جدا جدا .

  2. يقول محمد عكش:

    بكل بساطة قال الحقيقة انه يفضل عودة العثماني للحكم في فلسطين على ان يحكم فلسطين واحدا من شعبها وهي الحقيقة الجارحة بكل سهولة

  3. يقول الاستاذ الدكتور محمد عارف الكيالي:

    عندما دخل الإنكليز والفرنسيين بلاد الشام محتلين غاصبين اعتبارا من ١٩١٦ وتكملة بعد معركة ميسلون ١٩٢٠ اول ماقاموا به تغير التاريخ وتشويه الحكم الاسلامي العثماني وإلصاق تهمة الاستبداد به . اخر خليفة عثماني السلطان عبد الحميد رحمه الله عندما رجاه هرتزل بالسماح للهجرة اليهودية المحدودة الى فلسطين مع عرض سخي بالتزام بدفع كل الديون الأجنبية المترتبة على الامبراطورية العثمانية مع مبلغ إضافي لخزينة السلطنة قدره (٣٥ )مليون ليرة ذهبية نهره بشدة وقال كلمته المشهورة فلسطين ارض الله المقدسة لااسمح لاي كان ان يمس ذرة من ترابها الا زائرا او متعبدا وعلى الفور وضع سنجق القدس ( ولاية فلسطين ) تحت إشرافه مباشرة كي لايعبث بها وال فاسد او حاكم خائن .اين هذا الموقف رغم ان الامبراطورية العثمانية كانت في اضعف أوقاتها وأواخر أيامها من موقف حكامنا العرب الخونة الذين لم يبيعوا فلسطين وحسب من اجل الحاضر وانما باعوا الماضي والمستقبل ايضا .

    1. يقول طعس بن شظاظ الصميدي:

      يا دكتورنا:
      و ها هم العرب أنفسهم و من بينهم فلسطينيين و قد باعوها و إبتلونا بها و ببلاويهم التي لا يمكن حصرها لا في هذا المقال و بل في مجلدات !!! :(

  4. يقول زهير _سوريا:

    مع الأسف هذا هو الخنوع العربي الاصيل الرجل يريد ان يكون عبدا لا سيدا في أرضه ،أيا أمة ضحكت من جهلها الأمم

  5. يقول محمود حميدا:

    ان من يحكم غزه اليوم ويتشبث ويتغنى بامقاومه واعني هنا الزعامات من قادة حماس لا يعانون ما يعانيه اهل غزه من جوع وفقر فهم متوفر لهم وللمقربين منهم سبل العيش الرغيد ولا يعرفون معنى ان يدرس ابنائهم على ضوء الشموع وما نسمعه ما هوه قليل على ارض الواقع وكل ذالك بسبب فشلهم لاهم بقوا مع صف الممانعه ولا اتجهوا الى صف الاعتدال (وحترنا يا قرعه من وين بدنا انبوسك)

    1. يقول البروف:

      والدليل اثنين من اولاد الزهار تحسبهم استشهدا غير محاولات اغتيالة المتكررة..الياسين والرنتيسي وسعيد صيام ونزار ريان كلهم جاهدوا ونحسبهم شهداء عند الله …وانت تزاود

  6. يقول سلمى:

    الله يبارك فيه و بذريته و يكتب لهم العيش في فلسطين حرة يحكمها أبناءها بالعدل و القسطاس. أستغرب المعلقين الذين ينقدون حنينه لأيام العثمانيين التي من الواضح أنه لا ينظر لها على أنها أيام احتلال و لو كان يرى فيها ظلماً و إهانة ما جرفه الحنين إليها. من مثله كان شاهدا على حقب متعاقبة من أجيال الخيانات العربية من العجيب أن يبقى فيه عقل أصلا و ليس من المستغرب إذا تمنى أن تهبط كائنات فضائية من المريخ تحكمه. الله يعطيه الصحة و العافية.

  7. يقول طارق الغرب:

    الله يعوض عليك خير يا حج
    وللسادة المعلقين الرجل عاصر وتكلم اما انتم تتشدقون بكلام اجوف
    نحن كنا امة واحدة تغطي نصف الكرة الارضية لها الاحترام والتقدير في العالم
    اما الان نحن دويلات وعائلات ونتشدق بالقومية و الثورية اصبحنا اضحوكة العالم

  8. يقول ماليزيا:

    اولا الحج الله يعطي الصحة والعافية شيء طبيعي لما يتمني الحكم العثماني لانو اي انسان لما يتعدا الخمسين فما فوق يتذكر اجمل ايام حياته وهي مرحلة الشباب حتي لو كان فيها من النغصات ما كان
    تانيا :الحكم العثماني كان حكما اسلاميا ولم يمارسو اي نوع من العقوبات اوالضغوطات اعلى فلسطين لمكانتها الدينية

  9. يقول محمد لفويرس:

    خذوا الحكمة من أفواه المعمرين و منهم هذا الفلسطيني الابي الشهم الذي عايش تاريخ الامة العربية منذ مستهل القرن الماضي …..لقد أخطأنا حين ثقنا في الغرب وسلمناه رقابنا و أراضينا عن رضى و طيب خاطر بعد أن أغرى بعضنا من الطامحين للملك و السلطة بكل المتع و الملذات ….. إنها الحقيقة المرة كنا بكرامتنا في زمن حكم الدوولة العثمانية المجيدة و كاان الغرب يخشى أكثر ما يخشى لعلعة البنادق العثمانية و التي دكت أسوار البوسنة وفيينا والبلقان صنع الحكام العثمانيون تاريخا مجيدا خصوصا السلطان التقي النقي الورع محمد الفاتح فاتح القسطنطينة .

  10. يقول ليث الحسيني العلواني... بريطانيا:

    %100 صحيح كل ماتقول يامازن من فلسطين الحبيبه .وانا من بلاد وادي الرافدين,
    على ان العرب…؟العرب هم من أسقطوا الامبروطوريه العثمانيه
    وهم سبب كل مايجري وجرا من بلآدنا العربيه والاٍسلآميه …من احتلآل وتخريب ومصائب وهجم …؟
    بسبب عمالتهم للغرب لمصلحه كراسيهم وعروشهم …؟

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية