معرض «أحلام أرمينيّة»: ذاكرة شرقية لا تغادر أصحابها

القاهرة ـ «القدس العربي»: أقيم مؤخراً في غاليري (ليوان) في القاهرة معرض بعنوان «أحلام أرمينية» لمجموعة من الفنانين الأرمن مختلفي الأجيال، حيث التباين في الرؤى والأساليب الفنية، ما اتضح في معالجة الموضوعات، بداية من الطبيعة والبورتريه، وصولاً إلى التجريد.

التراث والروح الشرقي

تمثل لوحات إبراهام ساهكيان – مواليد 1964، أستاذ في أكاديمية الفنون الأرمينية ـ مزيجاً بين التراث الأرميني والحكايات والأساطير الشرقية، حيث اعتمد التفاصيل الواقعية من ناحية، كتصوير الشخصيات في حياتهم اليومية، ومظاهر الحياة القديمة، مجتمعات النساء على وجه الدقة، كتحضير الطعام وطحن الحبوب، وما يشبه الحياة الريفية، ومنها تفاصيل الملابس والأدوات في ذلك الزمن، حتى إنه يخصص بعض اللوحات لهذه التفاصيل، لتحمل اللوحة بعض نماذج من الطبيعة الصامتة والحيّة.
من ناحية أخرى يستعرض في لوحاته مجالس العزف وطقوس قراءة الفنجان، وهنا تبدو التفرقة بين الفئات الاجتماعية، من نساء يقمن بأعمال منزلية معهودة، وفئة أخرى مترفة تستمتع بعزف الموسيقى وتحرص على قراءة الطالع. وهو ما يتم التأكيد عليه ــ هذا التباين ــ من خلال الأسلوب والتفاصيل، من الإغراق في النقل الأشبه بالتوثيق، حتى عوالم تقترب من حكايات ألف ليلة وليلة، وهنا يبدو أكثر، التأثر البصري بالرسومات والحكايات الشرقية وعوالمها السحرية.

ريشة إبراهام ساهكيان

الفانتازيا

ومن الواقع والأساطير إلى الفانتازيا في تصوير علاقات الحب، كما في أعمال الفنان أرمين فهرميان، ما انعكس في المنظور وزاوية الرؤية، وكذا وضعيات الشخوص، من امرأة تعزف الكمان وهي تطير مُحلّقة فوق سماء معشوقها، أو أن كلا منهما يحتضن الآخر طائراً، وهو تمثيل للحالة التي يشعران بها. هنا أيضاً نجد الملابس وأكسسوارات الشخصيات تراثية بعض الشيء، وفي الخلفية بنايات قديمة، متحوّرة الشكل وفق زاوية الرؤية، وكأنها عدسة كاميرا تشوّه المنظور لصالح حالة الشخوص التي لم تعد تنتمي إلى الواقع وتفاصيله.

المدارس الحديثة

ويبدو التأثر بالمدارس الفنية الحديثة في أعمال كل من أليك أليكيان مواليد 1966، وروميو أفاجيان مواليد 1973. فكل منهما يستمد أسلوبه من التجريدية والتكعيبية. وبينما تجسد تجريد أليكيان مجموعات من النساء وكأنهن في حفل تنكري، بألوان ووجوه متداخلة، وكذا خلفية تتداخل وهذا الشكل الذي يرسم الرجل من خلاله، في كل متناغم، تأتي تكعيبية أفاجيان لتقتصر على ما يُشبه البورتريه، مع المزج بين ما هو تراثي وحداثي، وهو ما يظهر في خلفية اللوحات، من بنايات تبدو وكأنها في شكل تخطيطي أكثر منه تجسيداً، لتوضح أكثر عمق اللوحة، التي تتصدر مقدمتها الشخصية ـ النسائية أيضاً ـ كامرأة تنتمي إلى العصر الحديث، لكنها في الوقت نفسه لم تبتعد عن ملمح تراثي، ككأس أثري أو بعض البنايات القديمة.

ريشة روميو أفاجيان

ما يُشبه أعمال المستشرقين

مجموعة أعمال الفنانين السابقين، تشكل معظم لوحات المعرض، وإضافة إلى ذلك هناك بعض الأعمال المفردة التي تخص فنانين من مواليد القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، مثل.. بوجوس تاتيكيان 1820، أوسكان تشيمشيديان 1867، وأحدثهم جون باباسيان 1914. فالأولان جاء عملهما ما بين البورتريه الشخصي لأحد رجال ذلك العصر ــ من العامة ـ أو عمل مستوحى من الأساطير الشرقية، كحكايات ألف ليلة وما شابه من أجواء القصور، دون نسيان أن كلا منهما كان يعيش في ظل الدولة العثمانية، بينما الفنان الأخير ـ الأحدث سنا نسبياً ـ كان يعيش في مصر في الإسكندرية، وعمل في تخطيط المشاهد والديكورات المسرحية والسينمائية، وهو ما ظهر من أسلوبه في لوحته التي تجسد منظراً لشاطئ الإسكندرية ورواده.

ريشة جون باباسيان

ريشة أليك أليكيان

ريشة أوسكان تشيمشيديان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية