مطلوب: ديكتاتور يقضي على الإخوان في ليبيا!

حجم الخط
45

كشفت تصريحات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، التي قال فيها أمس أن هدف حركته العسكرية هو تطهير ليبيا من الإخوان المسلمين، الحقيقة حول طبيعة هذه الحركة التي تحوّلت فجأة من انقلاب تلفزيوني في شباط/فبراير المنصرم الى ثورة مضادة خطيرة على المؤسسات الشرعية مع بدء هجوم قواته على بنغازي قبل أيام، ثم الهجوم على البرلمان وحركة الانشقاقات العسكرية اللاحقة.
انتقال حفتر من تحت يافطة الهجوم على ‘التكفيريين’ (وهو الإسم الذي يُستخدم عادة للتدليل على تنظيم ‘القاعدة’ وشقيقاتها) الى يافطة ‘تطهير ليبيا من الإخوان المسلمين’ يعني، في معناه الحقيقي، الرغبة في إنهاء الثورة الليبية وكسرها بالقوة العسكرية على الطريقة المصرية، بدل خيار التغيير السلمي الذي يحلّ الخلافات سياسياً، على الطريقة التونسية.
رغم بعض التشابهات في الحالتين الليبية والمصرية، وبينها محاولات القوى الاسلامية في ليبيا الاستئثار بالسلطة بدل التحالف مع النخبة الليبرالية والعمل معها على ادارة البلاد، فإن اختلافات عديدة تجعل من سيناريو حفتر للانقلاب على المؤسسات الشرعية الليبية ضعيف الشرعيّة ومتهالك الادعاءات.
ما كان ممكناً للقوى المضادة للثورة في مصر الانتصار من دون كسر الجسم السياسي الأكبر في مصر وهو الإخوان المسلمون، فلجأت، بداية، الى التحالف مع نخب علمانية ويسارية وقومية واسلامية، والى تعبئة الجمهور المصري سياسياً وإعلامياً وتحريضه ضد الإخوان، وزيّنت للجيش المصري استلام ادارة البلاد، ووظفت عناصر ومؤسسات الدولة العميقة الذين تضررت مصالحهم بالثورة، واستثمرت الكاريزما التي خلقتها آلة إعلامية كبيرة حول المشير عبد الفتاح السيسي، ورغم ذلك كله، ما كان لها أن تنجح، لولا دعم ماليّ كبير من أنظمة عربية قرّرت أن تدفن فكرة الثورة وتجعل شعوب البلدان التي ثارت عبرة لمن يعتبر.
مقارنة بهذه العملية المصرية الضخمة المتقنة إخراجاً وتمويلاً وتنفيذاً تبدو حركة خليفة حفتر مجرّد استطالة كوميدية للمشروع الأم في مصر ولكن من دون البروفات الطويلة المسرحية اللازمة.
فعلى عكس المشير السيسي، لا يتمتع اللواء حفتر بأي شرعية سياسية او عسكرية تخوّله النطق باسم الليبيين، وعجلته الهوجاء في طريقته لتبرير سعيه لاستلام السلطة عسكرياً، تدلّ على احتقار كبير لآليات التصويت والانتخاب والمؤسسات الشرعية وللسياسة عموماً، وما تتطلبه من آليات التفاوض مع الآخرين وقبول التسويات السياسية التي تخضع للتوازنات وللمصالح المتعارضة للمجتمع والأفراد.
المسار الذي اختطّه حفتر، ولو لقي هوى عند بعض أفراد النخبة السياسية، والشعب الليبي، في اللحظة الراهنة، مسار لا يدخل إلا في سياق التغلّب والتسلّط وفرض الرأي بقوة السلاح، وهي الظاهرة التي يشكو منها الجمهور الليبي في علاقته مع الميليشيات المتصارعة.
مع انفتاح الباب للحرب الأهلية ستنفتح امكانيات التدخّل الإقليمي والغربي، وسترتفع رؤوس عديدة في المزادات الاقليمية والدولية للترشح لوظيفة الدكتاتور. واذا قبلنا تغلّب ديكتاتور صغير مستعدّ لبدء حرب أهلية في سبيل الوصول الى السلطة، فمن سيمنع ديكتاتورا صغيراً آخر، مدعوماً من دول أخرى، من سلوك الطريق نفسه؟
اللجوء الى ديكتاتور هو الحلّ السهل الذي تستسهل نخب عربية هشة اللجوء إليه، ولا يختلف الحال في ليبيا عنه في بلدان عربية أخرى، واذا أضفنا الأموال القادمة من الخليج لتمويل هذا الخيار، والعمل الإستخباري والعسكري الإقليمي النشيط الداعم له، سنعرف أن ليبيا، وليس الثورة الليبية فحسب، في خطر داهم.
وفي هذه الحالة، لن تكون الثورة الليبية هي المأسوف عليها فحسب، بل ستكون سيادة ليبيا نفسها قد ضاعت.

رأي القدس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابراهيم المغرب:

    الكل يسعى للسلطة بأي وسيلة حتى ولوبهدر الدماء
    من يسيل الدم يغرق فيه

  2. يقول محمووود برلين:

    مشهد مصر تم إخراجه بطريقة من خارج الصندوق
    أما ليبيا فهو سيناريوساذج

    والسيسي يحمل شخصية كاززمية

    أما حفتر فليس بدهاء هذا الرجل ولا بكريزمته

    السيسي له علاقات دولية ويفهم كيف يفكر العالم وكيف (يخدعهم ) باختصار يعرف من أين تؤكل الكتف
    أما الاخر فهو مسكين جدا

    السيسي له قدرات عاية على التمثيل وإخفاء مشاعره وإظهار مالا يبطن بدليل خداعه للرئيس الشرعي

    السيسي يملك في الواقع جيش قوي جدا عسكريا واقتصاديا بعكس الاخر

    السيسي يستطيع لعب دور المتدين الديمقراطي الهادئ البريئ وعلى وجهه ابتسامة هادئة برغم كل التنكيل بخصومه الذي فااااق كل الحدوود زمن ناصر

    الخوف الحقيقي على ليبيا هو ليس من حفتر

    لكن في الواقع الخوف هو من ذلك الذئب الماكر السيسي .

    فلا أستبعد أن نرى الجيش المصري خلال أيام في ليبيا ليقضي على الإخوان

    شكرا للقدس العربي وشكرا لكاتب المقال

  3. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم.رأي القدس اليوم تحت عنوان(مطلوب: ديكتاتور يقضي على الإخوان في ليبيا!)نعم انه مطلب دولي صهيوماسوني صليبي استعماري حصان طروادته المحلي الاقليمي،النخب العلمانية التغريبية وما يتبعها من اعلام مدجن صهيونيا وفن تخريبي هابط هدفه الاسمى الابتعاد بالشعب ،وخاصة شبابه ،عن مصدر عزته وكرامته وسؤدده ورفعة شأنه وهو دينه القويم وسراطه المستقيم.يضاف الى هذه النخب الساقطة شعبيا -اعلاه-النخب الحاكمة،التي ترتعد خوفا على كراسيها من رياح التغيير التي اجتاحت المنطقة العربية بقيادة الصحوة الاسلامية الرشيدة،والتي يمثلها ويقودها الاخوان المسلمون.هذه النخب اعلاه الشعبية منها والرسمية وجدت ضالتها في بساطير بعض الضباط ؟نساله تعالى ان يرد كيدهم في نحورهم وان يخلصنا من شرورهم بما شاء وكيف شاء انه ولي ذلك والقادر عليه وهو مولانا ونعم النصير

  4. يقول سامح // الامارات:

    * مع احترامي لرأي ( قدسنا العزيزة ) لكني ما أراه :
    أنّ حالة اللواء ( حفتر ) تختلف كليا عن حالة المشير السيسي .
    * السيد ( حفتر ) مهووس سلطة وطامع بالكرسي ولو كان هدفه
    شريف وقلبه ع الوطن : لما سلك هذا المسلك العدواني العنيف التخريبي ؟؟؟!!!
    * أمس قرأت مقال طويل في الصحافة المحلية عن حياة حفتر :
    ولفت إنتباهي بعض النقاط :
    1 ـ حفتر وقع في الأسر وتم سجنه في أحد سجون ( تشاد ) .
    2 ـ قامت ( أمريكا ) بعملية ( غامضة ) الى الآن وأخرجته من السجن .
    3 ـ عاش في أمريكا فترة طويلة ؟؟؟
    * السؤال المنطقي : هل يمكن القول أنّ ( حفتر ) رجل أمريكا الجديد
    في ليبيا ؟؟؟
    ( الله أعلم ) الأيام القادمة كفيلة بإعطائنا ( الجواب ) .
    شكرا والشكر موصول ( لقدسنا العزيزة ) بارك الله فيها .

    1. يقول Hikmat USA:

      تحية سيدي سامح
      سؤلك المنطقي !!! … هو الجواب … وَبَارِكْ الله فيك …جبت المفيد.
      والشكر للقدس الجميلة

  5. يقول عبدربه خطاب:

    وهل سينجح حفتر والسيسي والأسد وأمثالهم في انهاء وجود الاخوان المسلمين في بلدانهم حتى لو استخدموا ابشع اساليب القمع والتدمير؟!! “يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ” صدق الله العلي العظيم.

  6. يقول فارس:

    لا يلام خفتر ولا غير خفتر. الملام الاول والأخير هي النخبة التي وصلت الى الحكم بعد القذافي وعجزت عن توفير الحد الأدنى من الأمن الضروري لحاجة المواطن العادي و توفير المطلبات البسيطة للشعب الليبي ناهيك عن التغير المنشود الذي سعى لهم الشعب الليبي ودفع ثمنه من حاله و ماله ودمه. فالنخبة اللبية الحاكمة تتناحر فيما بينها على اساس ايديولوجي ومصالحي والبلاد تغرق في الفوضى ويتحكم فيها الإرهاب الى الحد الذي منع الشعب الليبي من الاستفادة من النفط مصدره الوحيد للدخل بعد ان سيطر الإرهابيون على موانئ البلاد كما سيطروا .فيا ترى اي شخص حر يستطيع ان يتحرك يقبل بهذا الوضع المزري ان يستمر بعد تلاث سنوات من انتزاع البلاد من مخالب القذافي وزمرته؟ اي حر يستطيع ان يخلد الى الراحة و هو يرى أولئك الوحوش الكاسرة تفرض أجندتها الفكرية والسياسة بقوة السلاح رغما عن نتائج صناديق الاقتراع ؟ .

  7. يقول إسماعيل مطاوع:

    مـا أروع وأجمل الربيـع العربي ! لقـد رفع حثالة الحثالة فوق رؤوس العرب ، وجعل من أموال الأعراب هدفا يموت شبابنا لأجل الحصول على صـرّةٍ منـه ولو تحت التكبير وتحت رايات الجهاد السوداء كالنوايا التي تدفعهم ، ربيع هدمت فيه النفوس والبيوت وسالت فيه دماء الأبرياء باسم الدين والجهاد ضد بعضنا بعضا

    1. يقول سوري في بريطانيا:

      لا فض فوك يا أخي. كما يقولون صح لسانك و قلبك إن شاء الله.

  8. يقول حسين ارغوانی:

    الانقلابات العسکرية السابقة فی مصر و الحالية فی ليبيا و القادمة فی السودان تاتی فی اطار خطوة صليبية صهيونية سلفية مشترکة لضرب النهضة الاسلامية المعتدلة و استقطاب العالم الاسلامی وراء التناقض السنی الشيعي. الحرکة السلفية تعمل کعامل وسيط لاجراء هذا المشروع . انها تجر المجتمعات الاسلامية نحو التطرف و الفوضی و الحرب الاهلية و تسهل الطريق لدخول الجيش و ظهور المنقذ الذي ينجو هذه المجتمعات من اوضاعها المتدهورة. النموذج الترکی کان اسوة حسنة للامة الاسلامية للنهوض فلابد من افشاله لتفويت الفرصة امام هذه الامة من النهوض و التقدم و الرقی.

  9. يقول فؤاد - فلسطين:

    راي القدس هو الحقيقه بعينها فيبدو ان الطريق السيسيه في مصر فتحت شهية صانعيها لتطبيقها على من يخرج من القمقم الامريكي الصهيوني

  10. يقول نور الدين البشير/ تشاد:

    المريب في الأمر هو الصمت العربي والغربي تجاه ما يجري في ليبيا، فحفتر ليس سوى أداة لأطراف لها رغبة في تغيير الواقع في ليبيا لأهدافها بأي ثمن، ما هي مكانة حفتر في الجيش الليبي وما تاريخه الذي يمنحه هذه المكانة؟ الثورة المضادة وداعميها ستفعل فعلها بلا شك، لكن لبيا ليست مصر، فانتشار السلاح بكميات كبيرة لدى الثوار االإسلاميين المتدربين والتمرسين أكثر من فلول الجيش الليبي المتهالك قادرة على أن تشعل حربا أهلية خطيرة إذا استمر حفتر المتهور في طريقه، دعواتنا لليبيا وقلوبنا مع شعبها الطيب.

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية