محلل أمريكي: هل يستطيع بايدن أن ينقذ إسرائيل من نفسها؟

حجم الخط
0

واشنطن: قال الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي الدكتور ليون هادار، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية: “لفترة طويلة، كنت أجرى نقاشا مع أصدقائي في معسكر السلام الإسرائيلي. ومع شعورهم بالإحباط في فترة ما بعد أوسلو بسبب فشلهم في تغيير التشكك السائد بين الإسرائيليين بشأن فرص السلام مع الفلسطينيين، فإنهم يعتقدون أن الضغط من المجتمع الدولي سوف يساعد في تحول التوازن السياسي في إسرائيل، وتعزيز موقف أولئك الذين يؤيدن إقامة دولة فلسطينية مستقلة”.

ويضيف هادار أنه في هذا السياق، يُنظر إلى إمكانية أن تقود الولايات المتحدة -القوة العظمى الحليفة لإسرائيل- الجهود لدفع إسرائيل لقبول حل الدولتين، على أنها سيناريو واقعي. وبعبارة أخرى، يستطيع الأمريكيون مساعدة إسرائيل على إنقاذ نفسها.

واعتبر هادار أنه وفقا لهذه الفرضية، لا يفهم الإسرائيليون مصالحهم الحقيقية، وينتهجون سياسات يمكن أن تؤدي إلى دمار الدولة اليهودية. ويصبح دور واشنطن، كصديق، أن تضغط على تل أبيب لتغيير مسارها الدبلوماسي. وسيؤدي هذا إلى التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين ينص على انسحاب من معظم الضفة الغربية وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.

وقد كان جورج بول، أحد “حكماء” واشنطن هو الذي نشر مقالا في عام 1977 في مجلة “فورين أفيرز” تحت عنوان مثير للاستفزاز وهو: “كيف يمكن إنقاذ إسرائيل رغما عنها؟”. وسرعان ما أصبح هذا المقال جزءا من القاموس الدبلوماسي الأمريكي، إلى أن أصبح مقالا مبتذلا.

وقال هادار، الزميل البارز بمعهد أبحاث السياسة الخارجية في فيلادلفيا، إن بول نشر المقال بعد انتخاب الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، الذي خطط مع مستشاره للأمن القومي زبيجنيو بريجنسكي، لفرض اتفاق سلام على إسرائيل تحت رعاية مؤتمر دولي يعقد برئاسة الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي.

ويرى هادار أن الإسرائيليين والمصريين أفشلوا هذه الخطة، حيث منعوا السوفييت من المشاركة في العملية الدبلوماسية، وتفاوضوا بشكل مباشر بوساطة أمريكية، الأمر الذي أدى إلى التوصل إلى اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية والتي دعمها معظم الإسرائيليين.

وقال هادار إنه من هذا المنظور، فإن فكرة أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تنقذ إسرائيل من نفسها لكي تسعي إلى سلام عربي- إسرائيلي، هي ممارسة فكرية لا معني لها. لقد وقّعت إسرائيل اتفاقية السلام التي حققت احتياجات أمنها القومي في ظل التعاون مع البيت الأبيض. وبطريقة ما، ساعدت الخطوات الإسرائيلية والمصرية المفاجئة في إنقاذ المبادرة الدبلوماسية الأمريكية.

من ناحية أخرى، نتجت عملية أوسلو للسلام عن مبادرة إسرائيلية بتدخل محدود للغاية من الأمريكيين. وأدت العملية إلى اتفاق مع الفلسطينيين، يبرهن على أن إسرائيل لاعب دبلوماسي مستقل يتحرك وفقا لمصالحه ويستطيع تحقيق السلام مع العرب بدون “منقذ” أمريكي. وقال هادار إن هذا قد يبدو كفصل في العلوم السياسية. ومع ذلك، من حيث المبدأ، يتم انتخاب الرئيس الأمريكي لخدمة وتأمين المصالح الأمريكية، وليس مصالح أي دولة أجنبية أخرى، مثل إسرائيل. ولم ينتخبه المواطنون الإسرائيليون رئيسا لهم، الأمر الذي يوحي بأنه ليس لديه التزام لإنقاذهم وبالتأكيد لا يتعين عليه اتخاذ قرارات بشأن الحرب والسلام باسمهم. وتتحمل الحكومة المنتخبة بواسطة المواطنين الإسرائيليين هذه المسؤولية.

وأوضح هادار أن الولايات المتحدة استخدمت في بعض الأحيان قوتها الدبلوماسية والاقتصادية للضغط على إسرائيل لتغيير سياساتها، على سبيل المثال عندما طالب الرئيس دوايت أيزنهاور إسرائيل بسحب قواتها من سيناء عام 1956. ولكن هذا الخطوة كانت تستهدف تعزيز المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط وليس إنقاذ إسرائيل من نفسها.

وقد هدد الرئيسان جيرالد فورد وجورج بوش بخفض المساعدات العسكرية والاقتصادية لإسرائيل في إطار تحركات تكتيكية لدفع إسرائيل لتغيير سياسات محددة. ولكنهما لم ينظرا إلى هذه الخطوات كوسيلة لإجبار إسرائيل على تقديم تنازلات بشأن مصالح الأمن القومي الأساسية، مثل الموافقة على إقامة دولة فلسطينية. وكان من المفترض أن تظهر هذه التنازلات نتيجة لمفاوضات مباشرة مع الجانب العربي.

ومن هذا المنطلق، كان الدافع الرئيسي وراء تأييد الرئيس الأمريكي جو بايدن لإسرائيل في أعقاب الهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، هو اعتبارات استراتيجية من أجل منع إيران، راعية حماس، من توسيع نطاق قوتها في الشرق الأوسط وتهديد المصالح الأمريكية هناك.

ورأى هادار أنه لا يوجد شك في أن بايدن كان يفضل هزيمة حماس في حرب بلا دماء وبدون مشاهد الدمار والرضع القتلى في غزة، والتي تضر بمصداقية الإدارة الأمريكية في العالم العربي وبين الناخبين الأمريكيين العرب.

ويهدف الانتقاد من واشنطن، سواء من البيت الأبيض أو أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، إلى التوضيح لأولئك المنتقدين في الداخل والخارج أن الحكومة الأمريكية “تفعل شيئا ما” لكبح جماح إسرائيل بدون اتخاذ خطوات أكثر صرامة، مثل تقليص المساعدات العسكرية.

ويرى هادار أن فكرة تقديم بايدن المساعدة لأولئك الذين يسعون إلى الإطاحة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من السلطة، وتحديد موعد لإجراء انتخابات في إسرائيل، هي مجرد أماني من جانب السياسيين والخبراء الإسرائيليين.

واختتم هدار تحليله بالقول إنه يتعين على هؤلاء الخبراء الإسرائيليين أن يفهموا أنهم إذا فشلوا في إقناع غالبية الإسرائيليين بأن دولة فلسطينية مستقلة لن تشكل خطرا على إسرائيل، فإنه لن تتم إقامة هذه الدولة. وإذا كانوا يريدون إنقاذ إسرائيل، فعليهم القيام بذلك بأنفسهم، لأن الأمريكيين لن يقوموا بهذه المهمة بدلا منهم.

(د ب أ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية