متى تنتصر الأمم المتحدة لآلام الفلسطينيين؟

بعد تفاقم عنصرية وفاشية إسرائيل وقيامها بإبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 وصولاُ حتى اللحظة الراهنة، تبرز أسئلة عديدة إلى الأمام حول ضرورة إصدار قرار دولي ينعت دولة الاحتلال بالإبادة الجماعية وينتصر لآلام الفلسطينيين وحقوقهم المشروعة في وطنهم فلسطين.

قرار منصف

كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت القرار، رقم 3379 (الدورة 30) بتاريخ 10 / تشرين الثاني/ نوفمبر 1975م ، وأقرّ خلاله أن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية، وإن الجمعية العامة إذ تشير إلى قرارها 1904 (د-18) المؤرخ في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 1963 الذي أصدرت فيه إعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وبوجه خاص إلى تأكيدها “أن أي مذهب يقوم على التفرقة العنصرية أو التفوق العنصري مذهب خاطئ علميا ومشجوب أدبيا وظالم وخطر اجتماعيا” وإلى إعرابها عن القلق الشديد إزاء “مظاهر التمييز العنصري التي لاتزال ملحوظة في بعض مناطق العالم، وبعضها مفروض من الحكومات بواسطة تدابير تشريعية أو إدارية أو غيرها”.
وقد أدانت الجمعية العامة في قرارها 3151 (د-28) المؤرخ في 14 كانون الأول / ديسمبر 1973 في جملة أمور التحالف الآثم بين العنصرية والصهيونية.

الفصل العنصري

تضمن القرار أن “التعاون والسلم الدوليين يتطلبان تحقيق التحرر والاستقلال القوميين، وإزالة الاستعمار والاستعمار الجديد، والاحتلال الأجنبي، والصهيونية، والفصل العنصري (أبارتهايد)، والتمييز العنصري بجميع أشكاله، وكذلك الاعتراف بكرامة الشعوب وحقها في تقرير مصيرها”.
وإذ تحيط علما أيضا بالقرار 77 (د-12) الذي اتخذه مجلس رؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الأفريقية في دورته العادية الثانية عشرة المعقودة في كمبالا في الفترة من 28 تموز / يوليو إلى الأول من آب / أغسطس 1975 والذي رأى أن “النظام العنصري الحاكم في فلسطين المحتلة والنظامين العنصريين الحاكمين في زيمبابوي وافريقيا الجنوبية ترجع إلى أصل استعماري مشترك، وتشكل كيانا كليا، ولها هيكل عنصري واحد، وترتبط ارتباطا عضويا في سياستها الرامية إلى إهدار كرامة الإنسان وحرمته”. وإذ تحيط علما أيضا بالإعلان السياسي واستراتيجية تدعيم السلم والأمن الدوليين وتدعيم التضامن والمساعدة المتبادلة فيما بين دول عدم الانحياز، اللذين تم اعتمادهما في مؤتمر وزراء خارجية دول عدم الانحياز المنعقد في ليما في الفترة من 25 إلى 30 آب/ أغسطس 1975، واللذين أدانا الصهيونية بأقصى شدة بوصفها تهديدا للسلم والأمن العالميين وطلبا إلى جميع البلدان مقاومة هذه الأيديولوجية العنصرية الإمبريالية، تقرر أن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري”.
وقد تبنت الجمعية هذا القرار في جلستها العامة رقم 2400.
بدعم وضغط أمريكي على الأمم المتحدة تمّ إلغاء القرار الأممي الذي يعتبر الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية، حيث جعلت إسرائيل من إلغاء القرار 3379 شرطًا لمشاركتها في مؤتمر مدريد في نهاية عام1991، وكان لها ذلك ، حيث تم إلغاؤه، بموجب القرار 46/86 الصادر بتاريخ 16 كانون الأول / ديسمبر 1991.
ولم تفض المفاوضات الفلسطينية ـ– الإسرائيلية التي استمرت لأكثر من عقدين إلى حق من الحقوق الفلسطينية ، بل أصدرت إسرائيل قوانين تحرم الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية من الترشيح لرئاسة الوزراء والعمل في مؤسسات إستراتيجية؛ ناهيك عن محاولتها ترسيخ فكرة يهودية الدولة ؛ حيث يتم من خلالها عملية تهميش مقصودة للأقلية العربية داخل إسرائيل؛ ولم يقف الأمر عند تلك السياسات الإسرائيلية، حيث أصدرت حكومة نتنياهو رزمة كبيرة من القوانين العنصرية للإطباق على مدينة القدس وتهويدها في نهاية المطاف، ومن أخطر تلك القوانين، قانون تهويد التعليم في القدس لفرض الطرد الصامت لغالبية المقدسيين ، في وقت يتم فيه تسرب كبير للعقارات والمحال العربية وتمليكها لمؤسسات استيطانية إسرائيلية في القدس .

السياسات العنصرية

ولهذا يجب إعادة الاعتبار للقرار الدولي الذي يعتبر الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية، خاصة وأن مؤسسات الحركة الصهيونية وفي المقدمة منها الوكالة اليهودية، تعتبر الداعم الرئيسي لتوجهات إسرائيل وسياساتها العنصرية إزاء الشعب الفلسطيني في داخل فلسطين وخارجها، والمشهد الراهن المتمثل بقيام إسرائيل بعملية إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني على امتداد الوطن الفلسطيني مناسب إلى حد كبير لحشد الجهد الدبلوماسي والسياسي لانتزاع قرار دولي يجرم إسرائيل وينعتها بدولة الإبادة الجماعية، وهذا أضعف الإيمان.

كاتب فلسطيني مقيم في هولندا

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية