لماذا استمرت حملة مجتمع “الميم” في المونديال؟

كانت الانتقادات لاذعة من كل حدب وصوب، تقبلها القطريون بصدارة رحب تارة وبردود حازمة تارة أخرى، لكن بمجرد انطلاق منافسات كأس العالم وركل اللاعبين للكرة لم يعد هناك وقت حتى لمؤيدي الانتقادات للتفاعل معها.
صوت أهازيج الجماهير وتفاعلها مع مجريات أحداث المباريات من فوز وانتصارات وخسارة وانكسارات، كان أعلى بكثير من أصوات منفرة وألوان قزحية مغرضة، لأن الهدف الرئيسي من التجمع في قطر هو للعب كرة قدم وليس لأي شيء آخر، وبالتالي الجماهير الغفيرة في العالم لم تكترث الا لما يفعله منتخبها، او المنتخب الذي تشجعه، لذلك بدا كل شيء آخر سخيفاً.
وعلى الرغم ان ما يطالب به مجتمع المثليين، الذي حظي بمعاملة خاصة ولقب مختصر في الاعلام العربي وهو “مجتمع الميم”، ربما حفاظاً على مشاعرهم، هو الجهر بمثليتهم بدون التعرض للاضطهاد، خصوصا في بلدانهم، وبالتالي هو ما يتوجب عليهم التركيز عليه، لأن هؤلاء في الواقع هم أكثر عرضة للسخرية في شرق أوروبا بل في أحياء كثيرة من غرب أوروبا، ومنها إنكلترا وألمانيا، لكن هذا السلوك، الذي يسمى بالشذوذ، على اعتبار انه غير طبيعي في مجريات الحياة الطبيعية، موجود في كل بلدان العالم بلا استثناء، بل أكاد أجزم ان هناك مثلياً في كل حي وحارة وقرية، لكن عليهم استدراك ان في بعض المجتمعات يودون ان تكون هذه الممارسات مستترة ومحدودة وغير معلنة استنادا الى خصوصيات المجتمع والعادات والتقاليد والدين.
اعتراض لاعبي المنتخب الألماني بوضع أياديهم على أفواههم، لم يكن سوى اعتراض على قوانين الفيفا، التي يمتثل لها كل المنتخبات المشاركة في المونديال، حتى لم يسمح لأي لاعب في أي منتخب بابراز أي شعارات ترويجية سياسياً او اجتماعياً أو غير ذلك، لكن ما فعله الالمان كان بمثابة احتجاج على عدم السماح لهم بارتداء شارة المثليين، وللغرابة فان هناك لاعبين اثنين بينهم على الاقل مسلمان، وأنا أتخيل ان بعض لاعبي المانشافت بعد ثلاثين سنة سيسأله حفيده عن هذه الصورة، وان كان من هذا المجتمع في ظل دفاعه عنه بهذه الصورة. لكن الجماهير القطرية والعربية كانت حاضرة في اليوم التالي للرد بحركة مماثلة لكن مع رفع صورة النجم الالماني السابق مسعود أوزيل، وهو من أصول تركية مسلمة وعانى من حملات ممنهجة من الاعلام الالماني ومن سياسييه، وافتقد للحماية من الاتحاد الألماني.
اليوم سيرتدي وزير الرياضة البريطاني ستيوارت أندرو شارة بألوان “قوس قزح” لدعم المثليين خلال حضوره مباراة إنكلترا ضد ويلز، على غرار ما فعلت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر بارتداء شارة “حب واحد” أثناء جلوسها إلى جوار رئيس الفيفا جاني إنفانتينو خلال هزيمة ألمانيا المفاجئة أمام اليابان.
وعندما نفكر في أسباب الإصرار على هذه النقطة بالتحديد من الجدل (ارتداء شارات المثليين) عقب انطلاق المنافسات الكروية، فسنكتشف أن من يثيرها هم سياسيون واعلاميون، واذا بحثنا بهوية كل شخص سنجده هو مثلي يفتخر بذلك، على غرار الوزير البريطاني، وبالتالي استغل كل سياسي وكل اعلامي منصبه ومركزه للترويج لهذا، وهو يفسر لماذا توقفت انتقادات حقوق العمال والمنشآت وغيرها من المنغصات، لكن “ميم” ظلت حاضرة بقوة، بل يفسرها البعض بأنها ليست منتشرة فقط بين السياسيين والاعلامين، بل في المنتخبات ما بين لاعبين وأعضاء في الأجهزة الفنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية