للأسف النساء إما مشاركات في التحريض أو في الجريمة ذاتها

حجم الخط
0

رام الله ‘القدس العربي’ كانت العائلة تتكون من تسعة أفراد، ست شقيقات وأخ وحيد، والأم والأب المريض، حالتهم الاجتماعية بالغة الصعوبة، يعيشون في بلدة السموع بمحافظة الخليل جنوب الضفة الغربية، في غرفتين اثنتين فقط، واحدة لنوم التسعة مجتمعين، والأخرى كمطبخ صغير، ما دفع الأخت الكبرى ميسرة والبالغة 20 عاماً، لترك الجامعة، وشقيقتها الصغرى صفاء التي تركت مدرستها، والعمل في ‘الحصاد’ بأجر يومي في محاولة للمساعدة في إعالة الأسرة.
لكن صفاء وميسرة لم تكونا على علم بأن النهاية قد أوشكت، أو انهما ستتعرضان لهجوم مباغت بينما تتصببان عرقا تحت أشعة الشمس في العمل من أجل العائلة، ولم تكونا على عِلم بأن هذا الهجوم سيغير الكثير، حتى أنهما لم تفكرا بذلك من قبل.
عدنان كايد السلامين، نحيف الجسد، ذو عيون خضراء، لا يلفظ حرف الراء، صاحب طريقة المشي الغريبة، حيث يمشي وجسمه منحنيا للأمام، كان قد استعد للهجوم على الفتيات، فباغت صفاء الصغيرة وحاول اغتصابها في الحقل الزراعي الذي تعمل به وشقيقتها، على مقربة من منزل ذويهما في بلدة السموع، لكن ميسرة ‘الأخت الكبيرة’ هبت لمساعدة شقيقتها، ما أجبر المعتدي على تغيير الخطة، فقتل الصغيرة، وحاول قتل الكبيرة، لكن عناية الله حالت دون ذلك، قبل أن’يفر من المكان.
الاطباء أكدوا أن ميسرة نجت من الموت، بعد تحسن حالتها الصحية واستقرار وضعها، مع العلم أنها مصابة بصدمة نفسيّة، تحول دون قدرتها على الكلام حتى اللحظة، وقال الأطباء بأنها بحاجة لوقت كي تستعيد قدرتها على النطق.
وتبعاً للعادات المتبعة في فلسطين، فقد عقدت عطوة عشائرية في بلدة السموع تم بموجبها الاتفاق على إهدار دم قاتل الفتاة صفاء محمد السلامين، وشقيقتها المعتدى عليها ميسرة، واتفقت العشائر على أن تدفع عائلة القاتل الهارب، مبلغ 70 الف دينار أردني تحت بند مصاريف، عدا عن مبلغ ألف دينار فراش عطوة، وترحيل والد وأخوة الجاني خارج بلدة السموع، ومنع القاتل نهائياً من دخولها، فيما أجمع المشاركون على أن تمتد عطوة المغدورة صفاء عاماً، بينما عطوة المعتدى عليها ميسرة شهرين.
التطور الجديد في قصة فتيات السموع هو إلقاء جهاز الاستخبارات العسكرية، القبض على المشتبه به بقتل المغدورة صفاء محمد السلامين (18 عاما)، والاعتداء على شقيقتها ميسرة (20 عاما) في بلدة السموع جنوب الخليل. وأوضح مصدر أمني لـ’القدس العربي’، بأنه تم إلقاء القبض على المتهم عدنان كايد السلامين (21 عاما) في منزل كان مختبئا فيه بأرياف محافظة نابلس، وذلك بعد عمليات متابعة وبمساعدة المواطنين، وتم تسليمه لجهات الاختصاص لاستكمال التحقيق معه، واتخاذ المقتضى القانوني بحقه.
عملية قتل النساء، سواء تحت ذريعة ‘جرائم الشرف’ أو غيرها من الجرائم، تأخذ المنحى التصاعدي في الفترة الأخيرة، فقد بلغ عدد الفلسطينيات اللواتي قتلن منذ بداية العام الحالي وحتى الآن 9 نساء، فيما سجل العام المنصرم 27 حالة قتل، ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتحدثت ‘القدس العربي’ لـ’ريما نزال’ من الاتحاد العام للمرأة، حيث أكدت زيادة عمليات قتل النساء، خاصة وأن لا رادع لهم، فالقانون المعمول به حالياً في الضفة الغربية هو القانون الأردني القديم، وفي غزة نظيره المصري، وهي ذات القوانين التي تعطي المجرم حصانة كافية، وتبريرا لمن حوله على ما ارتكبوه بحق المرأة، والانسانية على حد سواء.
فالمادة 304 من القانون تقول ‘إذا ضبط الرجل زوجته في الفراش’ وهو أمر لم يحصل في غالبية الحالات أو جميعها، وإنما نفذت الجرائم بفعل شكوك أو شائعات فقط، لكن القانون يعطي السبب المُحل لتنفيذ الجريمة.
وقالت نزال بأن هناك عدة جرائم ارتكبت على خلفية قضايا الإرث، أو قضايا مالية واقتصادية، لكنها رُبطت بقضايا الشرف للتهرب من عقوبة القانون، فهي التهمة الأسهل، والتي يسهل الهروب منها.
نزال تقول بأن مسودة القانون التي توافقت عليها كل الأطر النسوية في الأراضي الفلسطينية، والتي تعتبر الأرقى في الشرق الأوسط، تحمي المرأة بشكل كامل، لكنها لم تعتمد بعد بسبب محاذير معينة لدى السلطة الفلسطينية، وهذه المحاذير تخلق حالة من التردد وتعطيل المصادقة.
وذكرت نزال بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان قد أصدر في العام 2011 مرسوماً رئاسياً لتعديل المواد المعمول بها في القانون المعتمد حالياً فيما يخص المرأة، إلا أن السلطات التنفيذية لم تستجب لذلك.
الفرصة الحقيقية للمرأة الفلسطينية الآن، هي في اتفاقية القضاء على جميع أنواع العنف والتمييز ضد المرأة التي وقعها الرئيس عباس وطلب عضوية فلسطين فيها، ما يفرض على السلطة أن توائم قوانينها بما يستجيب مع متطلبات هذه الاتفاقيات، خاصة وأنها ‘أي السلطة’ مجبرة على تقديم تقرير بعد عام من الانضمام، بالاضافة لتقرير الظل من مؤسسات المجتمع المدني الذي يراقب أداء السلطة.
ورغم هذا الوضع الأشبه بالكارثي، إلا أن هناك عملاً كبيراً لتمكين النساء في فلسطين، الأمر الذي يساعد فعلاً بالنهوض في واقع المرأة الفلسطينية، وهو ما أكدته لـ’القدس العربي’ زهيرة فارس القاضي، اخصائية اجتماعية في المركز الفلسطيني للارشاد، منسقة برنامج تمكين المرأة، حيث يعملن على ‘ثلاثة مستويات أولها ‘الأطفال’ وحمايتهم من كافة أنواع الاعتداءات، وثانيها الشباب والشابات عبر تمكينهم من التعبير عن أنفسهم، ومساعدتهم على اتخاذ القرارات، وصولاً إلى التعرف على هويتهم سواء الوطنية، أو الجنسية، أو حتى الذاتية.
وتحدثت القاضي عن ملفات القتل في فلسطين، مشيرة إلى أنها مرتبطة بعدة عوامل، فالوضع السياسي المتردي، والوضع الاقتصادي المرتبط بسابقه، والوضع الاجتماعي يتأثر سلباً وتنهار منظومة القيم، لأن الأمر هو تحصيل حاصل. فعندما تسمع عن قتل طفل على يد عمه، وانتحار طفل بسبب الدراسة، ومقتل فتاة بعد اغتصابها، يكون هناك خلل بكل تأكيد، وهذا الخلل يرسل دعوة عاجلة للجميع للوقوف على أسبابه ومحاولة اجتثاثه، لأننا لا نستطيع أن ننكر’بأننا وقعنا في النار، لكن الأهم أن لا نرضى بأن نحترق!

نتائج تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية
يبرز عنف الشريك الحميم ضد المرأة بوصفه
‘مشكلة ذات أبعاد وبائية من مشاكل الصحة العمومية’
الوفاة والتعرض للإصابات’ـ نسبة 38′ من النساء في العالم إجمالاً يتعرضن للقتل على يد شركائهن الحميمين، و42′ من النساء يواجهن عنفاً جسدياً أو جنسياً على يد شركائهن ويتعرضن لإصابات من جراء هذا العنف.
الإصابة بالاكتئاب’- يسهم عنف الشريك بشكل اساسي في معاناة المرأة من مشاكل صحية ونفسية، ويتضاعف احتمال إصابة المعرضة له بمرض الاكتئاب إلى مرتين مقارنة بسواها من غير المعرضات لأي شكل من أشكال العنف. المشاكل الناجمة عن تعاطي الكحول’ـ من المُرجّح أن تتضاعف إلى مرتين تقريباً معاناة المعرضات لعنف الشريك الحميم من مشاكل ناجمة عن تعاطي الكحول مقارنة بغيرهن من النساء.
عدوى الأمراض المنقولة جنسياً’ـ يزيد إلى مرة ونصف المرة احتمال إصابة اللواتي يتعرضن لعنف جسدي و/ أو جنسي على يد شريكهن بعدوى مرض الزهري أو المُتَدَثِّرَة (الكلاميديا) أو السيلان، وكذلك بالمقدار نفسه احتمال إصابتهن بفيروس العوز المناعي البشري في بعض المناطق (ومنها أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى).
الحمل والإجهاض غير المرغوب فيهما’ـ يرتبط الحمل غير المرغوب فيه بالعنف الجنسي المُمارس من الشريك الحميم ومن غيره على حد سواء، ورأى التقرير أن احتمال تعرض المرأة التي تواجه العنف الجسدي و/ أو الجنسي على يد شريكها للإجهاض يتضاعف مرتين عن سواها ممّن لا يواجهن العنف.
انخفاض وزن الرضيع عند الولادة’ـ تزداد فرصة نقص وزن الرضع عند الولادة بنسبة 16′ لدى الحوامل اللائي يتعرضن لعنف الشريك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية