لكل متأهل إلى النهائي حكاية!

منذ سنين طويلة لم تشهد نهائيات كأسي أمم أفريقيا وآسيا سيناريوهات وخصوصيات كتلك التي حدثت هذه المرة في كوت ديفوار وقطر ببلوغ النهائي منتخبات لم تكن مرشحة للفوز بالبطولتين، ولم يكن مشوارها يوحي بذلك، لكن روح الانتصار كانت القاسم المشترك بينها بدون إغفال الجانب الفني والبدني والتكتيكي في سيناريوهات زادت من حجم المتعة والاثارة والحماس، الذي كان حاضرا بشكل غير مسبوق صنعه النشمي الأردني والمنتفض القطري والثائر الايفواري والنسر النيجيري، أمام عدد كبير من المرشحين للتتويج، كانوا مجرد أوراق تناثرت مع الوقت على غرار ايران وكوريا واليابان وأستراليا والسعودية في آسيا، والسنغال والمغرب والجزائر ومصر وتونس وغانا والكاميرون في بطولة افريقيا.
أولى المفاجآت أحدثها منتخب النشامى الأردني الذي تحلت عناصره بروح الرجل النشمي الشجاع والشامخ والصلب في مشوارهم وعند تفوقهم على العراق، واخراجهم للمنتخب الكوري من نصف النهائي بثنائية، وبكيفية رائعة، حولت المفاجأة الى معجزة قلبت المعادلة الكروية في آسيا التي كانت أركانها كوريا واليابان وأستراليا وايران، والسعودية والعراق بدرجة أقل، قبل أن تختل الموازين بفضل شجاعة النشامى ومهاراتهم وجهدهم، وروحهم العالية التي صارت تصنع الفارق في الكرة الحديثة، وتعوض النقائص الفنية والبدنية والتكتيكية بفضل جيل جديد من اللاعبين المتميزين، ومدرب قدير عرف كيف يخوض معاركه برجال شجعان، نفذوا خططه باحكام، وأرادوا دخول التاريخ ببلوغهم النهائي أولا ثم التتويج باللقب لأول مرة.
الطرف الثاني في نهائي كأس آسيا المنتخب القطري لم يكن بدوره مرشحا لبلوغ النهائي قبل البطولة بسبب تراجع مستواه منذ كأس العالم وتغيير إطاره الفني مرتين خلال سنة، لكن استعادته لروح 2019 مكنت لاعبيه من رفع التحدي، خاصة في مواجهة المرشح الأول للفوز باللقب منتخب ايران في نصف نهائي مثير، صنعت فيه الفارق الروح العالية والعزيمة والرغبة في تعويض خيبة المونديال والحفاظ على تاجه الذي أحرزه قبل أربع سنوات بنفس الروح التي صارت تصنع الارق في كرة القدم، وتطيح بكبار القوم عندما يتم الاستثمار فيها فنيا وتكتيكيا وبدنيا ونفسيا، حتى ولو بمدرب فريق الوكرة ماركيز لوبيز الذي تم تنصيبه قبل البطولة بشهر واحد، تمكن من الإطاحة بإيران وما أدراك.
في كأس أمم افريقيا قصة منتخب كوت ديفوار هي الأجمل والأكثر اثارة، بدأت بفوز في مباراة الافتتاح ثم خسارتين أمام نيجيريا وغينيا بيساو بالأربعة، أطاحت بالمدرب الفرنسي لويس غاسكيه، وتكليف مساعده الدولي الإيفواري السابق ايمرس فاي في الأدوار الاقصائية التي بلغها كأحد أفضل أربع ثوالث بثلاث نقاط، ليبدأ مشوار جديد ومسابقة جديدة بفريق جديد تحلى بروح جديدة أطاحت بحامل اللقب السنغال في ثمن النهائي بركلات الترجيح بعد التعادل في اللحظات الأخيرة، ثم أخرجت مالي في  سيناريو درامي تمكن فيه من تعديل النتيجة في الدقيقة التسعين وتحقيق هدف الفوز في الوقت بدل الضائع من الوقت الإضافي بعشرة لاعبين بعد طرد مدافعه أوديلون كوسونو في الشوط الأول، قبل أن يأتي الدور على جنوب افريقيا في نصف النهائي بنفس الروح.
أما المنتخب النيجيري الذي لم يكن الأحسن في تاريخ الكرة النيجيرية هذه المرة، ولم يكن مرشحا للفوز باللقب، فقد صنع قصته بإصرار لاعبيه مع الكاميرون في ثمن النهائي، ثم أنغولا وبعدهما الكونغو الديمقراطية في نصف النهائي، ويبلغ النهائي الثامن في تاريخه، والأول منذ 2013 بجيل جديد، بحثا عن اللقب الرابع، في حين يسعى منتخب كوت ديفوار لتحقيق المعجزة والتتويج بلقبه الثالث بعد أن بلغ النهائي الخامس في مشواره.
قطر – الأردن، وكوت ديفوار – نيجيريا في نهائي القارتين الصفراء والسمراء، حكايتان فريدتان، وقصص لا يمكن لأي كاتب سيناريو أن يتصورها ويجسدها في مسلسل درامي لأنها تفوق الخيال.

إعلامي جزائري

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية