لحظة خالدة تطبخ على نار هادئة بين جونيور ورونالدو!

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: تصدر كريستيانو رونالدو جونيور، عناوين الصحف والمواقع الرياضية العالمية الشهر قبل الماضي، وهذه المرة ليس لظهوره في تحد مع الحسناء جورجينا رودريغيز في مواقع التواصل الاجتماعي، أو لتواجده في حدث مهم يخص والده ملك كرة القدم وهدافها الأول في كل العصور كريستيانو رونالدو، بل لنجاحه في قيادة ناديه النصر السعودي تحت 13 عاما، للفوز بالدوري السعودي الممتاز لهذه الفئة السنية، وسط توقعات بأنه قد يسير على خطى والده، كما يبدو من خلال لمسته للكرة وطريقته في استعراض مهاراته، مع بنيان جسدي قوي وطول فارع، يعطيه أفضلية على باقي أقرانه الأقل من 15 عاما، وباختصار شديد كأنك تشاهد النسخة المصغرة لصاروخ ماديرا بعمر 13 عاما، ما يعني أنه مع استمراره في تحسين مهاراته ولياقته البدنية على المديين القريب والمتوسط، وهو المتوقع حدوثه بنسبة كبيرة، فقد تأتي اللحظة التي ينتظرها الكثير من عشاق الدون، برؤيته يمارس اللعبة بشكل احترافي جنبا إلى جنب مع نجله الأكبر، خاصة وأنه من المحتمل أن يبقى صامدا في رحلته الأسطورية إلى ما بعد الأربعينات، استنادا إلى تصريح سابق متلفز، اعترف خلاله بأنه لن يفكر في خطوة الاعتزال قبل الوصول لعامه الـ41، لكن هل تعتقد عزيزي القارئ أنه في حال لحق جونيور بوالده كريستيانو في فريق النصر الأول ستكون الواقعة الأولى من نوعها؟ دعونا نفتش معا في الصفحات القديمة.

الكأس الذهبية

يتذكر جورج إيستهام، الفائز بكأس العالم مع المنتخب الإنكليزي في المرة الوحيدة عام 1966، أنه ذات مرة لعب مباراة جنبا إلى جنب مع والده في نادي آردز للتنافس على لقب الكأس الذهبية في أيرلندا الشمالية، وحدث ذلك في 1954، وآنذاك توج بأول لقب في رحلته مع كرة القدم، برفقة والده الذي سجل هدف الفوز والتتويج بالكأس وهو بعمر 39 عاما، وعنها يروي في سيرته الذاتية «ذكرياتي لا تزال حاضرة بقوة بخصوص نهائي الكأس الذهبية، نشكل بالتأكيد الحالة الوحيدة من أب وابن نالا ميدالية ذهبية من نفس المباراة»، وفي نهاية السبعينات، وبعد فوزه بكأس أوروبا مرتين مع نوتنغهام فوريست عامي 1979 و1980، كانت مسيرة إيان بوير في طريقها إلى التراجع، خاصة حين تولى منصب المدرب لفريق هيريفورد في أكتوبر/تشرين الاول 1987، وبعدها بعامين وقع مع ابنه غاري بوير، مدرب بلاكبيرن وبلاكبول وبرادفورد سابقا، بعد تصعيده إلى فريق شباب ويستفيلدز المحلي لأقل من 18 عاما، وعن هذا الحدث النادر قال غاري ذات مرة في تصريحات موثقة: «ربما لعبنا مرتين، في المرة الأولى التي لعبنا فيها معا، كان والدي بديلا وكنا نخسر أمام سكنثورب، لكنه أشرك نفسه في الشوط الثاني وعدنا للتعادل 3-3، وأستطيع أن أتذكر أنني كنت الشخص الذي سجل هدف التعادل بضربة رأسية في الدقيقة 90، وبالنظر إلى الوراء، أعتقد أنه كان الوحيد الذي لم يهنئني، لأنني كنت أتحمل مسؤولية الهدف الأول»، مازحا في ختام حديثه النادر: «عندما عدنا إلى غرفة تبديل الملابس، ذكرني أنه لو لم أرتكب هذا الخطأ لفزنا 3-2».

الحدث الاسكندينافي

في مباراة ودية دولية جمعت منتخب أيسلندا بمنتخب إستونيا في 1996، حدثت واقعة لا مثيل لها في كل العصور ولم تتكرر حتى وقتنا هذا، حين قام مدرب المنتخب الاسكندينافي باستبدال الاب أرنور غديونسون البالغ آنذاك 34 عاما، بنجله الأكبر إيدور غديونسون، الذي تحول في ما بعد إلى اللاعب الشهير في صفوف تشلسي اللندني ومنه انتقل إلى برشلونة، ولولا الإصابة المفاجئة التي ألمت بالوالد، لتحقق حلمهما المشترك، باللعب معا في مباراة دولية واحدة، لكن ما حدث في حد ذاته، بتواجدهما في قائمة واحدة للمنتخب، ثم بلحظة الاستبدال التي كانت حديث الساعة في زمن ما قبل السوشيال ميديا، ستبقى واحدة من غرائب وعجائب كرة القدم، ولنا أن نتخيل لو لم يتعرض الابن لإصابة سيئة بكسر مضاعف على مستوى الكاحل أثناء دفاعه عن ألوان منتخب الشباب تحت 18 عاما، على الأقل، كان سيتحقق الحلم بخوض أكثر من مباراة دولية معا، لكن ما حدث، أن الابن احتاج فترة طويلة للتعافي من الإصابة، في الوقت الذي كان والده اتخذ قراره باعتزال اللعب على المستوى الدولي.
أما في فنلندا، فقد خاض لاعب الوسط الروسي أليكسي إريمينكو الأب أربعة مواسم في أواخر مسيرته الكروية مع نادي هلسنكي، تقاسم خلالها غرفة تبديل الملابس على مدى موسمين مع ابنه الذي يحمل نفس اسمه، وقد تمكن الاثنان من التعاون على نيل لقب الدوري الممتاز في فنلندا لعامين متتاليين، وكذلك كأس فنلندا سنة 2003، والطريف أنه بعد مغادرة نادي هلسنكي، لعب الوالد في صفوف يارو إلى جانب ابنه الآخر ونجم سيسكا موسكو رومان إريمينكو، ولم يكتفِ الشقيقان بانتهاج مهنة الأب فحسب، بل كانا يلعبان بنفس مركزه، وهو ما قال عنه الأب: «يبدو أنني لست قادرا على تعليمهما أن يضطلعا بأي دور مختلف عما عهدته أنا».

عودة الأساطير

في العام 2014 وبعد أن تجول في أنغولا وأوزبكستان والدوري البرازيلي الأدنى في نهاية رحلته الاحترافية، قرر الأسطورة ريفالدو العودة إلى نادي مسقط رأسه موجي، الناشط في دوري القسم الثالث البرازيلي، ورغم أنه توقف عن ممارسة الكرة بعد أكثر من عام على اعتزاله اللعبة، إلا أنه قرر العدول عنها بشكل مؤقت، من أجل أن يحقق واحداً من أهم أحلامه على المستوى الشخصي، باللعب مع نجله ريفالدينيو في فريق واحد، وهو ما حدث في فبراير/شباط 2014، مكتفيا بشهر واحد بعد العدول عن قرار الاعتزال، لكن حياته في عالم اللعبة الجميلة شهدت محطة مثيرة أخرى، فبعد خمسة عشر شهراً من اعتزاله، أعلن وهو في الثالثة والأربعين أنه سيعود لكرة القدم في يونيو/حزيران 2015، وبعد ذلك بشهر سجل اسمه مجددا في تاريخ اللعبة عندما اقتنص هدفاً في نفس المباراة التي هزّ فيها ابنه صاحب العشرين ربيعاً شباك نادي ماكاي لتنتهي المباراة بفوز زملاء الأب والابن بنتيجة 3-1، وعن هذه التجربة يقول: «لا يسعني سوى أن أشكر الله، لأنني تمكنت من العودة بعد توقف دام 15 شهرا، وحالفني الحظ بأن دخلت المباراة منذ بدايتها مع ابني وسجلت هدفا، وهو كذلك. أعتقد أننا كتبنا التاريخ. أعرف أن هناك حالات سابقة لآباء وأبناء لعبوا سويا، ولكن لم يسبق لوالد وابنه أن سجلا هدفين في مباراة تنافسية».
أيضا بطل السويد في منتصف التسعينات وبداية الألفية هينريك لارسون، هو الآخر تراجع عن قرار الاعتزال في 2013، بعد مسيرة مضيئة بلغت ذروتها بجانب رونالدينيو وتشافي وبقية جيل برشلونة الفائز بدوري الأبطال عام 2006 على حساب آرسنال، وعاد من الاعتزال ليختم مسيرته مع نادي هوغابورغس الناشط في دوري القسم الرابع السويدي عام 2014، جنبا إلى جنب مع ابنه جوردان، الذي كان يبلغ في ذلك الوقت 15 عاما، ورغم نجاح الابن في تسجيل هدف في تلك المباراة، بيد أن الوالد صاحب برونزية كأس العالم 1994، أقر مازحا في مقابلة صحافية بأنه لم يشكل ثنائية جيدة مع نجله، بقوله: «لم نشكل تلك الثنائية التي أريدها، ولكنني فخور بطبيعة الحال. إنه نوع من الترف طبعاً أن يلعب المرء مع ابنه».
وتشمل قائمة الأبناء والآباء الذين لعبوا معا، لاعب تشلسي وبلاكبيرن وسيلتيك الشهير في التسعينات كريس ساتون، الذي جلس ذات مرة بجانب ابنه البالغ 16 عاما في مباراة حماسية بين فريقه ريكسهام ضد تيلبري، وشاء القدر أن يتعرض الحارس الأول للإصابة مع بداية الشوط الثاني، ليحصل الابن أوليفر على فرصته في الدخول، وتبعه الوالد في آخر نصف ساعة، لكن في نهاية المطاف أخفقت العائلة في إنقاذ الفريق بعد انتهاء المباراة بفوز المنافس بنتيجة 3-2. أيضا اجتمع فيليبي ميلو لاعب الإنتر السابق مع نجله دافي بقميص فلومينينسي، حيث كان ميلو الأب بعمر الـ39، بينما الابن بعمر الـ17 عاما، ويتدربا سويا على نفس ملعب التدريبات وتحت قيادة نفس المدرب، وفي سبتمبر/أيلول قبل الماضي، كان ويلي غيبسون يشرف على تدريب بالمرستون بارك الاسكتلندي، وفي نفس الوقت يمارس مهامه كلاعب وقائد داخل المستطيل الأخضر، وفي مباراة في الدور الأول أمام إف سي إدنبره، قام باستبدال نفسه في الشوط الثاني، ومن ثم أشرك ابنه لويس في آخر ثلاث دقائق، بعد حسم النتيجة برباعية نظيفة. أما على المستوى الودي، فقد تزامل ديفيد بيكهام مع ابنه الأكبر بروكلن في مباراة خيرية على ملعب «أولد ترافورد»، فهل يا ترى سيأتي الدور على كريستيانو رونالدو جونيور ونشاهده في لحظة تاريخية مع والده في فريق واحد قبل اعتزال الدون؟ بالطبع لا يمكن استبعاد حدوث أي شيء في عالم كرة القدم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية