لا تغيير في الموقف السعودي من مواصفات رئيس لبنان.. وفيتو القوات والتيار مستمر على فرنجية

سعد الياس
حجم الخط
0

بيروت- “القدس العربي”: لا تزال القيادات اللبنانية تنتظر باهتمام مفاعيل الاتفاق السعودي الإيراني وتأثيره على الوضع اللبناني وبخاصة الرئاسي، مع استبعاد أن يكون لهذا الاتفاق انعكاسات فورية على الانتخابات الرئاسية، وإن كان من شأنه إراحة الوضع العام وتخفيف التوترات.

وفي حين يقرأ البعض أن التطورات الأخيرة تصب لصالح ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، إلا أن تركيبة المجلس النيابي قد لا تسمح بعبور سهل لفرنجية إلى قصر بعبدا خصوصاً أن الكتلتين المسيحيتين الأكبر، وهما القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، ما تزالان تضعان فيتو على ترشيح فرنجية إضافة إلى كتلة حزب الكتائب.

واللافت بعد زيارة السفير السعودي وليد البخاري إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة هو ما نقلته مصادر مطلعة أن الرياض ما زالت على موقفها بالنسبة لمواصفات رئيس الجمهورية، أي أن المملكة لن تقبل برئيس يدور في فلك حزب الله، ما يعني أن حظوظ رئيس “المردة” تبقى غير محسومة.

وكان السفير البخاري عبّر عن تفاؤله بحصول شيء إيجابي بالنسبة إلى لبنان، وبحسب ما ورد في الخبر الرسمي الصادر عن عين التينة السفير السعودي “استشهد بما يردده الرئيس بري، بالدعوة إلى الكلمة السواء، وأن إرادة الخير لا بد منتصرة”، لافتاً إلى “أن المرحلة الراهنة تستوجب الاحتكام أكثر من أي وقت مضى إلى الكلمة الطيبة والرهان دائماً على الإرادات الخيّرة”.

وبعد مغادرة البخاري وصلت إلى عين التينة السفيرة الأمريكية برفقة فريق “العمل الأمريكي من أجل لبنان” برئاسة السفير السابق إدوارد غابرييل، وتمّ البحث في الأوضاع الراهنة في لبنان.

بري: نريد رئيساً يقارب ترسيم الحدود مع سوريا وحل أزمة النازحين والاستراتيجية الدفاعية

ولم يشأ بري الكشف عن مداولاته مع السفير السعودي، مكتفياً بالقول “اللقاء سيتواصل”. ولفت رئيس المجلس أمام وفد من مجلسي نقابتي الصحافة والمحررين إلى “أن المطلوب رئيس وطني يجمع ولا يفرّق له حيثية مسيحية وإسلامية وقبل أي شيء حيثية وطنية رئيس يجمع ولا يطرح، يؤمن بعلاقات لبنان مع محيطه العربي، رئيس يؤمن بإتفاق الطائف”. وسأل “كيف لهذه العناوين أن تتلاقى مع الأصوات الداعية إلى التقسيم والفدرلة المغلفة بعناوين اللامركزية الاداريه المالية الموسعة”، قائلاً “إن لبنان هو كالذرة اذا ما جُزئت انفجرت، لبنان أصغر من أن يقسم”. وأضاف “وبعد 11 جلسة انتخابية أخذوا علينا بالورقة البيضاء بياضها، وقالوا لماذا لا يكون هناك مرشح وبعد مضي خمسة أشهر على الفراغ وأمام الانهيار المالي والاقتصادي وبعد رفض الدعوات التي وجهتها، ولا زلت للحوار، والتي تجاوب معها معظم الكتل باستثناء الكتلتين الأساسيتين، لم يعد مقبولاً الاستمرار بذلك، ولم يكن هناك خيار إلا خيار الإقدام على ترشيح اسم يتمتع بالصفات التي ذكرتها في خطاب 31 آب/أغسطس”.

وأضاف بري “أريد أن اسأل هنا من هو سليمان فرنجية ألم يكن مرشحاً عندما تم التمديد للرئيس اميل لحود؟ ألم يرشحه السفير ديفيد هيل؟ ألم يكن مرشحاً حينما كان العماد ميشال عون مرشحاً؟ واسمحوا لي ان أتحدث كماروني، أنا لي حصة بالموارنة انا لبناني، الموارنة بدأوا من الشمال وتناموا وتمددوا من هناك إلى كل لبنان وفرنجية ابن هذا الشمال”. وتابع “في الانتخابات السابقة ألم تلتق القيادات المسيحية والمارونية في بكركي ويومها تم التوافق على أربعة أسماء وأن من ينتخب من بين هؤلاء الاربعة يكون ممثلاً للمسيحيين واللبنانيين؟ ألم يكن سليمان فرنجية احد هؤلاء الأربعة؟ نحن ماذا نريد من رئيس الجمهورية انا بحاجة إلى رئيس يتحدث مع سوريا بموضوع ترسيم الحدود وحل أزمة النازحين لأننا اذا كنا سنعتمد على الأوروبيين والأمريكيين فهم غير مكترثين لهذا الموضوع، نريد رئيساً قادراً على مقاربة الاستراتيجية الدفاعية، رئيساً مؤمناً باتفاق الطائف وانطلاقاً من كل ذلك رشحنا الاستاذ سليمان فرنجية”. وختم “الحل السياسي يبدأ برئاسة الجمهورية وسليمان فرنجيه مدّ يده للجميع، صالح كل الناس فإذا كان سليمان فرنجية لا يجمع فمن هو الذي يجمع؟”.

وحضر الموضوع الرئاسي في الزيارة التي قام بها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى بكركي حيث التقى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عشية توجهه إلى الفاتيكان للاجتماع بالبابا فرنسيس ولتبديد الالتباس حول ما ورد في مقابلة تلفزيونية لميقاتي حول نسبة المسيحيين.

ولدى مغادرته قال ميقاتي: “أطلعني صاحب الغبطة على الاتصالات التي يقوم بها من أجل الإسراع في انتخاب رئيس، وكانت الآراء متفقة، خصوصاً وأنني على تواصل مستمر مع صاحب الغبطة، ليس فقط عبر زيارات محددة، ولكن أيضاً بالاتصال الدائم به”، وأضاف “توافقنا في الرأي على ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية في أسرع وقت من أجل انتظام العمل العام في البلد وعمل المؤسسات الدستورية، و البدء بالدخول في الحل. هناك مشكلات اقتصادية واجتماعية ولكن الأهم يتعلق بالسياسة. ومن دون حل سياسي، وأن يعود المجلس النيابي للقيام بدوره الطبيعي، وأن يكون هناك مجلس وزراء كامل المواصفات الدستورية، لا يمكن الخروج بحل”. وشرح ميقاتي للراعي “موضوع اجتماعات مجلس الوزراء وضرورة السهر على متابعة إدارة المرفق العام”، وقال “كان صاحب الغبطة متفهماً جداً لهذه المواضيع. نحن نتحدث عن عمل حكومي في مرحلة تصريف الأعمال، ولكن الدستور عندما تحدث عن تصريف الأعمال بصلاحيات محددة، كان على أساس أن تصريف الأعمال لوقت قصير، ولكن كلما طال وقت الشغور الرئاسي، توسعت الحاجة لتوسيع نطاق الصلاحيات من أجل متابعة أمور الدولة كما ينبغي متابعتها”.

ورد ميقاتي ضمناً على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بالقول “لمن يتحدث ويقول إن مجلس الوزراء شرعي او غير شرعي ويحق له ان يجتمع او لا يجتمع، فليتفضل ويقوم بدوره في انتخاب رئيس الجمهورية في أسرع وقت، وهذا هو باب الخلاص”. وتابع: “تطرقنا ايضاً إلى الكلام المستهجن والبغيض الذي نسمعه عن الموضوع الطائفي والاتهامات الطائفية والتي أسماها صاحب الغبطة بالهستيريا السياسية. هذا الكلام اعتبره دليل إفلاس سياسي في هذا الوقت بالذات، لأن المقاربة التي نقوم بها ليست طائفية، والقاصي والداني يعرف ما هو دوري وأنني لم أقم في يوم من الأيام إلا بدور وطني بكل ما للكلمة من معنى، وإنني من المؤمنين بأن التعددية هي مصدر غنى للبنان ولجميع اللبنانيين”. وختم “اتفاق الطائف هو الاتفاق الأساسي الذي يحمي كل هذه الأمور والتي أتابعها بكل ما للكلمة من معنى”.

وفي التحركات على الخط الرئاسي، زار راعي ابرشية انطلياس المارونية المطران أنطوان بو نجم موفداً من البطريرك الراعي للمرة الثالثة على التوالي رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب للتداول في ما آلت إليه مشاوراته حول لائحة الأسماء الرئاسية، وتمّ التشديد على أهمية إنجاز الاستحقاق الرئاسي بما يعيد إلى لبنان وشعبه الأمل وللدولة مسارها السليم.

وعلى خط حزب الله، أكد عضو المجلس المركزي الشيخ نبيل قاووق “أننا لا ننتظر أي تسوية خارجية لا ثنائية ولا خماسية تفرض على اللبنانيين مواصفات وأسماء لرئاسة الجمهورية”. وأشار إلى “أن حزب الله وحركة أمل والحلفاء والأصدقاء فتحوا أفقاً لحل الأزمة الرئاسية من خلال التوافق الداخلي بعيداً من الفيتوات والمواصفات الخارجية، وأما وصول رئيس للتحدي والمواجهة، فهذا أصبح مرحلة ماضية، ونحن نتحدث عن الحاضر والمستقبل”. واعتبر “أن فريق التحدي والمواجهة ضخّم حجمه ورفع شعارات أكبر من واقعه وقدرته، ويريد أن يأتي برئيس للتحدي والمواجهة، وهذا يعني أنه يريد جر البلد إلى الفتنة الداخلية، وقد جرّبوا 11 جلسة وفشلوا، وكانت هذه الجلسات كافية لأن يعودوا إلى أحجامهم الطبيعية، وأن يكتشفوا أن شعاراتهم غير واقعية، وليس لها مكان في لبنان”. ورأى “أن الاتفاق الإيراني السعودي يشكّل فشلاً استراتيجياً مزدوجاً لإسرائيل وأمريكا، وضربة قاضية للمشروع الإسرائيلي الأميركي بإنشاء ناتو عربي إسرائيلي ضد إيران”.

اعتبر حزب الله الاتفاق الإيراني السعودي فشلا استراتيجيا مزدوجاً لإسرائيل وأمريكا، وضربة قاضية لمشروع إنشاء ناتو عربي إسرائيلي ضد إيران

وفي المواقف، توقف مجلس المفتين في اجتماعه برئاسة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان باهتمام كبير أمام الاتفاق السعودي الإيراني، وأعرب عن “تمنياته بأن يكون الاتفاق أساساً لعلاقات أخوية هادفة تقوم على تبادل الاحترام والتعاون؛ وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والمصالح الوطنية، أو التحريض على الإساءة إلى هذه المصالح”.

وحذّر المجلس “من استمرار الفراغ الرئاسي الذي يكاد يصبح متلازماً مع كل انتخابات رئاسية، مما يعرّض لبنان إلى مخاطر هو بغنى عنها، ويحمّله أثماناً بات عاجزاً عن أدائها سياسياً ومعنوياً، وكذلك اقتصادياً واجتماعياً وانمائياً”، مشيراً إلى “أن الطبيعة لا تعرف الفراغ، ولذلك يحذّر من مبادرات هجينة لمحاولة ملئه من خارج الدستور ومن خارج دائرة الوفاق الوطني. فالفراغ في الرئاسة ظاهرة سلبية خطيرة. وأسوأ منها وأخطر، محاولة ملئه بمبادرة من خارج الدستور وعلى حساب الوفاق الوطني”. واستهجن “الحملات المتتالية على موقع رئاسة الحكومة، وافتعال فتنة جديدة تحت شعار الصلاحيات، وطالب الجميع بالعودة إلى الدستور والتزام اتفاق الطائف، رافضاً المس بصلاحيات رئيس مجلس الوزراء تحت أي عنوان أو ذريعة”، مؤكداً “أن رئيس مجلس الوزراء يلتزم الدستور واتفاق الطائف والأصول المرعية الإجراء في كل خطوة يقوم بها من أجل تخفيف المعاناة عن الوطن والمواطنين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية