قراءات ولوحات عن مقاطع لسركون بولص ورعد عبدالقادر وعقيل علي وعبدالأمير جرص: ‘لون بفرشاة النثر’ في بيت الشعر العراقي

حجم الخط
0

بغداد ‘القدس العربي’ ‘أربعة رسّامين يرسمون لوحات عن قصائد شعراء عراقيّين راحلين، حيث مقطع من كتاب ‘عظمة أخرى لكلب القبيلة’، وآخر من ‘أغنية لطــائر البــرق’، وثالث من القصائد الأخيرة لصاحب كتاب ‘جنائن آدم’، ورابع من قصيدة ‘فضاء مدرّس’، كلّها تصبح موضوعات لأربع لوحات فنيّة، في نشاط يمزج بين الشعر والتشكيل في أوان واحد، ربّما مضمونه ينفذ للمرة الأولى ببغداد.
إذ تواصلاً مع فعالياته ضمن منهاجه الثقافيّ للعام 2014، نظّم بيت الشعر العراقيّ، مؤخّراً، أمسية فيها شيء من التحديث في طريقة تقديم القصائد وتوظيفها في أعمال إبداعيّة، وذلك في فعاليّة عنوانها ‘لون بفرشاة النثر’، أقيمت لتوثّق علاقة الشعر بالفنّ التشكيليّ، وذلك باسهامة نخبة من فنّاني العراق المعروفين عبر رسمهم لمقاطع من قصائد الشعراء الراحلين: سركون بولص، ورعد عبدالقادر، وعقيل علي، وعبدالأمير جرص. ومع بدء الأمسية، أوضح رئيس بيت الشعر الشاعر حسام السراي، المغزى من هذا النشاط، كونه يأتي في سياق ‘منهاج ثابت للبيت يعمل فيه على استثمارعلاقة الشعر بالفنون الأخرى، مرّة مع المسرح، وثانية عبر البحث في علاقة الشعر بأجناس كتابيّة أخرى (الرواية مثلاً)، وثالثة بإضاءة حضور الشعر في الملصقات الفنيّة’. أعقب ذلك قراءة المقاطع المختارة للشعراء الراحلين من لدن الأمين العام للبيت الشاعر ميثم الحربي. وفي فضاء مؤسّسة برج بابل، التي ضيّفت الأمسية، بدأت فعاليّة الاحتفاء باليوم العالميّ للشعر، برسم الفنّانين الأربعة للمقاطع المُختارة، إذ أخذ الفنّان د. بلاسم محمد يرسمُ مقطعاً من كتاب ‘عظمة أخرى لكلب القبيلة’ لسركون بولص، ومنه:’ الكرسي/كرسيّ جدّي ما زالَ يهتزّ على/أسوار أوروك/
تحتَهُ يعبُرُ النهر، يتقلّبُ فيهِ/الأحياءُ والموتى’، ‘وإلى جواره بدأ الفنّان د. فاخر محمد، بتجسيد مقطع من قصيدة ‘أغنية لطــائر البــرق’ للشاعر الراحل رعد عبدالقادر، في لوحة تابعها الجمهور، ومنها: ‘نم هادئـاً/ بأمــان/ ســبعُ شُجيراتِ وردٍ يَحرُسن نَومَكْ/ وطائر يَصفُرُ لحناً سماوياً:/ نم هادئاً/ دعِ النهايةَ مفتوحةً/ وأغلق البابَ جيداً، وإن قَرَعوا لا تفتحْ/ القصيدةُ قربَ رأسـكَ وقدحُ الماء/ وطائرُ البرقِ في نومِكْ..’.
في حين رسم الفنّان د. شوقي الموسوي ما جاء من القصائد الأخيرة للشاعر الراحل عقيل علي، ومنها:’ولا هاوية لها نافذة يتسرب منها النور/ليلغي كل هذا السأم/وسط كل هذا النسيج/ينتصر اللا مرئي وسط ضجة الطبيعة/الصمت يخترق ما يتعفن من الزمن/ويصهر باب الوجود المترنح تحت/غطاء الأبدية..’.
اللوحة الأخيرة كانت تجسيداً لقصيدة ‘فضاء مدرّس’ للشاعر الراحل عبدالأمير جرص، والتي رسمتها الفنّانة نبراس هاشم، ومن القصيدة:’ما أحفظ، لا يكفي/لملء الفراغات/أنا ذا/أسقط
مدعيًا أن الحياة شجرةٌ/والعمر، وريقاتٌ/والخريف مدرس/وأنت لا تسقطين/لأنك تحت الشجرة/ولأن المدرّس/ليس خريفاً.’.
وبعد نصف ساعة من بدء الفنّانين برسم لوحاتهم، قدّم الشاعر جاسم بديوي كلاً من الشاعر سلمان داود محمد، وزميله ركن الدين يونس، ليقرأ الثلاثة قصائدهم بطريقة بانوراميّة، وبإصغاء الجمهور لمقاطع قرأها الشعراء بالتناوب، بمصاحبة معزوفات الفنّان سرمد نجاح على آلة الكمان.
ومن بين ما قرأه الشاعر سلمان داود محمد في الأمسية، مقاطع من قصيدته ‘يا.. بائع الخرافات’، و نطالع فيها: ‘أنا من مدن لا تنام إلا تحت تصاوير طغاتها والضحايا،/ ومن أناس حطب ـ مدد ـ لكل جهنم في الأرض ô./اردعيني بإتقان/ولا تأخذنكِ الرأفة بآياتي المحروسة بالمسك والحجر الكريم/فأنا إمام حاذق/أسدل على حدائق الفتيان ليل الفتاوى/وهذا الترمل الذي في الآنساتِ/معجزتي الفاخرة ô’.
وقرأ الشاعر ركن الدين يونس، وبالتتابع مع الشاعرين الآخرين، مقاطع من قصيدته ‘تقشير الصُدفة’، ومنها: ‘أقول../ كنت اثنين/ أنا وأمي/ وولداً صغيراً يمر على الأحزان/ في النشيد/ ويحمل أحلامه/ إلى ضوء مرآة الحائط/ عندما ترجم الفجر/ وحي السنديان/ على أشلاء سنة ميتة/ عندما آخر العالم../ يبدأ من سياجٍ/ من أجل وحدة واحدة/ تطوف حول شفافية المعنى..’.
ومن ثم أتى الدور على الشاعر جاسم بديوي الذي قرأ للجمهور عدداً من قصائده، ومما جاء فيها:
‘تجمعوا/ لا’ أعناق لكم تكفي لهذا العالم/ سيروا لا شكل لكم/ في ممر نحو نهارات تسقط في الضفة الأخرى/ من هول الاعتناق الطلق/ ادخلوا الطين انه منتصف الليل ونحن أشد الصفات التصاقاً/ بالندى/ والقمر دافئ مثل حليب الشمال..’.
واختتمت الأمسيةُ بإهداء الفنّانين الأربعة لوحاتهم التي رسموها، خلال ساعة ونصف من الزمن، إلى المقر الجديد لبيت الشعر العراقيّ الذي سيعلن عن افتتاحه خلال الفترة المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية