في مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: السينما الفلسطينية حاضرة بقوة … وتنافس 46 فيلما على جائزة «الغزال الذهبي»

حجم الخط
0

الجزائر ـ «القدس العربي»: تجاوب الجمهور الجزائري الحاضر بقوة في مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي، مع عروض الأفلام الفلسطينية، التي تحكي يوميات أبناء فلسطين مع الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته التي لا تعد ولا تحصى، وكذا مرارة اللجوء والتهجير لمن دفعوا لترك وطنهم والتغرب عن أحبتهم. ويأتي عرض الأفلام الفلسطينية في إطار برنامج «تحيا فلسطين»، الذي أطلق ضمن فعاليات الطبعة الرابعة من مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي، والذي يشمل عرض سبعة أعمال سينمائية قصيرة أنجزت في الأراضي الفلسطينية، من بينها «ابن شوارع» لمحمد المغني و»فلسطين 87» لبلال الخطيب و»مار ماما» لمجد العمري. وكانت البداية بعرض فيلم وثائقي بعنوان «بنك الأهداف» للمخرج الفلسطيني رشدي سراج الذي استشهد في شهر تشرين الأول/أكتوبر المنصرم في قصف صهيوني على منزله في مدينة غزة. يوثق هذا الفيلم القصير الذي تابعه جمهور واسع من العنابيين، من بينهم عائلات وشباب وعدد كبير من الفنانين والسينمائيين المشاركين في المهرجان، مشاهد الدمار وآثار القصف العنيف على غزة، وينقل للمشاهد شهادات حية عن آلام ومعاناة المدنيين تحت قصف الكيان الصهيوني.
وران على الحاضرين في قاعة المسرح الجهوي عز الدين مجوبي، السكون وهم يتابعون على مدار 20 دقيقة، جزءا معبرا عن معاناة الفلسطينيين اليومية، التي يلخصها مخرج هذا الفيلم ببراعة وصدق، وهو الذي قضى شهيدا من العدوان الذي أراد أن ينقله بعضا من بشاعته للعالم. ومن المشاهد التي شدّت الجمهور، شهادات المدنيين والصحافيين، من بينهم الصحافي الشهير وائل الدحدوح، على تفاصيل مأساة الفلسطينيين، والعرض المتسلسل لصور القصف مع التركيز على جهود الصحافيين لنقل مشاهد الدمار والتوثيق لما يحدث في غزة.
كما لامس الفيلم الفلسطيني القصير «سوكرانيا 59» الذي تم عرضه في قاعة سينماتيك عنابة، ضمن منافسة الأفلام القصيرة المبرمجة مشاعر الجمهور الحاضر.. يروي هذا الفيلم القصير لعبد الله الخطيب، في مشاهد مفعمة بالإنسانية، التعايش بين عائلتين لاجئتين من جنسيتين مختلفتين، لا يجمعهما سوى «مرارة اللجوء» هربا من الحرب. وتظهر قصة الفيلم التي تجري أحداثها في إحدى المدن الألمانية تأثير الأزمات على البشر، وكيف تجعلهم متحدين رغم اختلافاتهم العميقة. وعلى مدار 21 دقيقة يصور المخرج حالة التلاحم بين العائلتين الغريبتين عن بعضهما، وكيف أنهما وجدا قواسم مشاركة منحتهما القدرة على التكيف والصبر، رغم مرارة الإبعاد عن الوطن.
أما الفيلم الفلسطيني القصير «الممر» للمخرج أمين نايفة، فقد عرض معاناة ثلاثة إخوة فلسطينيين وشقيقتهم، يحاولون زيارة جدهم طريح الفراش، المقيم في الجهة الأخرى من جدار الفصل الذي أقامه الاحتلال الصهيوني، وهو فيلم تم تصويره وإنتاجه في ظروف خطرة للغاية.

ولم يقتصر برنامج «تحيا فلسطين» على عرض الأفلام، فقد تضمن أيضا تنشيط ندوات لسينمائيين شباب مشاركين في المهرجان، حول معاناة السينما الفلسطينية وإصرار الفاعلين فيها على إخراج القضية إلى العالم، باستعمال سلاح الفن السابع، رغم ما يكلفه ذلك من ثمن قد يصل إلى الاعتقال وحتى الاستشهاد.
وفي حديثه عن فيلم «الممر»، أكد المخرج أمين نايفة، أن إنجاز العمل «كان صعبا جدا، بالنظر للعراقيل والتهديدات التي واجهتنا أثناء التصوير»، وذكر أن تصوير مشاهد الفيلم الذي يستغرق 11 دقيقة «تطلب منا العمل في سرية تامة لتفادي مصادرة المعدات وحذف المشاهد المصورة من طرف المحتل الصهيوني». وأبرز المخرج أن تصوير الأفلام في فلسطين المحتلة، يتم تحت الضغط لأن جيش الاحتلال الصهيوني «يمنعنا من استغلال الصوت السينمائي من أجل التحدث عن القضية الفلسطينية والتنديد ببشاعة الاحتلال الصهيوني». ورغم الصعوبات الاقتصادية التي تعيق تطور هذه الصناعة، أكد المخرج الفلسطيني «أهمية الدفاع عن القضية الفلسطينية من خلال السينما على وجه الخصوص»، منوها بالتفاتة مهرجان عنابة للتعريف بالقضية الفلسطينية، من خلال السينما التي تعد أبلغ وسيلة للتعبير والتنديد بويلات الحرب والظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون.
وفي الشق التضامني، أكدت الممثلة الإسبانية إيتزيار إيتونو، التي تم تكريمها بالمناسبة بأن هذا الحدث يشكل «نافذة للدفاع عن القضايا العادلة والإنسانية»، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. وكانت إيتونو وهي أيضا مغنية، قد اشتهرت عالميا بفضل مسلسل «لاكاسا دي بابيل» (بيت المال) الذي لعبت فيه دور المفتشة راكيل «لشبونة» موريللو. وذكرت النجمة الإسبانية في ندوة صحافية، أن الممثلين عبر العالم «يتمتعون بصورة وشهرة وصوت يتعين استغلالها في الدفاع عن القضايا العادلة ومعارك التحرر»، مشيرة إلى أن الممثل أمام خيارين إما التفاعل أمام ما يدور حوله، أو البقاء مكتوف اليدين». وتابعت: «أنا اخترت عدم الصمت والتعبير عما يجول في خاطري من أجل الدفاع عن القضايا العادلة والإنسانية». وأبرزت أنها اختارت عن وعي الدفاع عن فلسطين وشعبها وقضيته العادلة.
وينتظر أن يسدل مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي الستار يوم الثلاثاء 30 نيسان/أبريل الجاري، بعد أسبوع حافل بالعروض. وقد شهدت هذه الطبعة مشاركة 70 فيلما 46 منها تتنافس على جائزة المهرجان «الغزال الذهبي» وذلك في فئات «الأفلام الروائية الطويلة» و»الأفلام القصيرة» والأفلام الوثائقية»، منها ما يعرض لأول مرة، علما أن السينما الإيطالية هي ضيف شرف المهرجان.
وتتكون لجنة تحكيم المهرجان من خمسة أعضاء من بينهم السينمائية الجزائرية عديلة بن ديمراد، والأمريكية جوستين باردا، والسيناريست والمخرج التركي، نوري بيلج جيلان، وهو في الوقت نفسه رئيس اللجنة، ومخرجتان سينمائيتان من إسبانيا وإيران. وستكون مهمة هذه اللجنة صعبة في اختيار الفائزين بالنظر لقوة العروض وتقاربها من حيث المستوى، وفق مختصين في الشأن السينمائي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية