في الذكرى الـ 66 للنكبة نفوس غاضبة… وذكريات عن أرض… لا تُنسى

حجم الخط
3

بيروت ‘القدس العربي’ من سعد الياس ‘فليمسي وطني حراً فليرحل محتلي’ كلمات أغنية ليست كباقي الكلمات ولحنها المفعم بالعنفوان والثورة ليس كباقي الألحان. هذه الاغنية لا بدّ وأن تراودك بكلماتها وألحانها كلما اقتربت من أحد مخيمات البؤس الفلسطينية المنتشرة في لبنان بدءاً من الجنوب مروراً ببيروت والبقاع وصولاً الى الشمال.
وكلما رأيت طفلة فلسطينية صغيرة لا تعرف بلدها فلسطين، لكنها تتظاهر في الذكرى الـ 66 للنكبة متمسكة بالعودة الى أرضها وبساتينها وترقص على أنغام وطنها امام مقر الامم المتحدة في الاسكوا في وسط بيروت وهي تلفّ العلم الفلسطيني حول عنقها لا بدّ أن تتفاعل معها ومع جسدها الغاضب وأن تغني معها للقدس ويافا وأريحا وللشجر الواقف في غزة والنهر الجارف في الاردن والجسد الغاضب في الضفة.
وفي حديث لـ ‘القدس العربي’ قالت فتاة فلسطينية لفّت رأسها بالعلم الفلسطيني ‘ أنا معتصمة علشان النكبة، صحيح صار لنا 66 سنة بعيدين عن بلادنا بس رح نضلّ نعلّي صوتنا، ورح نرجع على فلسطين يعني رح نرجع على فلسطين ‘.وقال أحد المشايخ الذي شارك في ذكرى النكبة ‘لسنا هنا من اجل الذكرى فقط إنما من أجل التصميم مجدداً على التحرير والعودة، ونأمل أن يكون تحركنا شرارة متجددة في الثورة من أجل تحرير فلسطين والعودة اليها’.
وبالانتقال الى عاصمة الجنوب، فإنك وأنت تراقب القوارب الفلسطينية التي رفعت الاعلام الفلسطينية وانطلقت تحت شعار مسيرة العودة البحرية من صيدا الى فلسطين رافضة مشاريع التوطين والتهجير لا بدّ وأن تشعر بحجم الشوق الى الديار وبمدى رفض الواقع المر في الشتات. فراكبو هذه القوارب والمراكب كانوا يشدّون مع مارسيل خليفة الهمّة وكانت مراكبهم تنده للحرية ، وكلما اقتربت المراكب من الشاطىء الفلسطيني البعيد كان القلب يحكي والدمع يشكي.
والواقع أن القلب يدمع على ما آلت اليه أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الذين يصرّون رغم كل المآسي على الاحتفال بمناسباتهم الوطنية، وهذا ما فعله مخيم عين الحلوة الذي رغم الوضع الأمني الحذر فيه في اعقاب سلسلة من الاغتيالات لم يغب الاعتصام الرمزي امام مقر حركة ‘فتح’ الذي شارك فيه قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي ابو عرب، وامين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في منطقة صيدا العميد ماهر شبايطة وممثلو القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية وشخصيات.
وكما في كل اعتصام لا تغيب الذكريات عن المسنّين الذين مازالوا يتذكّرون كروم العنب والزيتون ورائحة الليمون في قراهم قبل أن يرحلوا قسراً عنها في العام 1948 ، وبعضهم يروي صفحات من طفولته ومن الحياة الجميلة عندما كان في عمر 10 سنوات قبل أن تذهب به الاقدار الى ارض لبنان الذي استضافنا كما يقول منذ 66 سنة ، ووصلناه بعدما مشينا مسافات طويلة .
ويؤكد فلسطيني آخر وملامح وجع الغربة بادية على وجهه ‘مش ممكن ننسى أرضنا ، فقلوبنا وأرواحنا معلّقة فيها’.
وكأن التراجيديا الفلسطينية لا تنتهي فصولاً على مرّ السنوات الماضية فجاءتهم الازمة السورية لتزيد من معاناتهم مع نزوح أعداد كبيرة من السوريين الى المخيمات الفلسطينية في لبنان مع ما يلقونه من إجراءات تعسفية على المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا. فلبنان يمثل تقريباً المنفذ الوحيد أمام النازح الفلسطيني الهارب من آتون الصراع في سوريا، وأي إغلاق لهذا الباب في وجهه أو اعادته الى سوريا يعني الحكم عليه بمواجهة شتى أنواع المخاطر، وهذا ما دفع بعضهم للاعتصام في مخيم البداوي ـ طرابلس، للتنديد بسياسة بعض السلطات اللبنانية وقرار ‘ الترحيل ‘ لمجموعة جُلّها من النازحين الفلسطينيين.وكانت الدولة عمدت الى ترحيل 49 نازحاً فلسطينياً الى سوريا بعدما وصلوا الى مطار بيروت بسمات سفر مزوّرة ما أثار استياء بعض الناشطين الذين استنكروا إجراء الترحيل الذي خرقه ثلاثة شبان فلسطينيين من أبناء مخيم اليرموك المنكوب والذين رفضوا المصير القاتم فاختاروا بحزم القفز من المركبة التي كانت تقلّهم الى الحدود السورية ولاسيما أن مصيرهم سيكون حتماً في حال العودة الاعتقال أو الموت لأنهم بحسب القوانين السورية متخلفون عن خدمة العلم.
وهذه القضية هي التي دفعت وزير الداخلية نهاد المشنوق الى التأكيد بأنه لا يوجد قرار بمنع دخول النازحين الفلسطينيين من سوريا الى لبنان، لكنه تحدث عن معايير تنظم الدخول.
ولا توجد إحصاءات رسمية واضحة عن عدد النازحين الفلسطينيين من سوريا الى لبنان في وقت يتحدث البعض فيه عن قدوم ما بين 7 الى 8 آلاف عائلة معظمها توجّه الى المخيمات ليرتفع بذلك عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الذي يبلغ وفقاً لإحصاءات الأونروا حوالي 422،188 لاجئ، يعيش منهم 222،776 لاجئ داخل المخيمات و199،412 لاجئ خارج المخيمات. وكانت الأونروا تشرف على 16 مخيماً رسمياً، دمّر منها ثلاثة أثناء سنوات الحرب، وتحديداً منذ عام 1974 وحتى عام 1976 ولم يُعدْ بناؤها من جديد، هي: مخيم النبطية في جنوب لبنان، ومخيما الدكوانة (تل الزعتر) وجسر الباشا في بيروت.
وهناك مخيم رابع هو مخيم غورو في بعلبك جرى إجلاء أهله عنه ونقلهم إلى مخيم الرشيدية في منطقة صور في ستينيات القرن الماضي.
ويقيم أكثر من نصف اللاجئين في 12 مخيماً منظماً ومعترفاً بها لدى الأونروا تعيش معاناة إنسانية حقيقية، من بنى تحتية غير مناسبة واكتظاظ سكاني، نسبة فقر مرتفعة ونسبة بطالة متزايدة ويسجِّل اللاجئون في لبنان أعلى نسبة لاجئين من فئة الحالات الصعبة بين اللاجئين في الدول المضيفة: الرشيدية، برج الشمالي، البص، عين الحلوة، المية ومية، برج البراجنة، شاتيلا، مار الياس، ضبية، ويفل (الجليل)، البداوي، ونهر البارد.
ويقيم باقي اللاجئين في المدن والقرى اللبنانية، إضافة إلى تجمعات سكنية جديدة نشأت بسبب تطورات الأوضاع في لبنان. ومن أهم هذه التجمعات غير المعترف بها من الأونروا: المعشوق، جلّ البحر، شبريحا، القاسمية، البرغلية، الواسطة، العيتانية، أبو الأسْوَد، عدلون، الغازية، وادي الزينة، الناعمة، سعدنايل، تعلبايا وغيرها.
وكانت الدولة اللبنانية أقرّت منتصف شهر آب/اغسطس من العام 2010 بعض الحقوق المدنية للفلسطينيين في جلسة عقدها مجلس النواب اللبناني وطوت صفحة بشعة في العلاقات اللبنانية الفلسطينية.
وكانت تصريحات معظم النواب مع إقرار هذه الحقوق، لكن هناك من رأى أنه لا يجب أن تُعدّ هذه الحقوق توطيناً مبطناً، وهناك من أراد أن تكون هذه القوانين ميثاقية وأن يُصوَّت عليها بإجماع الثلثين، وهناك من تخوف من أن يكون إقرار هذه القوانين باباً لعدم تمسك الفلسطيني بحقه في العودة إلى دياره.
اما أبرز ما حصل للاجىء الفلسطيني فهو إعفاؤه من الرسوم في اجازة العمل وإعفاؤه من الكفيل والسماح له بمزاولة بعض المهن من دون السماح له بحق التملك. وقال يومها نواب لبنانيون أن التملك يغطي بصورة غير مباشرة عملية تسهيل بقاء الفلسطيني خارج أرضه أي حيث يملك الفلسطيني بيتاً سيبقى ولو صار عنده حق العودة.
وقالوا ‘إذا كان الفلسطيني يريد مسكناً لائقاً يعيش فيه ولديه القدرة المالية يمكنه أن يستأجر، والايجار يحميه ويؤمن له الحياة اللائقة، وعندما تُحل القضية الفلسطينية وتصبح لديه الجنسية الفلسطينية يُطبّق عليه ما يُطبق على السوري والسعودي والمصري وكل الجنسيات’.
وفي الختام ليس امام الفلسطيني اللاجىء قسراً الى لبنان إلا ترداد ‘سنرجع يوماً الى حيّنا ونغرق في دافئات المنى… سنرجع مهما يمر الزمان وتنأى المسافات ما بيننا’.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول غادة الشاويش:

    المستشفى الذي عج يومها بمئةوعشرين جريحا وستة شهداء جميعه ممن ابناءالمخيمات البائسة رحمهم الله ووفقنا الله للثار لدمائهم ولا نامت اعين الجبناء
    وزارة المستضعفين ، عاصفة الثار ، ام ذر الغفارية

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    اعتقد انه يجب على الفلسطينيين رفع قضيه على بريطانيا بسبب
    انها مهدت لمشكلة اللاجئين من خلال المذابح اللتي تمت تحت سلطتها
    من خلال اعطاء الاسلحه للصهاينه وسلبها من الفلسطينيين

    حياة اللاجئ الفلسطيني في بلادنا حياة لا تطاق
    الله يعينهم ويحنن عليهم خلقه

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول فريد الجزائر:

    رغم اننا نتدكر دائما فلسطين و معاناة الشعب الفلسطينى كل هده السنوات لكن ابتليت الامة بعدة نكبات كل نكبة تنسى اختها و اصبحت القضية الفلسطينية مجرداوراق يتلاعب بها هدا او داك و مع دلك هناك تفاءل بان ما يحدث فى المنطقة هو فى صالح فلسطين برغم كل دلك الالم و العداب

إشترك في قائمتنا البريدية