غوارديولا مع السيتي… هل هي نهاية مرحلة؟

«كان عاما رائعا فزنا فيه بكل شيء، لكن هل يمكننا فعل نفس الشيء مستقبلا»؟ هذا الكلام قاله بيب غوارديولا بعد فوزه بكأس العالم للأندية، لقبه الخامس في سنة 2023 اضافة الى الدوري الإنكليزي ودوري الأبطال وكأس الاتحاد الانكليزي والسوبر الأوروبي، والأول من نوعه للسيتي، والثالث له في مشواره الكروي بعد تتويجه به مع البارسا والبايرن، واللقب السابع والثلاثين في مشواره الكروي على مدى أربعة عشر عاما، ما قاده الى طرح السؤال على نفسه أمام الصحافيين في وقت خرج فيه من مسابقة كأس الرابطة الانكليزية مبكرا، وتراجع إلى المركز الرابع في الترتيب، ما يقود إلى طرح سؤال بديهي حول قدرات غوارديولا على الاستمرار في تحقيق البطولات مع السيتي أو غيره من الأندية.
غوارديولا الذي صار أول مدرب يفوز بثلاث كؤوس عالم مع أندية مختلفة، وثاني أكثر مدرب تحقيقا للألقاب بـ37 لقبا في 14 عاما، بعد أليكس فيرغسون الذي حقق 49 لقبا في 39 عاما، قال أيضا في تصريحاته الأخيرة: «بعد ثماني سنوات من الانجازات، أشعر بأننا في نهاية الطريق»، في اشارة الى نهاية مرحلة يجب تقبل تداعياتها على حد قوله، قد تؤدي الى رحيله، خاصة اذا لم يحافظ على لقب الدوري في نهاية الموسم لأنه المعيار الأساسي لنجاح أي مدرب في انكلترا، رغم أنه يملك فريقا قادرا على المنافسة لسنوات أخرى بفضل فلسفته الكروية ومنظومة لعبه التي غيرت العديد من المفاهيم في لعبة كرة القدم التي تجمع بين الروح والمهارة الفردية واللياقة البدنية والاستحواذ وسرعة الاسترجاع بفضل الضغط الذي يفرضه على المنافسين بالاستناد على أفضل اللاعبين.
الأموال التي أنفقها السيتي طيلة السنوات العشر الماضية كانت عاملا مهما في صناعة الفارق، لكن قدرة غوارديولا على تسيير كرسي الاحتياط وغرف الملابس التي تعج بالنجوم، كانت علامة فارقة أيضا في تحقيق كل البطولات والألقاب بفضل شخصيته التي فرضها على الجميع، وجعلت محرز وبرناردو سيلفا وفودن وغريليش ورحيم ستيرلينغ وليروي ساني يجلسون في كرسي الاحتياط عند الضرورة، ويقبلون سياسة المداورة التي كان ينتهجها كل مرة مع لاعبين كبار، وكانت المنافسة بينهم دافعا كبيرا لتحسين مردودهم الفردي في خدمة مجموعة شغوفة باللعب وإعطاء أحسن ما لديها أثناء المباريات رغم كثرتها، حيث بلغت أحيانا 60 مباراة في الموسم الواحد.
صحيح أن وفرة الأموال ونوعية اللاعبين في الفريق صنعوا الفارق، لكن إنفاق تلك الأموال بالشكل المطلوب، وتسيير المجموعة في التدريبات والمباريات وغرف الملابس وكرسي الاحتياط بالشكل اللائق فنيا ونفسيا من طرف غوارديولا صنع الفارق أيضا، ما جعله العامل الأساسي في تحقيق معدل لقبين كل موسم مع السيتي على مدى ثماني سنوات، ليحافظ على مستوى ومردود فريقه رغم التغييرات التي حدثت على مستوى التركيبة التي تمكن من تطعيمها أيضا بلاعبين شباب من خريجي الأكاديمية الذين استثمر فيهم الفريق بالموازاة مع استثماراته في النجوم التي تعاقبت على الفريق بشكل منتظم ومدروس حسب الحاجة لمواجهة كل التحديات التي واجهها الفريق.
بعد كل هذا صار من الصعب تصور السيتي من دون غوارديولا، أو حتى تصور غوارديولا بعيدا عن السيتي، لأن الفريق لن يجد مثيلا له، والمدرب لن يجد الأريحية والامكانيات التي وجدها في السيتي، ومع ذلك سيرحل يوما مثلما رحل فيرغسون عن المان، وعندها لن يكون السيتي هو السيتي ولا غوارديولا هو غوارديولا، ولا حتى كرة القدم هي كرة القدم بمتعتها التي شاهدناها على مدى سنوات صار فيها السيتي الأفضل في العالم، وغوارديولا ثاني أكثر مدرب تتويجاً في تاريخ كرة القدم.

اعلامي جزائري

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية