عقوبات مجحفة في حق يوسف عطال؟  

كل الأنظار كانت متجهة يوم الأثنين الماضي نحو محكمة نيس، حيث وقف مدافع المنتخب الجزائري يوسف عطال أمام قاضي التحقيق في التهمة الموجهة إليه بالتحريض على الكراهية من خلال إعادة نشر تغريدة على حسابه في “انستغرام”، سرعان ما حذفها واعتذر عنها، لكن ذلك لم يمنع فريقه نيس من ايقافه عن خوض التدريبات الجماعية، ولم يمنع الرابطة الفرنسية من حرمانه اللعب مع فريقه سبع مباريات، قبل أن يتم توقيفه ومحاكمته، ويلتمس في حقه المدعي العام عقوبة 10 أشهر سجنا غير نافذ، ودفع غرامة مالية بقيمة 45 ألف يورو، وإلزامه بنشر الحكم لمدة شهر في حسابه على “انستغرام”، على أن يصدر الحكم النهائي في الثالث من يناير/كانون الثاني المقبل، وهو الحكم الذي لن يمنع عطال من الالتحاق بالمنتخب الجزائري للمشاركة في نهائيات كأس أمم افريقيا، ولن يمنعه من الرحيل عن نيس الى وجهة أخرى.
الجماهير الجزائرية في نيس حضرت المحاكمة بأعداد كبيرة، ما دفع المنظمين إلى تغيير قاعة المداولات، وحضرها يوسف عطال الذي وقف معه سبعة محامين تم تكليفهم من طرف السلطات الجزائرية للدفاع عن اللاعب الدولي الذي أنكر تهمة التحريض على الكراهية و العنف أو معاداة السامية، قائلا: “لقد شاركت الفيديو لأنني كنت أرى أنها رسالة سلام وأن الناس يعانون خلال هذه الحرب، لسوء الحظ يؤسفني عدم إكمال مشاهدته حتى النهاية، وبعدها بساعات حذفته وقدمت اعتذاري”، لكن النائب العام حاول توريط اللاعب بسؤال مستفز عندما قال له: “لماذا لم تنشر عن عمليات حماس في السابع من أكتوبر وسقوط ضحايا من الجانب الإسرائيلي”، إلا أن اجابة يوسف عطال كانت عامة، من خلال تشديده على رفضه لكل أشكال العنف وسقوط الضحايا الأبرياء مهما كانت جنسياتهم.
بعض المتابعين اعتبروا التماس النائب العام قاسيا، وتسعى من خلاله السلطات القضائية الفرنسية الى تخويف غيره من المقيمين في فرنسا، وخاصة ذوي الجنسية المزدوجة، من الذين يفكرون في التعاطف مع الشعب الفلسطيني مستقبلا في ظل استمرار العدوان الاسرائيلي على غزة، وتصاعد العداء تجاه المسلمين والعرب المهاجرين، بينما اعتبر البعض الأخر أن الالتماس كان مخففا بعد أن اقتصرت التهمة على اثارة الكراهية وسقطت عنه تهمة التحريض على العنف ومعاداة السامية بسبب الضغوطات الجماهيرية والاعلامية التي انتقدت حتى عقوبة الرابطة الفرنسية لكرة القدم بحرمانه من اللعب سبع مباريات بتهمة غير رياضية لا تتضمنها لوائح الاتحاد الفرنسي لكرة القدم.
وفي الثالث من يناير المقبل ينتظر أن يسقط التماس عقوبة السجن مع وقف التنفيذ ويكتفي القاضي بتسليط عقوبة الغرامة المالية التي تصنف ضمن خانة العقوبات الأصلية، لكن اذا وافق على نفس الحكم الابتدائي في أول درجة سيكون بإمكان اللاعب الطعن فيه بالاستئناف بعد تبليغه في الآجال المحددة، ما يسمح للاعب بالالتحاق بالمنتخب الجزائري مباشرة بعد إصدار الحكم، لتحضير المشاركة في نهائيات كأس أمم أفريقيا في كوت ديفوار، لكن مهما كان الحكم، فإن قصة عطال مع نادي نيس ستنتهي في الميركاتو الشتوي الذي سيكون فرصة لإدارة النادي لدراسة العروض التي ستتهاطل على اللاعب من خارج فرنسا، خاصة وأن عقده سينتهي في يوليو/تموز المقبل، ولم يعد يرغب في الاستمرار مع ناد لم يدافع عنه، بل ورطه استجابة لضغوطات سياسية وأمنية فرنسية.
يوسف عطال ممنوع حاليا من مغادرة التراب الفرنسي إلى غاية إصدار الحكم في الثالث من يناير، وحينها يلتحق بمنتخب بلاده متأخرا في انتظار معرفة وجهته المقبلة بعيدا عن أجواء عنصرية حاقدة عاشها حتى مع مدربه كريستوف غالتييه عندما كان مدربا لنادي نيس، ويعيشها الكثير من العرب والأفارقة، والمسلمين بالخصوص في كل المجالات والمناسبات، وعلى كل المستويات من طرف أنظمة تكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بمصالح اسرائيل أو أي بلد أوروبي على غرار أوكرانيا، من دون أدنى اعتبار لقيم ومثل الحرية والعدالة والمساواة بين الأفراد والمجتمعات، التي صدع بها رؤوسنا الغرب وأمريكا.

إعلامي جزائري

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية