صراع كلوب وغوارديولا… نهاية الفتنة الكبرى في البريميرليغ!

عادل منصور
حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: بعد سنوات مليئة بكل أنواع الإثارة والتشويق، أسدل الستار على الصراع الأكثر حدة وشراسة في الدوري الإنكليزي الممتاز خلال العقد الماضي، وبالنسبة للبعض، انتهى التنافس الأعظم على الإطلاق في الدوري الأغنى والأشهر عالميا منذ تعديل اسمه ونظامه في بداية تسعينات القرن الماضي، والإشارة إلى انتهاء حقبة الثنائي بيب غوارديولا ويورغن كلوب، التي أعادت إلى الأذهان زمن المنافسات الثنائية الجميل في البريميرليغ، لكن بطريقة أقل ما يُقال عنها مختلفة تماما عن الصورة الكلاسيكية المحفورة في الأذهان عن أبطال الصراعات الثنائية في العقود الثلاثة الأخيرة، والأمر لا يتعلق فقط بالاحترام الكبير المتبادل بين المدربين، بل أيضا لنجاح الاثنين في أخذ المنافسة في وطن كرة القدم إلى مستوى آخر، أو بلغة جيل «Z» ومواليد «الآيفون»، وصلا بشكل الصراع والتنافس في دوري الجبابرة إلى «ليفل الوحش»، من مجرد واحدة من مواجهات الخمسة أو الستة الكبار في إنكلترا، إلى ما أصبحت تُعرف الآن بمباراة كلاسيكو البريميرليغ بين مانشستر سيتي وليفربول، وفي رواية أخرى النزال المفضل للأغلبية الكاسحة من عشاق الطرب الكروي الأصيل والباحثين عن هرم الجودة وأحدث فنون التكتيك في عالم المستديرة على مستوى الأندية، كيف لا والحديث عن أفضل اثنين من المدربين في العالم وأكثرهم تطويرا للعبة في الوقت الحالي، وأمور أخرى تميز حقبة بيب وكلوب وتعطيها أفضلية على باقي صراعات المدربين الثنائية في الدوري الإنكليزي الممتاز كما سنناقش معا في موضوعنا الأسبوعي.

الرقصة الأخيرة

شاء القدر، أن تكون المواجهة الأخيرة بين آينشتاين المدربين الألمان والعبقري الكتالوني، التي جمعتهما على ملعب «الآنفيلد» في عطلة نهاية الأسبوع الماضي وانتهت بهدف للكل، معبرة تماما عن شكل المنافسة بين الفريقين في المواسم الخمسة الأخيرة، تلك المنافسة التي تبدو ظاهريا وكأنها غير متكافئة، ربما للتفاوت الكبير في السرعات بين الناديين في ما يخص الأوضاع المالية، وربما لحصول السكاي بلوز على بطولات أكثر من أحمر الميرسيسايد في هذه الحقبة، وبالطبع هذا ما سيبقى موثقا في أرشيف كاتب التاريخ، الذي بدوره لا يفتح مجلدات المجد إلا للمتوجين بالألقاب الكبرى على الصعيدين المحلي والقاري، لكن كما شاهدنا جميعا خلال تك المواسم، لم تسر الأمور بهذه السهولة واليسر مع الفيلسوف الأصلع، وذلك باعتراف مدافعه الأيمن كايل ووكر، الذي ظهر مؤخرا في «بودكاست» مع ريو فيرديناند ومجموعة من مشاهير الكرة والإعلام في إنكلترا، وتوقف خلاله عند عقدته في «الآنفيلد»، سواء في فترة وجوده مع ديوك توتنهام أو فريقه السماوي الحالي، الى درجة أنه لم يسبق له أن تذوق طعم الفوز على ليفربول في قلعته المهيبة ولو مرة واحدة، معتقدا أن الجمهور الأحمر يلعب دور البطولة المطلقة في هكذا مواعيد، بفضل تشجيعهم الجنوني للاعبين في الأجواء والطقوس الخاصة في ملعبهم، بطريقة تساهم بشكل أو بآخر في تقليل فارق الجودة مع المنافسين الأقوياء -باستثناء ليلة السقوط الحر بالخمسة أمام ريال مدريد في إقصائيات الموسم الماضي من دوري أبطال أوروبا. ويكفي أن كل من ألقى نظرة عابرة على التشكيل الأساسي للفريقين قبل معركة الأحد الماضي، راوده ذاك الشعور، بأنها ستكون مجرد نزهة سهلة لبيب وكتيبته المخيفة، وذلك بطبيعة الحال بسبب الغيابات التي يعاني منها فريق كلوب منذ بداية العام الجديد، ونتحدث عن فريق بدأ المباراة بدون الحارس الأول أليسون بيكر، والظهيرين الأساسيين ألكسندر ترينت أرنولد وأندي روبرتسون، وقلب الدفاع إبراهيم كوناتي والأسطورة محمد صلاح على مقاعد البدلاء، مقارنة بالمنافس المسلح بُجل أسلحته الفتاكة. وما عزز الاعتقاد، البداية النارية لحامل اللقب في أول ربع ساعة، التي أعطت إيحاء وكأن المباراة تُلعب في قلب ملعب «الاتحاد» وبين أنصار السيتي، بهجوم كاسح بطول الملعب وعرضه، بهدف قتل معنويات صاحب الأرض بأكثر من هدف في أول 45 دقيقة، لكن مع الوقت، وتحديدا بعد استقبال هدف جون ستونز، الذي جاء بهفوة دفاعية ساذجة في عملية المراقبة أثناء تنفيذ الركلة الركنية من الجهة اليمنى، نجح رجال كلوب في العودة إلى أجواء المباراة بشكل تدريجي، إلى أن حدث التحول الكبير في الشوط الثاني، الذي وصفه الكثير بالنقاد والمتابعين بالانفجار العظيم، الذي كاد يفتك بفريق غوارديولا، لولا إفراط الكولومبي لويس دياز، في الرعونة في تسجيل الفرص المحققة بنسبة 100% التي أتيحت له في الحصة الثانية، أبرزها هدية أبو صلاح التي وضعته وجها لوجه مع الحارس ايدرسون، وفي الأخير أطاح بها في المدرجات، من أصل 3 محاولات، كانت في السابق تترجم إلى أهداف في زمن طيب الذكر ساديو ماني والساحر البرازيلي روبرتو فيرمينو، ناهيك عن الفضيحة التحكيمية التي أثارت جدلا على نطاق واسع، بتغاضي حكم المباراة وطاقم تقنية الفيديو (الفار) عن احتساب ركلة جزاء، ليست صحيحة فحسب، بل على طريقة «الطقطقة» السعودية «غوارديولا نفسه يستحي انه ما يحسبها»، بسبب تهور دوكو في تدخله على ماك أليستر داخل مربع العمليات، وذلك بصرف النظر عن توقيت الالتحام الذي حدث في آخر لحظات الوقت المحتسب بدل من الضائع.

التحول والرفاهية

يبقى الشاهد وما أشرنا أعلاه، أن معركة الأحد الماضي كانت مجسدة لشكل ونهج المنافسة بين ليفربول يورغن كلوب ومانشستر سيتي بيب غوارديولا، أحدهما وصفه مدافع ليفربول ألكسندر أرنولد بـ«آلة مصممة للفوز»، وآخر يعتمد على مجموعة من الوحوش البشرية، التي ينطبق عليها المثل الرائج بين المدربين «لا أحد يتمنى مقابلهم»، وذلك بعيدا عن حصيلة ألقاب النادي في عهد كلوب، الذي تسلم فريقا مفككا في أواخر 2015، أو كما يقولون ورث فريقا مفلسا من بريندان رودجرز، يضم أنصاف نجوم من نوعية ستيفن كوكر وجو ألين وكريستيان بينتيكي، حتى القائد التاريخي ستيفن جيرارد، كان قد اكتفى بما قدمه للكيان منذ الطفولة، ومن خلال حرفيته وبراعته في التوظيف والإدارة العبقرية والقوة المطلقة للشخصية، نجح في تحويل ليفربول إلى بطل لكل الألقاب المحلية والقارية، على عكس غوارديولا، الذي لم يجد صعوبة كبيرة في بداية رحلته في الجزء السماوي لعاصمة الشمال، إذ كان في استقباله أسماء بوزن كيفن دي بروين وديفيد سيلفا وسيرجيو أغويرو، بالإضافة إلى مجموعة من الوجوه المألوفة من فترته في برشلونة انتظرت وصوله إلى النادي بفارغ الصبر، وبفضل سخاء الإدارة الإماراتية المستحوذة على النادي، نجح بيب وزملاء الأمس في «كامب نو» في بناء مشروع بالصبغة الكتالونية، وتجلى ذلك في هيمنة الفريق على البطولات المحلية في وطن كرة القدم، فقط كان سؤال المليون دولار هو: متى سيغزو السيتي أوروبا؟ وهو ما تحقق بعد انتظار طويل دام لنحو 7 سنوات، وفي المقابل، لا يملك الألماني هذا النوع من الرفاهية. صحيح أنه حطم رقمه القياسي في سوق الانتقالات أكثر من مرة، في صفقات من نوعية القائد فيرجيل فان دايك والأوروغواني داروين نونييز، لكن شتان الفارق على مستوى الإنفاق والمحاسبة، مثل ما يفعله بيب بإنفاق ما يزيد على 100 مليون جنيه إسترليني لشراء لاعب مثل جاك غريليش أو غفارديول، ثم يتركه على مقاعد البدلاء، غير أن هناك دائما لاعبا دوليا آخر ينتظر فرصته في المداورة خارج الخطوط، على غرار ما كان يحدث مع محارب الصحراء رياض محرز قبل انتقاله إلى الأهلي السعودي، والآن يفاضل بين دوكو وفودن وسيلفا وجوليان ألفاريز.

ولا ننسى أن التعاقدات الرنانة التي أبرمها ليفربول تحت قيادة كلوب، تم تمويلها من خلال الاستثمار الذكي في اللاعبين، أبرزها الاستغلال المثالي لصفقة القرن في النادي، حين تمت الموافقة على بيع فيليب كوتينيو لبرشلونة بأكثر من 120 مليون يورو، ذهبت لتمويل الجزء الأكبر من صفقتي فان دايك والحارس أليسون، في ما يصفها البعض من مشجعي النادي بالسياسة البخيلة التي تتبعها الإدارة الأمريكية المالكة للعلامة التجارية لليفربول، لكن الشيء الإيجابي، أنها لا تسمح بوقوع النادي في أي مخالفة تتعلق بلوائح اللعب المالي النظيف الخاصة بالاتحاد الأوروبي، وما تعرف بقواعد الربح والاستدامة الخاصة بالدوري الإنكليزي الممتاز، مقارنة بالشكوك التي تحاصر المنافس السماوي، الذي يصارع مع عشرات التهم الموجهة إليه من الدوري الإنكليزي الممتاز، ولو أن هذا لا يعني بالضرورة أن السيتي لم يكن يستحق نجاحاته الكبيرة في السنوات القليلة الماضية، بل من وجهة نظر محايدة، يبقى النموذج المثالي للأندية الكبرى الأخرى الطامحة في التحول إلى «آلة فوز» مثل المان سيتي، لكن في الوقت ذاته، سيكون من الصعب التسليم بأن ثلاثية 2023 كانت قصة ملحمية أو خيالية، بل تندرج تحت مسمى «الاستنتاج المنطقي» للمبالغ الفلكية التي أنفقتها الإدارة التابعة للحكومة الإماراتية، والمثير للإعجاب وساهم بشكل مباشر في صناعة هذا الصراع الفريد من نوعه بين غوارديولا وكلوب، أن الأخير لم ينجح في منافسة أفضل وأشرس وأقوى فريق شهدته إنكلترا في كل العصور فحسب، بل أيضا تمكن من التغلب عليه في بعض الأوقات، حتى لو ظل الناس يشيرون إلى عدد الألقاب ومقارنة الحصيلة النهائية بين الاثنين، لأن ما حققه كلوب في «الآنفيلد»، بعيدا عن أنه قصة خيالية قادمة من وحي أساطير الزمن الجميل، سيبقى نقطة التحول الأكثر أهمية في تاريخ النادي المعاصر، باعتباره الرجل المخلص الذي انتظره عشاق النادي في كل أرجاء العالم من أجل قيادة الفريق لأول لقب دوري بالمسمى الحديث، بالإضافة إلى النجمة السادسة في الكأس ذات الأذنين وباقي البطولات المحلية، آخرها خطف كأس كاراباو، التي وصفها كلوب بالبطولة الأكثر خصوصية في مشواره التدريبي، كونها جاءت من رحم المعناة، وبأقدام ما يُطلق عليهم أبناء يورغن كلوب، بعد انتشار عدوى الإصابات في غرفة خلع الملابس، فما بالك عزيزي القارئ لو فعلها مرة أخرى في نهاية الموسم؟ حتما سنلاحظ اختلافا كبيرا على مستوى المتابعة الإعلامية ورودود الأفعال في «السوشيال ميديا»، مقارنة بحدوث الشيء المتوقع، وهو احتفاظ السيتي باللقب للمرة الرابعة على التوالي، وذلك للتفاوت الكبير في الموارد والتناقض الصارخ جدا في النقاط في بداية الموسم، باعتباره موسما انتقاليا للريدز، يسعى من خلاله لتعويض خيبة أمل الموسم الماضي، ولو بالعودة مرة أخرى إلى المراكز المؤهلة لدوري أبطال أوروبا، بينما السكاي بلوز، كان وما زال المرشح الأوفر حظا للفوز باللقب، وفوق كل ما سبق، تشكل صراع كلوب وغوارديولا، في أوج سنوات تعدد المنافسة في الدوري الإنكليزي الممتاز، متمثلة في وجود هذا الكم الهائل من صفوة مدربي العالم في السنوات القليلة الماضية، على عكس أغلب صراعات المدربين الثنائية في العقود الماضية، ولهذه الأسباب، يرى البعض أن منافسة كلوب وغوارديولا تفوقت على باقي صراعات الماضي، والسؤال الذي يفرض نفسه: من سيظفر بالصراع الأخير في البريميرليغ بينهما؟ أم سيكون لعراّب مدفعجية آرسنال ميكيل آرتيتا، رأي آخر في نهاية الموسم؟ هذا ما سنعرفه في الجولات العشر المتبقية على نهاية الموسم والحقبة الأكثر فتنة في بلاد الضباب.

أشهر الصراعات

قبل بيب كلوب، شهدت الملاعب الإنكليزية العديد من الصراعات الثنائية، لكن كانت أغلبها منافسات قصيرة، باستثناء الصراع الأزلي بين شيخ المدربين سير أليكس فيرغسون مع مانشستر يونايتد وغريمه الأزلي الأستاذ آرسين فينغر مع آرسنال، تلك المنافسة التي ارتكزت في الأساس على التوتر والكراهية المتبادلة، بداية من إسقاط فيرغي في العام 1996، على منافسه الفرنسي، الذي كان ينال إعجاب النقاد والمتابعين بأفكاره الثورية حول التغذية والتكتيكات، قبل أن تتزايد مشاعر الازدراء بعد فوز آرسنال بالدوري الإنكليزي عام 1998، لينتقم الشياطين الحمر من هذه الهزيمة، بالفوز بالثلاثية التاريخية في العام التالي، وإقصاء المنافس المباشر من مباراة الإعادة في نصف نهائي كأس الاتحاد الإنكليزي، ووصل العداء الى ذروته في عام 2004، بعد واقعة سيسك فابريغاس الشهيرة، حين قام بإلقاء شريحة بيتزا بطريقة ساخرة على المدرب الاسكتلندي، بعد أن أنهى اليونايتد سلسلة آرسنال التي استمرت 49 مباراة بدون هزيمة، وفي نفس الفترة أيضا، كانت علاقة فينغر بالمدرب سام آلاردايس سيئة للغاية، وكان يظهر في تصريحات الفرنسي المتعالية على مدرب بولتون في موسم 2002-2003، وذلك لسوء طالعه في مبارياته الفارقة ضد البيغ سام، منها على سبيل المثال، عندما وجه الواندررز ضربة قوية للفريق اللندني في السباق على اللقب في نفس الموسم، حين نجحوا في تعويض تأخرهم بهدفين نظيفين إلى نتيجة التعادل بهدفين لمثلهما قبل إطلاق صافرة النهاية، وبعدها بأعوام، تسبب سام في ضياع اللقب على ضحيته المفضلة، ووقتها قاد بلاكبيرن روفرز لقهر المدفعجية بهدفين لهدف عام 2010، وعن تلك الفترة يقول المدرب السابق للمنتخب الإنكليزي في سيرته الذاتية «لقد استمتعت بالفوز على أرسنال أكثر من أي فريق آخر عندما كنت مدربا لبولتون، لقد تمكنا من الوصول إليهم وكان أرسين فينغر يكرهنا، لقد تعادلنا معهم أو فزنا عليهم أكثر من المتوقع ولم يتمكن فينغر من التعامل مع الأمر، وأتذكر في إحدى المرات أنه لم يصافحني في هايبري لأننا تعادلنا. رأيته يمزق ربطة عنقه ويرميها على الأرض في حالة من الغضب. إنه يأخذ الأمر على محمل شخصي للغاية ولديه جو من الغطرسة»، وعلى سيرة فينغر في سنوات «الشقاوة»، يتذكر عشاق البريميرليغ معاركه الشهيرة مع البرتغالي المثير للجدل جوزيه مورينيو، الذي جاء إلى تشلسي في العام التالي لحصول الغانرز على اللقب الذهبي بدون هزيمة، ليغير شكل وخريطة المنافسة منذ العام 2004 وحتى وقتنا الحالي، وكانت البداية بتجريد آرسنال من لقبه ثم الاحتفاظ به في الموسم التالي، ما تسبب في حالة العداء والكراهية المتبادلة بين الإثنين، التي وصلت ذروتها في مشهد الاشتباك بالأيدي في العام 2014، حيث كان «سبيشال وان» يتفنن في إثارة غضب فينغر، بوصفه بـ«متخصص فشل»، لابتعاده عن الألقاب لمدة 7 سنوات في بعض الفترات.
وبالنسبة لأول منافسة ثنائية بين المدربين على مستوى الدوري الإنكليزي، فكان بطلها الأول سير أليكس فيرغسون وخصمه آنذاك في نيوكاسل يونايتد كيفن كيغان، الذي كان يسير بخطى ثابتة نحو قيادة جيوش المدينة للفوز بلقب الدوري للمرة الأولى منذ 69 عاما، خاصة بعد اتساع الفارق بينه وبين تلاميذ فيرغسون إلى 12 نقطة في بعض الأوقات، وذلك قبل أن يتدخل فيرغي، بتصريحات تنبض بالخبث والدهاء الكروي، متهما الخصوم بالتساهل واللعب بأريحية أمام نيوكاسل، بعد فوز معقد كان اليونايتد قد حققه للتو على العدو القديم ليدز يونايتد، الأمر الذي تسبب في هجوم كيغان على السير، قائلا جملته الخالدة: «يمكنك الآن أن تخبره بأننا ما زلنا نقاتل من أجل هذا اللقب، وعليه التفكير في مباراته مع ميدلزبره»، مع ذلك فاز القلب الشجاع بمعركة الألعاب الذهنية، وتمكن من تحقيق لقب البريميرليغ الثالث له مع الشياطين الحمر، وتمت إقالة كيغان من معقل طيور الماغبايز في العام التالي، وتكرر نفس الإدعاء على فيرغسون في موسم 2008-2009، لكن هذه المرة من قبل مدرب ليفربول في تلك الفترة رافا بنيتيز، الذي كان يشغل وقته بالحديث عن تأثير فيرغي على قرارات الحكام في مؤتمراته الصحافية، لكنه في نهاية المطاف واجه نفس مصير كيغان، وخسر المنافسة في الأمتار الأخيرة مع القيدوم الاسكتلندي، فقط كان الإيطالي روبرتو مانشيني، أول وأكثر من أزعج السير بشكل حقيقي، بسبب تفوقه الكاسح على الشياطين الحمر، الذي ساهم بشكل مباشر في تغيير شكل المنافسة بين عملاقي المدينة، من تفوق على طول الخط لأصحاب المجد والتاريخ، إلى معارك متكافئة بنسبة 100%، إلى أن انقلبت الأمور رأسا على عقب بعد الفوز بلقب البريميرليغ في اللحظات الأخيرة عام 2012، ورغم ذلك، عاد السير في الموسم التالي والأخير في مشواره التدريبي، وتمكن من تحقيق آخر لقب بريميرليغ زين خزائن اليونايتد، ومثل فينغر والسير، خلق جوزيه مورينيو صراعات أخرى لن تمحى من الذاكرة، منها معركته الكلامية الشهيرة مع رافا بنيتيز، التي اندلعت عام 2005، باعتراض مورينيو على قرار لمساعد الحكم في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا بين تشلسي وليفربول عام 2005، وسرعان ما تحول الصراع إلى أمر شخصي، تجلى في مقولة مورينيو الشهيرة «إذا اهتمت زوجته بنظامه الغذائي فلن يكون لديه الوقت للحديث عني»، وفي فترته مع مانشستر يونايتد، دخل في نزاع شخصي مع الإيطالي أنطونيو كونتي، عندما كان على رأس الجهاز الفني للبلوز عام 2017، وآنذاك بدأت المناوشة بكونتي، بتصريحات أشار خلالها إلى أنه لا يريد إنهاء الموسم بطريقة مورينيو، في إشارة إلى استرخاء اللاعبين في نهاية الموسم بعد ضمان اللقب، ليرد جوزيه بتعليق على طريقته الخاصة، قائلا: «لن أفقد شعري بسبب أنطوني كونتي»، في إسقاط على أنطونيو بسبب عمليات زراعة الشعر، وفي نفس الفترة، حاول «سبيشال وان»، إحياء صراعه مع غوارديولا القديم في سنوات كلاسيكو ريال مدريد وبرشلونة، لكنه اكتفى بإفساد احتفالية السكاي بلوز بالتتويج بلقب البريميرليغ برصيد 100 نقطة، بريمونتادا على ملعب «الاتحاد» من تأخر 2-0 إلى انتصار نادر في عصر هيمنة النصف السماوي للمدينة، والسؤال لك عزيزي القارئ: ما هو أفضل صراع ثنائي في تاريخ أندية الدوري الإنكليزي الممتاز؟

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية