«صدفة» كاريكاتير درامي يعيد اكتشاف ريهام حجاج كممثلة

كمال القاضي
حجم الخط
0

الظهور السابق لريهام حجاج في أكثر من مُسلسل خلال السنوات القريبة الماضية لم يكن مُؤشراً لنجاح ساحق برغم حصولها على البطولات المُطلقة في ظل وجود نجمات لهن تجارب كبرى في الأعمال الدرامية، ربما لأن معظم ما قدمته ريهام من أدوار كان تقليدياً ونمطياً إلى حد كبير حتى وإن تنوع أدائها ما بين الخير والشر وفق اختياراتها وفي حدود الفرص المُتاحة التي لا شك في أن اقتناصها كان عاملاً أساسياً في استمرارها ووصولها إلى ما وصلت إليه.
الدور الذي تقدمه ريهام حجاج في مُسلسلها الجديد «صدفة» والذي يُعرض ضمن الأعمال التي تزخر بها خريطة رمضان الدرامية هذا العام يُمثل بالفعل نقلة نوعية مفاجئة على مستوى الموضوع والشكل والأداء، ولعل هذا الاختلاف هو ما دفع الجمهور للاهتمام بالمُشاهدة ومتابعة الحلقات بشغف شديد، فالشخصية التي كتبها وتفنن في صياغتها المؤلف أيمن سلامة امتلأت بالتفاصيل الجاذبة والمشوقة واحتوت على مُتغيرات حقيقية ساهمت في تطور الحدث الدرامي بما يُفيد الموضوع ويُعزز من قيمته.
وبالطبع كان التوظيف الإخراجي للمخرج سامح عبد العزيز موفقاً إلى حد كبير في إبراز جوانب القوة في الشخصية المحورية وبقية الشخصيات الأخرى على اختلاف أطوارها وأدوارها وماهيتها، الأمر الذي يؤكد أن وحدة الموضوع هي القاعدة التأسيسية لنجاح أي عمل درامي يُضاف إليها بعد ذلك ميكانيزمات الأداء الفردي والجماعي للمُمثلين ثم تأتي مرحلة التقنيات فتبلور المضمون وتُظهر مناطق الجمال في العمل ككل.
ولأن سامح عبد العزيز مخرج يتمتع بقدر كبير من الخبرة والمعرفة فإنه يمتلك بالطبع حرفة التحكم في الأدوات ففي الوقت المناسب يستغل عناصر الإجادة والدعم بشكل موضوعي فيخلق إحساساً إضافياً لدى المُتلقي يجعله أكثر تفاعلاً مع الأحداث، فهناك دور مهم نراه ونلمسه في العناصر التقنية كالإضاءة والموسيقى والمكساج والمونتاج والديكور والملابس والإكسسوار وغير ذلك من مُعطيات التكوين الطبيعي للعمل الناجح.
كما أن إدارة المُمثل تعد فناً آخر قائم بذاته وهي من اختصاص المخرج وحدة، فإذا امتلك هذه المهارة وأحسن استخدامها جاءت النتائج مُبهرة على النحو الذي نراه في أداء البطلة الرئيسية ريهام حجاج وبقية الأبطال الآخرين كسلوى خطاب وخالد الصاوي وبالتأكيد تظهر قُدرات المخرج كمايسترو للعمل في تمكنه من توجيه الممثلين الشباب الأقل خبرة بحكم السن كعصام السقا الذي بدا مرناً للغاية في تطبيق التعليمات والالتزام بالتوجيهات فظهر أدائه بشكل أفضل.

خبرة اختيار الأدوار

لقد برزت خبرات الفنان خلال الصاوي بطريقة مُلفتة في مسلسل «صدفة» ما يعني أن ما أفناه من جهد ووقت خلال السنوات الماضية إبان مجده الأول ومراحل تألقه المُختلفة في السينما والمسرح والتلفزيون لم يذهب هباءً وإنما بقي رصيداً مُدخراً له تكشف عنه أدواره وطريقة أدائه الخاص للغاية التي ينفرد بها دون غيره من النجوم، فهو مُقنع في شره وفي خيره وفي طيبته وفي قسوته، غير أنه بالتمرس والخبرة صار أكثر امتلاكاً لموهبته وفائق القُدرة على التحكم في انفعالاته فهو يؤدي الدور بأستاذية وإتقان شديدين، وتشابهه في ما يميزه سلوى خطاب التي اكتسبت مع الوقت خبرة اختيار الأدوار فازدادت نضجاً وإقناعاً.
وبالعودة إلى المُختلف في دور ريهام حجاج نلاحظ أن وعيها بالشخصية الدرامية كإنسانة لا تتمتع بالقدر الكافي من المسؤولية والحصافة قد مكنها من أداء الدور بمنتهى الأريحية والبراعة فهي تتحرك وتتكلم وتنفعل بتلقائية شديدة برغم صعوبة الدور والمستويات الذهنية المُتباينة لصدفة، البنت الساذجة حسنة النية التي تقترب في سلوكها العام من البلاهة برغم اشتغالها بمهنة التدريس التي تستلزم قدرا كبيرا من النباهة والألمعية والإحاطة بكل دقائق مجالها وتخصصها.
لكن فقدان الشخصية للكثير من المقومات والمؤهلات الواجب توافرها جعل أدائها التمثيلي صعباً للغاية، لكن اجتهاد ريهام الواضح مع المجهود المبذول من سامح عبد العزيز كمخرج ذلل الصعوبات ومكن البطلة من تقمص الشخصية بجدارة فبدت كأنها هي ذاتها صُدفة الفتاة الساذجة البلهاء قليلة الحيلة مُدعية الذكاء والحيطة، والمتواضعة في مظهرها وهيئتها والبسيطة في ردود أفعالها وطريقة حديثها وتعاملها مع أصدقائها وزملائها.
كل هذه النواقص في تكوين الشخصية الدرامية هي ذاتها سر التميز والخصوصية وعنوان الإثارة والتشويق فبدون التناقضات الملموسة في طبيعة صُدفة لا يوجد ما يُبرز اختلافها.
ولأن المواصفات الجوهرية للبطلة من صنع الكاتب أيمن سلامة وبنات أفكاره فالفضل لا بد أن يُنسب له من البداية فهو صاحب البصمة وواضع النواة الأولى للشخصية الكوميدية الكاريكاتيرية الفارقة والمُختلفة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية