صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية: لا لنكبة فلسطينية ثانية في قطاع غزة

وديع عواودة
حجم الخط
0

الناصرة: “القدس العربي”: قالت صحيفة “هآرتس”، في افتتاحيتها، اليوم، إن إسرائيل قامت في بدايات الحرب بطرد وتهجير الغزيين من منازلهم داخل شمال القطاع بدعوى أن هذا يقيهم مخاطر الاجتياح البري، وفيما كان اللاجئون الجدد يتكدّسون في منطقة رفح قامت بتخريب مدينة غزة: بيوتها ودكاكينها ومدارسها وجامعاتها ومؤسسات الحكم فيها.

تستذكر “هآرتس” أن قوات الاحتلال قامت أيضاً باقتطاع شريط جغرافي بعرض كيلومتر واحد على طول الحدود، تم “تطهيرها” من كل شيء، فأزالت البيوت والكروم والطرقات لتكون منطقة أمنية عازلة يُمنع الفلسطينيون من دخولها.

تتزايد الدعوات لإبقاء شمال القطاع تحت الاحتلال، كما هو الحال في الضفة، وبناء مستوطنات على أنقاض المدن والقرى الفلسطينية المدمرة

وتقول أيضاً إن جيش الاحتلال قام بشقّ طريق يقسم القطاع لنصفين بينهما معابر حدودية؛ شمال وجنوب غزة، وإن الغزيين المتبقّين في شمال القطاع متمسكون بخرائب منازلهم يكابدون خطر الجوع، وترفض إسرائيل إدخال المعونات الإنسانية لهم.

 وتتابع “هآرتس” أن إسرائيل رفضت خلال مفاوضات الصفقة تمكين اللاجئين في جنوب القطاع من العودة لديارهم، ووافقت فقط على عودة نساء وأطفال في المرحلة الأولى.

وفي إسرائيل تتزايد الدعوات لإبقاء شمال القطاع تحت الاحتلال، كما هو الحال في الضفة الغربية، وبناء مستوطنات في هذه المنطقة على أنقاض المدن والقرى الفلسطينية المدمرة في الحرب.

وتنبّه “هآرتس” إلى أن لهذه الدعوة شركاء داخل الحكومة، وفي أحزاب اليمين، بما فيها “الليكود”. وتتابع: “نتنياهو، الذي كان قد أدلى، في البداية، بتصريحات ضد استيطان يهودي داخل القطاع، يتحدث الآن عن بقاء طويل داخل القطاع، ويعارض كل حكم فلسطيني هناك “في اليوم التالي”.

وتوضح “هآرتس” أن القرارات بتهجير الغزيين؛ هدم المنازل وقضم شريط حدودي وشق طريق لتقطيع أوصال القطاع، قد تم اتخاذها داخل غرف موصدة، وفي ظل ضباب الحرب، والدعوات للانتقام من الفلسطينيين بعد السابع من أكتوبر.

وتضيف: “امتنعت إسرائيل كحكومة وجيش عن  إطلاع الإسرائيليين على هذه القرارات. ومع الوقت تتزايد المخاوف أن حالة الاقتلاع والخراب ستصبح واقعاً دائماً، وعندها يتحوّل سكان شمال القطاع إلى لاجئين، كآبائهم، الذين حوّلتهم نكبة 1948 للاجئين”.

وتخلص “هآرتس”، في افتتاحيتها التي تعتبر صوتاً في البرية الإسرائيلية، إلى القول إن هذه الحرب التي شنّتها إسرائيل لإسقاط “حماس”، واستعادة المخطوفين (ولم تحقق الهدفين بعد 170 يوماً) من المحظور أن تتحوّل لنكبة ثانية للفلسطينيين. وتؤكد أن مستقبل إسرائيل وأمنها يكمنان بشراكة مع الفلسطينيين ومع بقية الدول العربية المجاورة، وليس بإنتاج موجات جديدة من اللاجئين الذين سيُقْسِمون عندئذ على أنهم سيثأرون. احتلال طويل وبناء مستوطنات داخل القطاع يشكّلان جريمة حرب، وجريمة أخلاقية تعمّق الصراع، وتحوّل إسرائيل لدولة منبوذة في العالم”.

هآرتس: مستقبل إسرائيل وأمنها يكمنان بشراكة مع الفلسطينيين ومع بقية الدول العربية المجاورة، وليس بإنتاج موجات جديدة من اللاجئين

الأزمة مع أمريكا

الأزمة التي أجّجها نتنياهو مع الولايات المتحدة من شأنها أن تنعكس في كل الساحات. وقد قال محلل الشؤون العسكرية في الصحيفة عاموس هارئيل إن “مزاعم نتنياهو بأن قرار مجلس الأمن بوقف فوري للحرب على غزة قد مسّ بالمفاوضات هو زعم ليس نزيهاً تجاه المخطوفين أيضاً”. ويرى هارئيل أن “حصاد نتنياهو في اليومين الأخيرين يتلخص بأزمة حادة مع الولايات المتحدة؛ إعادة الوفد المفاوض من الدوحة، وحالة فوضى داخل الائتلاف الحاكم على خلفية الفشل في التوافق على موضوع تجنيد الحريديم للجيش”.

فيل داخل صالون زجاجي

ويرى هارئيل أيضاً أن الأزمة مع الولايات المتحدة هي الأزمة التي تثير قلقاً أكثر. ويتابع: “ليس واضحاً كيف تسمح لنفسها دولة متعلّقة بالكامل بالدعم الأمريكي على أنواعه أن تبدي استخفافاً بدولة عظمى هي الوحيدة المعنية بصالحها”.

وينقل هارئيل عن مصدر سياسي قوله إن نتنياهو “يتحرك في موضوع الحرب بشكل عام كفيل داخل صالة من زجاج”. وهذا يتكاتب مع رسم كاريكاتير للصحيفة، اليوم الأربعاء، يبدو فيه نتنياهو وهو يشعل النار بالعلم الأمريكي.

في التزامن، من المفترض أن ينهي وزير الأمن في حكومة الاحتلال يوآف غالانت زيارته للولايات المتحدة اليوم، بعد استكمال محادثاته مع جهات أمريكية حول طلب إسرائيل بتسريع حصولها على مقاتلات من طراز إف 35 واستمرار مدّها بالسلاح. وقالت الإذاعة العامة إن غالانت أوضح للأمريكيين بأن إسرائيل مضطرة لاجتياح رفح كي تتمكن من الانتصار على “حماس”، وفي المقابل استمع لطلبات أمريكية بزيادة المعونات الإنسانية للغزيين.

محلل إسرائيلي: كيف تسمح دولة متعلّقة بالكامل بالدعم الأمريكي على أنواعه لنفسها أن تبدي استخفافاً بدولة عظمى هي الوحيدة المعنية بصالحها

بيان نتنياهو كاذب

ورغم التقارير عن وقف المفاوضات، كشفت الإذاعة العبرية العامة، اليوم، أن بعض ممثلي إسرائيل ما زالوا متواجدين في الدوحة، وأن المداولات مستمرة، طبقاً لمصادر محلية وأمريكية وقطرية أيضاً.

ولفتت الإذاعة العامة إلى أن الفجوات ما زالت قائمة بين إسرائيل و”حماس”، بعدما رفضت هذه المقترحات الأمريكية، يوم الإثنين الماضي.

 وتنقل الإذاعة العبرية العامة عن مصادر إسرائيلية قولها إن “حماس” اتخذت قرارها، وقدّمت ردّها على المقترحات الجديدة قبل أن يصوّت مجلس الأمن على قرار وقف الحرب، ما يعني أن بيان مكتب نتنياهو الذي اتهم الولايات المتحدة بتحفيز “حماس” لرد سلبي بعدم استخدام “الفيتو” هو بيان كاذب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية