العقوبات الأمريكية المحتملة على كتيبة “نيتسح يهودا” تثير غضباً وقلقاً كبيرين في إسرائيل

وديع عواودة
حجم الخط
0

الناصرة- “القدس العربي”: تثير التقارير الصحفية عن نية الولايات المتحدة فرض عقوبات على كتيبة “نيتسح يهودا” قلقاً وغضباً في إسرائيل لدى الائتلاف والمعارضة على حد سواء، فيما تبذل مساع إسرائيلية لدفع واشنطن للامتناع عن هذه الخطوة غير المسبوقة، التي تنطوي على قيمة دعائية في الأساس من ناحية فضح جرائم الجيش بحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة.

 وفي ذات الوقت، تفيد أنباء جديدة عن نيّة واشنطن فرض عقوبات مشابهة على كتائب في شرطة الاحتلال، وفق ما تنشره صحيفة “هآرتس” العبرية، اليوم.

معلق إسرائيلي: “نيتسح يهودا” تعمل نيابة عن إسرائيل وكل الإسرائيليين دون استثناء

هذه الخطوة الأمريكية المحتملة بحق كتيبة “نيتسح يهودا”، التي تعني وقف التسليح والتدريب لها من قبل الولايات المتحدة، تثير مخاوف المستويين العسكري والسياسي في إسرائيل من خطوات متتالية مشابهة مستقبلاً تضرب ضربة حاسمة منظومة الدفاع القضائية الإسرائيلية أمام المجتمع الدولي.

في المقابل، كُشف، هذا اليوم الإثنين، عن تلقي هذه الكتيبة، التي تورطت بجرائم قتل وتنكيل بحق مدنيين فلسطينيين، تبرعات ومبادرات دعم واسعة من قبل الإسرائيليين.

ووَصفَ رئيس حكومة  الاحتلال بنيامين نتنياهو العقوبات الأمريكية المحتملة بأنها انحطاطٌ أخلاقي. وأضاف، في بيان: “لا يجوز فرض عقوبات على الجيش الإسرائيلي، وفي الوقت الذي يقاتل جنودنا ضد “وحوش الإرهاب” فإن نيّة فرض عقوبات على كتيبة في الجيش الإسرائيلي هي قمة السخافة وانحطاط أخلاقي”.

ومضى نتنياهو ضمن مزاعمه بالقول إن الحكومة برئاسته ستتحرك بكل الوسائل ضد هذه الخطوات.

وقال وزير المالية الإسرائيلي، الوزير الإضافي في وزارة الأمن، المستوطن بتسلئيل سموتريتش (رئيس “الصهيونية الدينية”) إن قرار فرض عقوبات أمريكية على الجيش في وقت تحارب إسرائيل على وجودها هو “جنون مطلق”.

وأضاف أن هذا الإجراء هو جزءٌ من خطوة مدبرة لإجبار إسرائيل على التخلي عن أمنها والموافقة على إقامة دولة فلسطينية.

وقال الوزير بني غانتس (رئيس “المعسكر الرسمي”) إن كتيبة “نيتسح يهودا” هي جزء لا يتجزأ من الجيش، وهي تخضع للقانون العسكري، وتعمل وفقاً للقانون الدولي. وأضاف، في ادعاءاته المتماثلة مع مزاعم نتنياهو: “إنني أكن احتراماً كبيراً لأصدقائنا الأمريكيين، لكن فرض عقوبات على الكتيبة يُعدّ غلطة، سابقة خطِرة، ويبعث برسالة خاطئة إلى أعدائنا المشتركين في وقت الحرب”.

تجاهل الخارجية الأمريكية

وتحدث وزير الخارجية الأمريكي بلينكن، الليلة الفائتة، مع الوزيرين عضوي مجلس الحرب غالانت وغانتس. لكن وزارته، في بيانين متتاليين، تجاهلت موضوع العقوبات المنوي فرضها على كتيبة “نيتسح يهودا” في جيش الاحتلال.

وحسب بيان الخارجية الأمريكية، تحدث بلينكن مع غالانت حول المساعي المبذولة لتعزيز أمن إسرائيل، وحول مفاوضات صفقة المخطوفين، ووقف النار فوراً، وزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة. كما قال البيان إن بلينكن شدّد على أهمية اتخاذ خطوات لخفض التوتّر في الشرق الأوسط، وهذا ما تكرر في بيان آخر للخارجية الأمريكية أعقب محادثة ثانية لبلينكن مع غانتس، شدّد فيها على التزام أمريكا بأمن إسرائيل، وعلى أهمية إدخال مساعدات إنسانية للقطاع، ووقف للنار يسمح يإعادة المخطوفين فوراً، علاوة على تداول السؤال كيف يمكن عدم اتساع الحرب أكثر. وتجاهل البيانان موضوع العقوبات على “نيتسح يهودا”.

وكان موقع “واللا” العبري قد نقل، أمس، عن مصادر موثوق بها في واشنطن قولها إن الولايات المتحدة تنوي فرض عقوبات على كتيبة “نيتسح يهودا” في الأيام المقبلة، وذلك بسبب انتهاكها لحقوق الإنسان، واعتداءاتها المتكررة على الفلسطينيين داخل الضفة الغربية.

ونوّه الموقع إلى أنه في حال حدوث ذلك، ستكون المرة الأولى التي تفرض فيها واشنطن عقوبات على الجيش الإسرائيلي.

وتشمل العقوبات منع حصول الكتيبة على المساعدات الأمريكية للجيش الإسرائيلي، أو المشاركة في تدريبات مشتركة مع الجيش الأمريكي.

وتضم الكتيبة المذكورة جنوداً من اليهود الحريديم، وجنوداً يُشتبه بأنهم ينتمون إلى جماعات “شبيبة التلال” التي ينفّذ أعضاؤها اعتداءات يومية على الفلسطينيين.

الزمن الأصفر

وأمام حالة الصدمة والمفاجأة والغضب في إسرائيل حيال القرار الأمريكي المحتمل الخاص بكتيبة “نيتسح يهودا”، تقول الكاتبة الصحفية في “هآرتس” يوعنا غونين ساخرة إن الفلسطينيين ببساطة يموتون ميتة طبيعية، فما الذي يريدونه من هذه الكتيبة؟ وتستذكر ما كتبه الأديب الإسرائيلي اليساري دافيد غروسمان في كتاب “الزمن الأصفر” عن النصوص الصحفية العبرية المبنية للمجهول حول قتل الفلسطينيين: “أحياناً ترد النصوص كوصف لعوالم ريفية جميلة، كالقول: في حادثة ما، وجد فلسطينيان موتهما.. فقد ذهبا في الطبيعة، وقبل العودة داهمهما الموت”. وتقول غونين إنها تذكّرت غروسمان عندما شاهدت مقابلات تلفزيونية، أمس، مع أوري ليفي، القائد السابق لكتيبة “نيتسح يهودا”، الذي حاول تبييض صفحة كتيبته.

هذه العقوبات نكتة

ويعتبر الكاتب المعلق الصحفي الناقد الإسرائيلي روغل ألفير أن العقوبات الأمريكية المنوي فرضها على “نيتسح يهودا”، بسبب انتهاك حقوق الفلسطينيين، قليلة ومتأخرة جداً. ويتنبّه ألفر إلى أن أمريكا تعاقب اليد وليس الرأس، بقوله إنه بخلاف منظمة “لهافا” اليهودية الإرهابية، التي بادر لها ويقودها أفراد ناشطون من اليمين الصهيوني المتطرف، فإن “نيتسح يهودا” تعمل نيابة عن إسرائيل، وكل الإسرائيليين دون استثناء.

غانتس: أكن احتراماً كبيراً لأصدقائنا الأمريكيين، لكن فرض عقوبات على الكتيبة يُعدّ غلطة، سابقة خطِرة، ويبعث برسالة خاطئة إلى أعدائنا المشتركين في وقت الحرب

 منبهاً إلى أن هذه الكتيبة تطبق سياسات قائد لواء المركز في جيش الاحتلال وقائد الجيش ووزير الأمن ورئيس الوزراء، وهي تتحرك فقط من خلال الصلاحية الممنوحة لها من قبل الدولة ومؤسساتها.

 ويتساءل ألفير؛ لماذا إذن تكتفي الولايات المتحدة بالنظر لما تفعله الكتيبة دون الجيش والدولة ومؤسساتها؟

وتزامناً مع تهديدات نتنياهو وغانتس بزيادة الضغط العسكري والسياسي على “حماس”، وباجتياح رفح، تُواصل أوساط إسرائيلية رسمية وغير رسمية شن هجمات على نتنياهو. بعد يومين من حملة رئيس المعارضة يائير لبيد على نتنياهو واتهامه بإلحاق أضرار إستراتيجية بإسرائيل، قالت صحيفة “هآرتس”، في افتتاحيتها، اليوم الإثنين، تحت عنوان “ضربات نتنياهو العشر” إنه يلحق أضراراً فادحة بإسرائيل.

وتستعرض “هآرتس” هذه الضربات العشر (على وقع “الوصايا العشر” التي تتم تلاوتها ليلة عيد الفصح التي تحلّ غداً) وتحذّر من بقائه في السلطة: عبادة الذات، تحطيم الديموقراطية، التقسيم والتهويش، شرعنة العنصرية الكاهانية، تكريس الصراع، التنكيل بالفلسطينيين وسرقة مقدراتهم، التمييز العنصري في الداخل، تدمير الاقتصاد، استفزاز أمريكا، والضربة الأخطر الفشل الإستراتيجي في السابع من أكتوبر، واستمرار الكارثة في حرب فاشلة.

وفي “هآرتس” أيضاً، يقول الكاتب المعلق الصحفي أنشيل بابر عن خطورة بقاء نتنياهو بقوله إن إسرائيل منذ السابع من أكتوبر تعاند وتصمّم على التسبب بضربات إضافية على ذاتها: إهمال المخطوفين، إخلاء بلدات الشمال، الكارثة الإنسانية في غزة، وهم الانتصار المطلق، والوحدة المزيفة.. مشدداً على أنها تحت قيادته، ومنذ 200 يوم، ارتكبت إسرائيل سلسلة أخطاء مدمرة”.

نتنياهو سيخرب إسرائيل

كما قال الأديب الشاعر الإسرائيلي أيال ماغد، في مقال جديد، إن نتنياهو سيخرّب إسرائيل لعدم وجود خيار آخر له، منوّهاً أنه يمكن مشاهدة ذلك الآن.

ماغد، الذي يعترف أنه ارتبط بعلاقات صداقة وثيقة مع نتنياهو، يعلّل مقولته بالقول إن الرجل مصابٌ بجنون العظمة التي تميز الطغاة ممن يرون الدولة ملكهم الشخصي.

ويمضي في تحذيره من نتنياهو: “اعتاد نتنياهو السيطرة، وهو غير قادر على التسليم بأن يستبدله رئيس وزراء جديد، وبالنسبة له فإن إخلاء سدّة الحكم مثله مثل نقل ملكية في الطابو”.

وها ما يؤكده “نبي الغضب” الإسرائيلي، الذي توقّع هجمات السابع من أكتوبر، الجنرال في الاحتياط يتسحاق بريك، إذ يقول، في “معاريف”، إن إسرائيل خسرت الحرب، وعليها وقفها، والذهاب لانتخابات عامة مبكّرة، وهذا ما يؤيده ثلثا الإسرائيليين في استطلاع رأي نشرته القناة العبرية 13، ليلة أمس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية