صحيفة إسرائيلية.. لنتنياهو ومؤيديه: اعتذروا للأردن

حجم الخط
0

إن نكران الجميل والعمى المطلق من قبل مؤيدي رئيس الحكومة نتنياهو، تجاه الرئيس الأمريكي جو بايدن، والضرر الذي ألحقه هو ومؤيدوه باستراتيجية تأييد الحزبين، التي لم تعد هناك فائدة من محاولة شرحها بأدوات تقليدية رغم أن 47 في المئة من المستطلعين في استطلاع أجرته “أخبار 12” بعد 7 أكتوبر أجابوا بعدم التراجع لأنهم يفضلون دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، هو دليل على أنهم لم يميزوا بين الخير والشر والمصالح الحقيقية لدولة إسرائيل. هؤلاء الإسرائيليون، الذين يُلقّنون بالأكاذيب حول “جو النعسان” يومياً في انقطاع مطلق عن الواقع، واستعراض التأييد الكبير لتاريخ العلاقات بين الدولتين، الذي وقع أمس في سماء الشرق الأوسط، هو أيضاً أمر لن يقنعهم. لذا، من الجدير التوقف الآن عند انتقاد ذاتي آخر: ماذا عن تخريب العلاقات مع الأردن، الذي كان إسهامه في صد الهجوم الجوي حاسماً جداً؟
خربت حكومات نتنياهو العلاقات الغضة مع المملكة الأردنية. تعززت الحقيقة، وتوطدت العلاقة بين الأجهزة الأمنية والمخابرات في الدولتين، التي بدأت بالسر حتى قبل اتفاق السلام، لكن الصعيد المدني – الاقتصادي أهمل بشكل كامل، وتم إهمال الكثير من المشاريع المدنية التي رافقت الاتفاق، خصوصاً المشاريع التي استهدفت تحسين ضائقة المياه في الأردن. كانت تصريحات نتنياهو حول نية ضم غور الأردن هي أحد المستويات القياسية في تدهور العلاقات السياسية. ولكن كان هناك أيضاً تآكل متعمد في الوضع الراهن داخل الحرم ومكانة البلاط الملكي باعتباره الراعي الديني والتاريخي للحرم، ورد الأردن الغاضب على الوضع السياسي على صورة مطالبته بإعادة حقلي نهرايم وتسوفر [الباقورة والغمر] إلى سيادته. ولكن كان هناك أيضاً عدد من الأحداث، مثل الاستقبال الدافئ جداً الذي قدمه نتنياهو للحارس الإسرائيلي الذي قتل أردنيين في تموز 2017، وهو الحادث الذي أدى إلى دفع تعويضات واعتذار إسرائيل، أو الحادث الذي أغلق فيه نتنياهو المجال الجوي أمام الطائرات الأردنية في نهاية مواجهة بدأت عندما وضعت إسرائيل العقبات أمام زيارة الأمير الأردني للقدس.
الإهانة المتشككة لحكومات نتنياهو واليمين للعلاقات مع الأردنيين، ضمن أمور أخرى بسبب الدعم الثابت لحل سياسي للفلسطينيين خلافاً لأوهام اليمين حول “الخيار الأردني” للفلسطينيين، الذي كرره يئير نتنياهو أيضاً في مناسبات مختلفة، أدت مع مرور السنين بالولايات المتحدة بضغط من إسرائيل إلى تقليص المساعدات الأمنية للمملكة، الأمر الذي يبدو الآن كسوفاً كلياً.
لكن ذروة السخافة في العلاقة الباردة جداً مع الدولة التي تشاطر إسرائيل الحدود الاستراتيجية الأطول، كانت جراء رد غاضب من حكومة “التغيير” على ما تم نشره في تموز 2021 بأن رئيس الحكومة في حينه، نفتالي بينيت، التقى الملك عبد الله سراً في عمان في محاولة لفتح صفحة جديدة في العلاقات التي أخل بها نتنياهو. وأيضاً لقاءات وزير الخارجية في حينه يئير لبيد مع نظيره الأردني أيمن الصفدي.
ساد في أوساط الشعبويين اليمينيين في حينه ذعر شديد من أن تحسين العلاقات مع الأردن، لا سمح الله، سيكلف إسرائيل أثماناً باهظة، على رأسها عملية سياسية مع الفلسطينيين أو المس بالتحالف الخليجي، حتى النظرة التجارية للمياه المقدسة في أرض إسرائيل كانت موجودة.
إن إفشال الهجوم الإيراني هو في المقام الأول دليل واضح على أهمية التحالفات الإقليمية المعتدلة، بما في ذلك مع الفلسطينيين. في الفترة التي سبقت 7 أكتوبر، قال اليمين البيبي إن القضية الفلسطينية “أزيحت عن جدول الأعمال”، وأنه يمكن التطبيع مع السعودية بصورة منفصلة عما يحدث في الضفة الغربية أو قطاع غزة، واستخفوا وخربوا العلاقات مع الحزب الديمقراطي في أمريكا وخربوا العلاقات الاستراتيجية مع الأردن. وصمموا على إضعاف السلطة الفلسطينية وتقوية حماس. في هذا الأسبوع، فركت عيني بدهشة أمام شاشة القناة 14؛ فقد نشرت أن “الخيار الأقل سوءاً لليوم التالي هو سيطرة مؤيدي فتح على قطاع غزة”. وإذا كان ينبغي لشخص الشعور بـ “خيبة أمل” الآن، فحتماً لن يكون اليسار؛ لأنه ليس هو من كان يحذر دائماً من كل هذه الأمور. على نتنياهو ومؤيديه الاعتذار الآن، ليس فقط من بايدن، بل من الأردنيين أيضاً.
نوعا لنداو
هآرتس 15/4/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية