سلام من لاهاي

حجم الخط
0

واحسرتاه، كم كان هذا متوقعا. ستقوم المحكمة الدولية في لاهاي بفحص ادعاء الفلسطينيين حول جرائم حرب ممكنة نفذت اثناء عملية «الجرف الصامد»، ويشمل ذلك مكانة المستوطنات كجريمة حرب. إن الآلية التي تم التحذير منها عددا لا يُحصى من المرات، وأكثر من مرة في هذه الصحيفة، هي أنه سيكون هناك فحص وأن هذا الفحص هو المرحلة التي تسبق رفع لوائح الاتهام، والنتيجة هي استدعاء مسؤولين للمحاكمة. ابتداءً من رئيس الحكومة وحتى عشرات الاسرائيليين الذين ستلتقطهم الصنارة. ولا نريد الحديث عن العملية القضائية التي ستكون مملوءة بالقصص الفظيعة التي ستصور اسرائيل كدولة إرهاب.
الطريق الوحيدة لمنع ذلك هي اجراء المفاوضات مع الفلسطينيين بشرط سحب الدعوى. كل محاولات حكومة اليمين لاقناع دول العالم ومؤسسات الامم المتحدة هي مجرد كلام واضاعة للوقت والمال. في ردهم على قرار المحكمة فقد نبشت طواقم الرد لنتنياهو كل خزائن النصوص اليهودية منذ أجيال: «سبعة عقود بعد الكارثة..».، «اسرائيل هي الديمقراطية الاكثر تهديدا في العالم..».، «إدانة انظمة الحكم المستبدة التي تقوم بعمليات ابادة جماعية»، «دولة اسرائيل تناضل منذ انشائها ضد جرائم الحرب..».، «قرار المحكمة هو خضوع للإرهاب..».، «فضيحة»، «المحكمة تتعامل مع المحاربين ضد الإرهاب، في حين أن الإرهابيين ذبحوا اليهود في فرنسا». إن الخوف من صناديق الاقتراع يقتضي التوحد أمام الغرباء. و»المعسكر الصهيوني» خرج ضد «الخطوة أحادية الجانب للسلطة الفلسطينية».
إن فترة الراحة التهريجية كانت دائما لليبرمان: «سنعمل في الحلبة الدولية من اجل حل المحكمة». حتى الآن يوجد من يأخذون ليبرمان على محمل الجد مثل استاذ القانون في جامعة تل ابيب، إيال غروس، الذي كتب في صحيفة «هآرتس»: «لقد أظهر وزير خارجية اسرائيل جهلا مقلقا أو أنه لا يقول الحقيقة». القضية هي أن محاولة ليبرمان حل المحكمة الدولية في لاهاي هي استمرار مباشر لمحاولاته حل المحاكم في اسرائيل، وكذلك أبو مازن كما هو مفهوم. إن الادعاء الرسمي هو أن فلسطين ليست دولة ولا تستحق تعامل المحكمة معها. يجدر بالموظفين المجتهدين في جهاز الاعلام في وزارة الخارجية أن يلقوا نظرة على موقع الانترنت للمحكمة في لاهاي، وعندها سيتضح لهم بأن قرار الجمعية العمومية قبول فلسطين كدولة مراقبة ساريا بخصوص تنفيذ الاجراءات القضائية ضد اسرائيل.
وكما هو متوقع، فقد رد لبيد أن «هذا تملق»، ولكنه كسياسي مبتديء حتى يومنا هذا، لم يفهم بأن أحدا لا يشك بأن الفلسطينيين يأملون من دعواهم واقتراحاتهم أن يتم اجراء المحاكمة هنا والآن. إن هدفهم هو وضع الدعوى على باب الحكومة القادمة كجزء من صفقة لادارة المفاوضات من اجل اتفاق شامل، والمناورة اليوم موجهة للحكومة القادمة.
صلاحيات المحكمة في البحث في شأنهم بدأت فقط في 1 نيسان، وطواحين العدالة تمضي هناك بوتيرة بطيئة جدا كسلحفاة مريضة. هناك صحافيون يزعمون أن المدعية العامة باتو بنسودا ترى في الموضوع الفلسطيني محفزا لتقدمها المهني، لهذا فانها ستقوم بتسريع الاجراءات، وكأنها تقول «أسرعي باتو، أسرعي». ربما هذا سيقنع الحكومة بأن تذهب لعقد صفقة لالغاء الدعوى التي تشكل شوكة في حلقنا جميعا.

معاريف 22/1/2015

ران إدلست

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية