سعدي يوسف يعودُ

سعدي يوسف يرحلُ
لا شيءَ يحدثُ حينَ نرحلُ
المكانُ، الأشياءُ، الدَّقائقُ
برقُ الطُّفولةِ، الرُّعودُ، الحبُّ الأوَّلُ
إذنْ: ما هو الأَجَلُ؟
سعدي يوسف
مثلَ ماءِ النَّهرِ: لا ينظرُ خَلْفَهُ
نَقْرِ العصافيرِ الهادئِ
الثَّائرِ الفجِّ المُناوئِ
يَخْلِطُ المُزَاحَ بالكِفَاحِ
ما المُشكِلُ؟
راعي البقرِ الأخيرُ
يَزْرَعُ الحقلَ بِدَأْبٍ
يَصْنَعُ البيتَ البيوتَ
ثمَّ يركُلُ!
الأحمرُ
بينَ القطيعِ
قريبٌ من النَّاسِ
خِنْذِيْذُ «عصرِ التَّباعُدِ»
المِطْرَقَةُ
والمِنْجَلُ!
كُلَّما ظنَّ الضُّيُوفُ الثَّقيلُونَ
أنَّ القصيدةَ ابْتَرَدَتْ
أتى شاعرٌ فذٌّ
كاسِراً بابَ الثَّلاجَةِ وسَلالِمَ الإيقاعِ
وَالْتَفَّ حَولَهُ الصَّعاليكُ الجميلونَ
ضَاحِكًا كالبُخارِ المُتصَاعِدِ
فوقَ الكؤوسِ
والمُحسِّناتِ البديعيِّةِ
والسَّمكِ المَشْوِيِّ بنارِ «الجحيمِ»
وهو يَرْفُلُ
هنا كَرْمَةُ أبي نواسٍ
شَمْعَةُ السّيَّابِ
نَخْلَةُ البَصْرَةِ
نزقُ الشُّعراءِ العَربِ مِنْ ألفِ عامٍ
أشواقُ السِّندبادِ إلى كلِّ الأصقاعِ
والتقيْنا في الفراغِ
بينَ ذهابَيْنِ وأمسيةٍ
عامَ ألفَينِ وسبعةٍ
هناكَ في الدَّوحةِ
حيثُ أنا الآنَ أنتَ
شاعرٌ يلهو بلا إحداثياتٍ
هاربٌ من رُكامِ القوافي النَّاعِسَاتِ
تاركًا فيها نِصْفَهُ
عاصفًا بها جُلَّهُ
سأجرِّبُ يا معلِّمُ
رميَ الكلامِ المُعتَّقِ في بِرْكةِ الغيابِ:
«ليتَ الفتى حَجَرٌ»
مَنِ المتكِلمُ؟
غريبانِ على الشَّاطئِ
عِرَاقَانِ
شَامَانِ
مَنْ يُصَدِّقُ؟
أمثلُنا مَن يُغادِرُ بلادًا مثلَ بلادِ الرافدينْ
وفي كلِّ يومٍ يَصْحُو يَصيْحُ: «أينَكِ» أينْ؟!
يا بلادِي
جريحانِ في المَنْفَى:
شاعرٌ خفيفٌ «بلا وزنٍ»
يعودُ إلى الجِنَانِ المُعَلَّقةِ
وآخرُ يَصْحُو كلَّ يومٍ
شَرَيْدًا كأنَّهُ الأَمَلُ!

شاعر سوري

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية