رياض الشعيبي لـ”القدس العربي”: الغنوشي يعاني الاضطهاد في السجن.. وسعيد “تنكّر” للنهضة بعدما أوصلته للرئاسة

حجم الخط
0

تونس – “القدس العربي”: قال رياض الشعيبي، مستشار رئيس حركة النهضة التونسية، راشد الغنوشي، إن الأخير يعاني سوء المعاملة والاضطهاد في سجنه، كما اتهم الرئيس قيس سعيد بالتنكر لحركة النهضة بعدما ساهمت بإيصاله إلى سدة الحكم.
وقال الشعيبي، في حوار خاص مع “القدس العربي”: “هذه الأيام تمر سنة كاملة على اعتقال الشيخ راشد الغنوشي، ورغم كل النداءات الوطنية والدولية لإطلاق سراحه فإن السلطة مازالت مصرة على هذا الاعتقال الذي يبدو أن الهدف منه التخلص من صوت معارض قوي يطالب بعودة المسار الديمقراطي وإنهاء الحكم التسلطي. وقد تشكلت أخيراً هيئة دولية لمناصرة الشيخ راشد ضمت نخبة من أهم الشخصيات الدولية التي توجهت مرة أخرى بنداء للسلطة لإطلاق سراحه. وهذه المبادرة في حد ذاتها ليست إلا دليلاً آخر على الاشعاع الدولي للشيخ راشد الغنوشي، وعلى قدسية القضية التي يعتقل من أجلها، ألا وهي الدفاع عن الحرية والعدالة للجميع ودون اقصاء. لكننا نرى أن هذا الدعم المشكور من كثير من الشخصيات العالمية، مازال منقوصاً من مواقف واضحة وضاغطة من كثير من القوى التي راهنت على الانتقال الديمقراطي في تونس وشاركت بفاعلية في دعمه، ونراها اليوم “تبدي تفهماً” إزاء الانقلاب على المسار الديمقراطي أو “تغض الطرف” عن التراجعات الخطيرة التي تشهدها البلاد”.
وحول الظروف التي يعيشها الغنوشي في سجنه، قال الشعيبي: “الغنوشي لا يتلقى معاملة خاصة في سجنه، فهو نزيل زنزانة ضيقة لا يدخلها الهواء وضوء الشمس بشكل كاف، ولا يتمتع بأبسط حقوق السجين السياسي، ولا حتى المعاملة الإنسانية الدنيا. فهو محروم من زيارة عائلته منذ 10 أشهر، ولا يقابله غير المحامين. ورغم تقدم سنه وحالته الصحية الباعثة على القلق فإنه لم يتمكن من القيام بالفحوصات الطبية الضرورية إلا منذ أسابيع قليلة. لكن رغم كل هذه التضييقات والمعاملة غير الإنسانية فإنه مازال يحافظ على معنوياته العالية وإيمانه الراسخ بأن تونس ستستعيد ديمقراطيتها ومؤسساتها الدستورية الشرعية، وأن مكاسب العشر سنوات من الانتقال الديمقراطي قوية ومتينة ولا يمكن محوها بسهولة”.
الغنوشي صائم لأجل غزة
وأضاف: “وكعادة الشيخ راشد، فإنه يقضي وقته في زنزانته بين قراءة القرآن الكريم ومطالعة ما توفر من الكتب والكتابة والتأليف طبعاً. وقد دخل في صيام مسترسل منذ اندلاع عملية طوفان الأقصى والدعاء لإخواننا في غزة وفي الضفة بالثبات والنصر والتمكين. فما يحصل في تونس من تراجع عن الديمقراطية، لم يثنه عن إيلاء القضية الأم المتابعة والانشغال والتفكير”.
وفي تعليقه على مرور أكثر من 14 شهراً على اعتقال موقوفي قضية التآمر، قال الشعيبي: “لا بد من التذكير في البداية أن قضية التآمر التي بموجبها تم اتهام أكثر من 52 شخصية سياسية وإطارات دولة ورجال أعمال، والتي بمقتضاها تم إيقاف مجموعة منهم، ليست أكثر من مسرحية فاشلة الإخراج. فبعد 14 شهراً (الحد القانوني الأقصى للإيقاف التحفظي) لم يستطع السيد حاكم التحقيق إثبات أي من التهم الخطيرة الموجهة إليهم. وعوض أن يقع تطبيق القانون وإطلاق سراح الموقوفين، تتجاهل السلطة، المتحكمة في القضاء، كل القوانين وتواصل احتجازهم خارج كل القوانين المعمول بها، وفي ذلك انتهاك صارخ لحقوقهم. ولذلك، كان رد فعل الشارع السياسي والحقوقي قوية في التنديد بهذه الممارسات التسلطية وفي المطالبة بإطلاق سراحهم بشكل فوري”.
وحول الانتخابات الرئاسية المقبلة، قال الشعيبي: “الانتخابات هي استحقاق وطني مهم، ومناسبة للعودة للتحكيم الشعبي في الخيارات السياسية الكبرى في البلاد؛ وفي ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد تتحول إلى استفتاء على المسار الذي فرضته السلطة على التونسيين. ورغم الانحرافات الخطيرة في ممارسة السلطة والانقلاب على المؤسسات الشرعية، وإلغاء دستور 2014 على غير الصيغ القانونية، والتشريعات الماسة بالحقوق والحريات، والاعتقالات والمحاكمات السياسية وعلى الرأي، رغم كل هذه التراجعات المهددة لشروط الانتخابات النزيهة، يبقى المطلب السياسي الأهم هو احترام موعد الانتخابات وتوفير المناخ السياسي المناسب، وضمانات النزاهة والشفافية، والمحافظة على آليات انتقال السلطة بشكل مدني وسلمي تداولي”.
مخاوف من تزوير الانتخابات
وأكد أن “جبهة الخلاص الوطني حسمت موقفها في التوجه نحو المشاركة في الانتخابات، وتعتبر أن أول خطوة وأهمها في هذا الإطار هي توفير الشروط والضمانات المناسبة، بما في ذلك ضمان حق الجميع في الترشح دون إقصاء. لذلك، ندعو كل القوى للضغط على السلطة لعدم تفويت الفرصة على البلاد، وحماية هذا المكسب المهم الذي ثبته الانتقال الديمقراطي. أما إذا أصرت السلطة على ممارسة الإقصاء وتزوير الانتخابات فلن نكتفي بمقاطعة هذا الاستحقاق، بل سنخوض معركتنا كاملة في فضح زيف نتائج الانتخابات، ومن ثم فشلها في منح شرعية جديدة للسلطة. لا شك أن ذلك سيزيد في تعفين الأزمة الشاملة التي تمر بها البلاد”.
وكان الشعيبي أكد في منشور سابق على فيسبوك، أن حركة النهضة “نادمة” على دعم الرئيس قيس سعيد في الانتخابات.
وأوضح هذا الأمر لـ”القدس العربي” بقوله: “بعد انتهاء عهدة الرئيس قيس سعيد، أصبح هناك إجماع وطني على سلبية أدائه، وكارثية المسار الذي قاد البلاد إليه. لذلك، كل القوى السياسية التي دعمته خاصة في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية السابقة، اتخذت موقفاً معارضاً لسياساته، خاصة بعد الانقلاب الذاتي الذي قاده يوم 25 جويلية 2021، وما نتج عنه من تراجع عن المسار الديمقراطي”.
وأضاف: “حركة النهضة دعمت قيس سعيد في الدور الثاني انطلاقاً من اقتناع واضح بأفضليته، وما كان له ليفوز على منافسه لولا هذا الدعم. لكن رغم ذلك، فقد تنكر لالتزامه بدعم الانتقال الديمقراطي، وأغلق كل مقراتها، وفرض الحصار على نشاطها، بل واعتقل عدداً من قياداتها المركزية والجهوية”.
وتابع الشعيبي: “في الحقيقة، الضمانات الحقيقية لعدم الانحراف بالسلطة لا تبنى فقط على النوايا والالتزامات اللفظية، إنما على وجود مؤسسات دستورية قوية وفاعلة، ووعي ديمقراطي عميق؛ وهذا أمر لا يتحقق إلا بالمراكمة ومعالجة الأخطاء. لذلك، أتوقع أن ديمقراطيتنا ستكون أكثر حصانة وقوة بعد إنهاء هذا الانقلاب، وقد برهنت بالفعل أنها أقوى من هذه الردة السياسية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية