من أشهر مواقفه رفض وسام الشرف الفرنسي تضامنا مع غزة: رحيل الحقوقي المغربي عبد العزيز النويضي

حجم الخط
0

الرباط ـ “القدس العربي”: خلَّفت وفاة الحقوقي والأستاذ الجامعي المغربي عبد العزيز النويضي المفاجِئة، جراء أزمة قلبية ألمَّت به خلال حوار صحافي، صدمة وحزنا كبيرين، وانتشر نَعي واحد من أبرز الرموز الحقوقية بالمغرب على مواقع التواصل الاجتماعي. كما بادرت جمعيات حقوقية إلى نعي الراحل ووصفه بـ “المناضل الكبير”.

ووفق ما أعلنته جريدة “صوت المغرب”، فإن الراحل أصيب بأزمة قلبية أثناء إجراء حوار مصور في مقر الجريدة في العاصمة الرباط، عشية الخميس 2 أيار/ مايو.

قطاع المحاماة في حزب “فيدرالية اليسار الديمقراطي” نعى بدوره المناضل السياسي والحقوقي عبد العزيز النويضي وعضو “لجنة التحكيم والأخلاقيات” بذات الحزب، وقال إن “الصّفّ الحقوقي والأكاديمي وأسرة الدفاع فقد أحد الأسماء التي بصمت بنضالها وتواجدها الدائم بالعطاء الفكري والحقوقي”.

ويعد الراحل عبد العزيز النويضي، من أبرز الوجوه التي بصمت المجال الحقوقي المغربي على مدى عقود من الترافع والنضال من أجل تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان. واشتغل النويضي أستاذا جامعيا للقانون الدستوري والعلوم السياسية، ومحاميا بهيئة الرباط، كما كان من مؤسسي جمعية “عدالة”، منظمة غير حكومية، حيث شغل منصب رئيسها في فترة سابقة وساهم في إصدار مجموعة من الأبحاث والدراسات بالإضافة إلى مجموعة من المذكرات الترافعية من أجل إصلاح العدالة بالمغرب.

 وتقلد الراحل منصب مستشار الوزير الأول (رئيس الحكومة) الراحل عبد الرحمان اليوسفي. كما تقلَّد عددا من المناصب في الجمعيات الحقوقية وكان كاتبا عاما لـ “ترانسبرانسي المغرب”، وهي منظمة غير حكومية تُعنى بمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية.

وكان النويضي قد رفض تسلم وسام الشرف الفرنسي، عام 2014، تعبيرا منه عن رفضه لموقف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند عندما عبر عن تضامنه مع إسرائيل أثناء حربها على غزة عام 2014، وفق ما ذكر موقع “لكم”.

من جهته، قال المحامي محمد الغلوسي، وهو رئيس “جمعية المغربية لحماية المال العام”، إن وفاة النويضي خسارة كبرى، وأبرز أن الراحل لم يكتف بالتنظير لحقوق الإنسان وجوانبها المختلفة بل زاوج بين النظرية والممارسة، وظل مدافعا عبر مختلف المواقع والمنصات عن الحقوق والحريات، سواء كمحام ومدافع شرس عن أصول وقواعد المحاكمة العادلة، أو خارج المحاكم من الناحية المدنية والجمعوية والسياسية أيضا، إذ ظل منتصرا لمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها.

وأبرز الغلوسي متحدثا لـ “القدس العربي”، أن الراحل معروف بأخلاقه وطيبوبته وتواضعه، وأوضح أن أخلاقه منعته من الرد عن الذين أساءوا له داخل المهنة أو خارجها، وظل يرفض أن يرد على كل أساليب التشهير والتخوين التي واجهه بها البعض.

 وأضاف: “جمعتني والنويضي صداقة متينة وكنا نتباحث سبل التنسيق بين “الجمعية المغربية لحماية المال العام” وجمعية “ترنسبرانسي المغرب”، حول كيفية الترافع في قضية مكافحة الفساد بالبلاد وكان من المنتظر أن تجمعنا شراكات على مستوى عمل مهني حقوقي إلا أن الأجل لم يمهله إلى حين تنزيلها على أرض الواقع.

وتابع الغلوسي بتأثر: “النويضي ظل متعففا ومتشبثا بقواعد وتقاليد وأعراف مهنة المحاماة، ومدافعا عن قيم النزاهة والاستقامة والأخلاق الرفيعة في ممارسة مهنة المحاماة، ولم ينجرف وراء الممارسات الدخيلة والمسيئة وظل رافعا للواء الحرية والعدالة والكرامة إلى أن وافته المنية، وكانت وفاته “صادمة وغير متوقعة”. كما كان معروفا بمرحه والابتسامة التي لا تفارقه”.

أما أحمد ويحمان، رئيس “المرصد المغربي لمناهضة التطبيع”، فاعتبر أن رحيل عبد العزيز النويضي كان مفاجئا وجاء الخبر محزنا، وتابع، “هي خسارة كبيرة للمغرب ولكل الحقوقيين المغاربة وعائلات المعتقلين السياسيين والمطرودين النقابيين”، موضحا أن بصمة الراحل كانت واضحة في حل مشاكلهم وطرح ملفاتهم والدفاع عنها أمام المحاكم كمحامي ومن موقعه المسؤول كمستشار سابق للوزير الأول (رئيس الحكومة) الراحل عبد الرحمان اليوسفي.

وأفاد ويحمان متحدثا لـ “القدس العربي” أن وفاة النويضي سواء كان “مسؤولا ومناضلا حقوقيا وسياسيا وأستاذا جامعيا لامعا في القانون الدستوري، خسارة كبيرة لكل هذه المواقع، وللوطن” وفق تعبيره واستطرد، “سنفتقده بشدة، لاسيما في هذه المرحلة التي تسود فيها التفاهة وتهمش فيها الكفاءة، وهو الرجل حلو المعشر والمتواضع والبسيط والذي ربط حياته ببسطاء الشعب مع أنه من مربع النخبة”.

وختم ويحمان حديثه عن الحقوقي الراحل، مؤكدا أنه “كان ذا مواقف واضحة ومعتدلة وحازمة ومتشبثة بالمبدأ، حيث جمع بين الاعتدال والتعقَّل وبين المبدئية والحزم في الدفاع عن كل ما هو مبادئ وعن الديمقراطية وكل المثل التي يؤمن بها”.

من جهته، اعتبر الصحافي رشيد البلغيتي، وفاة عبد العزيز النويضي خسارة فادحة للمغاربة والمغرب. وقال إن الراحل “رجل متعدد المسارات، أستاذ للقانون في الجامعة واستخدم القانون كدرع لحماية حقوق الناس حين انتقد إلى العمل في المحاماة ودافع عن كرامة المغاربة داخل المحاكم”.

وتابع البلغيتي أن الرجل استعمل معرفته ومساراته الأكاديمية والعلمية من أجل الكتابة عن القانون الدولي في علاقته بالتنمية، وعن الحق في الوصول للمعلومة وعن عدم دستورية بعض القوانين وغيرها. واستطرد “لم يلتزم بالكتابة فقط وبأشغال المكاتب، بل خرج إلى اللقاءات والندوات وجمع مئات المغاربة خبراء ومناضلات ومناضلين ومواطنين من أجل مناقشة هذه المواضيع في ورشات وندوات فكرية ودورات تكوينية”.

وخلص الصحافي المغربي إلى أن النويضي، “أسَّس ديناميات مدنية واجتماعية على العدالة وحقوق الإنسان ومسارات سياسية التي اختار أن يكون جزءا منها لبناء مغرب الديمقراطية والحريات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية