رفض اجتماعي واستغلال جنسي وفوضى قانونية وأمنية… مأساة ضحايا اغتصبتهن كتائب القذافي ما تزال تتفاعل

حجم الخط
2

لندن ‘القدس العربي’ ما زالت الالاف من الفتيات والسيدات اللاتي تعرضن للاغتصاب اثناء الحرب بين قوات نظام العقيد الراحل معمر القذافي والثوار يبحثن عن العدالة في مواجهة رفض لاعادة ادماجهن في المجتمع وكذلك محاولات البعض استغلالهن جنسيا، اضافة الى حالة من الفوضى القانونية والانفلات الامني، جعلت الحكومة عاجزة عن حمايتهن.
ولم يعد هناك اهتمام يذكر من قبل الدولة التي تعتبر أن ‘الأمر حساس’ وطالبت الاهالي بعدم الكشف عن معاناة الضحايا او الحجم الحقيقي للمأساة الذي ربما لم يتكشف حتى اليوم، مع تزايد الادلة على أن الاغتصاب كان يستخدم كسلاح حربي خلال الاقتتال بين كتائب القذافي والثوار.
رغم كل القصص المروعة عن اغتصاب المحصنات والتنكيل بالعذارى واستعباد القاصرات، ومع كل الضجة الدولية التي كشفت هذه الفضائح، الا أن الأمر في حقيقته ما زال مسكوتا عنه داخليا. وحسب بعض الناشطين الحقوقيين فان عدد المغتصبات يقدر بنحو 8000 الاف مغتصبة، هذا ماعدا الحالات التي تبقى طي الكتمان والتي لم يتم الابلاغ عنها.
ولقضية المغتصبات في ليبيا تداعيات خطيرة من قبل الجمعيات النسائية والحقوقية. فما مدى امكانية دعم المغتصبات معنويا وماديا وكيف يمكن تأهيلهن لادماجهن في المجتمع؟ وهل بالامكان تغيير نظرة المجتمع السلبية تجاه’ الفتاة المغتصبة؟ وهل تستطيع الجمعيات النسوية مساعدة هؤلاء الفتيات من الناحية القانونية المتمثلة بمقاضاة من ارتكب جرائم الاغتصاب؟ ولماذا لا يتم الاهتمام بهذه القضية خاصة ان المرأة الليبية شاركت في الثورة وناضلت من اجل التحرر من الدكتاتورية والظلم مثلها مثل المقاتل الثائر الذي تحصل على حقوقه في العلاج والمساعدة المادية؟
المغتصبات الأكثر تضحية

تقول السيدة زكية التائب، وهي سجينة سياسية ليبية سابقة، ورئيسة اتحاد العمل النسائي الليبي في المهجر: من الناحية الاعلامية شاركنا في احداث ضجة لفضح ممارسات القذافي والانتهاكات التي مورست بحق الفتيات الليبيات، وحاولنا ان نوضح للجميع، ان المغتصبات شريفات واطلقنا عليهن تسمية: جنديات الصف الأمامي، مثلهن مثل الثوار لهن الحقوق والواجبات نفسها بل بالعكس هن أكثر تضحية من الرجال.
وتضيف: حاولنا الاتصال بجمعيات دولية لعقد مؤتمرات واعداد دورات ومصحات نفسية لتأهيل المغتصبات وادماجهن في المجتمع، خاصة ان هذا الموضوع داخل ليبيا حساس جدا والمجتمع الليبي منغلق ويركز كثيرا على العادات والتقاليد وموضوع المرأة موضوع خاص جدا ومن الصعب الحديث عنه فما بالك بالإغتصاب.
وتؤكد المناضلة الليبية ان ‘القذافي كانت غايته ايجاد خلل وشرخ في المجتمع الليبي، ولن تتغير نظرة المجتمع الا اذا سنت قوانين صارمة حينها ستشعر المرأة بالأمان والحماية. فالكثير من العائلات تحتاج الى دعم معنوي ومادي للمساعدة وهناك محاولات انتحار عديدة بين المغتصبات بسبب اتهامهن بممارسة الرذيلة وبذلك اختلط الحابل بالنابل واصبح الاهالي يخفون ما حدث لبناتهم حتى لا يتهمن بممارسة الرذيلة.

الاستغلال الجنسي

وكان مدعي المحكمة الجنائية بحث التحقيق في جرائم الاغتصاب في ليبيا، واكد على الحفاظ على سرية واحترام العادات والتقاليد. اذ ان هذه القضية قد تحدث شرخا في المجتمع الليبي، وردة فعل غاضبة حيث ان الثورة لم تنصفهن.
وحسب عدد من المغتصبات اللاتي لا يمكن نشر اسماءهن فإنهن عندما لجأن لطلب المساعدة تعرضن لمحاولات استغلال جنسي مقابل تأمين حصولهن على حقوقهن القانونية، وقيل لاحداهن ‘ماذا لديك لتخسريه’.
وتقول رئيسة اتحاد المرأة الليبية: اصبحنا نعيش في مجتمع سماته الكذب والغش، ولا تستطيع المغتصبة ان تعيش في مجتمعنا بكشل طبيعي بدون استغلال وبدون ان تكذب.
وتؤكد ان الكثير من المغتصبات تم تسفيرهن الى تونس في سرية تامة لاجراء عمليات اعادة غشاء البكارة لهن حتى يستطعن ان يتزوجن دون وصمة العار التي تلاحقهن.

آثار نفسية مدمرة

اما الدكتور سهام سرقيوة من جمعية الارادة للصحة النفسية والمتخصصة في علم النفس الكلينيكي في جامعة بنغازي، فتشير الى ان الجمعية اجرت دراسة ميدانية في المناطق الجنوبية والشرقية والغربية من ليبيا وانهم قاموا بمسح شامل عبر جمع 350 الف استبيان.
‘واكدت ان الدراسة التي قدمت الى محمكة الجنايات الدولية، اكدت ان عدد المغتصبات وصل الى ثمانية الاف ما عدا الحالات غير المعلن عنها لاسباب اجتماعية وخشية وصمة العار في مجتمع محافظ كالمجتمع الليبي.
وتؤكد الدكتورة سهام التي عالجت العديد من المغتصبات، من آثار نفسية مدمرة، وقامت بارسال بعضهن الى خارج ليبيا للعلاج انه لا يوجد اي دعم مادي مثل الرواتب والامتازات التي قدمت للثوار الرجال.
واكدت ضرورة انشاء مراكز للتأهيل في جميع المدن الليبية حيث لا يوجد اهتمام من الدولة بهن، والمطلوب ان تقدم خدمات صحية واجتماعية لهذه الشريحة المنسية.
وتقول: أعمل من خلال عيادة خاصة تدعمها جمعية الارادة للصحة النفسية بطريقة سرية، فالفتيات لا يرغبن بكشف اغتصابهن لاسباب اجتماعية ولرفض المجتمع لهن فللأسف المجتمع ينظر لهذه الفئة على انها مذنبة.

قصص مروعة

ومن القصص المؤلمة التي مرت عليها روت: اذكر حالة طالبة دراسات عليا كانت تدرس ‘في مدينة طرابلس، وعندما قامت الثورة في الشرق الليبي، حوصرت في العاصمة حيث كانت تقيم في مساكن للطالبات. وتم الاعتداء عليها واغتصابها، وسجنت في طرابلس حتى تم اسقاط القذافي. اما اهلها في بنغازي فلم يبلغوا عن اختطافها خوفا من العار، اذ احضرها الى العيادة احد الثوار الذي قام بتحريرها من السجن. وكانت في الشهر السادس من الحمل. ولم تستطع الرجوع الى اهلها خوفا من القتل.
ومن خلال الجمعية تم توفير مسكن لها، وإرسالها الى تونس لانجاب الطفل. وكانت مكتئبة، ورفضت الطفل ورجعت الى ليبيا وتركته في تونس.
وبعد العلاج النفسي الذي استمر ثلاثة اشهر. تم ارسالها الى تونس لاحضار طفلتها وبعد سنة تزوجت، وتقبل زوجها الطفلة. واخيرا بعد ســـنتين تقــبلتها اسرتها.
وتعتبر الدكتورة سهام سرقيوة ‘ان نظرة الدول العربية ما زلت قاسية للمرأة المغتصبة، يجب ان يكون هناك قانون في ليبيا يضمن حقوقهن واعتبارهن في مرتبة الثوار الذين قاموا بتضحيات كبيرة من اجل التغيير والتحرر’.
وتحدثت ‘القدس العربي’ مع ( و ـ س) وهي احدى ضحايا الاغتصاب التي روت قصتها بشرط عدم الكشف عن اسم عائلتها، فقالت كنت ناشطة في ثورة 17 شباط/فبراير، وكنت اوزع المنشورات واكتب على جدران الكلية التي كنت اردس بها، وتم الابلاغ عني فقام رجال من الامن الداخلي التابع لكتائب القذافي بتغطية رأسي حتى لا ارى الى اين يأخذونني، وقاموا بالتحقيق معي وضربي، ومن ثم اغتصبت من قبل ثلاثة رجال، وبعدها اعادوني الى الكلية، ولم اكن اعلم ما هو مصيري. وبعدها اخبرت اهلي بقصة اغتصابي فلم يصدقونني ‘وتبرأوا مني. فاضطررت لترك المنزل واصبحت بدون مأوى لكن الدكتورة سهام ساعدتني كثيرا وفتحت لي بيتها وعالجتني.
وكان اخي الصغير هو من صدق قصتي وتقبل الأمر وهو يعيش معي حاليا، لكن نحتاج الى مساعدة حيث اريد ان اكمل دراستي واعمل بشرف. وذهبت لطلب المساعدة من الشؤون الاجتماعية في احدى ضواحي العاصمة طرابس، وقابلت المســؤول التابع للوزارة فحاول التقرب مني واستـــغلالي جنسيا، وقال لي انه لن يساعدني الا بمـــقابل. اي مكان اذهب اليه لطــلب العمل عنـــدما يعرفون قصتي يحـــاولون استغلالي جنسيا، وكأني مذنبة ومتهمة بالرذيلة. وتختم حديثها بصوت مخنوق من الدموع قائلة: اريد ان اعمل واطالب براتب شهري وان اعيش حياة كريمة واريد ان آخذ حقي من المجرمين الذين اغتصبوني.

مطلوب حماية قانونية

اما السيدة فتحية المعداني، من مركز تنمية قدرات المرأة الليبية في بنغازي، فاكدت لـ’القدس العربي’ انها ‘قامت بعلاج العديد من حالات الاغتصاب، وأن هناك محاولات لتزويج البنات و’الستر عليهن’ حتى لا يتعرضن للاستغلال لكنها محاولات فردية، وقالت: نطالب بإيجاد قوانين تحمي هذه الشريحة من المغتصبات، لقد عملنا على مساعدة وتدريب وتأهيل المغتصبات، ونحتاج الى دعم الدولة في إيجاد فرص عمل لهن، وحمايتهن وإيجاد سكن خاصة لمن طردوا من بيوت الأهل، ونحتاج الى توعية وتثقيف الشباب بكيفية التعامل معهن، وتقبل المجتمع لهن، وذلك من خلال وسائل الاعلام والمؤسسات الدينية التي يجب ان تساهم في تغيير نظرة المجتمع للمرأة بشكل عام والمعنفة والمغتصبة بشكل خاص.

وجدان الربيعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح // الامارات:

    * لعنة الله على كل من شارك في إغتصاب ( حرائر ليبيا )
    بدءا من أكبر رأس الى أصغر رأس .
    * على الحكومة والمجلس الوطني ومنظمات ( المجتمع المدني )
    التعاون الكامل في مساعدة هذه الشريحة من النساء ( الشريفات ) المظلومات .
    * يجب محاكمة كل ( ضابط وجندي ) من كتائب الخزي والعار
    ( كتائب القذافي ) ثبت أنه مشترك في هذه الجرائم الجنسية البشعة
    وما زال عائشا على الأراضي الليبية .
    شكرا .

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    اغتصاب النساء بقصد اذلال الرجال هو اغتصاب للرجل أولا وأخيرا
    أي انه عيب على الرجال الذين من واجبهم هو حماية النساء
    فلابد للرجال ان يستروا نساؤهم المغتصبات لا أن يحتقرونهن
    والستر بالحنان ومساعدتهن بالزواج منهن طبعا بعد عملية زراعة البكارة
    حتى لا يعيروهن من يتزوج بهن ويمنون عليهن

    الا يكفي عليهن آلام الاغتصاب البدنيه والنفسيه
    اتقوا الله يامن تدعون الرجولة في بلادنا

    ولا حول ولا قوة الا بالله

إشترك في قائمتنا البريدية