رد فعل أمريكي فاتر على أحداث الأنبار.. الجمهوريون دعوا لتقديم السلاح لا الجنود

حجم الخط
0

لندن ـ ‘القدس العربي’ قالت صحيفة ‘نيويورك تايمز’ أن المتطرفين الإسلاميين ممن لهم علاقة مع تنظيم القاعدة يحاولون تحديد وتجنيد وتدريب الأمريكيين والغربيين ممن جاءوا للتطوع في سوريا ودفعهم للقيام بعمليات إرهابية في بلادهم حال عودتهم من الساحة السورية. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمنيين أمريكيين بارزين لهم علاقة بعمليات مكافحة الإرهاب قولهم إن هذه الجهود تظل في المراحل الأولى وتمثل آخر التحديات التي تمثلها سوريا على الولايات المتحدة والدول الغربية، حيث تحولت الحرب في سوريا إلى مركز جذب للجهاديين من كل أنحاء العالم جاءوا للقتال مع الفصائل الإسلامية ضد بشار الأسد.
وكان المسؤولون الأمريكيون قد تحدثوا في السابق عن أعداد من الأمريكيين قالوا إنهم بالعشرات ممن سافروا لسوريا، واشاروا إلى أن العدد قد يقترب من 70 متطوعا من الولايات المتحدة ممن سافروا بالفعل أو حاولوا السفر، واضافوا ان الأمريكيين لم يتحدثوا من قبل عن رقم محدد.
ونقل عن مدير مكتب التحقيقات الفدرالي ‘أف بي أي’ جيمس بي كومي قوله لمجموعة من الصحافيين يوم الخميس ان مكتبه يقوم بمتابعة الأمريكيين العائدين من سوريا ويقوم بمراقبة تحركاتهم على مدار الساعة في عملية وصفها بالمكلفة.
وقال ‘نركز على محاولة البحث عما يريد هؤلاء الأشخاص عمله ومع من يتحدثون، ومن يجب عليهم متابعته منهم او توجه له التهم’، ولم يقدم المسؤول الأمني أية تفاصيل محددة عن هوية أشخاص لكنه أضاف ‘اعتقد أنه من الصعب الحديث أكثر، فهذا أمر نركز عليه بشكل مكثف’.
ونظرا لمخاوف المسؤولين من حمل هذا العدد القليل أو بعضهم رسائل للقيام بعمليات على التراب الأمريكي فالأف بي أي يقوم بعملية رقابة متواصلة على من عاد منهم.
وقال مسؤول أمريكي بارز في مكافحة الإرهاب ‘نعرف إن القاعدة تستخدم سوريا لتحديد الأفراد الذين يمكنها تجنيدهم وغرس أفكارها في عقولهم بشكل يدفعهم نحو التشدد وليكونوا جنودا تعتمد عليهم في المستقبل’. وأشارت الصحيفة إلى أوروبا حيث ذهب عدد أكبر من الشبان للقتال في سورية. ويعبر المسؤولون الأمنيون عن مخاوف مشابهة، حيث يعملون بشكل قريب مع المسؤولين الأمريكيين لتنسيق إجراءات للحد من تدفق المقاتلين الأجانب ومتابعة من يعود منهم إلى بلاده.

تعاون غربي

ويقدر محللون ومؤسسات بحث تتابع مواقع الجهاديين عدد المقاتلين في سوريا من أوروبا بحوالي 1200 متطوع ومعظهم جاء من بريطانيا، وفرنسا، وهولندا وبلجيكا والمانيا وغيرها من دول أوروبا الغربية.
وأشارت إلى تقرير سري أعده منسق شؤون مكافحة الإرهاب في الإتحاد الأوروبي غايلز كيرشوف في 25 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وحذر فيه من مخاطر المتطوعين حيث قال إن هناك أدلة على استمرار عودة المتطوعين لبلادهم ثم رجوعهم مرة أخرى لسوريا وتحركهم بينها لأكثر من مرة.
ويقول المسؤولون إن معظم الأمريكيين الذين ذهبوا لسوريا لا يزالون هناك. ومن الأمريكيين الذين قتلوا في سوريا كانت نيكول لين مانسفيلد (33 عاما) من فلينت في ولاية ميتشغان والتي اعتنقت الإسلام قد قتلت في محافظة إدلب السورية عندما كات ترافق المقاتلين. فيما وجهت محكمة فدرالية في فونيكس- فيرجينيا تهما للجندي السابق في الجيش الأمريكي واسمه إريك هارون لقتاله إلى جانب جبهة النصرة وحديثه عما قام به أثناء زيارته لحلب ووضع صوره على ‘فيسبوك’.
واعترف في أيلول/سبتمبر بارتكاب جرائم أقل من تلك التي وجهت إليه وهي القتال مع جبهة النصرة التي تصنفها الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية، واعترف أنه نقل مقالات دفاعية وخدمات وأفرج عنه.
ووضع هارون صورا قال إنه شارك في إسقاط مقاتلة تابعة للنظام السوري، وقام ‘بنهب كل المعلومات والأسلحة فيها’.
ويقول المسؤولون الأمريكيون إن قلقهم من عمليات تجنيد المتطوعين الأوروبيين والأمريكيين تقوم على معلومات جمعت من سجلات سفر الأشخاص، وعملاء لهم في داخل سوريا، ومن عمليات تنصت واعتراض للإتصالات ومتابعة لوسائل التواصل الإجتماعي للامريكيين في الخارج ممن عبروا عن رغبة للمشاركة في الحرب السورية. وتقوم السلطات الأمريكية بتحليل معلومات عن سفر أمريكيين وتحركاتهم يقدمها الإتحاد الأوروبي لوزارة الأمن الوطني الأمريكية.
ويرى المسؤولون الأمريكيون إن الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) قامت ببناء تأثير ونفوذ- قبل العمليات الأخيرة ضدها من تحالف للجيش الحر- يمكنها من إرسال أشخاص في مهمات للخارج. ومن هنا حذر مدير ‘أف بي أي’ كومي من عملية إعادة تخلق القاعدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الرغم من الهجمات التي يتعرض لها نشطاء القاعدة في اليمن والباكستان والصومال.
وقال ‘لقد حققنا نجاحا كبيرا ضد مركز القاعدة في منطقة ‘أف- باك’ أي افغانستان والباكستان. ولكنه ألمح إلى صعود جديد للقاعدة في مناطق تعاني من حكومات ضعيفة أو خارجة عن سيطرة الحكومات في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
ويقترح المسؤولون إن القاعدة لم تتخل عن أهدافها وهي تنفيذ عمليات كبيرة على التراب الأمريكي. ويقول مسؤول إن القاعدة كانت مصممة خلال الأعوام الماضية على إرسال منفذي عمليات لأمريكا والدول الأوروبية.

تحديات أمريكية

ويرى التقرير إن القاعدة في سوريا تتعلم من كتاب القاعدة الأم في الباكستان التي بحثت عن أفراد لتجندهم في أمريكا، مشيرة هنا إلى فيصل شهزاد ونجيب الله زازي وهما اللذان حاولا تنفيذ عمليات في نيويورك.
وفي النهاية يقول تقرير الصحيفة إن تحدي تحديد الأمريكيين الذين يسافرون لسوريا كبير خاصة لسلطات الهجرة ومركز حماية الحدود الوطني في دالاس الذي أنشىء عام 2001. ولكن مسؤولي الهجرة ومكافحة الإرهاب تعاملوا مع تحد مشابه من الأمريكيين الصوماليين الذين سافروا للقتال إلى جانب حركة الشباب الصومالية، حيث تعاونت مكاتب الأف بي أي المحلية مع ممثلي التجمعات الصومالية في تحديد أفراد كانوا يمثلون تهديدا. وعلى خلاف الصوماليين فالحالة السورية تظل شائكة أكثر لأن المسافرين لسوريا عددهم اكبر ولأهداف متعددة.

رد فعل فاتر

ويأتي الإهتمام بالقاعدة أو عودة الإهتمام بها بعد قيام القاعدة في سوريا والعراق بتأكيد حضورها، خاصة في محافظة الأنبار.
وتقول صحيفة ‘لوس أنجليس تايمز’ إن قدرة القاعدة على بناء وجود لها على الأرض يعتبر تحديا لواقع ما بعد هجمات أيلول/سبتمبر2001 والتي اتفق فيها الأمريكيون أن سيطرة القاعدة على مناطق يشكل تهديدا على الولايات المتحدة.
ولاحظت الصحيفة أن توسع داعش في المناطق غرب العراق وشمال شرق سورية لم يلق إلا ردا فاترا من الرأي العام الأمريكي والكونغرس، خاصة من النواب الجمهوريين الذين لم لم ترتفع أصواتهم عالية.
وعندما تحدث رئيس الكونغرس بوينر عن الموضوع يوم الخميس كان سريعا في اتهامه للرئيس باراك أوباما ولكنه دعم موقف الإدارة والتي عبرت عن وقوفها إلى جانب الحكومة العراقية وتقديم السلاح اللازم لها لمواجهة مقاتلي القاعدة.
وقال جون بوينر إن الادارة قضت وقتا طويلا من أجل شرح أن سيطرة الإرهابيين على مناطق في الشرق الأوسط ليست ‘مشكلة الرئيس’ وعندما سئل عما يجب ان تفعله الإدارة دعا لاٍرسال معدات وخدمات أخرى ولكن ليس جنودا.
واتهم جون ماكين الذي دعا الأدارة للتدخل في سورية ‘بافشال كل شيء’ عندما ‘خرجت من العراق عام 2011 بدلا من الإحتفاظ ببعض القوات’. ولكنه لم يدع في الوضع الحالي إلى إرسال قوات أمريكية للعراق.

سخرية من الجمهوريين

وظهر في محطة ‘فوكس نيوز’ داعيا إلى تعزيز الحكومة العراقية بمزيد من الأسلحة. ونقلت الصحيفة عن كريستوفر بريبل، المحلل في الشؤون الخارجية في معهد ‘كاتو’ قوله إن الجمهوريين ظلوا صامتين لأنهم يعرفون أن الرأي العام لن يدعم عودة القوات الأمريكية للعراق بسبب الحرب التي لم تحظ بدعمهم عام 2003 والتي يتحمل مسؤوليتها الحزب الجمهوري فقد ‘كانوا يريدون التحدث عن نجاحاتهم في مجال السياسة الخارجية وليس فشلهم’.
وفسر السفير السابق والزميل في صندوق مارشال في ألمانيا لي فينشتاين الرد الشعبي الفاتر على أحداث العراق بأن سببه الإجهاد الذي أصاب الأمريكيين من الحرب ولأن الإدارة لم تتقدم باستراتيجية تقترح طريقة للتعامل مع الوضع. ومن هنا وجد النواب الديمقواطيون فرصة للسخرية من بوهنر، فقد علق السناتور الديمقراطي هاري ريد قائلا ‘أتساءل إن كان الرئيس يريد منا إرسال المزيد من القوات أو يريد منا إرسال قوات الآن للعراق، لقد عادوا، والأمريكيون فرحون بعودتهم’.
ولكن إد رويس من الجمهوريين ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس قال إنه لو نترك هؤلاء المتطرفين وحدهم فسيشكلون تهديدا كبيرا على المصالح الإستراتيجية الأمريكية، ودعا إدارة أوباما تقديم ‘ سياسة مناسبة لمكافحة الإرهاب في العراق’. وتشير الصحيفة في هذا السياق إلى تحليل كارول دهورتي مدير الأبحاث السياسية بمعهد ‘بيو’ من أن تهديد الخطر الإرهابي يعتبر في استطلاعاتهم المسحية الأخطر على الأمريكيين لكن ‘اهتمام الرأي العام الأمريكي بالعراق تراجع واختفى العراق من المشهد’.
وأظهرت استطلاعات نظمت في الذكرى العاشرة لغزو العراق أن غالبية الأمريكيين لا يعتقدون بأن الحرب كانت تستحق كل التضحيات التي قدمتها أمريكا والخسائر في المال والجنود.
المارينز غاضبون

وعلى خلاف الموقف الامريكي العام فقد اهتمت الصحف الأمريكية برد فعل المارينز الذين قاتلوا في الفلوجة عندما كانت في يد المقاومة العراقية، وتحت عنوان ‘سقوط الفلوجة يدهش المارينز’ كتبت ‘نيويورك تايمز’ عن مواقف عدد من الجنود الذين شاركوا في المعركتين عليها أو إحداهما عام 2004. ويقول أدم بوتاني أنه عندما شاهد علم القاعدة يرفرف على الفلوجة قام بارسال رسائل عبر الهاتف لزملائه ‘وكل واحد كان في حالة من الذهول’ حسب تعبيره، فلم يكن أحد لديه ‘وهم بتحول الرمادي والفلوجة إلى ديزني لاند لكن لم يتوقع واحد منا ان تقع مرة أخرى بيد القاعدة’ وقال إنه يشعر بالغثيان بعد كل ما فعلوه من أجل منع القاعدة الإحتفاظ بالمدينة. وتقول الصحيفة أن المعركة للسيطرة على الفلوجة في تشرين الثاني/نوفمبر عنت الكثير للمارينز أكثر من 12 عاما من الحرب في العراق وأفغانستان حيث قتل فيها أكثر من 100 جندي وجرح مئات.
ومثل النواب الجمهوريون لام البعض منهم باراك أوباما على عدم الإحتفاظ بقوات أمريكية في العراق. فيما عبر أخرون عن غضبهم من الرئيس جورج بوش الذي ورطهم في حرب لم تكن ضرورية وكان من الصعب تحقيق أهدافها.
وأيا كان الحال فسقوط الفلوجة أدى إلى حالة اهتمام بين المارينز حول العالم الذين تشاركوا فيما بينهم بالأخبار.
وبحسب كايل ويتسون الذي كان مستشارا للمارينز ويكتب كتابا عن الفترة التي قضاها في الفلوجة ‘هذه بداية الحساب والمحاسبة’. وقال بعض من قتل أبناؤهم في الفلوجة أنهم كانوا يظنون أن أبناءهم قتلوا لهدف.
ونقلت عن رايان سباركس الذي قتل 3 من أفراد فرقته وجرح منهم 57 شخصا أثناء 7 أشهر قضوها في الفلوجة أن ما يدعو المارينز للغضب هي الخسائر التي خسروها.
وشبه خسارة الفلوجة بخسارة الأمريكيين لبلدة خي سنا الفيتنامية عام 1968 والتي سيطروا عليها بعد معركة حاسمة.
وفيما يتحدث المارينز عن مشاعرهم فلا بد من التذكير أن الفلوجة دمرت بالكامل تقريبا فيما هجرها أهلها ولا يزال سكانها يعانون من الفسفور الأبيض الذي استخدمه الأمريكيون في عملياتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية