حنين جزائري الى الزمن الجميل وصدمة فرعونية بعد نفحات التغيير الدولي!

عادل منصور
حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: على غير العادة، حظيت العطلة الدولية الأخيرة بمتابعة إعلامية وجماهيرية لا بأس بها، والأمر لا يتعلق فقط بالكم الهائل من المواجهات العالمية الكلاسيكية، التي عوضت المصابين بمتلازمة «الدوريات الخمسة الكبرى ودوري أبطال أوروبا»، خاصة بعد الضجة الكبيرة وردود الأفعال العنيفة في كوكب «السوشيال ميديا»، اعتراضا على توقيت توقف مارس/ آذار، الذي وُصف من قبل البعض بـ«الأسوأ في التاريخ»، كونه جاء في توقيت حساس بالنسبة لأندية الصفوة التي تنافس على الألقاب المحلية والقارة الكبرى في القارة العجوز، بل أيضا للأضواء التي كانت مُسلطة على قادة ثورة التغيير الجدد، والإشارة إلى المدربين الجدد الذين ظهروا للمرة الأولى مع منتخباتهم، في ما تعرف بالخطوة الأولى في مشوار الألف ميل، أبرزهم على المستوى العربي المدرب السويسري فلاديمير بيتكوفيتش مع المنتخب الجزائري، وأسطورة الفراعنة والماما أفريكا حسام حسن في سُدّة القيادة الفنية لمنتخب بلاده المصري، وعالميا توجهت الأنظار نحو حاكم وطن السيليساو الجديد دوريفال جونيور، بعد تعيينه مدربا لمنتخب البرازيل خلفا لمواطنه فرناندو دينيز، وبدرجة أقل المدرب الشاب يوليان ناغلزمان، الذي كان يبحث عن «طوق نجاة» لتأمين وظيفته مع منتخب ألمانيا، بعد بدايته المخيبة للآمال في عطلة أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والسؤال الذي يفرض نفسه، هل لاحظ النقاد والمتابعون هبوب رياح أو نفحات التغيير مع المدربين الجدد؟ هذا ما سنحاول استعراضه معا في موضوعنا الأسبوعي.

نوستالجيا الجزائر

بالنسبة لمدرب محاربي الصحراء الجديد بيتكوفيتش، فكان هدفه الرئيسي في ظهوره الأول مع أبطال أفريقيا 2019، هو إعادة البسمة إلى شفاه المشجعين والحصول على دعمهم وثقتهم، بعد وصول الأغلبية الكاسحة إلى قمة اليأس والحسرة على نتائج وعروض المنتخب في النصف الثاني من ولاية المدرب الوطني السابق جمال بلماضي، تحديدا منذ انتهاء سلسلة اللا هزيمة عند المباراة الـ35 على التوالي، والتي جاءت على يد منتخب غينيا الاستوائية بهدف نظيف في الجولة الثانية لكأس أمم أفريقيا الكاميرون 2021، وعلى إثرها أخذت مسيرة وزير السعادة، سابقا، مع الخضر منحى آخر، من منتخب صعب المراس لا يعرف في قاموسه مصطلح «هزيمة»، إلى شبح يعيش على أطلال الماضي، لا يقوى حتى على تجاوز الدور الأول لبطولة أمم أفريقيا مرتين على التوالي، والأسوأ على الإطلاق، ما تُعرف بكارثة «فاصلة المونديال»، حين فرط بلماضي ورجاله المخضرمون المخلصون في تأشيرة اللعب في أعظم نسخة في كأس العالم في اللحظات الأخيرة أمام أسود الكاميرون، وهو تقريبا ما نجح المدرب الستيني في إنجازه بعد أسبوعين فقط من توليه القيادة الفنية للمنتخب، بانتصار درامي على بوليفيا بنتيجة 3-2 في افتتاح الدورة الرباعية الودية التي نظمتها الجزائر تحت غطاء الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، في مباراة كانت كاشفة للتغير الملحوظ في طاقة المنتخب وروح اللاعبين، رغم تأثر البعض منهم بالهالة الإعلامية والضغوط الجماهيرية الهائلة عليهم في أول تجربة في عصر ما بعد بلماضي، مثل مهاجم نادي كاراباخ الأذربيجاني كريم بن زية، الذي لم يحصل على أي استدعاء لتمثيل المنتخب منذ العام 2018، مع ذلك، أبدع في إحراج المدرب السابق بمجرد حصوله على فرصة حقيقية مع المدرب الجديد، تاركا بصمته وأهدافه تتحدث عنه، بعد توقيعه على 3 أهداف في شباك بوليفيا وثالث الكان الأخير منتخب جنوب أفريقيا، منها هدف هوليوودي سينافس بقوة على جائزة «بوشكاش»، كأفضل هدف في العالم في العام 2024، ونفس الأمر ينطبق على ياسين براهيمي، الذي كان يتصدر قائمة ضحايا بلماضي في آخر عامين، بتجاهل تام منذ عودة البعثة من الكاميرون مطلع العام قبل الماضي، رغم توهجه مع الغرافة القطري في الآونة الأخير، هو الآخر أحرج المدرب السابق بحضوره الطاغي في وديتي الدورة الرباعية، إذ تمكن من تسجيل هدف وصناعة اثنين، دليلا على أنه كان يستطيع تقديم خدمة مميزة في الفترة الماضية، وأن إبعاده منذ عام 2022 لم يكن مستحقا.
أيضا لاعب النادي الأهلي القاهري المعار إلى سيراميكا المصري أحمد قندوسي، قدم إضافة واضحة في خط الوسط بعد مشاركته بديلا في كلتا المباراتين، ضمن المكاسب التي خرج بها بيتكوفيتش من انتصاره على بوليفيا وتعادله مع ثالث أفريقيا بثلاثية في كل شبكة، كمكسب استعادة الثقة والروح القتالية المعروفة عن وطن المليون ونصف المليون شهيد. وكما أشرنا أعلاه، هذا الأمر كان مفقودا في ختام ولاية بلماضي، حيث اعتاد الجمهور على رؤية المنتخب بصورة شاحبة، وسرعان ما يستسلم ويفقد تركيزه أمام خصومه كلما زاد الضغط، بينما مع المدرب الجديد، بدا وكأن المجموعة تعمل بجد لاسترجاع ثقتها بنفسها ونسيان عثرات الماضي، وتجلى ذلك في تحرر اللاعبين نفسيا داخل المستطيل الأخضر، كأنها رسالة مصالحة حقيقية قبل استكمال مشوار التصفيات المؤهلة لكأس العالم في أمريكا الشمالية 2026، أو كما وُصفت على نطاق واسع في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بالصفحة أو العهد الجديد للجزائر، على أمل أن ينجح المدرب البوسني الأصل أن يسير على خطى ابن جلدته في الأصول والدماء وحيد خاليلوزيتش، صاحب إنجاز الوصول إلى مراحل خروج المغلوب في مونديال البرازيل 2014، الذي خاض مباراة تاريخية أمام المنتخب الألماني في دور الـ16، في ما كانت واحدة من أصعب المواجهات والاختبارات التي تعرض لها الناسيونال مانشافات في طريقه نحو اللقب الثمين، ولو أن هذا لا يعني بالضرورة أن بيتكوفيتش نجح في تحقيق العلامة الكاملة لأهدافه في أول مباراتين، فكما كانت فرصة ثمينة للتعرف على اللاعبين وإمكاناتهم على أرض الواقع، كانت هناك بعض النواحي السلبية، مثل صداع هشاشة وضعف خط الدفاع، الذي استقبل ما مجموعه 5 أهداف في المباراتين، ما بين آراء تُلقي باللوم على الأخطاء الفردية للمدافعين، وبالتحديد عيسى ماندي ومحمد الأمين، وأخرى تضع علامات استفهام بالجملة على أداء حراس المرمى، بعد الظهور الخجول للحارس أنتوني ماندريا في المباراة الأولى، ومثله مصطفى زغبة في مباراة البافانا بافانا، أما الأغلبية، فاتفقت على وجود خلل في المنظومة الدفاعية وحلقة فارغة بين قلبي الدفاع وخط الوسط، مثل ما اعتبرت بالجزئية السلبية في أداء المنتخب في نفس المباراتين، بالإفراط في الهجوم من ناحية ياسين براهيمي في اليسار على حساب جهة فارس شايبي ومحمد أمين عمورة اليمنى، وهو تقريبا نفس نمط بلماضي في الهجوم، كمؤشر الى عدم توازن طريقة لعب المنتخب والعمل الكبير الذي ينتظر المدرب في الفترة القادمة لمعالجة أغلب النقاط السلبية، حتى يكون مؤهلا لأول صدامين بالصبغة الرسمية أمام غينيا وأوغندا ضمن تصفيات القارة السمراء المؤهلة لكأس العالم.

صدمة الفراعنة

في مصر، ارتفع سقف طموح الشارع الكروي والرأي العام أكثر من أي وقت مضى، بعد تعيين التوأمين حسام وإبراهيم حسن في القيادة الفنية للمنتخب الوطني، خلفا للبرتغالي روي فيتوريا في أعقاب الخروج المبكر من بطولة أمم أفريقيا الأخيرة، في خطوة انتظرها عشاق الهداف التاريخي للمنتخب منذ سنوات، كواحد من أبناء مدرسة «ما شربتش من نيلها»، التي وضع حجر أساسها مع المعلم حسن شحاتة في ختام رحلته الأسطورية في نسخة «كان 2006»، غير أنه يصنف كواحد من تلامذة مؤسس نهضة الكرة في العصر الحديث الجنرال الراحل محمود الجوهري، حيث كان مهاجمه المفضل طوال عقد التسعينات، وحتى بعد اعتزاله، سافر إلى الأردن لاستكمال ما بناه معلمه في عمان، بقيادة منتخب النشامى حتى الأمتار الأخيرة في ملحق التصفيات المؤهلة لكأس العالم، ناهيك عن الخبرة الكبيرة التي اكتسبها من تجاربه التي يصعب حصرها في الدوري المحلي، لعل أكثرها إشراقا ولايته الأولى مع النادي المصري البورسعيدي، الذي أعاده مرة أخرى إلى أدغال أفريقيا والمشاركة في الكأس الكونفدرالية بعد غياب طويل لأبناء المدينة الباسلة عن المحافل القارية، لكن على أرض الواقع، أقل ما يُقال إن الأمر كان مختلفا ومعقدا على صاحب الصلعة الشهيرة، وتجلى ذلك في أداء المنتخب في أول مباراتين أمام نيوزيلندا وكرواتيا، وبالأخص صدام لوكا مودريتش ورفاقه، الذي لم يكن كاشفا لمشاكل مدرسة ونهج حسام حسن في القيادة، الذي يرتكز على إثارة حماس اللاعبين واستفزازهم عاطفيا، كما نلاحظ في بكاء التوأمين في لحظة عزف النشيد الوطني في ملعب «مصر» (العاصمة الجديدة)، بل فضح كل مشاكل وعيوب المنتخب والكرة المحلية المصرية، ولعلنا شاهدنا العواقب الوخيمة للبداية العنترية أمام كرواتيا، بذاك الاندفاع البدني الكبير، الذي أعطى إيحاء من الوهلة الأولى، وكأن المنتخب المصري يخوض واحدة من سهراته السهلة مع ضحاياه الكثر في القارة، وليس وصيف النسخة قبل الأخيرة للمونديال وثالث الأخيرة. بدون مبالغة في الوصف، الأمر كان أشبه بالانتحار الكروي، الذي عجل بانكشاف الفوارق الفنية والبدنية بين المنتخبين، والدليل على ذلك، الحصار الكرواتي الذي لم يتوقف منذ نفاد طاقة الفريق المصري، ولولا تفنن رفقاء مودريتش في إضاعة الفرصة السهلة تلو الأخرى، لربما انتهت النزهة بأكثر من رباعية في شباك الحارس المتذبذب محمود أبو جبل، الذي ما زال يبحث عن نسخته البراقة التي كان عليها في بطولة أمم أفريقيا 2021، شأن المدافع العشريني محمد عبد المنعم، الذي بصم هو الآخر على مباراة للنسيان، وفي رواية أخرى، واصل المضي قدما في طريقه المفخخ بالألغام، بتكرار نفس الهفوات الفردية التي يرتكبها مع الأهلي في الآونة الأخيرة، وما زاد الطين بلة، تلك الطريقة البدائية في عملية المراقبة سواء في الكرات الثابتة أو الركلات الركنية، كما وضح في الهدف الثاني الذي جاء وسط حراسة 5 مدافعين، اكتفوا بمشاهدة برونو بيتكوفيتش، يطير وحده في الهواء على القائم البعيد ليحول الكرة برأسه بكل سهولة وأريحية في شباك الحارس المغلوب على أمره، ونفس الأمر في لقطة الهدف الثالث، الفارق أن اندريه كراماريتش تبادل الدور مع مهاجم دينامو زغرب، في غفلة من عبد المنعم ورامي ربيعة في المراقبة في الكرة الثابتة.
ويبقى كل ما سبق في كفة، وما فعله حسام حسن في الشوط الثاني في كفة أخرى، بسحب اللاعب الأبرز في المباراتين، والإشارة إلى لاعب الوسط مروان عطية، في قرار آخر انتحاري، تسبب في تلك المساحة الشاغرة التي استغلها الفريق الأوروبي في الهجمة المرتدة، التي بدأت بتمريرة ساذجة من البديل مصطفى فتحي على حدود منطقة جزاء المنتخب الكرواتي، ارتدت بتمريرتين والثالثة كانت قذيفة كربونية من الهدف الثاني في شباك أبو جبل، الذي اكتفى كعادته بمشاهدة الكرة وهي تعانق شباكه، كواحد من أهم المشاهد التي توقف عندها أغلب النقاد والمتابعين، خوفا من تكرار هكذا قرارات عنترية من الممكن أن تؤدي إلى فضائح كروية في المستقبل، أو على أقل تقدير حتى يعيد حساباته في قراءته للأحداث واللعب بطريقة تتناسب مع إمكانات اللاعبين، وليس بأسلوب المجازفة الذي طغى عليه في ليلة الهزيمة بالأربعة في نهائي كأس العاصمة، ولو أن ما حدث في أول مباراتين بوجه عام، لا يمكن بناء تصورات وآراء عليه، بل هناك من يرى موافقة حسام حسن على خوض البطولة، أنها شجاعة في حد ذاته، بسبب ضيق الوقت لتحضير نفسه لبدء مغامرته مع المنتخب، إلى جانب الغيابات الكثيرة التي يعاني منها المنتخب في هذا التوقيت بالذات، متمثلة في إصابة حامي العرين محمد الشناوي، منذ انتهاء دوره في البطولة الأفريقية الأخيرة، ومثله الأسطورة محمد صلاح، لتجنب عودته إلى نقطة الصفر بعد عودته مؤخرا من الإصابة، وقائمة أخرى عريضة اكتملت بالانتكاسة التي تعرض لها أحمد سيد زيزو في مباراة دربي نهائي كأس مصر الأخيرة، التي خسرها فريقه الزمالك بثنائية نظيفة، وتبعه إمام عاشور، بإصابة تندرج تحت مسمى «قاسية»، بخلع في الكتف الأيسر، تعرض لها في المباراة الأولى، وعلى إثرها غاب عن ملحمة كرواتيا، وبنسبة كبيرة سيبقى خارج الحسابات حتى تجمع يونيو/ حزيران المقبل، حيث يستهل حسام حسن، رحلة الألف ميل، بمقارعة خيول بوركينا فاسو في الجولة الثالثة للتصفيات المؤهلة لكأس العالم، ثم برحلة أخرى محفوفة بالمخاطر إلى العاصمة بيساو لمواجهة صاحب الأرض غينيا بيساو ضمن نفس التصفيات، لكن تبقى أكبر المخاوف مما يُعرف في الوسط الرياضي بخلاف المدرب مع البطل القومي محمد صلاح، خاصة بعد القنبلة الصحافية التي فجرها حسام حسن في أول مقابلة موثقة بعد المباراة، معترفا بشكل واضح وصريح، بأن المنتخب عانى من غيابات مؤثرة كان من الممكن أن تغير من شكل المباراة، ولنا أن نتخيل أن ذكر لاعبين بالاسم مثل زيزو والشناوي وعاشور ورمضان صبحي، وتجاهل اسم القائد والملهم صلاح، ما فتح الباب على مصراعيه أمام النقاد والمتابعين لتحديث القصص الروايات حول نزاع المدرب والقائد، على خلفية ما قاله العميد في مقابلة تلفزيونية موثقة على هامش تحليله لمباريات المنتخب في بطولة أفريقيا الأخيرة، بشأن عدم تقبله فكرة تخلي القائد عن واحدة من أهم مسؤولياته، وهي احتضان اللاعبين ودعمهم حتى النهاية، وليس بالعودة إلى إنكلترا لاستكمال برنامج إعادة تأهيله من الإصابة تحت إشراف الطاقم الطبي لليفربول، وغيرها من التحديات التي ما زالت تنتظر حسام حسن في المرحلة المقبلة، إذا أراد حقا استعادة زمن الجوهري وحسن شحاتة الجميل، وليس العودة إلى التجارب المحلية العابرة التي بالكاد يتذكرها جمهور الكرة في مصر والوطن العربي، مثل سيئ الحظ شوقي غريب والثنائي حسام البدري وإيهاب جلال، فهل ستتحسن الأوضاع مع عودة صلاح والمصابين ليبدأ أسطورة الملاعب في تدشين أسطورته الجديدة في عالم التدريب مع كبار الماما أفريكا؟ أم سيضل الطريق؟ هذا ما سنعرفه في المستقبل غير البعيد.

تصحيح مسار

على المستوى العالمي، تنفس جمهور كرة القدم في وطن السامبا، الصعداء بظهور المنتخب بنسخة أقل ما يُقال عنها مقنعة، في أول اختبارين من الوزن الثقيل تحت قيادة المدرب الجديد دوريفال جونيور، الذي وعد الملايين بإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح بأثر فوري، بعد سلسلة الكوارث التي تسببت في تراجع أبطال العالم 5 مرات من قبل في تصنيف الفيفا، والأسوأ من ذلك، تراجعهم في التصفيات اللاتينية المؤهلة لكأس العالم، وتجلى ذلك في الأداء الجيد في ملحمة المنتخب الإنكليزي، في ودية «ويمبلي»، التي كان من المتوقع أن تنتهي بمهرجان أهداف لفريق المدرب غاريث ساوثغيت، قياسا إلى نتائج وعروض كلا المنتخبين في الآونة الأخيرة، وفي نهاية المطاف، انتهت بفوز مستحق للسيليساو بهدف نظيف، وربما لو أحسن فينيسيوس جونيور ورودريغو الانفردات التي أتيحت لهم في الشوط الأول، لانتهى اللقاء بأكثر من هدف لنجم ريال مدريد القادم إندريك، الذي سجله بعد مشاركته كبديل في الشوط الثاني، وما ضاعف جرعة الثقة والتفاؤل في الوسط الكروي البرازيلي، تلك الشخصية والروح القتالية التي كان عليها في الودية الثانية النارية أمام المنتخب الإسباني في عقر داره التاريخي «سانتياغو بيرنابيو»، في المباراة المجنونة التي انتهت بثلاثة أهداف في كل شبكة، بعد صمود برازيلي أسفر في النهاية عن خطف هدف التعديل الثالث في الوقت المحتسب بدلا من الضائع، حيث كانت أفضل بداية بالنسبة للمدرب الجديد، قبل الاستعداد للنسخة المنتظرة لكوبا أميريكا في فصل الصيف، ومن ثم بدء رحلة تصحيح المسار في التصفيات المؤهلة لكأس العالم.
أما الرابح الأكبر من هذا التوقف، فهو المدرب الألماني يوليان ناغلزمان، الذي كان محظوظا بما فيه الكفاية للخروج من النفق المظلم، بعد بدايته المحبطة، التي كانت مكملة لنهاية حقبة هانزي فليك، بالتجرع من مرارة الهزيمة في أول مباراتين أمام تركيا والنمسا في آخر عطلة دولية العام الماضي، قبل أن يفعلها هذه المرة، وينجح في إعادة جزء من هيبة الألمان المفقودة منذ الوصول إلى لقمة هرم النجاح تحت قيادة المدرب الأسبق يواكيم لوف، بالتتويج بمونديال البرازيل 2014، بفضل الانتصار المظفر على وصيف بطل العالم المنتخب الفرنسي في قلب ليون، ثم بالفوز على المنتخب الهولندي العائد بقوة تحت قيادة مدرب السابق رونالد كومان، وهذه النتائج كانت بعيدة المنال حتى فترة قصيرة، وفي نفس الوقت لم تأت بضربة حظ أو من قبيل الصدفة، بل بعودة المدرب الشاب إلى أصحاب الخبرة، لتقديم يد العون في هذه الفترة الحرجة، ويُحسب له نجاحه في إقناع القيدوم توني كروس في العدول عن قراره، باعتزال اللعب على المستوى الدولي، ليعود ويعطي هذه الإضافة الهائلة في خط الوسط أمام الديوك الفرنسية والطواحين البرتقالية، ونقاط أخرى إيجابية أخرى سيحاول مدرب بايرن ميونيخ السابق البناء عليها، على أمل أن تصدق صحة التقارير المتداولة في وسائل الإعلام مؤخرا، عن احتمال تعديل عقد ناغلزمان من مؤقت حتى نهاية اليورو الى مدرب بعقد دائم، شريطة أن يستمر بنفس الزخم ومؤشرات جادة على التطور في البطولة الأوروبية التي ستستضيفها ألمانيا في فصل الصيف. قراءة مفيدة للجميع.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية