حصار الأردنيين لسفارة الاحتلال يُهيمن على شبكات التواصل وحملة تحريض تفشل في تفريقهم

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: فشلت حملة تحريض كبيرة على شبكات التواصل الاجتماعي في تفريق جموع الأردنيين التي تزحف نحو السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأردنية عمان بشكل يومي وتقوم بحصارها خلال ساعات المساء، في فعالية رمضانية غير مسبوقة تُطالب بقطع العلاقات مع دولة الاحتلال.

وهيمنت مسيرات الأردنيين واحتجاجاتهم اليومية الليلية خلال الأسبوع الماضي على شبكات التواصل الاجتماعي بعد أن وصل صداها إلى مختلف أنحاء العالم العربي، وتجاوب معها الكثير من المحتجين في دول مختلفة لا سيما مصر والمغرب وسلطنة عُمان، حيث خرجت تظاهرات تتجاوب مع نداء المحتجين الأردنيين.
وبدأ الأردنيون منذ الأيام الأولى لشهر رمضان المبارك التحرك للاحتجاج في ساعات المساء بالقرب من موقع السفارة الإسرائيلية، وسرعان ما تحولت هذه الاحتجاجات إلى دعوات لحصار سفارة الاحتلال والدعوة إلى قطع علاقات الأردن مع إسرائيل ووقف الجسر البري الذي يمر عبر الأردن ويقوم بإمداد الإسرائيليين بما يحتاجونه من المواد التموينية والسلع المستوردة من الخارج.
وسرعان ما أصبح اسم الأردن على قائمة الوسوم الأوسع انتشاراً والأكثر تداولاً على شبكات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، كما أصبحت العديد من الوسوم المتعلقة بالحراك والاحتجاجات في الأردن على رأس الوسوم واسعة الانتشار، فيما تجاوبت أعداد متزايدة مع دعوات الخروج لحصار السفارة الإسرائيلية.
الحراك المناصر لغزة

وتصدر الهاشتاغ «#جمعة_الغضب_لفلسطين» والهاشتاغ «#نداء_الأردن_للعرب» والوسم «#طوفان_الأردن» وغيرهم قائمة الوسوم الأوسع انتشاراً والأكثر تداولاً على شبكات التواصل الاجتماعي داخل الأردن، وخرج عشرات الآلاف للمشاركة في مسيرات حصار السفارة الإسرائيلية والتي تبدأ يومياً من ساعات المساء الأولى حتى منتصف الليل.
وكتب الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي المهندس مراد العضايلة تغريدة على شبكة «إكس» (تويتر سابقاً) يقول فيها: «الحراك المناصر لغزة رافعة للدولة الأردنية وأحد عناصر قوتها، يحتاج إلى من يوظفه في خدمة الدولة».
فيما دعا الناشط في حزب الشراكة والانقاذ نبيل العياصرة إلى المشاركة بكثافة في مسيرات الغضب التي تحاصر سفارة الاحتلال الإسرائيلي، وكتب يقول: «يا أمة عظيمة كفانا رقود، ولنكن الزلزال الذي يهدم هذا الكيان الهزيل الذي دمر ماضي الأمة ومستقبلها، يكفي رقود فالاحتلال أباد أهلنا في قطاع غزة والكل ينادون يا أمة يا عالم وكنا نيام.. كفى فلنستيقظ لذاتنا ومستقبل أمتنا، ليكن يوم المظاهرات مشهود نلعن فيه الاحتلال ومن خلفه أمريكا رأس الإرهاب ومنبعه.. ليكن يوم ننتصر فيه على خوفنا وذلنا ونكسر قيدنا ونبدأ من جديد نبني ما هُدم».
أما الناشط الأردني مصعب الحراسيس فغرد يقول: «إذا كل هذا التآمر العالمي وأكثر من 33 ألف شهيد ما خلوك تحدد بوصلتك وموقعك وانحيازاتك، فاعلم أنه لا خير فيك.. ولا خير في صلاتك وصيامك وقيامك». وأضاف في تغريدة ثانية: «اعتقال خيرة شبابنا لا يخدم موقف الأردن وموقف جلالة الملك، إن كان ما زال هناك عقلاء في وطني، فليس أقل من الإفراج عن كل المعتقلين، فوالله إنه ليسيئنا أن تشوه صورة مؤسسات وطننا.. فكيف يقتنع الاردني بموقف بلاده المتقدم وهو يرى خيرة أهله في السجون؟».

ثمة أهلٌ لنا يموتون
قصفاً وجوعاً وتشريداً

وعلق الكاتب والصحافي الأردني باسل الرفايعة رداً على حملات التحريض بالقول: «الحدثُ في غزة بكامل فجيعته وضحاياه وأساه وبطولته وصموده. ثمة أهلٌ لنا يموتون قصفاً وجوعاً وتشريداً، ونحنُ نتلهّى بالثنائيات وبالهويات المضروبة، وبالشوفينيات الوطنية.. ما تبقى من أحداث وأصداء يجب أنْ تصغرَ مهما كبرت، وتتواضع أمام الدم والأشلاء والألم، وتتواضع معها هاشتاغات منثورة للتجارة والكيد والأحقاد والأمراض.. الحدثُ في غزة فقط. هنا الإبادةُ، والتجويع، والتهجير. ماتَ الناسُ في بيوتهم وطرقاتهم ولهاثهم إلى الخبز. فماذا يغيظك من تفاصيل. ماذا يغيظك من ألم..؟!».
وأضاف الرفايعة في تغريدة ثانية محذراً أيضاً من التحريض الممنهج ضد المتظاهرين: «الدولُ الناضجةُ والناجزةُ لا يستفزها هتافٌ في مظاهرة مهما كان، خصوصاً ما يكتنفُ التعبيرَ الشعبيّ من بلاغةٍ محمولة على التضامن أو الغضب والألم لاستمرار التوحش الإسرائيلي والغربي في غزة، في أكبر إبادة، وأكبر مجاعة موثقة في العصر الحديث.. لندع في الأردن هتافات ناسنا إلى أقصاها، ولنحذر من حسابات الموساد، ومن قنّاصي الفتن على السوشال ميديا، فهم يريدون مناصب وحظوات، ولا تعنيهم عمّان قبل غزة».
وتابع: «الحكمة مطلوبة من الدولة أولاً وأخيراً، إذْ لا ضرر من الكلام، فالهمجيةُ الإسرائيلية تجاوزت كل سقوف الإجرام والانحطاط، وعلى الدولة تجاوز الهتافات وحراسة الحراك الشعبي المناصر لغزة من أيّ فعل تخريبي حقيقي، أو من أيةِ مشيئات إقليمية معادية للأردن.. الهتافات للمقاومة وقادتها طبيعية جداً، ولا يجب أنْ تستفزَّ أحداً، فهؤلاء رجال صامدون في معركتهم ضد عدوهم وعدونا، ولا ينافسون أحداً على مغنم».
وكتبت المحامية المعروفة هالة عاهد: «المظاهرات تمسك أخير بأنه ما زال في العروق قليل من حياء ومروءة ترفض أن تمر جرائم الإحتلال دون صرخة غضب؛ هذا الفعل (التافه) تضيق به السلطات ذرعا؛ فلا تمانع تحميل الشباب ثمنا باهظا نظير هذا الغضب، ولا تمانع أن تنتهك الحقوق وتصادر الحريات وتخرق القانون».
أما الناشط وليد عليمات فغرد يقول: «البوصلة السليمة كيفما أدرتها يأخذك السهم إلى ذات العدو، لكن من يتبنى بوصلة العدو سيرتد سهمها إلى نحره.. هي معادلة وخطأ في إشارة واحدة سيقلب النتائج».
وعلق الناشط ياسر العوران داعياً إلى الاستمرار في التظاهر ضد السفارة الإسرائيلية: «أنت تشارك لتقوم بأقل واجب امرك الله به تجاه الاسلام وامته، انت تشارك لوضع حد للجرائم والسيطرة الصهيونية والامريكية، انت تشارك لاجل وطنك ومستقبل ابنائك، انت تشارك لأن الدور قادم عليك لا محالة».
وكتب وائل أبو عمر من داخل قطاع غزة: «أنتظر يومياً بعد صلاة التراويح حتى أرى مظاهرات الأردن القوية والحية بنبض الجماهير الحي القريب من كل شيء فلسطيني.. وقع هذه المظاهرات كبير على كل فلسطيني هنا في غزة، وتُشعرك بأنك ليس وحدك وأن نبض الأمة حي رغم 170 يوم من العدوان المستمر».
وأضاف: «مظاهرات الأردن إن استمرت بهذه الوتيرة فستغير كل المعادلات في المنطقة وربما تقودنا إلى حدث أكبر من السابع من أكتوبر».

مشهد عجيب يدعو للفخر

ونشر الناشط الأردني رضا ياسين مقطع فيديو للتظاهرات الأردنية ويظهر فيه عدد من الأطفال المشاركين، وعلق قائلاً: «مشهد عجيب يدعو للفخر.. بعد منع دخول الأطفال ومن هم دون الـ18 سنة لتظاهرات محيط السفارة الليلة، شكّل الأطفال نقطة تظاهر وهتفوا بكل براءه للمقاومة: بالطول بالعرض حماس تهز الأرض».
أما مظفر السرمي فكتب يقول: «اندحار الصهيونية يسبقه أفول الرأسمالية راعية الظلم التي تترجم مبدأ الجشع في نهب ثروات الشعوب والتدخل في شؤونها الداخلية من أجل تقويض حركتها العلمية والاقتصادية التي يمكن أن تمثل منافسة لهم».
يشار إلى أن العديد من التقارير تحدثت عن حملة اعتقالات طالت العديد من النشطاء الذين شاركوا في الدعوة إلى هذه التظاهرات، فضلاً عن أن قوات الأمن استخدمت في بعض الأيام القوة من أجل تفريق المتظاهرين، فيما نفت الحكومة أن تكون قد ضيقت على حق الناس في التظاهر والتعبير عن الرأي، وقالت إن من تم استخدام القوة بحقهم أو اعتقالهم ارتكبوا انتهاكات قانونية خلال المظاهرات.
وقالت مصادر أردنية إن من بين المعتقلين الناشط النقابي المهندس ميسرة ملص والباحث في شؤون القدس زياد ابحيص، كما تم اعتقال الناشطة نور أبو غوش.
كما تحدثت المصادر الأردنية وبعض وسائل الإعلام عن أن ابحيص تم اعتقاله من منزله في ساعة متأخرة من الليل بعد أن تم تفتيش المنزل.
كما اعتقلت أجهزة الأمن الأردنية في وقت سابق أيضاً رئيس الهيئة العليا للقطاع الشبابي في حزب جبهة العمل الإسلامي معتز الهروط وأمين سر القطاع حمزة الشغنوبي. وقالت مصادر حزب جبهة العمل الاسلامي إن الهروط تم اعتقاله في مكان عام، في حين اعتقل الشغنوبي من مكان عمله في منطقة النزهة بعمّان، وقد تم اقتيادهما إلى مركز الأمن واعتقالهما دون أن تتضح التهم الموجهة لهما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية