حزب جزائري يستنكر محاولات خلق كيان انفصالي وهمي بعد إعلان ما يسمى “دولة القبائل” في الخارج

حجم الخط
0

الجزائر- “القدس العربي”:

لم تمر الحركة الأخيرة لزعيم حركة “الماك” الانفصالية في الجزائر، بإعلان قيام ما وصفها بـ”دولة القبائل” من نيويورك، دون تسجيل ردود فعل مستنكرة اعتبرت هذا الفعل “لا يمثل بتاتا منطقة القبائل” التي كانت في طليعة حرب التحرير للتخلص من الاستعمار الفرنسي.

وذكرت حركة مجتمع السلم وهي ثاني أكبر حزب في البرلمان في بيان لها، أنها تدين إعلان ما يسمى بالدولة القبائلية، من طرف المدعو “فرحات مهني” رئيس حركة الماك، وعبّرت عن استهجانها لهكذا “إعلان الذي في الحقيقة لا يعبر إلا عن صاحبه والذين من حوله في تحد صارخ للشعب الجزائري ووحدته الترابية ونسيجه الاجتماعي والثقافي”.

واعتبرت الحركة التي أصدرت على غير العادة بيانا عبر مكتبها في تيزي وزو وهي معقل الحركة الأمازيغية في البلاد، أن “هذا الإعلان البائس في شكله ومضمونه  يمثل انسلاخا وارتدادا خطيرا وطعنة غادرة لتضحيات الملايين من شهداء الجزائر عموما وللتضحيات الجسام التي قدمتها منطقة القبائل في سبيل تحرير الوطن”.

وتحدثت حركة مجتمع السلم في هذا السياق، عن تضحيات أحد عشر عقيدا من أصل اثنان وعشرون في الثورة التحريرية، اضطلع بعضهم بمهام ومسؤوليات على مستوى القطر الوطني على غرار العقيد سي الصادق، قائد الولاية الرابعة والعقيد علي ملاح قائد الولاية السادسة، الذين يعتبرون من خيرة ما أنجبت هذه المنطقة التي يتباهى بالانتماء إليها، وكل هذا من أجل أن يحي هذا الوطن في كنف الحرية والاستقلال.

وأردف الحزب قائلا “إذ نجدد استنكارنا لمثل هذا التصريح الذي صدر من أحد الأبواق الذين تحركهم الأجندات الخارجية ومصالحهم الشخصية المشبوهة والتي تهدف إلى النيل من هذا الوطن العزيز ووحدته الترابية التي تغيظ الأعداء، فإننا نثق أن الوعي السياسي والروح الوطنية الذين يتسم بهما جماهير أهل المنطقة كفيل بأن يفضح هذه الدعوات ويحبطها كما فعل مع أمثالها عبر التاريخ”. وختم بأن وحدة الجزائر وسلامة أراضيها تمثل خطا أحمرا لا يمكن تجاوزه، وأي محاولات لزعزعة هذه الوحدة تعد خروجا عن الإجماع الوطني وتهديدًا للسلم الاجتماعي.

ويأتي هذا البيان في أعقاب إعلان حركة “الماك” المصنفة في الجزائر على لوائح الإرهاب، قيام “دولة القبائل” بتاريخ 20 نيسان/أبريل الذي يصادف في الجزائر الذكرى المزدوجة للربيع الأمازيغي سنة 1980 والربيع الأسود سنة 2001، والتي ترمز إلى النضال من أجل التمكين للغة والهوية الأمازيغية في الجزائر.

ويحاول مهني في السنوات الأخيرة التحرك دوليا بعد محاصرة تنظيمه في الجزائر لانتزاع اعتراف من بعض الدول التي لديها مواقف عدائية اتجاه الجزائر. ويواجه هذا المغني الذي تطرف في مواقفه إلى غاية رفع راية الانفصال، رفضا كبيرا لمواقفه خاصة بعد إعلانه دعم إسرائيل في عملية طوفان الأقصى.

ولا يخفي فرحات مهني الذي صدرت في حقه عدة أحكام غيابية بالمؤبد في الجزائر، علاقته مع إسرائيل التي قام بزيارتها وأعلن دعمها في عدة مرات سابقة. وبات هذا الشخص في الفترة الأخيرة، يلعب على وتر المواقف الجزائرية الدولية لمحاولة تأليب الغرب ضد الجزائر، مثلما فعله منذ أشهر بادعاء تقديم الجزائر الدعم لروسيا في حربها ضد أوكرانيا، خاصة بعد الزيارة الأخيرة التي قادت الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لموسكو.

وذهب تنظيم الماك إلى حد تجنيد محامية أمريكية تعمل ضمن مجموعة ضغط (لوبي) من أجل محاولة كسب مؤيدين لها داخل المؤسسات الأمريكية في العاصمة واشنطن. وذكر موقع “ميدل إيست آي” أن هذه الحركة وكلت المحامية إليزابيث مايرز للحديث باسمها وتم توقيع العقد في 25 حزيران/يونيو الماضي. وقدمت المحامية وثائق التسجيل في وزارة العدل الأمريكية والتي اوضحت فيها أن أنشطتها ستشمل تعزيز الصداقة الأمريكية مع القبائل، إلى جانب فهم المنطقة وشعبها وتأثير الحكومة الجزائرية على المنطقة”.

ويحاول التنظيم الانفصالي تجنيد أتباع له بمحاولة تقديم قراءة مزورة للتاريخ بعد استقلال الجزائر. ومن مظاهر ذلك، النداء الذي وجهته حركة ماك في منطقة باريس، للتجمع يوم 1 تشرين الأول/أكتوبر الماضي من أجل تخليد ذكرى ما زعمت الحركة أنه حرب الجزائر على منطقة القبائل بين 1963 و1965، ونشرت صورا لمؤسسي جبهة القوى الاشتراكية وعلى رأسهم الزعيم التاريخي حسين آيت أحمد. ولاقى هذا النداء استهجانا واسعا في الجزائر، كونه يعتمد مغالطات تاريخية مفضوحة تحاول تصوير تاريخ تأسيس جبهة القوى الاشتراكية التي كانت تعارض نظام الحكم على أنه بداية فكرة الانفصال.

وفي العشرية الأخيرة، حاولت السلطات في الجزائر جاهدة إزالة الاحتقان فيما يخص مسائل الهوية، حيث تم دسترة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب العربية وتم ترسيم رأس السنة الأمازيغية كيوم وطني مدفوع الأجر. كما يتم من خلال المحافظة السامية للأمازيغية، نشر الثقافة الأمازيغية ومتابعة تطوير هذه اللغة وكتابتها في الوثائق الإدارية وغيرها.

ورغم الرفض المطلق لتوجه الانفصال، لا تزال القضية الأمازيغية حاضرة في مطالب عدد من الأحزاب التي تحاول تكريس الثقافة الأمازيغية أكثر في الواقع الجزائري. وكانت الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون قد دعت في ذكرى الربيع الأمازيغي قبل أيام، إلى إقرار إجبارية اللغة الأمازيغية في المدارس بوصفها لغة رسمية ومدسترة. وأبرزت الأمينة العامة لحزب العمال، أن الربيع الأمازيغي كان انتفاضة سلمية ديمقراطية في منطقة القبائل، معتبرة أن ولايات المنطقة “كانت الحاضنة للنضال المتعلق بالهوية والمسائل الديمقراطية الوطنية”.

من جانبه، انتقد التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، الوضع الذي توجد عليه اللغة الأمازيغية بعد دسترتها كلغة رسمية، وأكد أنه “بدلاً من تكريس وتعزيز وحدة الأمة، لم تؤدِ دسترة الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية، ثمرة كل هذه التضحيات، إلى الإصلاحات اللازمة، خاصة في النظام التعليمي وعالم الاتصال”. واعتبر الحزب أن إقصاء الأمازيغية من النظام التعليمي واقع ملموس في غالبية ولايات البلاد، مشيرا إلى أن “التهميش لا يزال يضرب البعد الأمازيغي للجزائر على الرغم من دسترة الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية