تدخل الأردن في اعتراض الهجوم على إسرائيل.. رسالة برفض التحوّل إلى “ساحة إيرانية”

حجم الخط
0

عمان: سعى الأردن من خلال اعتراضه مسيّرات وصواريخ قادمة من إيران ومتجهة إلى إسرائيل السبت، إلى توجيه رسالة بأنه يرفض تمدّد النزاعات إلى أرضه، وبأنه لا يشكّل “ساحة إيرانية”، وفق خبراء.

وأعلن الأردن أنه اعترض “أجساماً طائرة” خرقت أجواءه ليل السبت الأحد تزامنا مع الهجوم غير المسبوق بالصواريخ والمسيّرات الذي شنّته إيران على إسرائيل، في إشارة واضحة الى المقذوفات الإيرانية.

وأكّد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن الأحد، أن بلاده “لن تكون ساحة لحرب إقليمية”.

ويقول وزير الإعلام الأردني الأسبق سميح المعايطة: “لا علاقة للأردن بصراع النفوذ بين المشروع الفارسي والمشروع الصهيوني، وهو لا يريد أن يكون طرفا في نزاع إقليمي”.

ويضيف أن “الأردن لا يريد استعمال أرضه أو أجواءه في عمل عسكري ضد أي دولة في الإقليم”، مضيفا أن “من حقّه حماية حدوده وأرضه”.

ويشير المعايطة إلى تمدّد النفوذ الإيراني في العراق وسوريا ولبنان، ورغبة الأردن في “حماية أمنه واستقراره من أي تهديد”، مؤكدا أن “الساحات المحيطة بالأردن أصبحت ساحات إيرانية”.

وعلى الرغم من أن موقفه لم يتزحزح في دعم “القضية الفلسطينية”، يتّبع الأردن سياسة صارمة لجهة حفظ الأمن على أرضه، لا سيّما أنه محاط من الغرب بإسرائيل، ومن الشمال والشمال الشرقي من العراق وسوريا حيث يوجد نفوذ إيراني قوي.

ويقول الباحث في الشؤون الإسرائيلية بمعهد الشرق الأوسط، نمرود جورين: “هناك شعور بأن إيران تسعى ربما للتدخّل في الأردن وتغيير الديناميكيات هناك لصالحها، كما فعلت في بلدان أخرى”.

ويؤكد أن “هذا بحدّ ذاته مصدر قلق كبير للأردن”.

دفاع عن السيادة

وأثار تدخّل الأردن في الهجوم الإيراني انتقادات في وسائل الإعلام الإيرانية.

وكتبت وكالة أنباء “فارس” فجر الأحد، نقلا عن مصدر عسكري: “قواتنا المسلّحة ترصد بدقة تحرّكات الاردن خلال عملية تأديب الكيان الصهيوني. وفي حال شارك الأردن في أي أعمال محتملة، فسيكون الهدف التالي”.

واستدعت وزارة الخارجية الأردنية سفير إيران في عمّان وطلبت من بلاده الكفّ عن “التشكيك” في مواقف المملكة.

وقال وزير الخارجية أيمن الصفدي إنه لو كان “الخطر قادما من إسرائيل، فسيقوم الأردن بالإجراء نفسه الذي قام به، لن نسمح لأي كان بأن يعرّض أمن الأردن والأردنيين للخطر”.

ويقول المعايطة: “الأردن لم يدافع عن إسرائيل، وإنما دافع عن سيادته وعن سلامة أرضه ومواطنيه”.

ومع انتشار تقارير عن احتمال قيام إسرائيل بضربة للردّ على الهجوم الإيراني، أعلن الجيش الأردني في بيان فجر الثلاثاء، أن سلاح الجو الملكي “زاد طلعاته الجوية لمنع أي اختراق جوّي والدفاع عن سماء المملكة”.

وأكد “موقف الأردن الثابت بعدم السماح باستخدام” مجاله الجوي “من أي طرف ولأي غاية”.

ووقّع الأردن معاهدة سلام مع إسرائيل في عام 1994. ورغم مرور نحو 30 عاما عليها، يبقى الرأي العام الأردني إلى حدّ بعيد مناهضا لإسرائيل، التي وصف الملك عبد الله الثاني العلاقة معها مرارا بـ”سلام بارد”.

واتسمت العلاقة بين البلدين في ظلّ حكم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالتوتر.

وإثر اشتعال الحرب في قطاع غزة، استدعت عمّان مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر، سفير المملكة لدى إسرائيل، وأبلغت الدولة العبرية بعدم عودة السفير الإسرائيلي الذي كان خارج المملكة.

وأطلقت إيران ليل السبت أكثر من 350 طائرة مسيّرة وصاروخ على إسرائيل ردًا على ضربة استهدفت قنصليتها في دمشق مطلع الشهر الحالي ونسبت الى الدولة العبرية.

وقال الجيش الإسرائيلي إن الهجوم “أُحبط”، وإن عددا قليلا جدا من الصواريخ وصل الى إٍسرائيل، من دون التسبّب بأضرار تذكر.

وشاركت القوات الأمريكية ودول أوروبية أخرى متواجدة في المنطقة بإسقاط الصواريخ والمسيّرات.

ويرى المحلل العسكري واللواء الأردني المتقاعد سليمان منيزل، أن “وصول مسيّرات وصواريخ إيرانية إلى سماء عمّان اختراق فاضح للسيادة الأردنية والمجال الجوي الأردني”.

ويوضح أن “اعتراضها كان يجب أن يتمّ بمجرد دخولها الأجواء الأردنية فوق المنطقة الشرقية”، لكن “عددها كان هائلا وقد يكون خارج إمكانات الأردن التصدّي لها (لدى دخولها)، لذلك تمّ التعامل معها ضمن التحالفات الموجودة”.

وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين، مشاركة بلاده في اعتراض الصواريخ والمسيّرات الإيرانية التي كانت تستهدف إسرائيل انطلاقا من الأراضي الأردنية.

ويقول جورين: “لعب الأردن دورا أعتقد أنه كان أكبر مما توقّعه كثيرون”.

ويضيف أن ما حدث “يظهر بالتأكيد موقع الأردن ضمن المعسكر المرتبط بالولايات المتحدة في المنطقة، وهو أمر ليس جديدا، لكنه ظهر جليا”.

(أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية