بدعوة من الجزائر مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة حول الأوضاع الإنسانية في غزة

عبد الحميد صيام
حجم الخط
0

الأمم المتحدة- “القدس العربي”: بدأ مجلس الأمن الدولي جلسة مفتوحة، صباح اليوم الجمعة، لمناقشة الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، بناء على طلب من البعثة الجزائرية نيابة عن المجموعة العربية. وقد طلب الكلمة عدا عن أعضاء المجلس الخمسة عشر كل من فلسطين وإسرائيل والمملكة العربية السعودية وبولندا، إضافة إلى مدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ورئيسة منظمة “أنقذوا الأطفال”.

كان أول المتحدثين راميش راجاسينغهام، مدير مكتب منسق الشؤون الإنسانية، نيابة عن مارتن غريفيثس وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ.

بدأ راجاسينغهام كلمته بالتذكير بمرور ستة أشهر على أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر والتي وضعت الإنسانية الجماعية موضع تساؤل، حيث قتل في غزة، حسب وزارة الصحة أكثر من 32000 شخص وجرح أكثر من 75 ألفا، ما لا يقل عن ثلثي هؤلاء الضحايا من النساء والأطفال عدا آلاف الأشخاص في عداد المفقودين، بينما دُفن الكثير منهم تحت الأنقاض، وهناك 17000 من الأيتام أو منفصلين عن والديهم وسط الدمار والرعب. كما أُجبر 1.7 مليون شخص – أو 75 في المئة من السكان – على اللجوء قسراً، واضطر الكثيرون، مرارًا وتكرارًا، على البقاء في الخيام أو في الملاجئ المكتظة أو خارجها في الشوارع، حيث تفتقر إلى أبسط قومات الحياة الكريمة والبقاء على قيد الحياة. كما تعرض الآن 60 في المئة من المساكن للأضرار أو للتدمير.

وقال راجاسينغهام: “من الواضح أنه لا توجد حماية للمدنيين في غزة. إذا لم يكن لديهم أي حماية من مخاطر الصراع المسلح هناك، يجب السماح لهم بالسعي إليه في مكان آخر. لقد غادر بالفعل بعض الفلسطينيين في غزة عبر مصر، ونحن أيضًا تعرفنا على المزيد الذين يحاولون. ومن المهم أن نتذكر أن أي شخص نزح من غزة يجب ضمان حق العودة الطوعية له، كما يقتضي القانون الدولي”. وأضاف أنه في 1 نيسان/ إبريل، انسحبت القوات الإسرائيلية من مستشفى الشفاء الطبي المحاصر تاركة دمارا شبه كامل في المستشفى والعديد من المباني المحيطة به. وصلت الأمم المتحدة وشركاؤها فقط إلى مرفق، اليوم، بعد رفض الطلبات المتكررة، للمساعدة في فرز المرضى المتبقين وتقييم الاحتياجات على أرض الواقع. كان مستشفى الشفاء أكبر مستشفى في غزة سابقًا يخدم أكثر من 250 ألف شخص. وقال إن النظام الصحي في حالة يرثى لها فالاحتياجات الصحية المتزايدة بشكل كبير لا يمكن حسابها. في نفس اليوم، “رأينا سبعة من عمال الإغاثة في المطبخ المركزي العالمي يقتلون عدة غارات جوية إسرائيلية على قافلتهم. كان هؤلاء العمال قد أفرغوا للتو المزيد أكثر من 100 طن من لإمدادات الإنسانية المنقذة للحياة التي تشتد الحاجة إليها من الثانية شحنة مساعدات بحرية للمطبخ المركزي العالمي إلى مستودع في دير البلح وقد أبلغوا الجيش الإسرائيلي بتحركاتهم ونتقدم بتعازينا لأسر وأصدقاء هؤلاء الشجعان والمنكرين للذات الناس الذين كانوا هناك لمساعدة إخوانهم من البشر في وقت حاجتهم ومن المؤسف أننا لا نستطيع أن نقول إن هذا الهجوم المأساوي كان حادثة معزولة في هذا الصراع. وهم ينضمون إلى أكثر من 220 من زملائنا في المجال الإنساني الذين قتلوا، 179 منهم منهم موظفي الأمم المتحدة”.

وقال راجاسينغهام إنه على الرغم من الإجراءات المؤقتة لمحكمة العدل الدولية التي تلزم إسرائيل باتخاذ جميع التدابير اللازمة والفعالة لضمان، دون تأخير، وتوفير دون عوائق على نطاق واسع للخدمات الأساسية والإنسانية التي تشتد الحاجة إليها مساعدة إلا أن شيئا من ذلك لم يتم، رغم اعتراف هذا المجلس بضرورة توسيع تدفق المساعدات إلى الداخل وداخله غزة وعلى الرغم من قرار هذا المجلس الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في المنطقة شهر رمضان “لا يمكن السماح لهذه المأساة بالاستمرار ويجب إطلاق سراح جميع الرهائن فوراً ومعاملتهم بطريقة إنسانية حتى يتم الإفراج عنهم وبالمثل، يحتاج شعب غزة إلى الامتثال الكامل للقواعد الإنسانية الدولية القانون وبأوامر محكمة العدل الدولية إنهم بحاجة إلى الامتثال لقرارات هذا المجلس، وهم في أمس الحاجة إليه إلى نهاية هذه الحرب المدمرة”.

“أنقذوا الأطفال”  

أشادت رئيسة منظمة ” أنقذوا الأطفال” جانتي سويريبتو، بأكثر من 200 من العاملين في المجال الإنساني الذين قتلوا في غزة، وجميعهم تقريبًا من الفلسطينيين. ومن بينهم زميلها، سامح عويضة، الذي قُتل في غارة جوية إسرائيلية في 12 كانون الأول/ ديسمبر، إلى جانب زوجته وأطفاله الأربعة.
وأخبرت المجلس أن عدد الأطفال الذين قتلوا في الصراع في غزة يفوق عدد الأطفال الذين قتلوا في جميع الصراعات المسلحة على مستوى العالم خلال السنوات الأربع الماضية.

عدد الأطفال الذين قتلوا في الصراع في غزة يفوق عدد الأطفال الذين قتلوا في جميع الصراعات المسلحة على مستوى العالم خلال السنوات الأربع الماضية

وقالت في هذا الصراع قُتل 14000 طفل دون داع وبطريقة عنيفة، وفُـقد آلاف آخرون، ويفترض أنهم مدفونون تحت الأنقاض. وقالت: “إذا جلست هنا وقرأت اسم وعمر كل طفل إسرائيلي وفلسطيني مات منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر ومنذ ذلك الحين، سيستغرق الأمر أكثر من 18 ساعة”.

وأوضحت سويريبتو أن “الأطفال ليسوا بالغين صغاراً” ولهم وضع خاص في النزاع ويجب حمايتهم. وأضافت أن ما يقرب من 350 ألف طفل دون سن الخامسة معرضون لخطر المجاعة في غزة، محذرة من أن العالم ينتظر مجاعة من صنع الإنسان حيث يشكل الجوع في الشمال مصدر قلق خاص.

وأضافت إذا استمر العالم في السير على هذا المسار – حيث تنتهك جميع أطراف النزاع بشكل صارخ قواعد الحرب والقانون الإنساني الدولي، وانعدام المساءلة، ورفض الدول القوية استخدام أدوات النفوذ المتاحة لها – فإن المجموعة التالية من الوفيات الجماعية ستكون أكبر ليس عن طريق الرصاص والقنابل، بل بسبب الجوع وسوء التغذية”.

نحو 350 ألف طفل دون سن الخامسة معرضون لخطر المجاعة في غزة

باسم الإنسانية أوقفوا المذبحة

بعد تقديم التعازي لكل ضحايا الأعمال الإنسانية وآخرهم موظفو المطبخ المركز العالمي، قال السفير الجزائري عمار بن جامع: “إن المجلس يجتمع مرة أخرى بعد ستة أشهر من المجازر. لقد مضت ستة أشهر على هذه البربرية التي نراها في غزة، ستة أشهر من معاناة الشعب الفلسطيني في غزة، ستة أشهر وإنسانيتنا تتعرض للاختبار، ستة أشهر والمجازر لم تتوقف، ستة أشهر أوصلت سكان غزة جميعهم إلى المجاعة”.

وذكر بن جامع المجلس أن محكمة العدل الدولية قد أصدرت مرتين إجراءات مستعجلة لوقف المجزرة وقالت في بيانها الأخير “خطر المجاعة ليس في الأفق بل إن المجاعة استقرت الآن في غزة، كما أصدر مجلس الأمن القرار 2728 قبل عشرة أيام يطالب بوقف إطلاق النار فورا. لكن لغاية الآن رفضت القوة القائمة بالاحتلال التنفيذ”. وأكد أن جميع قرارات مجلس الأمن ملزمة حسب البند 25 من الميثاق لكن موقف قوة الاحتلال ليس مفاجئا لأن آلة القتل تعودت أن تخترق كل القوانين الدولية لأنهم محميون وأنهم يثقون أنهم لن يحاسبهم أحد وأن أحدا لن يجبرهم على وضع نهاية لهذه العملية.

وقال إن الجريمة التي ارتكبت ضد المطبخ المركزي العالمي لم تأت صدفة بل إنها عملية متعمدة وقصفت بالطيران سيارة سيارة، كما قال رئيس الجمعية خوسيه أندريس، “إنه فصل آخر من الجرائم والتدمير المعتمد التي يقوم بها كيان الاحتلال”.

وقال السفير الجزائري يجب أن تنذكر الآن أن قوة الاحتلال الاسرائيلي قتلت أكثر 33000 من بينهم 70% منهم من الأطفال والنساء. كما قتل 224 من عمال إغاثة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر. ” لنتذكر 484 من عمال الصحة. ألا تستحق كل هذه الحوادث الاعتذار فقط؟ الاعتذار للحدث المخجل بقتل عمال المطبخ المركزي العالمي ألا يستحق الاعتذار لآلاف الفلسطينيين؟ لم نسمع أي اعتذار للفلسطينيين الذين بالنسبة لنا متساوين مع غيرهم من المواطنين. لكن قوة الاحتلال وصفتهم بأنهم حيوانات بشرية. بالنسبة لنا نحن نعتبر كل حياة مساوية للأخرى. إسرائيل لم تعتذر على قتل راشيل كوري ولا جيمس ميلرز من المتضامنين مع الفلسطينيين ونشطاء السلام؟ لم يعتذروا ولم ينل هؤلاء العدالة. لقد تعودوا على قتل الناس في غزة والمتعاطفين معهم. قوة الاحتلال تدعي دائما أنها حوادث مؤسفة والضحايا دخلوا في منطقة عمليات. لكن الحقيقة أن هناك ضوءا أخضر ليقتلوا دون خوف من حساب”.

وقال بن جامع إن آلية الحماية في غزة لا تعمل كما يقول العمال الإنسانيون والمنظمات غير الحكومية بسبب قرار متعمد. وأضاف: “من حق عمال الإغاثة أن يعملوا في أمن ولا يمكن أن يتم ذلك إلا في ظل وقف لإطلاق النار. وإذا لم يتوفر الأمن لهؤلاء سيغادرون ويتركون الفلسطينيين للموت جوعا. الوضع سيتفاقم بسبب توقف أعمال المطبخ المركزي العالمي والخط البحري من قبرص وقرار إسرائيل بإجبار الأونروا على وقف عملياتها”. واختتم قائلا: “على المجتمع الدولي أن يتصرف الآن وعلى مجلس الأمن ألا يظل صامتا. باسم الإنسانية يجب أن يتوقف كل هذا ويجب أن يتوقف الآن”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية