اليمن: حكومة الوفاق تواجه تهديدا بـ«سحب الثقة» والبرلمان يمهلها أياما لتجاوز ذلك بشروط تعجيزية

حجم الخط
0

صنعاء ـ «القدس العربي»: شعرت حكومة الوفاق الوطني في اليمن بالخطر المحدق بها حين كشّر مجلس النواب البرلمان، عن أنيابه تجاهها في استجواب مطول هو الأول من نوعه لأعضائها في ثلاث جلسات متتالية آخرها الأربعاء الماضي، فعقدت اجتماعا طارئا الخميس، رغم أنه يوم اجازة رسمية، لتدارك الأمر قبل أن يطالها سحب الثقة.
أدركت الحكومة أنها في «مأزق حقيقي» حين تكالبت عليها كافة الكتل البرلمانية بما فيها التابعة لها، في موقف نادر من المجلس النيابي الذي عبّر عن معاناة الشارع وليس عن مواقف الأحزاب السياسية، لما وصل اليه الوضع العام في البلد الذي بلغ حدا لا يطاق ولا يمكن القبول به.
 استجواب مجلس النواب للحكومة وضعها على المحك وأعطاها مهلة لا تتجاوز أسبوعا لتصحيح الاختلالات في الخدمات العامة وفي مقدمتها الكهرباء المصابة بالشلل والمشتقات النفطية، المنعدمة من الأسواق، وهدد المجلس بسحب الثقة من الحكومة في حال لم تتمكن من السيطرة على الوضع وعجزت عن توفير هذه الخدمات خلال فترة المهلة.  وأعلنت الحكومة حالة طوارئ داخلية بين أعضائها، إدراكا منها بأن الخطر يتهددها بجد هذه المرة، فصارت في حال اجتماع دائم لتدارك أمرها واستدراك ما يمكن استدراكه، وتجاوز المحنة قدر الامكان، خاصة وأن قضية توفير هذه الخدمات ليست مرتبطة بوزارتي الكهرباء والنفط فحسب، بل بأغلب الوزارات الأخرى، فخدمة الكهرباء مرتبطة بتوفير الأمن في المناطق القبلية التي تمر فيها أبراج نقل الطاقة الكهربائية والتي تتعرض للقصف والتفجير من قبل رجال القبائل بشكل شبه يومي، كما أن المشتقات النفطية مرتبطة بالوضع الأمني ايضا، نظرا لما تتعرض له أنابيب النفط والغاز من اعتداءات وتفجيرات بشكل مستمر ويصار الى احتجاز ناقلات النفط في الطرقات العامة بين المدن الرئيسية، ما يتسبب في نقص المواد النفطية في السوق وتكبيد خزينة الدولة خسائر مادية كبيرة، في حين ان وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية ترجع الأمر الى وزارة الدفاع، بمبرر أن الجنود التابعين لها ليسوا مؤهلين لخوض معارك ومواجهات عسكرية خارج المدن.
وزارة المالية هي الأخرى ترجع أسباب عجزها عن تمويل الخدمات العامة الى التراجع الكبير لعائداتها المالية من الموارد الحكومية، التي تواجه ضغوطا كبيرة من المانحين ومن البنك وصندوق النقد الدوليين للدفع بها نحو رفع الدعم الحكومي عن المشتقات النفطية من أجل ردم الفجوة التمويلية للموازنة العامة للدولة. رئيس حكومة الوفاق الوطني السياسي المخضرم المستقل محمد سالم باسندوة، شعر أنه المستهدف في هذا الاستجواب البرلماني إثر الاشارات اليه بالضعف في إدارة الحكومة فانتفض في مجلس النواب قائلا «أنا لست ضعيفا.. لأن الحكومة ليست حكومتي، بل حكومة وفاق وطني مشكلة من الأحزاب السياسية».
ويرى مراقبون أن جميع الأطراف السياسية تتحمل مسؤولية تعثّر عمل الحكومة، لأنها توافقية شكلت بموجب المبادرة الخليجية ابان الثورة الشعبية في اليمن نهاية 2011، مناصفة من حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ومن تكتل أحزاب اللقاء المشترك المعارض له. وكان مجلس النواب اليمني أمهل حكومة الوفاق الوطني ستة أيام لتجاوز أزمة المشتقات النفطية وشلل خدمة الكهرباء كوسائل ضغط لاستمراريتها وهي (شروط تعجيزية) في نظر الحكومة.
مجلس الوزراء كرس اجتماعه الحكومي الطارئ لمناقشة المعالجات الممكنة لتجاوز أزمة المشتقات النفطية وآليات ضمان عدم تكرار مثل هذه الأزمة لتحقيق الاستقرار في توفير احتياجات المستهلكين من هذه المواد الحيوية في البلاد. وناقشت الحكومة ايضا الأوضاع الأمنية وتحدياتها الكبيرة، بما في ذلك الأعمال التخريبية الممنهجة التي تطال أنابيب نقل النفط والغاز وأبراج نقل الكهرباء بين المدن والآثار السلبية لها على الاستقرار الأمني والاقتصادي والخدماتي.
وطالبت الوزارات والجهات المعنية مضاعفة جهودها لمعالجة الاختناقات والأزمات في مختلف المجالات والخدمات العامة وبذل قصارى جهودها لاستعادة ثقة الشارع بالحكومة.
وشكلت الحكومة لجنة وزارية من وزراء الدفاع، التخطيط، المالية، الكهرباء، النفط، الصناعة، الخدمة المدنية، الداخلية ومحافظ البنك المركزي، لوضع المعالجات العاجلة الكفيلة بمواجهة الاختلالات الأمنية وإيجاد الحلول للتحديات الاقتصادية، على ضوء المقترحات المقدمة في الاجتماع الحكومي.
وشددت على أهمية الأدوار التكاملية بين جميع الوزارات والمؤسسات العامة في تحمل المسؤولية الوطنية للخروج من الأوضاع الراهنة والمؤازرة المسؤولة للخطوات والإجراءات التي تتخذها الحكومة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي ومواجهة التحديات الأمنية وكافة أوجه العبث بأمن الوطن والسلم الاجتماعي.
الى ذلك ذكر مصدر عسكري ان وزارة الدفاع أقرت خطة لحماية وتأمين خطوط نقل الطاقة الكهربائية من الأعمال التخريبية، تقضي بتوزيع اعداد تقدر بالمئات من الجنود على امتداد الخطوط على طريق صنعاء- مأرب، التي تتعرض فيها خطوط نقل الطاقة الكهربائية لاعمال تخريب وتفجير مستمرة.
ونسب موقع»المشهد اليمني» الاخباري الى المصدر قوله «ان الخطة التي بدأ تنفيذها تقضي بنشر المئات من جنود قوات الاحتياط (الحرس الجمهوري سابقا) على طول امتداد خطوط نقل الطاقة». وكانت وزارة الداخلية صنّفت الاثنين الماضي، الاعتداءات على أبراج الطاقة الكهربائية وانابيب النفط وقطع الطرقات امام شاحنات نقل المشتقات النفطية كـ»جرائم ارهابية تخدم أجندة تنظيم القاعدة وتصب في خدمة أهدافه الإرهابية الرامية لإشاعة الفوضى في المجتمع».

خالد الحمادي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية