“الفيتو” الأمريكي الأخير في وجه الفلسطينيين: عذر أقبح من ذنب 

حجم الخط
0

 هي خطوات مهمة تدل على تغيير في النهج الأمريكي تجاه رموز الاحتلال والاستيطان والأبرتهايد والكهانية. ها هي الإدارة الأمريكية تقرر فرض عقوبات على رجل اليمين المتطرف بنتسي غوفشتاين وعلى منظمة “لاهفا”، بعد أن فرضت عقوبات على مستوطنين عنيفين؛ وها هي الإدارة تعتزم لأول مرة فرض عقوبات على كتيبة “نيتسح يهودا” التي ارتبط اسمها ببضع حالات عنف وتنكيل بالفلسطينيين، وعلى رأسها موت عمر أسعد ابن الـ 80 ذي الجنسية الأمريكية، الذي ضربه جنود الكتيبة، وقيدوه، وغطوا فمه وعينيه وألقوه أرضاً وتركوه ليموت.

ظاهراً، تستهدف هذه الخطوات تحديد الاتجاه الوحيد الذي ينبغي لإسرائيل أن تسير فيه إذا كانت تريد مواصلة التمتع بشرعية دولية ومن الحماية الخاصة التي توفرها لها صديقتها الأفضل في العالم، الولايات المتحدة. هذه هي طريقة رسم حدود لإسرائيل، بكل معنى الكلمة: نعم للديمقراطية التي تحترم القانون الدولي وحقوق الإنسان في أراضيها السيادية، ولا لمشروع الاستيطان والسطو والأبرتهايد من خلف الخط الأخضر.

تستوي هذه الخطوات أيضاً مع إصرار أمريكي ظاهر على حاجة إسرائيل للموافقة على بحث جدي في “اليوم التالي”، والعودة للمسار السياسي. وعليه، فليس واضحاً قرار واشنطن استخدام الفيتو على مشروع قرار في مجلس الأمن لقبول السلطة الفلسطينية عضواً في الأمم المتحدة. نائب السفير الأمريكي في الأمم المتحدة روبرت وود، شرح بأن “تصويتنا لا يعكس معارضة لاستقلال فلسطيني، بل هو اعتراف بأنها خطوة لن تأتي إلا بعد مفاوضات بين الطرفين”.

هذا تفسير إشكالي يعبر عن موقف يغذي رفض إسرائيل السياسي لأي اعتراف من طرف واحد بدولة فلسطينية ويقوي رفضها حل الدولتين، والتطلع إلى ضم كل الأراضي المحتلة دون منح المواطنة للفلسطينيين.

إن محاولة عرض طلب الفلسطينيين الانضمام إلى الأمم المتحدة بديلاً عن مفاوضات سياسية بين الطرفين هي تلاعب إسرائيلي؛ لأنه لا تناقض بين الأمرين، لكن الأهم من ذلك، لأن إسرائيل لا تتخذ ولو خطوة واحدة كي تدفع قدماً ولو ظاهراً بمفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين ترفض باسمها الاعتراف أحادي الجانب. خمسون وجهاً للرفض السياسي؛ لقد امتنع نتنياهو على مدى 15 سنة عن إجراء أي مفاوضات مع محمود عباس، وفعل كل شيء لعرقلة جهود الوصول إلى التسوية التي بذلها جون كيري فترة ولايته. وعليه، فليس واضحاً لماذا تتبنى الولايات المتحدة المعارضة الإسرائيلية لخطوة تدفع قدماً للواقع إلى الحل السياسي المنشود. لا سبب لعدم الاعتراف بوجود دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. وبالتوازي، الدفع قدماً بمفاوضات سياسية لتحقيق حل الدولتين. هكذا يكون احتمال لهذا الحل. 

أسرة التحرير

هآرتس 24/4/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية