ولاية ثالثة للسيسي من ست سنوات في «القاهرة الإدارية»… ومعضلات اقتصادية تترصدها

تامر هنداوي
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: من مقر البرلمان الجديد في العاصمة الإدارية، أدى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قسم اليمين الدستورية أمام مجلس النواب، الثلاثاء لولاية رئاسية ثالثة وأخيرة تبدأ اعتبارا من اليوم وتستمر لمدة 6 سنوات.
وتعد هذه هي المرة الأولى التي يشهد مقر البرلمان الجديد في العاصمة الإدارية، أداء اليمين الدستوري.
وكان من المخطط أن تكون العاصمة الإدارية محافظة مستقلة بذاتها عن «القاهرة» عاصمة مصر منذ عام 969، إلا أن الدستور المصري الذي ينص على وجود مقار الحكم في العاصمة، أجبر السلطة في مصر على اعتبار العاصمة الإدارية الجديدة، تابعة إداريا إلى القاهرة.
وخلال الأشهر الماضية، سعت الحكومة المصرية إلى نقل موظفيها إلى المقرات الجديدة في العاصمة الإدارية، وإخلاء المقرات الموجودة في القاهرة، تمهيدا للاستفادة منها ببيعها لمستثمرين أجانب.
وكان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أعلن إغلاق المباني القديمة للوزارات نهائيا، والاكتفاء بأعمال التأمين والصيانة لها، حتى تنتهي مجموعات العمل المكلفة بدراسة الاستغلال الأمثل لهذه الأصول التي تمتلكها الدولة في خطة أعمالها.
وتعد الولاية الجديدة هي الثالثة للسيسي، حيث وصل إلى السلطة بعد الإطاحة بالرئيس محمد مُرسي في تموز/يوليو 2013، وفاز في انتخابات عامي 2014 و2018، بأكثر من 96٪ من الأصوات.
وبعد ذلك أجرى تعديلا دستوريا لتصبح ولايته الثانية 6 سنوات بدلا من أربع، وتمكن من خلال ذلك التعديل الترشح لولاية ثالثة.
وفاز السيسي في الانتخابات الأخيرة التي جرت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات حينها أنه حصد 39.7 مليون صوت، بما يعادل 89.6 ٪ من إجمالي عدد الأصوات.
وخاض السباق إلى جانب السيسي ثلاثة مرشحين آخرين هم حازم عمر ـ رئيس حزب الشعب الجمهوري، الذي احتل المركز الثاني بحصوله على نسبة 4.5٪ من الأصوات، وفريد زهران ـ رئيس الحزب المصري الديموقراطي في المركز الثالث وحصد نسبة 4٪ من الأصوات، وفي المركز الأخير حل عبد السند يمامة رئيس حزب الوفد بنسبة 1.9٪.
وواجهت الانتخابات الرئاسية الأخيرة مقاطعة عدد كبير من أحزاب المعارضة، بعد إعلان البرلماني السابق أحمد الطنطاوي أنه منع من الترشح، من خلال التضييق على مؤيديه في مرحلة جمع التوكيلات الشعبية.
وكانت محكمة مصرية، قضت بمعاقبة الطنطاوي ومدير حملته، بالحبس سنة ودفع كفالة 20 ألف جنيه لوقف تنفيذ الحكم لحين الاستئناف، فيما قضت بمعاقبة باقي المتهمين بالحبس لمدة عام مع النفاذ فيما عرف إعلاميا بقضية التوكيلات الشعبية.
وتضمن الحكم حرمان الطنطاوي من الترشح للانتخابات النيابية لمدة 5 سنوات.

السيسي يتعهد

وفي خطاب ألقاه عقب أداء اليمين، تعهد الرئيس السيسي أن يجدد العهد على استكمال مسيرة بناء الوطن، مؤكدا أن مصر محاطة بالأزمات.
وقال: منذ اليوم الأول الذي لبيت فيه نداءكم، وسعيت لتحقيق إرادتكم التي أعلنتموها جلية ساطعة مدوية، وتحركنا معا كرجل واحد لإنقاذ وطننا من براثن التطرف والدمار والانهيار، أقسمت أن يظل أمن مصر وسلامة شعبها وتحقيق التنمية والتقدم فيها، هـو خياري الأول من خلال نهج المصارحة والمشاركة.

الرئيس المصري يؤدي اليمين الدستورية ويؤكد أن بلاده محاطة بالأزمات

وأضاف: طريق بناء الأوطان ليس مفروشا بالورود، ما بين محاولات الشر الإرهابي بالداخل، والأزمات العالمية المفاجئة في الخارج والحروب الدولية والإقليمية العاتية من حولنا، فكلها تفرض علينا مواجهة تحديات، ربما لم تجتمع من قبل بهذا الحجم وهذه الحدة.
وكشف السيسي عن ملامح برنامجه قائلا: على صعيد علاقات مصر الخارجية، فالأولوية لحماية وصون أمن مصر القومي، فى محيط إقليمي ودولي مضطرب، ومواصلة العمل على تعزيز العلاقات المتوازنة مع جميع الأطراف في عالم جديد تتشكل ملامحه، وتقوم فيه مصر بدور لا غنى عنه لترسيخ الاستقرار، والأمن والسلام والتنمية.

الحوار الوطني

وأضاف: وعلى الصعيد السياسي، فالأولوية لاستكمال وتعميق الحوار الوطني خلال المرحلة المقبلة، وتنفيذ التوصيات التي يتم التوافق عليها، على مختلف الأصعدة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها في إطار تعزيز دعائم المشاركة السياسية والديمقراطية وخاصة للشباب.
وتابع: تبني استراتيجيات تُعظم من قدرات وموارد مصر الاقتصادية، وتعزز من صلابة ومرونة الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمات مع تحقيق نمو اقتصادي قوى ومستدام ومتوازن، وتعزيز دور القطاع الخاص كشريك أساسي في قيادة التنمية، والتركيز على قطاعات الزراعة والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والسياحة وزيادة مساهمتها في الناتج المحلى الإجمالي تدريجيا، وكذلك زيادة مساحة الرقعة الزراعية والإنتاجية، للمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي لمصر وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وأكد السيسي، على تبنيه إصلاحا مؤسساتيا شاملا يهدف إلى ضمان الانضباط المالي وتحقيق الحوكمة السليمة، من خلال ترشيد الانفاق العام وتعزيز الإيرادات العامة، والتحرك في اتجاه مسارات أكثر استدامة للدين العام وكذلك تحويل مصر إلى مركز إقليمي للنقل وتجارة الترانزيت والطاقة الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر ومشتقاته إلى جانب تعظيم الدور الاقتصادي لقناة السويس.
وفيما يخص ملف التعليم، قال السيسي: تعظيم الاستفادة من ثروات مصر البشرية من خلال زيادة جودة التعليم لأبنائنا، وكذا مواصلة تفعيل البرامج والمبادرات، الرامية إلى الارتقاء بالصحة العامة للمواطنين، واستكمال مراحل مشروع التأمين الصحي الشامل.
ولفت إلى دعم شبكات الأمان الاجتماعي وزيادة نسبة الإنفاق على الحماية الاجتماعية، وزيادة مخصصات برنامج الدعم النقدي «تكافل وكرامة» وكذلك الإنجاز الكامل لمراحل مبادرة «حياة كريمة».
وختم السيسي، بالتأكيد على الاستمرار في تنفيذ المخطط الاستراتيجي للتنمية العمرانية واستكمال إنشاء المدن الجديدة من الجيل الرابع، مع تطوير المناطق الكبرى غير المخططة، واستكمال برنامج «سكن لكل المصريين» الذى يستهدف الشباب والأُسر محدودة الدخل.
وقبل ساعات من انطلاق حفل التنصيب، قدم مجلس المحافظين، استقالة جماعية إلى السيسي.
وكان عضو البرلمان المصري مصطفي بكري، كشف أن هناك معلومات تتردد عن احتمال تعيين نائب أو أكثر للسيسي حسب المادة 150 مكرر من الدستور، عقب أدائه اليمين الدستورية. وقال إن المادة 150 من الدستور تنص على أنه يحق لرئيس الجمهورية أن يعين نائباً له أو أكثر، ويحدد اختصاصاتهم، وله أن يفوضهم في بعض اختصاصاته»

الأزمة الاقتصادية

وتعد الأزمة الاقتصادية التي تواجهها مصر هي التحدي الأكبر للسيسي في ولايته الثالثة، حيث شهدت في الشهور الأخيرة موجات متتالية من ارتفاع كافة أسعار السلع خاصة الغذائية، أثرت على قدرة الطبقات المتوسطة والفقيرة على توفير احتياجاتها، كما انخفضت قيمه الجنيه المصري أمام الدولار، ليسجل سعر الدولار في البنوك 47.15 جنيها، حسب آخر تحديث للبنك المركزي المصري، كما ارتفعت معدلات الديون الخارجية إلى مستوى غير مسبوق.
ولجأت الحكومة المصرية، إلى بيع أصول الدولة، لعلاج أزمة شح النقد الأجنبي، وخلال الشهر الماضي، أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي توقيع اتفاق استثماري مع دولة الإمارات لتأسيس شركة لاستثمار منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالي، يتم بموجبه تخصيص 170 مليون متر مربع، تمتد مسافة 50 كيلومترا على ساحل البحر المتوسط، مقابل 35 مليار دولار، مقسمة إلى 24 مليار دولار ثمن الصفقة، إضافة إلى 11 مليار دولار تنازل عن ودائع للإمارات في مصر على أن تستردها لاحقا بالعملة المحلية للإنفاق على المشروع.
كما تمكنت الحكومة من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على رفع قيمة قرض مالي من 3 إلى 8 مليار دولار، إضافة إلى الحصول على حزمة تمويل من الاتحاد الأوروبي قدرها 7.4 مليار دولار خلال 4 سنوات.

رفض صفقة رأس الحكمة

وفي الوقت الذي سوق فيه الإعلام الرسمي في مصر، لصفقة رأس الحكمة باعتبارها إنجازا اقتصاديا كبيرا يعالج الأزمة، أعلنت أحزاب معارضة مصرية رفضها للصفقة، وقالت إن بيع منطقة رأس الحكمة للإمارات هو تفريط في الأمن القومي واستمرار لمسار اقتصادي مهلك.
وشهدت منطقة رأس الحكمة قبل ساعات من حفل التنصيب، تظاهر المئات من اهاليها رفضا لتهجيرهم القسري من منازلهم، حسب الشبكة المصرية لحقوق الانسان.
وقالت الشبكة في بيان، إنها رصدت قيام العشرات من أهالي مدينة رأس الحكمة وضواحيها بالتظاهر ضد قرار السلطات المصرية بتهجيرهم قسرا من منازلهم دون دفع التعويضات المناسبة، ورفضا لخطة التهجير القسري من منازلهم التي عاشوا فيها منذ عشرات السنين.
وأضافت: كان عناصر من الجيش المصري حاولوا إزالة وهدم منازل العشرات من المواطنين دون أن يتم التفاوض معهم وتعويضهم عن الأضرار التي ستلحق بهم نتيجة المشروع التي قامت مصر بتوقيعه مع دولة الإمارات، والذي سيتم بموجبه التنازل عن المئات من الكيلومترات من الأفدنة والأراضي المصرية لصالح المستثمر الإماراتي مقابل مبلغ مالي وصل الى 35 مليار دولار.
وأعلنت الشبكة المصرية رفضها سياسة التهجير القسري التى تمارسها السلطات المصرية باستمرار مستخدمة فيها سياسة العصا الغليظة والقوة الغاشمة والاعتقالات والتهديد بالاعتقال لكل من يرفض التهجير.
ولفتت، إلا أن السلطات المصرية وعلى مدار السنوات الماضية قامت بالفعل بانتزاع ملكية الالاف من الأفدنة من الاف المواطنين المصريين في مشروعات استثمارية مع مستثمرين معظمهم من الإماراتيين، كما حدث في شبه جزيرة سيناء وغيرها من المدن الاخرى، وكما حاولت السلطات لسنوات مع أهالي جزيرة الوراق حيث استخدمت السلطات المصرية هناك كل وسائل القمع والتهديد ولكنها فشلت في إجبار الأهالي على التخلي عن منازلهم وأراضيهم.

فترة حرجة

إلى ذلك دعا محمد أنور السادات ـ رئيس حزب الإصلاح والتنمية ونجل شقيق الرئيس المصري الراحل أنور السادات، إلى اعتبار هذه الفترة أكثر الفترات حساسية وحرجا في تاريخ الدولة المصرية.
وأكد أن هناك تحديات كبرى تنتظر البلاد على الصعيدين الداخلي والخارجي والإقليمي، ومستوى تغير واضح في مزاج الشعب، إضافة إلى أولويات ومتطلبات عديدة يجب التعامل معها على الفور، حتى نتمكن سويا من تخطي الصعاب والتحول من حالة اليأس إلى حالة الأمل.
ودعا السادات، الرئيس السيسي لاختيار حكومة قوية ومتوازنة تغير الأسلوب النمطي في اختيار القادة والكفاءات، وتعمل على تشكيل حكومة سياسية واقتصادية رشيدة يمكنها تقديم حلول جدية للأزمات، بدلا من الأساليب التقليدية في تعيين رؤساء الوزراء والوزراء والمحافظين والتي أثرت سلبا على الفكر والإبداع والابتكار. وأكد ضرورة أن تكون للحكومة صلاحيات كاملة لتحقيق رفاهية الشعب والالتزام بتطلعات مصر المستقبلية.
وطالب في بيانه، التوقف المؤقت عن الصرف في المشروعات القومية الضخمة ذات المكون الدولاري، ودعا إلى إقامة مشروعات قومية في مجالات الزراعة والصناعة لزيادة الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي تدريجيا، وتعزيز الصناعة المحلية وتشجيع الفلاحين وحماية حقوق العمال، والعمل على إلزام الحكومة بالرؤية الذي دعت إليها.
وشدد السادات على أنه يجب استعادة مشاركة القطاع الخاص بفعالية في الاستثمار ووقف إنشاء كيانات اقتصادية وشركات احتكارية، وتوفير منافسة عادلة مع الشركات الأجنبية التي تتمتع بامتيازات سيادية لجذب الاستثمار الأجنبي، كما ينبغي أن يكون هناك جهد مكثف لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في إدارة الموارد العامة، وتحسين الأداء الحكومي وتقديم الخدمات بشكل فعال وعادل.
ودعا إلى ضرورة تعزيز دور المجتمع المدني والمؤسسات غير الحكومية في عملية صنع القرار ومراقبة الحكومة، وضمان مشاركة جميع فئات المجتمع في الحياة السياسية والاجتماعية، وأن يكون هناك حرية التعبير وحقوق الإنسان وسيادة القانون مضمونة ومحمية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية