السودان: الجوع يقتل ثلاثة أشخاص بينهم طفل في أكبر محليات العاصمة الخرطوم وغرف الطوارئ تحذِّر من توقف جميع المطابخ الجماعية

ميعاد مبارك
حجم الخط
0

الخرطوم ـ «القدس العربي»: أعلنت غرف الطوارئ في محلية «امبدة» غرب العاصمة السودانية الخرطوم، الأربعاء وفاة ثلاثة أشخاص بينهم طفل بسبب الجوع في حي الخيمة، مشيرة إلى توقف كل المطابخ الجماعية في المنطقة.
وحذرت من الأوضاع الكارثية التي يعيشها مواطنو المحلية التي تعد أكبر محليات العاصمة والأكثر كثافة سكانية حيث يقدر عدد سكانها بأكثر من مليون نسمة في مساحة محددة بواحد وعشرين كيلومترا مربعا.
وأطلقت 30 غرفة طوارئ في قطاعات أمبدة المختلفة (البقعة – الأمير- السلام) نداء عاجلا لمنظمات المجتمع المحلي والدولي لإغاثة سكان المحلية الذين يواجهون الموت جوعا بعد توقف آخر 25 مطبخ جماعي كانت تعمل على توفير الإمداد الغذائي في أحياء المحلية بسبب ضعف التمويل.
وأشارت إلى بذل المتطوعين في أحياء المحلية المختلفة، جهودا حثيثة منذ اندلاع الحرب التي دخلت عامها الثاني من أجل تقديم ما أمكن من خدمات بشكل متفاوت للأهالي في ظل الغياب التام لمؤسسات الدولة.
واستطاعت المبادرات المجتمعية التي ظلت تطلقها غرف الطوارئ ولجان المقاومة في كل مرة تغطية جزء من العجز، إلا أن الدعم في ظل تفاقم تداعيات الأزمة لم يكن كافيا لتغطية 10٪ من الاحتياج الفعلي للمحلية.
وأشارت إلى الأعداد الكبيرة من الأهالي المنتشرين في كل أنحاء المحلية، التي تعد من أكبر محليات السودان ولم تسلم من التهميش طيلة العقود الماضية، لتزداد الأوضاع كارثية بعد اندلاع حرب 15 أبريل/ نيسان الماضية التي وضعت سكانها في مواجهة مباشرة مع الموت جوعا وقصفا في ظل المعارك المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ولفتت إلى أن انقطاع شبكات الاتصال والانترنت وصعوبة الحركة بسبب ارتفاع المخاطر الأمنية، أدت إلى تضاؤل جهود الدعم، وصولا إلى الأوضاع شديدة الخطورة التي يواجهها سكانها.
وقالت غرف الطوارئ في بيان مشترك: « إن المدنيين في محلية أمبدة يعيشون اسوأ أزمة انسانية في الوجود» مضيفة: «من سلم من الرصاص الطائش والمدافع وقصف الطيران العشوائي لم ولن يسلم من تداعيات الجوع وانعدام الدواء والنقص الحاد في مياه الشرب النظيفة.
وفي رسالة إلى أطراف الصراع والجهات الفاعلة داخل وخارج البلاد لفتت غرف الطوارئ إلى أن الوضع في محلية أمبدة يتطلب التدخل العاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وعلى الرغم من تطاول أمد الكارثة، أشارت إلى أن إنقاذ سكان المحلية ما يزال ممكنا عبر بذل المزيد من الجهد من أجل وصول المساعدات الإنسانية.
ودعت الأهالي إلى التماسك ومواصلة التكافل والصمود المشترك إلى أن تنجلي الأزمة.
يشار إلى أن المطابخ الجماعية انتشرت في أعقاب اندلاع حرب 15 أبريل/ نيسان 2023، حيث كان المدنيون العالقون في مناطق الصراع يتشاركون ما تبقى من طعام داخل منازلهم.
وتطورت المشكلة لاحقا بعد تفاقم أزمة نقص الطعام والمياه حيث نشطت غرف الطوارئ ولجان المقاومة في حشد الجهد الأهلي وجمع الدعم المالي والعيني لتغطية حاجة المطابخ الجماعية.
واستمر الأمر لأشهرعدة على ذلك الحال، حيث كانت المطابخ تتوقف تارة وتعود تارة أخرى، إلى أن توقفت المطابخ في عدد من محليات العاصمة الخرطوم وولايات أخرى عن العمل بشكل كامل بسبب النقص الحاد في الدعم الذي حال دون استمرارها.
وليست حادثة الموت جوعا هذه، هي الأولى من نوعها منذ اندلاع الحرب، حيث أكد برنامج الأغذية العالمي في فبراير/ شباط الماضي تلقيه تقارير حول تعرض السودانيين للموت بسبب الجوع.
وتوقعت شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة لعام 2024 أن يحتل السودان ثالث أعلى نسبة من السكان المحتاجين في العالم، بين البلدان التي تراقبها.
وحذرت من تدهور أوضاع الأسر في السودان على نحو كارثي في ظل اتساع الأعمال العدائية وازدياد حركة النزوح وتدمير البنية التحتية في البلاد.
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023 يواجه السودانيون تداعيات الحرب المتصاعدة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وسط تحذيرات من تحولها إلى حرب أهلية شاملة.
وبينما يتسع نطاق العمليات العسكرية داخل المدن والأحياء السكنية يواجه المدنيون العالقون في مناطق القتال نقصا حادا في الغذاء والدواء، في حين تتواصل الدعوات إلى فتح ممرات آمنة لوصول المساعدات الإنسانية.
وبينت شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة أن أوضاع الأسر في مدينة أمدرمان غرب العاصمة السودانية الخرطوم، والجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور تتجه نحو المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل، مع اتساع الأعمال العدائية وازدياد حركة النزوح وتدمير البنى التحتية وانتشار أعمال النهب وضعف وصول المساعدات.
في حين أشار برنامج الأغذية العالمي إلى عدم قدرته على تقديم المساعدة الغذائية بشكل منتظم إلا إلى شخص واحد من بين كل 10 أشخاص يواجهون مستويات الطوارئ من الجوع.
وحذر من أن فتح جبهات جديدة للقتال سيؤدي إلى مزيد من تعطيل الأنشطة التجارية والزراعية في السودان، مما يشكل تهديدا كبيرا على مستوى توفير الغذاء في البلاد.
وحسب تقديرات شبكة الإنذار المبكر، يتوقع تراجع إجمالي توافر الغذاء في السودان إلى أقل بكثير من المتوسط بسبب النقص الحاد في محاصيل الحبوب المحلية، وانخفاض المخزون الغذائي بشكل واسع. كما أن حجم واردات القمح هي أقل من المتوسط في ظل التحديات المرتبطة بانعدام الأمن والتي تعيق توصيل المساعدات الغذائية.
ويعتمد السودان عادة على الواردات لتلبية حوالي 80٪ من احتياجات الاستهلاك السنوي من القمح.
ومن المرجح أن يؤدي انخفاض الإنتاج المحلي إلى تفاقم العجز الكبير في الواردات بالفعل. وحسب وزارة الزراعة تراجعت نسبة واردات القمح الرسمية في عام 2023 إلى النصف.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن ثلثي السودانيين في حاجة للمساعدة العاجلة بسبب النقص الحاد في الغذاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية