السعودية: مسلسل انتهاكات الحقوق وسفك الدماء يتواصل

حجم الخط
0

في عيد الفصح المجيد أفصح الإرهاب الرسمي وغيره عن وجهه القبيح ودمويته ووحشيته والإستهتار بالأرواح، لقد صدم العالم في يوم عيد الفصح بحمام من الدماء على أثر جريمة إرهابية مروعة شهدتها سريلانكا بسقوط المئات من الضحايا الأبرياء، وبعد يوم صدم العالم بإعلان السلطات السعودية عن ارتكابها مجزرة وحشية بإعدامها 37 شخصا، أغلبهم من الشبان تم اعتقالهم وهم أطفال بسبب التظاهرات والاحتجاجات التي شهدتها المنطقة الشرقية في المملكة مع اندلاع الثورات في العالم العربي في 2011، رغم أنهم لم يعتدوا ولم يقتلوا أحدا!.

صدمة عالمية

تلك المجزرة سببت صدمة عالمية وليس فقط لأهالي الضحايا الذين كانوا يأملون أن يتم إغلاق ملف المعتقلين والمعتقلات بسبب التعبير عن الرأي والمشاركة في المظاهرات بالإفراج عنهم، في ظل تحذير الجمعيات الحقوقية الدولية من سياسة الإعدام والمطالبة بمعالجة هذا الملف بدون سفك دماء، ولكن السلطات السعودية المصرة على ممارسة القبضة الحديدية والحزم والذبح والسيف وقطع الرؤوس، قد نفذت جريمة الإعدام بدون إبلاغ أهالي الضحايا، مما شكل صدمة ومصيبة، ما أشد المصيبة على أهالي الضحايا وبالخصوص على العوائل التي لديها أكثر من ضحية، حيث هناك أخوة كالشابين حسين وأحمد من عائلة الربيع.
وقد شجبت كثير من الدول والجمعيات والمنظمات الحقوقية في العالم تلك العملية الدموية، فالأمم المتحدة وعبر رئيس مفوضة حقوق الإنسان ميشيل باشليت نددت بشدة بجريمة إعدام السعودية 37 شخصا بقطع الرؤوس بسبب المشاركة في مظاهرات ضد الحكومة مشيرة إلى وجود من كانوا دون السن القانونية، على الرغم من المناشدات المتكررة من منظمات حقوق الإنسان والمتعلقة بغياب ضمانات، موضحة أن خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة حذروا الرياض سابقا من تنفيذ الأحكام، لوجود تقصير في العملية القضائية وغياب ضمانات لمحاكم عادلة وانتزاع اعترافات تحت التعذيب.
كما انتقدت الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني في بيان إعدام 37 شخصا. أما منظمة امنستي الدولية فقد قالت: إن إعدام 37 شخصا في السعودية دليل مخيف على تجاهل السلطات السعودية للحياة البشرية.
إن عملية قتل العشرات باتهامات كيدية، لأشخاص لم يعتدوا على أحد ولم يقتلوا أحدا هي مجزرة وحشية دموية وإرهاب حكومي يخالف كافة القوانين السماوية والوضعية والأممية، لقد أكد المعتقلون بطرق عدة عن براءتهم من التهم الموجهة ضدهم وذلك عبر المقاطع المصورة والمنشورة لهم، وحسب أوراق المرافعات لجلسات المحكمة – محاكم تفتقد أبسط معايير المحاكم العدالة والشفافية والتغطية لوسائل الإعلام غير الحكومية ومن يدور في مدارها – لقد صرح المعتقلون الذين تم إعدامهم للقضاة عن تعرضهم للتعذيب الوحشي عند التحقيق وأنه تم اجبارهم على التوقيع على اعترافات كتبت حسب طلب المحققين، ولكن القاضي الذي ينبغي التحقيق في تلك الادعاءات وكشف حقيقة الادعاء، هدد الشبان بتأكيد تلك الاعترافات المقدمة من قبل النيابة العامة والمحققين أو إعادتهم مجددا إلى التحقيق وغرف التعذيب للاعتراف.

مجزرة مروعة بسبب الاحتجاج

بعد الغضب العالمي والاستنكار الدولي لتلك الجريمة المروعة، حاولت الرياض وعبر وسائل إعلامها أن تروج التبريرات لعملية الإعدام، وتوضح للعالم أن من تم قطع رؤوسهم إرهابيون، حيث أشارت أن الاتهامات هي المشاركة في المظاهرات والاعتداء على الممتلكات، والخيانة للوطن!. إنه تبرير يكشف عن حقيقة إستبداد وغرور سلطات الرياض، أن يتم قتل أرواح من لم يعتدوا ولم يقتلوا أحدا بطريقة بشعة قطع الرؤوس!.
المظاهرات والاحتجاجات تحدث في معظم دول العالم الأكثر حضارية وديمقراطية، فلم يتم إعدام وقتل أي مشارك في المظاهرات مهما كانت عنيفة. لقد تابع العالم المظاهرات في أمريكا بعد تنصيب ترامب وكذلك المظاهرات التي مازالت مستمرة منذ أشهر في فرنسا وما صاحبها من عنف وتكسير وحرق منها ممتلكات الدولة مثل سيارات الشرطة، فلم تصف سلطات تلك الدول المتظاهرين بالإرهابيين والمجرمين والقتلة، ولم يطالب القضاة بإعدام المحتجين. ولم تصدر قوانين بمنع التظاهر والاحتجاج.
لماذا اختارت الرياض هذا التوقيت بالضبط لإعدام 37 شخصا منهم 34 شخصا من طائفة واحدة شيعة؟. وبعد العملية الإرهابية الوحشية للتنظيم المجرم في سريلانكا بقتل المئات، هل هي محاولة لاستغلال الفاجعة الأليمة والاستفادة من أجواء المجازر والدماء والإرهاب هناك، أم هي لعبة على الوتر الطائفي وإثارة النعرات الطائفية البغيضة وتصفية الحسابات مع دول في المنطقة؟.
السلطات السعودية حاولت الاستفادة من أجواء المجزرة الدموية في سريلانكا والغضب العالمي على الإرهابيين لتمرير قتلها 37 شخصا باسم الإرهاب، ولكنها هنا هي القاتلة الراعية للإرهاب الرسمي بقتل أشخاص تم اعتقالهم وقتلهم بعيدا عن محاكم عادلة وشفافة، وبالخصوص أن المعتقلين الذين تم قتلهم قد أكدوا على براءتهم من التهم كما أن سيرتهم تثبت أنهم مع الحياة والإصلاح والحرية وعدم تأييدهم للعنف والقتل، وأهاليهم والمؤسسات الحقوقية يؤكدون على براءتهم من التهم، ومفوضية الأمم المتحدة السامية طالبت الرياض بعدم إعدام المتهمين، وأنه لابد من محاكمتهم في محاكم ذات معايير دولية، وهذا لم تفعله السعودية. ماذا يضر السعودية لو تمت محاكمتهم في محاكم دولية عادلة، مادام السلطات السعودية لديها الأدلة الكافية ضدهم؟.
لماذا اختارت السعودية التصعيد عمليا بسفك دماء العشرات من طائفة واحدة؟.
حتما أنها رسالة ترهيب وترويع لأفراد تلك الطائفة (الشيعة) إذ أنها جاءت في ظل أجواء التصعيد وفرض العقوبات من قبل أمريكا وحلفائها ومنهم السعودية وإسرائيل ضد إيران. وهي رسالة استباقية من الترهيب والترويع لأفراد تلك الطائفة (الشيعة) من التفكير بالقيام بأي عمل ما مثل التظاهر وغيره، ورسالة حكومية سعودية واضحة أن كل من يخرج في تظاهرات واحتجاجات ضدها مصيره القتل كما حدث مع من تم قتلهم.
العالم العربي وبالخصوص في القسم الآسيوي متوتر جدا فهناك حرب على اليمن من قبل السعودية والإمارات، وحرب في سوريا والعراق وتوتر في لبنان وغليان في فلسطين بسبب صفقة القرن بالإضافة إلى الأوضاع في إيران وتركيا.. فالوضع حساس جدا في المنطقة ربما تندلع حرب مدمرة للجميع في أي لحظة، والكل سيكون خاسرا فالحروب دمار. المنطقة بحاجة للحكمة والعقل لاستقرار المنطقة والاعمار و إلى حلول سلمية بعيدا العنف والتهديد والقتل. العلاج يبدأ من داخل كل دولة بأن تحترم إرادة شعبها في اختيار نظام الحكم واختيار الحاكم ومجلس النواب حسب دستور يمثل الأمة عبر صناديق الانتخاب المباشر، وأنه من حق الشعب محاسبة كل من يقصر أو يستغل منصبه. العدالة والحرية والكرامة والتعددية والحصول على الحقوق هو ما تريده الشعوب.
هذه المجزرة المروعة، جددت إهتمام وسائل الإعلام الدولية والرأي العام في العالم بالملف السعودي وحقوق الإنسان فيها، واستحضار ما جرى خلال جريمة قتل الصحافي والإعلامي جمال خاشقجي بتقطيعه بالمنشار داخل القنصلية السعودية في تركيا عبر فريق استخباراتي سعودي يعمل مع مكتب ولي العهد محمد بن سلمان مباشرة. وبعد الفضيحة للسلطات السعودية، التي لم تجد مخرجا بعد فشل كل محاولات الكذب والتزييف للحقائق والتستر على القتلة المجرمين إلا الإعتراف بالجريمة، التي وصفها الرئيس الأمريكي ترامب صديق العائلة الحاكمة في السعودية وأشد المدافعين عنها لأجل ابتزازها «إنها أغبى عملية استخباراتية في التاريخ». فيما الاستخبارات الأمريكية ومجلس الشيوخ حمل ولي العهد السعودي مسؤولية جريمة قتل خاشقجي.
يوم بعد يوم تتكشف حقائق حول إنتهاكات السلطات السعودية لكافة قوانين حقوق الإنسان والمواثيق الدولية والأحكام الشرعية، بارتكابها انتهاكات خطيرة ومروعة باعتقال وتعذيب وقتل وتقطيع من تريد لمجرد أن له رأيا معارضا أو إصلاحيا، كما فعلت مثل جمال خاشقجي أو الشيخ نمر النمر أو غيرهم كالعملية الأخيرة قتل37 شخصا، أغلبهم شبان تم اعتقالهم وهم أطفال بسبب المشاركة في المظاهرات، وأوراق المرافعة التي تثبت ردود من تم قتلهم وقطع رؤوسهم على الاتهامات الموجهة ضدهم وموقف القضاة بتصديق النيابة العامة وتكذيب أقوال المقتولين ستكشف المزيد من فضائح ودموية بقتل أبرياء وممارسة الكذب والتزييف، وحجم الاستبداد والعنف والتعذيب داخل السجون السعودية التي هي حتما أكثر وحشية من جريمة قتل الإعلامي جمال خاشقجي التي وقعت خارج حدود المملكة وتمكن الإعلام الخارجي من تغطيتها.

مسالخ التعذيب والقتل

في السعودية يتعرض المقبوض عليهم بسبب المشاركة في المظاهرات السلمية للمطالبة بالتغيير والإصلاح للتعذيب المروع لدرجة الموت في مراكز الشرطة والسجون لاجبارهم على الإعتراف بما لم يفعلوه. وكما قال احد المحققين إلى احد المعتقلين لا احد يدخل سجون المباحث ويخرج بدون تهمة!. ولا يمكن نسيان قصة مكي العريض الذي قتل نتيجة التعذيب في مركز الشرطة بعد ساعات فقط من القبض عليه، ويوجد صور كثيرة للقتيل تظهر مدى وحشية التعذيب الذي تعرض له!. ورغم مرور عدة سنوات على عملية قتله ومطالبة أهله بمحاسبة المسؤولين لم يتم لغاية اليوم القبض عليهم ومحاسبة القتلة!. إن الحكومة السعودية تتستر على جلاوزتها القتلة في مؤسساتها الأمنية.
شعوب المنطقة تريد الحياة والسلام والاستقرار في ظل العدالة والحرية والكرامة، ضد الفساد والاستبداد والعنف والحروب والقتل.

كاتب سعودي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية