الرئاسيات الجزائرية: نوايا الترشح تصطدم بحواجز قانون الانتخابات

محمد سيدمو
حجم الخط
0

الجزائر ـ «القدس العربي»: منذ الإعلان في الجزائر عن تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة شهر أيلول/سبتمبر المقبل، تحرّكت الساحة على وقع هذا الحدث الذي يعد أهم موعد سياسي في البلاد، بالنظر لمكانة رئيس الجمهورية ومحوريته في الدستور ومنظومة اتخاذ القرار. لكن الطموح للتنافس على هذا المنصب، يتطلب جهدا مضنيا ليس في إمكان الكثير من الشخصيات السياسية على الأقل من الناحية التقنية والإجرائية، حيث يجب الحصول على عدد معتبر من التوقيعات مع شروط مقيدة بالإضافة إلى نقص الإمكانات المالية واللوجستية التي يظهر فيها تفاوت كبير بين المرشحين، وهي كلها عوامل يضبطها قانون الانتخابات الذي رغم حداثته (سنة 2021) يوجد شبه إجماع في الساحة السياسية على ضرورة مراجعته.

لحدّ الآن ورغم إعلان ثلاث شخصيات سياسية التقدم للرئاسيات رسميا، في صورة زبيدة عسول رئيسة الاتحاد من أجل التغيير والرقي وبلقاسم ساحلي الأمين العام للتحالف الوطني الجمهوري ولويزة حنون الأمينة العام لحزب العمال، ليس هذا «الترشح» سوى إعلان نوايا فقط يسبق تحضير ملف متكامل يفرضه قانون الانتخابات ويمر على تمحيص السلطة الوطنية للانتخابات ثم المحكمة الدستورية، ليصبح صاحب النية مؤهلا رسميا لدخول السباق الانتخابي يستفيد من المزايا التي توفرها له صفته كمترشح، مثل الدعم المالي والحق في الحصول على فرص متساوية في الإعلام العمومي وغير ذلك. والمرور لهذه المرحلة التي لا يصلها في تاريخ الانتخابات الجزائرية، سوى عدد قليل من الشخصيات السياسية، يتطلب تحقيق شروط كثيرة، من أكثرها صعوبة الحصول على 50 ألف توقيع لمواطنين في نصف الولايات تقريبا، وهو عدد جرى تخفيضه عدة مرات منذ إقرار الانتخابات الرئاسية بتعدد المرشحين في عهد التعددية السياسية، إلا أنه لا يزال في نظر البعض مرتفعا.

بعبع المادة 253

في الواقع، تمثل المادة 253 من القانون العضوي للانتخابات، أبرز رهان لقياس شعبية صاحب النية في الترشح، ويمكن تحقيقها عبر طريقين: إما تقديم قائمة تتضمن 600 توقيع فردي لأعضاء منتخبين في مجالس شعبية بلدية أو ولائية أو برلمانية على الأقل، وموزعة على 29 ولاية على الأقل. أو تقديم 50 ألف توقيع فردي على الأقل لناخبين مسجلين في قائمة انتخابية، ويجب أن تجمع عبر 29 ولاية، على أن لا يقل عدد التوقيعات المطلوبة في كل ولاية عن 1200 توقيع. وتحدد مهلة جمع التوقيعات بأربعين يوما بعد استدعاء الهيئة الناخبة، وهي مهلة قصيرة وضاغطة مثلما يقول بعض المترشحين. تدوّن هذه التوقيعات في مطبوع فردي مصادق عليه لدى ضابط عمومي، وتودع هذه المطبوعات لدى السلطة المستقلة في نفس الوقت الذي يودع فيه ملف الترشح. ولأجل قبول الاستمارات، لا يحق لأي مسجل في قائمة انتخابية أن يمنح توقيعه إلا لمترشح واحد فقط، كما يمنع استعمال أماكن العبادة والمؤسسات والإدارات العمومية وكل مؤسسات التربية والتعليم والتكوين مهما كان نوعها لغرض جمع توقيعات الناخبين.
وتكمن صعوبة تحقيق هذا الشرط، خاصة بالنسبة للمترشحين الذين لا يحظون بالحضور الكافي، في كون الواقع السياسي في الجزائر شهد برودا بعد فترة الحراك الشعبي، خاصة من الناحية النفسية حيث أصبح الجزائريون أقل اهتماما بمجالات السياسة وبالتالي أقل استعدادا للتجاوب مع أي عمل سياسي، حتى لو كان مجرد ملء استمارة لمرشح ومرافقته للإمضاء والتصديق عليها لدى المصالح المختصة. لذلك توجد دعوات جدية، للتخفيف، على الأقل، بإلغاء شرط حضور صاحب التوقيع للتصديق على الاستمارة والاكتفاء برقم تعريفه الوطني فقط. كما أن حالة المقاطعة التي ميزت الانتخابات التشريعية والمحلية السابقة، من لدن بعض الأحزاب التي قررت اليوم الترشح للانتخابات الرئاسية، حرمها من الطريق المختصر الذي يمكن من خلاله تقديم مرشح عبر 600 توقيع فقط لمنتخبين محليين، علما أن المجالس المنتخبة يسيطر عليها اليوم في عمومها الأحزاب الموالية للسلطة أو المترشحون الأحرار.

وثائق «إشكالية» في الملف

بعد جمع التوقيعات، يكون لزاما على المترشح إيداع طلب تسجيل لدى رئيس السلطة المستقلة للانتخابات مرفوقا بملف يحتوي على وثائق بعضها روتيني والآخر يمثل تحديا لفئة من الجزائريين مثلما أظهرت تجارب سابقة. ومن هذه الوثائق، تصريح بالشرف يشهد بموجبه المعني أنه يتمتع بالجنسية الجزائرية الأصلية فقط ولم يسبق له اكتساب جنسية أخرى، وتصريح بالشرف يشهد بموجبه المعني أنه يدين بالإسلام، وشهادة الجنسية الجزائرية الأصلية لزوج المعني، وشهادة طبية مسلمة للمعني من طرف أطباء محلفين، وتصريح بالشرف يشهد على تمتع زوج المعني بالجنسية الجزائرية فقط، وتصريح بالشرف يشهد بموجبه المعني على الإقامة دون انقطاع بالجزائر دون سواها مدة العشر سنوات على الأقل، التي تسبق مباشرة إيداع ترشحه وتصريح علني للمعني بممتلكاته العقارية والمنقولة داخل الوطن وخارجه وشهادة تثبت المشاركة في ثورة أول تشرين الأول/نوفمبر سنة 1954 للمترشحين المولودين قبل تموز/يوليو سنة 1942 وشهادة تثبت عدم تورط أبوي المترشح المولود بعد تموز/يوليو سنة 1942 في أعمال ضد ثورة أول تشرين الأول/نوفمبر سنة 1954.
كما على المترشح أن يقدم تعهدا كتابيا يتضمن عدم استعمال المكونات الأساسية للهوية الوطنية في أبعادها الثلاثة الإسلام والعروبة والأمازيغية لأغراض حزبية. الحفاظ على الهوية الوطنية في أبعادها الثلاثة الإسلامية والعربية والأمازيغية والعمل على ترقيتها، واحترام مبادئ أول نوفمبر سنة 1954 وتجسيدها، احترام الدستور والقوانين المعمول بها والالتزام بالامتثال لها، وكذا تكريس مبادئ السلم والمصالحة الوطنية، ونبذ العنف كوسيلة للتعبير أو كوسيلة للعمل السياسي والوصول إلى السلطة أو البقاء فيها، ونبذ خطاب الكراهية والتمييز واحترام الحريات الفردية والجماعية واحترام حقوق الإنسان ورفض الممارسة الإقطاعية والجهوية والمحسوبية، بالإضافة إلى توطيد الوحدة الوطنية والحفاظ على السيادة الوطنية، وغيرها من المبادئ التي يجب أن يلتزم بها المرشح.
ورغم ما يبدو أنها وثائق عادية، إلا أن بعضا منها سبق له أن حرم مرشحين كبارا من دخول السباق الانتخابي. وكانت حالة الراحل محفوظ نحناح رئيس حركة مجتمع السلم ومؤسسها وأبرز الشخصيات الإسلامية في وقته، أبرز مثال في رئاسيات سنة 1999 فقد تم إقصاؤه بزعم عدم المشاركة في الثورة التحريرية، على الرغم من أنه سبق له دخول الانتخابات الرئاسية سنة1995 وهو ما أثار جدلا واسعا وقتها واعتبرت شخصيات من حزبه أن إقصاءه كان لدواع سياسية واستعملت تلك الحجة فقط كمبرر، كونه كان المنافس الأبرز للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة. وللمفارقة، ساند نحناح بعد إقصائه بوتفليقة، وشارك حزبه معه في الائتلاف الحكومي لأكثر من عشر سنوات.
أما مؤخرا، فكانت حالة الناشط السياسي رشيد نكاز الأكثر جدلا، فقد اصطدم هذا الجزائري المولود بالخارج، بعائق اكتسابه في السابق الجنسية الفرنسية، والتي رغم أنه تخلى عنها قانونيا من أجل الترشح إلا أن صرامة الشرط منعه من الترشح في انتخابات نيسان/ابريل 2019 والتي أسقطها الحراك الشعبي. وبدت حالة نكاز مزيجا من الكوميديا السياسية التي تعري الواقع، فرغم علمه بأنه لا يستطيع الترشح، إلا أنه تحرك لجمع التوقيعات ونجح في استقطاب عدد كبير من الشباب معه، ثم عندما حانت لحظة عرض ملفه على المجلس الدستوري، ظهر مرشح آخر يحمل نفس اسمه هو ابن عمه الميكانيكي. وقال نكاز حينها إنه اهتدى لهذه الحيلة (وصفها بالخطة ب) لكي يتجاوز هذا العائق غير المنطقي، فهو لم يطلب الجنسية الفرنسية بل اكتسبها بحكم الولادة على الأراضي الفرنسية، فضلا عن أنه تنازل عنها سنة 2013. وتقضي تلك الخطة، بأن يكون ابن عمه البديل وعندما يصل للرئاسة يتم تغيير الدستور واستحداث منصب نائب الرئيس الذي سيشغله رشيد نكاز الحقيقي، ثم يستقيل ابن عمه ويصبح هو الرئيس. ورغم سذاجة هذا العرض، إلا أنه في الواقع أعاد طرح قضية حرمان الجزائريين المولودين في الخارج من حق الترشح للمنصب الأسمى في البلاد، والتي لا تزال مطروحة رغم تغير الدستور وقانون الانتخابات.
ومن تبعات هذا التراكم في التجربة الجزائرية، كان للأحزاب السياسية على مدار العشرية الماضية مطالب بإصلاح شامل للعملية الانتخابية، حيث مورس ضغط كبير على السلطة حتى ترفع يدها عن تسيير الانتخابات وتوكل ذلك لهيئة مستقلة تشرف على العملية من بدايتها لآخرها. ورغم أن هذا المطلب تحقق في الظاهر بإنشاء السلطة الوطنية للانتخابات سنة 2021 تبعا لما جاء به دستور تشرين الثاني/نوفمبر 2020 إلا أن التحفظ لدى بعض الأحزاب لا يزال قائما لكون السلطة المستحدثة معينة من قبل رئيس الجمهورية وليست منتخبة. وتعد تجربة الانتخابات المقبلة، أول اختبار لقانون الانتخابات والسلطة الوطنية للانتخابات، في التعامل مع الرئاسيات التي تختلف تماما في شكلها ومضمونها عن الانتخابات التشريعية والمحلية، وهو ما سيشكل فرصة جديدة للحكم على هذه السلطة ومدى استقلاليتها وقدرتها على إنفاذ القانون.

مطالب عملية

ومن جانب المرشحين والأحزاب السياسية المنخرطة في العملية الانتخابية، تبدو الإشكالات المطروحة تحديات يجب التعامل معها باعتبارها أمرا واقعا مع مواصلة النضال من أجل إزالتها. ففي مسألة جمع التوقيعات، يقول بلقاسم ساحلي المرشح للرئاسيات عن «تكتل أحزاب الاستقرار والإصلاح» إنه لا يعترض على العدد المطلوب الذي يراه معقولا قياسا إلى حجم الهيئة الناخبة التي يمكن أن تصل إلى 25 مليون ناخب، لكنه يشير إلى أن هناك إمكانية لرفع الكثير من العراقيل المتعلقة بجمع التوقيعات نفسها.
وأوضح ساحلي في حديثه لـ«القدس العربي» أن حزبه طالب في العديد من المناسبات بضرورة إجراء تعديل توافقي لقانون الانتخابات، وهو يدعو فيما يخص الرئاسيات، إلى «رقمنة عملية جمع التوقيعات من أجل توفير الموارد المالية والمادية للدولة وتسهيل العملية على المواطنين وتفادي العراقيل أو التزوير المحتمل وكذا تفادي ظاهرة التوقيعات المكررة، بالإضافة إلى تمكين المرشحين ووسائل الإعلام من الاطلاع الدائم على نتيجة كل مرشح ومدى تقدمه في هذه العملية». ويدعو ذلك كله إلى ضرورة «التفكير في التوجه نحو الانتخاب الإلكتروني» مستقبلا.
كما أكد الوزير السابق ضرورة «تمديد فترة جمع التوقيعات لا سيما مع شساعة ولايات الوطن وازدياد عددها» و«تمديد فترة الحملة الانتخابية لنفس السبب» مع «اعتبار المرشحين باسم أحزابهم وليس اعتبارهم كمرشحين أحرار دون تحديد انتمائهم السياسي كما هو معمول به حاليا» و«إعفاء مرشحي الأحزاب السياسية من الدفع المسبق لتكاليف سحب الاستمارات والتي هي محددة في القانون الحالي بـ 25 مليون سنتيم (1200 دولار) والاحتفاظ بهذا الشرط بالنسبة للمرشحين الأحرار تفاديا لمهزلة تقدم كل من هب ودب».
ويدعو ساحلي في السياق، إلى «مراجعة دعم الدولة للمرشحين بخصوص تمويل حملتهم الانتخابية، من خلال ربط قيمة التمويل بعدد الأصوات المحصل عليها وليس بالنسبة المئوية الدنيا، حاليا أكثر من 20 في المئة». ويطالب أيضا بـ«تخفيف الإجراءات المتعلقة بمراقبة مصاريف الحملة، المتعلقة بالحساب البنكي للحملة، حيث من غير المعقول مطالبة المتبرعين بمبلغ 1000 دج ان يودعوا هذا التبرع في الحساب البنكي». وأبرز ضرورة «تشديد الرقابة والعقوبات على المرشحين الذين يستعملون وسائل الدولة أو الجمعيات الخيرية للتمويل الخفي للحملة» مع «ضمان التوزيع العادل لتغطية المرشحين في وسائل الإعلام الخاصة والإلكترونية» و«إدراج ممثلي المرشحين في عضوية السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات».
وتحدث المرشح في اقتراحاته عن ضرورة «التكفل المادي واللوجستي بكل مراقبي المرشحين في المكاتب الانتخابية، مثلهم مثل مؤطري المكاتب المعينين من طرف سلطة الانتخابات، لتجاوز نقص الإمكانيات المالية لدى المرشحين وتفادي ظاهرة غياب المراقبين يوم الاقتراع» وكذا توسيع قائمة الضباط العموميين المؤهلين للمصادقة على التوقيعات، على أن تتم العملية من دون مقابل مادي أو على عاتق الخزينة العمومية. والسماح باستعمال اللغات الأجنبية في الحملة الانتخابية.

السلطة الوطنية للانتخابات

من جانبه، يرى عبد الرحمن صالح الأمين العام لحزب اتحاد القوى الديمقراطية الاجتماعية، أن العدد المطلوب للتوقيعات الواجب جمعها بالنسبة للمترشحين مبالغ فيه، مطالبا بخفضه إلى 20 ألف بدل 50 ألف الحالية. لكنه يركز في حديثه مع «القدس العربي» أكثر على ضرورة إصلاح السلطة الوطنية للانتخابات التي تحولت في نظره إلى هيئة إدارية مغلقة.
ويقول في هذه الزاوية: «نرى ضرورة توسيع صلاحية السلطة الوطنية لمراقبة الانتخابات وإعادة النظر في تشكيلها، مع إعطاء مساحة أكبر للأحزاب السياسية داخلها، حتى تؤكد الغرض الذي أنشئت من أجل، أي أن تكون السلطة جهازا سياسيا شبه قضائي وليس هيئة إدارية صرفة».
وكان رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي، قد استبق انتقادات الأحزاب، بإعلان إصدار قرار يقضي بتشجيع الإشراف التشاركي في العملية الانتخابية المقبلة من خلال إشراك الأحزاب السياسية وممثلين عن المترشحين والمجتمع المدني ومواطنين في الإشراف الجيد على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة». وذكر أن تشجيع الإشراف التشاركي يعني «ضمانا للشفافية في العملية الانتخابية بالنظر لأن كل الأطراف المذكورة ستكون حاضرة مع اللجان الانتخابية وترى كيف يكون العمل التنظيمي للانتخابات».
من جانب آخر، يركز عبد الرحمن صالح وهو سياسي ذو تكوين قانوني، على مسألة أخرى تتعلق بالنزعة نحو تفضيل «الأحرار» على المنخرطين في الأحزاب السياسية، فيما يخص الترشح للانتخابات بصفة عامة، مؤكدا أن هذا الأمر لا يخدم بتاتا المسألة الديمقراطية، إذ يجب حسبه عكس ذلك تشجيع الانخراط في الأحزاب السياسية التي تتميز في الجزائر بتنوع طروحاتها الأيديولوجية ما يستوعب كل الأفكار الموجودة في الساحة.
ويلفت صالح هنا، إلى قضية تمويل الأحزاب حتى تكون فاعلة أكثر، فالواجب حسبه ليس أن تمتد المساعدة المالية التي تقدمها الدولة لكل الأحزاب الممثلة في المجالس المنتخبة ولا تقتصر فقط على من لهم نواب في البرلمان. كما يرى هنا، أن القيمة المالية المقدمة للمرشح للانتخابات الرئاسية والمقدرة بـ20 مليون دينار جزائري غير كافية، لتلبية مصاريف إدارة الحملة الانتخابية.

إزالة مكامن التلاعب

في رأي كثير من الفاعلين السياسيين، يمثل تعزيز قانون الانتخابات خطوة نحو استرجاع ثقة الناخبين المترددين بسبب مخاوف التلاعب بأصواتهم. ويقول في ذلك، ناصر حمدادوش نائب رئيس حركة مجتمع السلم، إن «النظام الانتخابي لا يزال محكومًا ببعض الاختلالات والثغرات، والتي لم تضمن منسوب الثقة في العملية الانتخابية، ويعكس الإرادة الشعبية الحقيقية». ويشير في تصريح لـ«القدس العربي» إلى أن «تدني نسبة المشاركة وحالات العزوف والمقاطعة، ماهي إلا عنوان صارخ على ذلك» وهو ما يوجب حسبه «إعادة النظر في النظام الانتخابي بجملة من التعديلات المهمة، لحمايته من التزوير، وما يثار عن التدخل في هندسة النتائج الانتخابية، وذلك من أجل الدفع باتجاه التطابق مع المعايير الديمقراطية الدولية كالشفافية والنزاهة».
ولا تخرج الخطوط العريضة التي تقترحها حركة مجتمع السلم عن التوجه العام لكثير من الأحزاب، في المطالبة بـ«تعزيز صلاحية السلطة الوطنية للانتخابات، وتدعيمها بالموارد البشرية والمادية والمالية الكافية للإشراف الكلي على الانتخابات، واعتماد مبدأ الانتخاب في تشكيلتها، بما يضمن استقلاليتها عن الإدارة، وحياديتها تجاه جميع المترشحين» و«تعزيز صلاحية الرقابة القبلية والبعدية لهذه الهيئة، وتوسيع دائرة الرقابة الحزبية والمجتمعية والقضائية» و«تطوير التشريع الوطني الخاص بقانون الانتخابات، بما يشدد على جريمة التزوير وردع المزورين، واعتباره خيانة وطنية، للمساس بالإرادة الشعبية والطعن في شرعية مؤسسات الدولة وفتح المجال للتدخلات الأجنبية».
ويرى حمدادوش أن المشكلة الرئيسية فوق كل ذلك ليست في النصوص التشريعية، بقدر ما هي في «الذهنيات البيروقراطية والسلوكيات السلطوية والتدخلات غير القانونية للإدارة» وهو «ما يتطلب الإرادة السياسية العليا في احترام الإرادة الشعبية، وضمان استقلالية القضاء، وفرض حياد الإدارة، وعدم توظيف مؤسسات الدولة ووسائلها لصالح مرشح السلطة وأحزابها وزبائنها».

سيناريوهات التعديل

بعد إعلان الانتخابات الرئاسية المسبقة، ظهرت حالة من التوافق بين عدة أحزاب على ضرورة تعديل قانون الانتخابات، وشكّل عدد منها لهذا الغرض لجانا لطرح مقترحات التعديل. لكن الإشكال المطروح هو في ضيق الوقت الذي يسمح بإخراج عملية قانونية معقدة على هذا المستوى، إذ لم يتبق على استدعاء الهيئة الناخبة سوى شهر وبعضة أيام، كما أن البرلمان بغرفتيه سيخرج إلى عطلته السنوية في شهر حزيران/يونيو المقبل، وهو ما يحد بشكل كبير من هوامش الحركة.
وتستبعد مصادر برلمانية تحدثت لـ«القدس العربي» أن يجري تعديل القانون عبر البرلمان، وتؤكد أن ذلك إن تم سيكون عبر أمر رئاسي خارج فترة التشريع البرلماني. وهناك من يرى أن التعديل قبل الانتخابات الرئاسية يبدو غير منطقي، ما يرجح تركه إلى ما بعد ذلك، تحضيرا للانتخابات التشريعية والمحلية التي يبرز فيها بشكل أكبر دور قانون الانتخابات.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية